التقاريرالتقارير السنويةتقارير النفطحصاد 2022نفطوحدة أبحاث الطاقة

أسعار النفط في 2022.. التقلبات الحادة تمحو المكاسب

وحدة أبحاث الطاقة - أحمد شوقي

"صعود صاروخي ثم هبوط كبير".. هذا هو ملخص تحركات أسعار النفط العالمية خلال العام الحالي (2022)، الذي شهد لعبة شد الحبل بين العوامل المؤثرة في أداء الذهب الأسود، وكان بطلها الغزو الروسي لأوكرانيا.

وشهدت أسعار الخام صراعًا كبيرًا بين مخاوف نقص الإمدادات في أعقاب بدء الحرب الروسية الأوكرانية، والقلق بشأن انزلاق الاقتصاد العالمي إلى الركود، ومن ثم تباطؤ الطلب على النفط، وفق وحدة أبحاث الطاقة.

ونتيجة لذلك كانت التقلبات الحادة هي عنوان أسعار النفط في العام الجاري، ولم تنجح مخاوف شحّ المعروض في دفع سعر الخام فوق 150 دولارًا للبرميل أو أكثر كما توقع البعض، في أعقاب اندلاع الحرب، وفي الوقت نفسه لم يخرج خالي الوفاض.

وفي المحطة الأخيرة من 2022، تفوّقت مخاوف نقص الإمدادات على تباطؤ الطلب، لتنهي أسعار النفط العام مكتسية باللون الأخضر، وإن كانت المكاسب أقل بكثير عند المقارنة بأداء الخام في العام الأول للتعافي من كورونا، الذي شهد أفضل أداء سنوي في 12 عامًا.

تحرّكات أسعار النفط في 2022

حققت أسعار النفط ارتفاعًا بنحو 8.4% لخام برنت و5.7% لخام غرب تكساس الوسيط منذ بداية العام حتى جلسة (27 ديسمبر/كانون الأول)، بعدما قلّصت غالبية مكاسبها من تداعيات غزو أوكرانيا، في الأشهر الأخيرة.

ويُظهر الرسم البياني التالي متوسط أسعار النفط اليومية خلال 2022 وفق إدارة معلومات الطاقة الأميركية:

أسعار النفط اليومية خلال 2022

وأنهت أسعار النفط العام الماضي (جلسة 31 ديسمبر/كانون الأول) عند 77.78 دولارًا للبرميل لخام برنت و75.21 دولارًا لخام غرب تكساس الوسيط، بعدما حققت مكاسب سنوية بنسبة 50% تقريبًا، جعلتها تسجل أفضل أداء سنوي في 12 عامًا.

واتخذت أسعار الخام مسارًا صعوديًا منذ بداية العام الجاري، وكسرت حاجز 90 دولارًا للبرميل لكلا الخامين (القياسي والأميركي) في جلسة 3 فبراير/شباط 2022، لأول مرة منذ عام 2014، مع توقعات استمرار النمو الاقتصادي والتزام أوبك+ بسياسة الزيادة التدريجية للإنتاج، إلى جانب التوترات في أوروبا الشرقية.

وتجاوز خام برنت مستوى 100 دولار للبرميل للمرة الأولى في 8 سنوات بعد صعوده 9% خلال جلسة (24 فبراير/شباط)، عندما سمح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بما سماه عملية عسكرية خاصة في أوكرانيا، قبل أن يقلص الخام مكاسبه ويعاود الهبوط تحت 100 دولار بنهاية تعاملات اليوم نفسه.

وكان الغزو الروسي لأوكرانيا بداية صعود تاريخي لأسعار النفط دفعها لذروة هذا العام أعلى من 139 دولارًا للبرميل خلال جلسة (7 مارس/آذار 2022)، وهو مستوى لم يشهده خام برنت منذ عام 2008، كما صعد الخام الأميركي فوق 130 دولارًا في تعاملات اليوم نفسه.

