التغير المناخيالتقاريرالتقارير السنويةتقارير التغير المناخيحصاد 2022وحدة أبحاث الطاقة

الانبعاثات الكربونية في 2022.. استثمارات وإستراتيجيات لعمالقة النفط

وحدة أبحاث الطاقة - أحمد عمار

تواصل الشركات العملاقة في إنتاج النفط بالخليج العربي خططها الهادفة نحو تقليل انبعاثاتها الكربونية من عمليات النفط والغاز، بالتوازي مع دورها في تأمين احتياجات سوق الطاقة العالمية من الوقود الأحفوري.

وشهد العام الجاري (2022) إطلاق أرامكو السعودية تقرير الاستدامة وتدشين صندوق للاستثمار في تقنيات تدعم حيادية الكربون، مع اتجاه أدنوك الإماراتية إلى تحديث أهدافها المناخية، وإطلاق قطر للطاقة خطتها المستحدثة للاستدامة.

وكانت وكالة الطاقة الدولية توقعت، في تقرير سابق لها، تباطؤ نمو الانبعاثات الكربونية الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري خلال عام 2022، إذ قدرت زيادة انبعاثات الكربون من الوقود الأحفوري بأقلّ من 1%، أو ما يعادل 300 مليون طن، ليصل الإجمالي بنهاية 2022 إلى 33.8 مليار طن.

وتستعرض وحدة أبحاث الطاقة أبرز اتفاقيات وإستراتيجيات الشركات العملاقة في إنتاج النفط بالخليج العربي المعلنة خلال 2022, لتقليل انبعاثاتها الكربونية في إطار مواجهة التغيرات المناخية.

نشاط سعودي

شهد عام 2022 نشاطًا سعوديًا نحو العمل على تحقيق هدف المملكة لتقليل الانبعاثات الضارة بمقدار 278 مليون طن سنويًا من الكربون المكافئ بحلول عام 2030، مع تحقيق الحياد الكربوني بحلول 2060.

وأطلقت شركة أرامكو عملاقة النفط السعودي خلال عام (2022) صندوقًا للاستدامة بقيمة 1.5 مليار دولار، بهدف الاستثمار في التقنية الدعمة لتحول استقرار شامل للطاقة، لتقليل الانبعاثات الكربونية ومواجهة غازات الاحتباس الحراري.

ويدير الصندوق الجديد شركة أرامكو فينتشرز -وهي ذراع أرامكو السعودية لرأس المال الجريء- إذ يسعى للاستثمار في التقنيات التي تدعم طموح الشركة بالوصول إلى الحياد الكربوني للانبعاثات في أعمالها التشغيلية بحلول عام 2050.

أرامكو السعودية تطلق صندوق للاستثمار في تقنيات تقلل الانبعاثات الكربونية
خزان نفطي تابع لأرامكو - أرشيفية

كما سيعمل الصندوق على تطوير أنواع وقود جديدة منخفضة الكربون، والاستثمار في مجالات احتجاز الكربون وتخزينه، وحلول انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، والتقدم في كفاءة الطاقة، والحلول المناخية القائمة على الطبيعة، وحلول الاستدامة الرقمية، والهيدروجين، والأمونيا قليلة الكربون، والوقود الاصطناعي.

وجاء إطلاق الصندوق بعد إعلان أرامكو في يونيو/حزيران 2022، تقريرها الأول عن الاستدامة الذي يستعرض جهود الشركة في مواجهة الانبعاثات الكربونية وتقديم حلول لطاقة موثوقة وبتكلفة ملائمة.

ومن أبرز أهداف الشركة التي جاءت في تقرير الاستدامة، سعيها نحو خفض الانبعاثات الكربونية الصادرة من قطاع التنقيب والإنتاج بنسبة 15% بحلول عام 2035، مع خفض أكثر من 50 مليون طن متري سنويًا من مكافئ ثاني أكسيد الكربون بحلول 2035.

وتستهدف أرامكو كذلك استخلاص 11 مليون طن متري سنويًا من مكافئ ثاني أكسيد الكربون أو استخدامها أو تخزينها بحلول 2035، وإنتاج 11 مليون طن متري سنويًا من الأمونيا الزرقاء بحلول 2030، وكذلك توليد 12 غيغاواط كهرباء من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بحلول 2030.

كما أطلقت المملكة عام 2022 آلية السوق لتعويض وموازنة غازات الاحتباس الحراري، الهادفة إلى إصدار شهادات الكربون لتحفيز الاستثمارات في مشروعات تخفيض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بالبلاد، وتُسهم هذه الآلية أيضًا في تحقيق إسهامات السعودية المحددة وطنيًا وفقًا للاتفاقية الإطارية للتغير المناخي واتفاقية باريس.

وكان صندوق الاستثمارات العامة السعودي أسس منصة طوعية لتداول شهادات الكربون في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بالإضافة إلى تأسيس شركة سوق الكربون الطوعي الإقليمية لدعم الشركات والقطاعات في المنطقة للوصول إلى الحياد الكربوني.

وبالتوازي مع ذلك، شهد مؤتمر المناخ (كوب 27) الذي عُقد بشرم الشيخ في نوفمبر/تشرين الثاني، إطلاق المملكة العربية السعودية مراكز جديدة عبارة عن منصة تساعد على تسريع وتيرة خفض الانبعاثات وتدعم جهود البلاد في الاقتصاد الدائري للكربون.

وتمثّل المركز الأول، في إطلاق السعودية مركز معارف الاقتصاد الدائري للكربون، وهو عبارة عن منصة مهمة تدعم جهود التعاون الإقليمي في مجال تطوير تقنيات الاقتصاد الدائري للكربون.

ومن المقرر أن يوفّر المركز منصة مهمة تمكّن دول المنطقة من تنفيذ مساهماتها المحددة وطنيًا، الأمر الذي يساعدها في تحقيق الأهداف الطموحة التي حددتها مبادرة الشرق الأوسط الأخضر.

بينما تضمّن المركز الثاني، تأسيس المملكة بالتعاون مع لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا "الإسكوا"، مركزًا إقليميًا لتسريع وتيرة خفض الانبعاثات الكربونية، يهدف إلى تعزيز التعاون في خفض الانبعاثات وتسريع اعتماد نموذج الاقتصاد الدائري للكربون إقليميًا.

ويوفّر المركز منصة تتيح لدول المنطقة إيصال أصواتها والمشاركة بصورة فاعلة في الحوارات المناخية العالمية، ووضع خريطة طريق واضحة لخفض الانبعاثات الكربونية.

وفي السياق نفسه، شهد مؤتمر المناخ إطلاق ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، النسخة الثانية من قمة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر، ومبادرة السعودية الخضراء.

ويُشار إلى أن مبادرة السعودية الخضراء تهدف إلى زراعة 10 مليارات شجرة في أنحاء المملكة خلال العقود المقبلة، ورفع نسبة المناطق المحمية إلى 30% من إجمالي مناطق المملكة، بالإضافة إلى تخفيض الانبعاثات الكربونية بمقدار 278 مليون طن سنويًا بحلول عام 2030م.

بينما تتمثل أهداف مبادرة الشرق الأوسط الأخضر، في تقليل الانبعاثات الكربونية بالمنطقة بأكثر من 10% من الانبعاثات العالمية، وكذلك زراعة 50 مليار شجرة في المنطقة.

إطلاق مشروع تجريبي

اتجهت شركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك" -عملاقة النفط الإماراتي- خلال 2022، إلى تحديث أهدافها بشأن خفض الانبعاثات الكربونية الصادرة من عمليات الشركة، بالإضافة إلى إطلاق مشروع تجريبي يحدد كمية الكربون في خام الكربون.

وتمثّل الهدف الرئيس الجديد للشركة في سعيها نحو خفض انبعاثات الميثان من عملياتها في مجال الاستكشاف والتطوير والإنتاج إلى 0.15% بحلول عام 2025، مؤكدة أن النسبة تعد أدنى مستوى لكثافة الانبعاثات الكربونية بالشرق الأوسط، وذلك بالتوازي مع زيادة السعة الإنتاجية للشركة.

وتقول إنها ستعمل على تطبيق أفضل الممارسات في مجال الإبلاغ عن انبعاثات الميثان بعمليات الاستكشاف والتطوير وإنتاج النفط والغاز، مشيرة إلى القيام بحساب كثافة الانبعاثات الكربونية بصفتها نسبة مئوية من إجمالي حجم الغاز الذي يُسوّق في القطاع المعني.

ومن بين الأهدف المحدثة أيضًا سعيها نحو توظيف أحدث تقنيات كشف الانبعاثات الكربونية وقياسها بحلول عام 2023، ما يمكنها من الانتقال إلى تطبيق تقنيات متطورة لإجراء قياسات مستمرة لانبعاثات الميثان.

أدنوك تحدث أهدافها بشأن خفض الانبعاثات الكربونية
منشأة نفطية تابعة لأدنوك - أرشيفية

كما تهدف أدنوك إلى استخدام البيانات لتحديد خطوط الأساس لعمليات الحد من الانبعاثات الكربونية مع التركيز على خفض الانبعاثات من مصادرها الرئيسة، بما في ذلك عمليات حرق الغاز والاحتراق والانبعاثات الشاردة.

وتعتزم كذلك مواصلة استخدام أنظمة استخلاص غاز الشعلات وبرامج الكشف عن التسرب والصيانة الدورية، في إطار العمل على خفض انبعاثات الميثان، مع استخدام كاميرات التصوير الحراري لاكتشاف التسربات الصغيرة الحجم للانبعاثات الشاردة مع إعطاء الأولوية لبرامج الصيانة الدورية المعتمدة من الشركة.

وتشير الشركة إلى أنها تعمل على استكشاف تقنيات جديدة مثل المراقبة والرصد باستخدام الأقمار الصناعية وأجهزة الاستشعار المثبتة بطائرات من غير طيار لتعزيز عمليات رصد انبعاثات الميثان ومراقبتها.

وفي 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، وقّعت أدنوك الإماراتية اتفاقًا مع شركة سيمنس للطاقة، يتضمن إطلاق مشروع تجريبي يستند إلى تقنية سلسلة الكتل "بلوكشين"، يهدف إلى تصديق مجموعة من منتجات الطاقة، وفقًا لمستويات كثافة الكربون.

وتوضح الشركة أن المشروع التجريبي سيعتمد على أجهزة استشعار ذكية لجمع البيانات من مواقع سلسلة عمليات أدنوك كافّة، بداية من آبار النفط حتى وصول الخام للعميل، بهدف تحديد كمية ثاني الكربون المستخدمة بدقة في صنع منتجات مثل خام مربان، والأمونيا، ووقود الطائرات.

وبعد ذلك، تسجل الشركة القراءات بصورة آلية في سجل مركزي يستخدم تقنية سلسلة الكتل "بلوكشين"، وهو المشروع الذي تهدف من خلاله أدنوك إلى تعزيز ثقة العملاء وتوضيح البصمة الكربونية لهم ولمشترياتهم، والعمل على تقليل الانبعاثات الكربونية.

وفي السياق نفسه، اتجهت أدنوك خلال 2022 إلى تأسيس قطاع جديد للحلول منخفضة الكربون والنمو الدولي، يهدف إلى التركيز على تنمية أعمال الشركة في الطاقات الجديدة والهيدروجين النظيف وتقنيات التقاط الكربون وتخزينه واستخدامه، بالإضافة إلى تحقيق النمو الدولي في مجالات الغاز، والغاز الطبيعي المسال، والصناعات الكيماوية.

ويأتي كل ذلك في إطار تخطيط العملاقة الإماراتية مضاعفة برنامج التقاط غاز ثاني أكسيد الكربون بأكثر من 500%، وصولًا إلى التقاط 5 ملايين طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا بحلول عام 2030، وهو ما سيحدث من خلال التقاط كميات إضافية من ثاني أكسيد الكربون من مصانع معالجة الغاز والمصادر الأخرى لانبعاثاته.

ومنذ مطلع عام 2022، تحصل "أدنوك" على احتياجات شبكتها الكهربائية عن طريق الكهرباء المنتجة من المصادر النووية والشمسية الخالية من الانبعاثات، لتكون أول شركة تطبق ذلك.

وتؤكد أنها تعمل على توسيع استخدامها لشبكة الكهرباء النظيفة، عبر إنشاء شبكة لنقل الكهرباء تحت سطح البحر بقيمة 3.6 مليار دولار هي الأولى من نوعها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في إطار العمل على تقليل الانبعاثات الكربونية.

وتهدف الشبكة الجديدة إلى ربط حقول الشركة البحرية بشبكة الإمارات للكهرباء لتوفير الطاقة الكهربائية المُنتجة من المصادر النووية والشمسية، الأمر الذي يُسهم في خفض البصمة البيئية لعمليات أدنوك البحرية بنسبة تزيد على 30%، من خلال استبدال مولدات الكهرباء التي تعتمد على توربينات الغاز.

كما أطلقت شركة أبوظبي الوطنية للطاقة الإماراتية "طاقة"، في 13 أكتوبر/تشرين الأول 2022، إستراتيجيتها الشاملة للمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة حتى عام 2030، والتي تضمّنت أهدافًا تسعى لتحقيقها في رحلة الوصول إلى الحياد المناخي بحلول عام 2050.

وتضمّنت الإستراتيجية خفض انبعاثات غازات الدفيئة المتسببة في الاحتباس الحراري بنسبة 25% ضمن محفظة المجموعة وعملياتها على الصعيد العالمي بحلول 2030، وخفضها بنسبة 33% ضمن محفظة المجموعة وعملياتها داخل الإمارات.

قطر للطاقة تطلق استراتيجيتها المحدّثة للاستدامة للعمل على تقليل الانبعاثات الكربونية
خزان قطر للغاز - أرشيفية

إستراتيجية للاستدامة

في السياق نفسه، أطلقت شركة قطر للطاقة خلال 2022 إستراتيجية للاستدامة بعد تحديثها، التي تهدف إلى تسهيل الانتقال إلى طاقة منخفضة الكربون، والعمل على تقليل الانبعاثات الكربونية.

وبحسب الإستراتيجية المحدثة، تستهدف قطر للطاقة التقاط أكثر من 11 مليون طن سنويًا من ثاني أكسيد الكربون في قطر بحلول 2035.

وكذلك خفض المزيد من كميات الكربون في منشآت الغاز الطبيعي المسال في قطر بنسبة 35%، وفي منشآت التنقيب والإنتاج بنسبة 25%، وذلك مقابل أهداف محددة في السابق بلغت 25% و15% على التوالي.

وتعتزم قطر للطاقة كذلك توليد أكثر من 5 غيغاواط من الطاقة الشمسية، مع العمل على وقف الحرق الروتيني للغاز والحد من انبعاثات غاز الميثان المتسربة من صناعة الغاز.

وفي يونيو/حزيران 2022، انضمت قطر للطاقة إلى مبادرة استهداف الوصول إلى الحياد الكربوني، الهادفة إلى منع انبعاثات غاز الميثان في أصول النفط والغاز بحلول عام 2030.

وتوضح قطر للطاقة أنها بذلك تكون أول من انضم إلى المبادرة من خارج الشركات المؤسسة الـ12 الحالية، وهي: "أرامكو، بي بي، شيفرون، سي إن بي سي، إيني، إكوينور، إكسون موبيل، أوكسيدنتال، بتروبراس، ريبسول، شل، وتوتال إنرجي".

اقرأ أيضًا من تقارير حصاد وحدة أبحاث الطاقة لعام 2022..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق