التقارير التقارير السنوية تقارير الطاقة المتجددة حصاد 2022 طاقة متجددة وحدة أبحاث الطاقة

الطاقة المتجددة في 2022.. تداعيات أزمة أوكرانيا تعزز النمو القياسي

وحدة أبحاث الطاقة - أحمد شوقي

2022-12-28

0 1٬177

تكتسب الطاقة المتجددة مزيدًا من الدعم عامًا تلو الآخر، لتحقيق أهداف الحياد الكربوني، لكن هذا العام (2022) كان بمثابة دليل فعلي على أن المصادر النظيفة يجب أن تؤدي -أيضًا- دورًا حيويًا في دعم أمن الطاقة واستقلالها.

ومن هذا المنطلق، كانت أزمة الغزو الروسي لأوكرانيا بمثابة نقطة تحول وقوة دفع كبيرة لتعزيز السعة المتجددة في العالم أجمع، خاصة أوروبا، التي شهدت تحولات أكثر طموحًا في سياستها الخضراء.

ورغم ارتفاع التكاليف واختناقات سلسلة التوريد؛ فإن ارتفاع أسعار الوقود الأحفوري والكهرباء الناتجة عن أزمة الطاقة العالمية، جعل تقنيات الطاقة المتجددة أكثر جاذبية من الناحية الاقتصادية، حسب تحليل وحدة أبحاث الطاقة.

ومع السياسات الحكومية الداعمة، التي شهدت زخمًا هذا العام؛ فإن الطاقة المتجددة قد تصبح أكبر مصدر لتوليد الكهرباء على مستوى العالم في أوائل عام 2025، متجاوزةً الفحم، على أن تصل حصتها إلى 38% بحلول 2027.

سعة الطاقة المتجددة عالميًا

من المرجّح ارتفاع سعة الطاقة المتجددة المركبة حول العالم إلى 352.1 غيغاواط خلال 2022، مقابل 285.8 غيغاواط العام الماضي (2021)، لتسجل رقمًا قياسيًا جديدًا، حسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية.

وتتخذ السعة المتجددة المضافة عالميًا اتجاهًا صعوديًا منذ عام 2000، حينما شهدت إضافة 24.3 غيغاواط، ولم تتراجع على أساس سنوي سوى في عام 2001 عند 17.2 غيغاواط، مثلما يُظهر الرسم البياني التالي:

سعة الطاقة المتجددة المضافة عالميًا

ويتجه الإجمالي التراكمي للطاقة المتجددة المركبة عالميًا إلى 3609.8 غيغاواط بنهاية 2022، ارتفاعًا من 849.1 غيغاواط عام 2000، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

الطاقة المتجددة في 2021.. نمو قياسي ومخاطر بارزة وتحذيرات مقلقة

ويأتي النمو غير المسبوق في السعة المتجددة المضافة، بقيادة تركيبات الطاقة الشمسية الكهروضوئية في الصين وأوروبا، مع تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا على أمن الطاقة.

وتشير تقديرات وكالة الطاقة الدولية إلى زيادة سعة الطاقة المتجددة المضافة في أوروبا، خلال 2022، لما يقرب من 63 غيغاواط، مقارنة بـ45.3 غيغاواط، لتسجّل مستوى قياسيًا للعام الثاني على التوالي.

بينما يُتوقع أن تظل الصين متربعة على عرش الطاقة المتجددة عالميًا بإضافة 169.6 غيغاواط هذا العام، لترتفع إلى مستوى قياسي بعد تراجعها خلال العام الماضي إلى 134.8 غيغاواط.

بينما يُتوقع تراجع السعة المتجددة المضافة في الولايات المتحدة إلى 29 غيغاواط هذا العام، بعدما بلغت مستوى قياسيًا عند 36.8 غيغاواط في العام الماضي (2021)، مع عدم اليقين بشأن الحوافز الجديدة لطاقة الرياح والطاقة الشمسية؛ إذ تحقق وزارة التجارة الأميركية بشأن مزاعم التحايل على رسوم مكافحة الإغراق المتعلقة بالألواح الشمسية المستوردة من جنوب شرق آسيا، قبل أن يقدم الرئيس جو بايدن إعفاءً للرسوم الجمركية لمدّة عامين.

ومن جهة أخرى، من المرجّح أن تتراجع الإضافات الجديدة من طاقة الرياح البحرية عالميًا بنحو 30% على أساس سنوي خلال عام 2022، بعد القفزة القياسية المسجلة العام الماضي من الصين، مع اندفاع المطورين في البلاد للوفاء بموعد الدعم النهائي.

توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة

من المرجح زيادة توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة في العالم إلى مستوى قياسي جديد عند 8566.7 تيراواط/ساعة خلال 2022، مقارنة بـ7854.5 تيراواط/ساعة خلال العام الماضي.

ويرصد الرسم البياني التالي، الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة، توليد الكهرباء المتجددة عالميًا بين عامي 2000 و2022:

توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة حول العالم

وأسهمت الطاقة المتجددة في توليد 28% (3802 تيراواط/ساعة) من الكهرباء حول العالم خلال النصف الأول من 2022، ارتفاعًا من 26% (3387 تيراواط/ساعة) خلال المدّة نفسها من 2021، حسب بيانات شركة أبحاث الطاقة إمبير (EMBER).

وارتفع توليد الكهرباء من طاقة الرياح بمقدار 19% (175 تيراواط/ساعة) على مستوى العالم في النصف الأول من عام 2022، في حين زاد التوليد من الطاقة الشمسية بنحو 25% (125 تيراواط/ساعة)، ليُسهم هذان المصدران بنحو 8% و5% على التوالي من الكهرباء المولدة عالميًا في أول 6 أشهر من العام.

وفي عام 2021، ارتفعت حصة طاقة الرياح والطاقة الشمسية في مزيج الكهرباء العالمي إلى 10.5%، أو ما يقرب من 3 آلاف تيراواط/ساعة، لأول مرة على الإطلاق، مقابل 9% خلال العام السابق له، وفق ما نقلته وحدة أبحاث الطاقة عن وكالة بلومبرغ نيو إنرجي فاينانس.

وعلى صعيد المناطق، أضافت دول الاتحاد الأوروبي 41.4 غيغاواط من سعة الطاقة الشمسية الكهروضوئية في 2022، بزيادة 47% على أساس سنوي، وفق تقرير حديث صادر عن شركة سولار باور يورب (إس بي إي).

واتجهت أوروبا إلى تنويع مزيج الطاقة لديها بعيدًا عن الغاز، لتقليل الاعتماد على روسيا بعد أزمة غزو أوكرانيا، لذلك سارعت الدول الأوروبية نحو إضافة سعة الطاقة المتجددة، حسب وحدة أبحاث الطاقة.

وأسهمت الطاقة الشمسية بالفعل في تجنب استيراد 20 مليار متر مكعب إضافية من الغاز الطبيعي، بتكلفة 29 مليار دولار تقريبًا هذا الصيف -من مايو/أيار إلى أغسطس/آب- بعدما شكّلت حصة قياسية بلغت 12.2% (أو ما يعادل 99.4 تيراواط/ساعة) من مزيج الكهرباء في أوروبا.

وفي آسيا، أسهمت الطاقة الشمسية في توليد 338.6 تيراواط/ساعة، أي 6% من إجمالي الكهرباء في 7 دول آسيوية (الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية وفيتنام والفلبين وتايلاند) خلال الأشهر الـ6 الأولى من عام 2022، بزيادة قدرها 26% عن المدّة المقارنة من العام الماضي.

ونتيجة لذلك، فإن الطاقة الشمسية وفّرت 34 مليار دولار أميركي من تكاليف الوقود الأحفوري المحتملة خلال أول 6 أشهر من 2022، حسب تقرير صادر عن معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي.

وفي الولايات المتحدة؛ فإن حصة الطاقة المتجددة -الطاقة الكهرومائية وطاقة الرياح والطاقة الشمسية والطاقة الحرارية الأرضية والكتلة الحيوية- من مزيج توليد الكهرباء على نطاق المرافق قد بلغت 24% خلال النصف الأول من 2022، ارتفاعًا من 21% خلال المدّة نفسها من 2021، مع توقعات أن تشكل 22% في إجمالي العام، وفق تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأميركية.

عوامل داعمة

رغم أن أزمة الغزو الروسي لأوكرانيا قد تسببت في معاناة الأسر والمجتمعات من ارتفاع أسعار الطاقة؛ فإنها فرصة لتسريع جهود الاعتماد على الطاقة المتجددة، وأيقنت الحكومات بعدها أنها تأخرت كثيرًا في الانتقال بعيدًا عن الوقود الأحفوري.

وتأثرت تكاليف المصادر المتجددة سلبًا من ارتفاع أسعار المواد الخام وقيود سلسلة التوريد، لكنها لا تزال قادرة على المنافسة من حيث التكلفة، وسط الارتفاع الحاد بأسعار الوقود الأحفوري، خاصة أسعار الغاز الطبيعي التي تضاعفت عدّة مرات مقارنة بمتوسط السنوات الـ5 الأخيرة.

وفي إطار الدفع نحو الطاقة المتجددة، أعلن الاتحاد الأوروبي، في مايو/أيار 2022، خطة ريباور إي يو (REPowerEU) لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري الروسي وتسريع التحول الأخضر.

وبموجب هذا المخطط، رفع الاتحاد الأوروبي هدف الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء من 40% إلى 45% بحلول 2030، مع استهداف تركيب 600 غيغاواط من الطاقة الشمسية الكهروضوئية بحلول نهاية العقد، وتعزيز كفاءة الطاقة وإنتاج 10 ملايين طن من الهيدروجين الأخضر محليًا.

ومن المتوقع أن يزداد توليد الكهرباء المتجددة في الاتحاد الأوروبي بنسبة 6% هذا العام؛ حيث تعوض إضافات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح الانخفاض القوي في توليد الطاقة الكهرومائية، حسب وكالة الطاقة الدولية.

وتتوقع وكالة الطاقة الدولية إسهام طاقة الرياح والطاقة الشمسية الكهروضوئية في زيادة توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة بأكثر من 80 تيراواط/ساعة خلال 2023، على أساس سنوي؛ ما يوفر 12 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي مُرجحة الزيادة حال تعزيز السعة المتجددة.

كما أقرّت الولايات المتحدة -في أغسطس/آب 2022- قانون خفض التضخم، الذي يقدم حوافز كبيرة لمجموعة من تقنيات الطاقة النظيفة، من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والمركبات الكهربائية، إلى التقاط الكربون والهيدروجين.

وتعمل الحوافز على توسيع الإعفاءات الضريبية الحالية للاستثمارات الرأسمالية وإنتاج الطاقة المتجددة، وهي مصممة لتعزيز سلسلة التوريد المحلية من خلال تشجيع التصنيع المحلي.

وتحت مظلة القانون، من المقرر أن يستمر الائتمان الضريبي الحالي للإنتاج (PTC) البالغ 0.15 دولارًا لكل كيلوواط/ساعة وائتمان ضريبة الاستثمار (ITC) بنسبة 30%، حتى عام 2024، وبعد ذلك، من المقرر أن يوفر قانون خفض التضخم إعفاءً ضريبيًا للإنتاج قدره 0.3 دولارًا لكل كيلوواط/ساعة، إلى جانب ائتمان ضريبة الاستثمار بنحو 6%.

وتتوقع شركة أبحاث الطاقة ريستاد إنرجي أن تجذب حوافر قانون خفض التضخم استثمارات إضافية تزيد على 270 مليار دولار في السنوات الـ8 المقبلة، لمشروعات الطاقة الرياح والطاقة الشمسية.

وبصفة عامة، تقدر شركة الأبحاث أنه بفضل الدعم الحكومي هذا العام؛ فإن الاستثمارات الرأسمالية في مصادر الطاقة المتجددة قد ترتفع إلى 494 مليار دولار، متجاوزةً التدفقات المالية في قطاع استكشاف وإنتاج النفط والغاز المتوقعة عند 446 مليار دولار.

وفي آسيا؛ فإن تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية قد شجعت اليابان -على سبيل المثال- على إعادة تشغيل وبناء المزيد من المحطات النووية وتوسيع التقنيات الحيوية منخفضة الانبعاثات، كما تواصل الصين تحطيم الأرقام القياسية في إضافات الطاقة المتجددة ونشر السيارات الكهربائية.

توقعات متفائلة

تتمتع آفاق الطاقة المتجددة دائمًا بنظرة متفائلة مستفيدة من الدعم المستمر من الحكومات والشركات من أجل تحقيق أهداف الحياد الكربوني، رغم أنه لا يزال غير كافٍ.

ومن المتوقع أن تزداد القدرة العالمية المتجددة بنحو 2400 غيغاواط، ما يعادل 75%، بين عامي 2022 و2027، مدفوعة بالسياسات الأكثر طموحًا بعد أزمة الطاقة الحالية، وفق تقرير صادر، في ديسمبر/كانون الأول 2022، عن وكالة الطاقة الدولية، وهو ما يمثّل زيادة 30% عن توقعات العام الماضي، كما يُظهر الرسم التالي:

إضافات الطاقة المتجددة المتوقعة عالميًا

ورغم ذلك؛ فإن وتيرة التوسع في الطاقة المتجددة خلال السنوات الـ5 المقبلة تحتاج للارتفاع بنسبة 60%، لتتماشى مع سيناريو الحياد الكربوني بحلول 2050 الخاص بوكالة الطاقة.

وكالة الطاقة الدولية: السعة المتجددة عالميًا قد تتضاعف في 5 أعوام

وبصفة عامة؛ فإن الصين بمفردها بصدد تركيب ما يقرب من نصف سعة الكهرباء المتجددة عالميًا بين عامي 2022 و2027، على الرغم من الإلغاء التدريجي لدعم طاقة الرياح والطاقة الشمسية الكهروضوئية، على أن يصل النمو السنوي للسعة إلى 189.1 غيغاواط بنهاية مدّة التوقعات.

وفي أوروبا -ثاني أكبر الأسواق نموًا بعد الصين- من المرجّح أن تتضاعف سعة الطاقة المتجددة المضافة إلى أكثر من 86 غيغاواط بحلول 2027، ليصل إجمالي الزيادة إلى 425 غيغاواط خلال 5 سنوات.

ويُتوقع أن تشهد الولايات المتحدة إضافة 70.6 غيغاواط من القدرة المتجددة بحلول 2027، ارتفاعًا من 29 غيغاواط العام الجاري، حسب البيانات التي اطلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة.

وخلال مدّة التوقعات (2022-2027)، من المرجّح أن تزداد قدرة الطاقة المتجددة في الولايات المتحدة بنسبة 74% أو أكثر من 280 غيغاواط، على أن تمثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح غالبية النمو تقريبًا.

وتتوقع شركة ريستاد إنرجي أن يُسهم قانون خفض التضخم في تعزيز قدرة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح البرية في الولايات المتحدة بنسبة 40% بحلول 2030 من خلال تركيب 155 غيغاواط إضافية.

وعلى صعيد المصادر؛ فإن الطاقة الشمسية الكهروضوئية وطاقة الرياح من المرجح أن تمثلا 95% من نمو سعة الطاقة المتجددة سنويًا، الذي قد يسجل ما مجموعه 460 غيغاواط بحلول عام 2027.

وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن تمثل الطاقة الشمسية وحدها 60% من الزيادة، بينما يُرجح ارتفاع سعة طاقة الرياح البرية المضافة من 74 غيغاواط عام 2021 إلى 109 غيغاواط بحلول 2027.

ومن المرجّح أن تزيد السعة التراكمية للطاقة الشمسية الكهروضوئية 3 مرات تقريبًا إلى أكثر من 2350 غيغاواط بحلول عام 2027، لتتجاوز الطاقة الكهرومائية في عام 2024 والغاز الطبيعي عام 2026 والفحم بحلول 2027، لتصبح أكبر سعة كهربائية مركبة في جميع أنحاء العالم.

وفي نظرة طويلة المدى، تشير تقديرات منظمة أوبك إلى أن مصادر الطاقة المتجددة (طاقة الرياح والطاقة الشمسية والطاقة الحرارية الأرضية) ستكون الأسرع نموًا من جميع المصادر الأخرى في مزيج الطاقة بمتوسط نمو سنوي 7.1% حتى عام 2045.

وهذا من شأنه أن يرفع حصة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة العالمي من 2.6% في عام 2021 إلى 10.9% بحلول عام 2045، حسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.