وتزامن ذلك مع إعلان الولايات المتحدة عزمها فرض حظر على استيراد النفط الروسي، بالتعاون مع الحلفاء الأوروبيين، وهو ما أثار مخاوف كبيرة من نقص الإمدادات.

ويوضح الرسم البياني أدناه، متوسط أسعار خام برنت اليومية منذ عام 1987 حسب بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية:

أسعار النفط

وتأرجحت أسعار النفط فيما بعد، بين الارتفاع والهبوط؛ حتى قفزت مجددًا بالقرب من ذروة هذا العام في أوائل يونيو/حزيران 2022، في أعقاب إعلان الاتحاد الأوروبي حظر معظم واردات النفط الروسي.

ورغم ذلك؛ فإنه سرعان ما تسللت مخاوف الركود الاقتصادي إلى سوق النفط مع سياسة التشديد النقدي الصارمة التي انتهجتها المصارف المركزية وتبعتها زيادة إصابات كورونا، لتسلك الأسعار اتجاهًا هبوطيًا بلا هوادة خلال الأشهر التالية وتمحو جميع مكاسبها في أعقاب غزو أوكرانيا، مع وصول خام برنت إلى 76 دولارًا بنهاية جلسة (9 ديسمبر/كانون الأول) وهو أقلّ إغلاق مسجّل هذا العام.

وشهد ديسمبر/كانون الأول تعافيًا ملحوظًا لأسعار النفط أعادها على الطريق الصحيح لتحقيق مكاسب سنوية، مع صعود خام برنت فوق 80 دولارًا للبرميل مرة أخرى، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

وفي مجمل العام، كانت أبرز التحركات اليومية هبوط سعر خام برنت 13.1% وتراجع الخام الأميركي 12.1% في جلسة (9 مارس/آذار)، بعد صعودهما لمستويات تاريخية في الجلستين السابقتين.

وترصد بيانات إدارة معلومات الطاقة في الرسم التالي، متوسط أسعار خام غرب تكساس اليومية منذ عام 1986:

أسعار النفط

تأثير المعروض والطلب على النفط

كانت أزمة نقص الإمدادات على رأس العوامل المؤثرة في تحركات أسعار النفط خلال 2022، ولا سيما في النصف الأول، وسط مخاوف عدم القدرة على تعويض نقص النفط الروسي، في ظل التزام تحالف أوبك+ بسياسة معتدلة لزيادة الإنتاج.

ومع بدء الغزو الروسي لأوكرانيا (24 فبراير/شباط)، بدأ الغرب فرض عقوبات ضد موسكو وانسحبت شركات النفط الكبرى، ليهبط إنتاج الخام والوقود السائل في روسيا من مستوى 11.33 مليون برميل يوميًا خلال فبراير/شباط، إلى 10.32 مليونًا خلال أبريل/نيسان، وفق إدارة معلومات الطاقة الأميركية.

وفي الوقت نفسه، كان تحالف أوبك+ أكثر تريثًا مع اشتعال الأزمة الروسية الأوكرانية، ووجد أن سياسة الزيادة التدريجية لإنتاج النفط بمقدار 400 ألف برميل يوميًا كافية، والتزم بها حتى أبريل/نيسان 2022، ثم أقر كبار منتجي الخام تعديلًا بزيادة طفيفة إلى 432 ألفًا حتى يونيو/حزيران.

وفي ذلك الوقت، أثبت إنتاج النفط الروسي وصادراته مرونة كبيرة في مواجهة العقوبات الغربية، لتهدأ مخاوف الإمدادات، وهو ما عكس الاتجاه الصاعد لأسعار النفط، خاصة أن تحالف أوبك+ قرر زيادة الإنتاج بمقدار 648 ألف برميل يوميًا في يوليو/تموز وأغسطس/آب، لتنتهي بذلك التخفيضات القياسية التي أجراها خلال وباء كورونا، بعد إعلان الاتحاد الأوروبي نيته حظر الواردات الروسية.

وتزامن ذلك مع توقعات تراجع الطلب وسط مخاوف الركود الاقتصادي العالمي، جراء ارتفاع معدلات الفائدة وتسارع التضخم؛ الأمر الذي دفع الدولار الأميركي للصعود وجعله يمثل عامل ضغط إضافيًا على أسعار النفط؛ كونه يجعل شراء الخام أكثر تكلفة بالنسبة لحائزي العملات الأخرى.

وفي السياق نفسه، أضرت إصابات كورونا المتزايدة في الصين الطلب على النفط في أكبر دولة مستوردة للخام حول العالم؛ حيث من المتوقع انكماش الاستهلاك بنحو 418 ألف برميل يوميًا خلال 2022، مسجلًا 15 مليون برميل يوميًا، حسب وكالة الطاقة الدولية.

ومع تراجع الطلب وهبوط أسعار النفط، قرر تحالف أوبك+ اتخاذ سياسة صارمة بخفض الإنتاج مليوني برميل يوميًا بداية من نوفمبر/تشرين الثاني 2022 إلى ديسمبر/كانون الأول 2023.

وكان دخول الحظر الأوروبي على واردات النفط الروسي، وكذلك السقف السعري للأسعار عند 60 دولارًا، حيز التنفيذ، في 5 ديسمبر/كانون الأول، دافعًا لعودة أسعار النفط للارتفاع، إلى جانب توقف خط أنابيب كيستون -الذي ينقل النفط من كندا إلى الولايات المتحدة- بدايةً من 7 ديسمبر/كانون الأول إثر تسرب نفطي بولاية نبراسكا الأميركية.

من جانبه، قال خبير اقتصادات الطاقة، مستشار تحرير منصة الطاقة، الدكتور أنس الحجي، عبر برنامج "أنسيّات الطاقة" إن توقف خط كيستون أدّى إلى تعطل نقل 622 ألف برميل يوميًا إلى هيوستن، وهو ما تسبب في ارتفاع الأسعار.

وبصفة عامة، تتوقع وكالة الطاقة الدولية ارتفاع المعروض العالمي من النفط بنحو 4.6 مليون برميل يوميًا في 2022، ليصل الإجمالي إلى 99.9 مليون برميل يوميًا، لكنه سيظل أقل من مستويات ما قبل الوباء.

في المقابل، من المتوقع نمو الطلب على النفط عالميًا 2.25 مليون برميل يوميًا، ليصل إلى 99.93 مليون برميل يوميًا، كما يوضح الرسم البياني التالي:

الطلب على النفط حول العالم

مخزونات النفط

تأثرت أسعار النفط باتجاهات المخزونات العالمية على مدار العام؛ فمع نهاية النصف الأول من 2022، الذي شهد ارتفاع الأسعار، تراجعت مخزونات الخام التجارية لدى دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى 2.656 مليار برميل، مقارنة بـ2.873 مليار برميل في المدّة نفسها من 2021، وفق بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية.

ورغم ذلك؛ فإن مخزونات النفط العالمية تتجه إلى مستوى 2.753 مليار برميل بنهاية ديسمبر/كانون الأول 2022، ارتفاعًا من 2.640 مليار برميل خلال الشهر نفسه من العام الماضي، وفق البيانات التي اطلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة، ويرصدها الرسم أدناه:

مخزونات النفط التجارية في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية

وفي الولايات المتحدة، بلغت مخزونات النفط الخام والمنتجات النفطية 1.219 مليار برميل، حتى الأسبوع المنتهي في 16 ديسمبر/كانون الأول 2022، بزيادة طفيفة عن المستوى المسجل في المدّة نفسها من 2021، عند 1.203 مليار برميل.

وفي المدّة نفسها خلال عامي 2019 و2020، كانت مخزونات النفط الأميركية عند 1.274 مليارًا و1.356 مليار برميل على التوالي، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة

وتتوقع إدارة معلومات الطاقة الأميركية وصول المخزونات الأميركية إلى 1.184 مليار برميل بنهاية عام 2021، مقارنة بـ1.199 مليار برميل خلال العام المنصرم.

ويوضح الرسم البياني التالي تطور مخزونات الولايات المتحدة من النفط الخام والمنتجات النفطية أسبوعيًا خلال السنوات الـ4 الأخيرة:

مخزونات النفط التجارية في الولايات المتحدة

وبالنسبة إلى مخزونات النفط الخام التجارية في الولايات المتحدة؛ فقد بلغت 418.2 مليون برميل، خلال الأسبوع المنتهي في 16 ديسمبر/كانون الأول، لتكون أقلّ بنحو 7%، مقارنة بمتوسط آخر 5 سنوات.

وكانت مخزونات النفط الخام التجارية في الولايات المتحدة تقف عند مستوى 417.8 مليار برميل، خلال الأسبوع الأخير من عام 2021.

ويُظهر الرسم أدناه، تحركات مخزونات النفط الخام في أميركا على مدار الأعوام الـ4 الماضية:

مخزونات النفط الأميركية

المخزون الإستراتيجي الأميركي

استغلت الولايات المتحدة سلاح المخزون النفطي الإستراتيجي، في العام الجاري، لتهدئة أسعار البنزين، التي ارتفعت إلى مستويات قياسية فوق 5 دولارات للغالون في منتصف العام، مع تفاقم أزمة المشتقات النفطية وصعود أسعار النفط الخام، بفعل الغزو الروسي لأوكرانيا.

وفي أوائل مارس/آذار 2022، أعلنت الولايات المتحدة الإفراج عن 30 مليون برميل من احتياطي النفط الإستراتيجي، ضمن جهد منسّق بين 31 عضوًا في وكالة الطاقة الدولية للإفراج عن 60 مليون برميل نفط من احتياطي الطوارئ، في أعقاب غزو أوكرانيا.

وبنهاية الشهر نفسه، قرر الرئيس الأميركي، جو بايدن، الإفراج عن مليون برميل يوميًا من المخزون الإستراتيجي لمدّة 6 أشهر، ما مجموعه 180 مليون برميل، وهو أكبر إصدار لاحتياطي الطوارئ في التاريخ.

وأوضح مستشار تحرير منصة الطاقة، خبير اقتصادات الطاقة، الدكتور أنس الحجي، حينذاك، أن السحب من مخزون النفط الإستراتيجي، خلال هذا العام، تجاوز حاجز 210 ملايين برميل، وليس 180 مليونًا فقط؛ لأن هناك مبيعات إجبارية تحدث وفق قانون أقرّه الكونغرس الأميركي، بهدف التخفيف من العجز في الموازنة من خلال تغطية عمليات البيع من الاحتياطي وتكاليف إدارته سنويًا.

ومع عمليات السحب، تراجع احتياطي النفط الإستراتيجي في الولايات المتحدة إلى 378.6 مليون برميل حتى الأسبوع المنتهي في 16 ديسمبر/كانون الأول 2022، وهو أقل مستوى منذ عام 1983.

ووفق ما أعدّته وحدة أبحاث الطاقة، يرصد الرسم التالي احتياطي النفط الإستراتيجي في أميركا على أساس أسبوعي خلال السنوات الـ4 الأخيرة:

مخزون النفط الإستراتيجي في الولايات المتحدة

وتبلغ الطاقة الاستيعابية للاحتياطي الإستراتيجي في الولايات المتحدة نحو 714 مليون برميل من النفط الخام عبر 4 مواقع تخزين على طول خليج المكسيك؛ حيث توجد غالبية طاقة التكرير الأميركية.

وأعلنت وزارة الطاقة الأميركية، في منتصف ديسمبر/كانون الأول (2022)، البدء في إعادة ملء مخزون النفط الإستراتيجي، خاصة مع هبوط أسعار البنزين عند أقل مستوياتها في أكثر من عام حول مستويات 3 دولارات للغالون، بعدما سجلت مستويات تاريخية في وقت سابق من العام.

اقرأ أيضًا من تقارير حصاد وحدة أبحاث الطاقة لعام 2022..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق