تقارير منوعةرئيسيةمنوعات

أسعار الطاقة في الأرجنتين على موعد مع "علاج مُر"

أسماء السعداوي

مثّلت ضرورة رفع أسعار الطاقة في الأرجنتين نقطة التقاء نادرة بين المرشحَيْن الرئاسييْن في الدولة التي تعاني التضخم وصافي احتياطي سلبي من الدولار، فضلًا عن عجز مالي ضخم.

ويترقب المواطنون نتائج جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية المقررة يوم الأحد المقبل الموافق 19 نوفمبر/تشرين الثاني (2023)، بين وزير الاقتصاد سيرغيو ماسا والمرشح الليبرالي خافيير ميلي، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

وسيقرر الفائز بشأن رفع الدعم الحكومي عن أسعار الطاقة في الأرجنتين، التي سجلت أكثر من 12 مليار دولار في عام (2022) الماضي.

ورغم أن ذلك الدعم يُبقي الأسعار منخفضة بالنسبة إلى ثلثي المستهلكين على الأقل، فإنه يستنزف خزينة الدولة ويعوق الاتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض، بحسب تقرير نشرته وكالة رويترز.

وتمتلك الأرجنتين حقل "فاكا مويرتا" الضخم، الذي يُعد صاحب ثاني أكبر احتياطي عالمي من الغاز الصخري، ورابع أكبر احتياطي نفطي عالمي.

ويلبي إنتاج النفط والغاز المحلي نحو 80% من الطلب، في حين يُستورد الباقي من الخارج، لكن نفاد احتياطيات الدولار اللازم للدفع مقابل مستحقات المستوردين دفع البلاد إلى شفا أزمة وقود قبل أسبوعين.

جدل بشأن أسعار الطاقة في الأرجنتين

بالنسبة إلى المواطنين الذين يعانون ارتفاع أسعار جميع السلع، فالدعم الحكومي لأسعار الطاقة هو طوق نجاة، إذ يُبقي فواتير الطاقة أقل بنسبة 15%.

كما تُعد أسعار الطاقة في الأرجنتين عاملًا حاسمًا سيؤثر بالتأكيد في اختيارهم للمرشح القادم لرئاسة بلادهم صاحبة ثالث أكبر اقتصاد في أميركا الجنوبية.

من جانبه، قال مرشح التيار الليبرالي خافيير ميلي، إنه سيلغي الإعانات الحكومية كافّة ولكن ببطء، لكن المرشح الآخر وزير الاقتصاد سيرغيو ماسا قال إنه سيُبقي فواتير الطاقة منخفضة رغم الحاجة إلى خفض الإنفاق لتحقيق أهداف الخروج من هوة العجز المالي العميق.

المرشح الرئاسي خافيير ميلي
المرشح الرئاسي خافيير ميلي - الصورة من "lado.mx"

لكن الأمر ليس بهذه السهولة التي تبدو عليها تصريحات المرشحين، لأنه من ناحية يوجد تضخم من المتوقع -بحسب تقديرات البنك المركزي- أن يرتفع إلى 185% بحلول نهاية السنة، وهو الذي أثار غضب المواطنين بسبب الارتفاع المستمر للأسعار، ودخول خُمسي السكان في دائرة الفقر، ولذلك فدعم أسعار الطاقة في الأرجنتين يمثّل راحة من ذلك الألم.

وحاليًا، تعاني الدولة عجزًا ماليًا ضخمًا وصافيًا سلبيًا من احتياطي الدولار، وهي تقوم بمناورة خطرة مع صندوق النقد الدولي وحملة السندات والصين، ولذلك فهي بحاجة إلى تنظيم مواردها المالية عبر خفض الإنفاق، بحسب التقرير.

علاج صعب لكنه ضروري

عمومًا، يتفق خبراء الاقتصاد ومحللو شؤون الطاقة على أن البلاد بحاجة إلى رفع الإعانات الحكومية التي شكّلت قرابة 2% من إجمالي الناتج المحلي في العام الماضي.

وبحسب بيان شركة ألف إنرجي (Aleph Energy) الاستشارية، فقد بلغ حجم تلك الإعانات 12.4 مليار دولار في 2022، وتجاوزت 8 مليارات دولار حتى شهر سبتمبر/أيلول (2023).

ويقول مدير الشركة، دانيل دريزن، إنه من المفارقات أن تلك الإعانات هي التي أشعلت نيران التضخم، لأن البنك المركزي كان يطبع النقود لتمويلها في كثير من الأحيان.

وأضاف أن جميع تلك الإعانات التي شكّلت في العام الماضي 1.9% من إجمالي الناتج المحلي، تُمول عبر الإصدار النقدي، لينتهي المطاف بدفع جميع السكان لتلك الإعانات عبر التضخم.

ويُقصد بالإصدار النقدي إصدار دولة ما كمية جديدة من النقود الورقية لحساب الدولة، أو بوساطة الائتمان المصرفي عبر البنوك التجارية في صورة نقود كتابية كالقروض أو أذون الخزانة التي تصدرها لصالح البنك المركزي أو البنوك التجارية.

ويطلق على هذه الطريقة "التضخم المالي أو الاقتصادي" وتؤدي إلى انخفاض القوة الشرائية للنقود، وبالتالي تصبح عبئًا على الدخل أو الثروة، وهو ما يؤدي إلى توزيع العبء العام بعيدًا عن حركات الإنتاج والدخل على عكس الضرائب.

بدوره، يقول وزير الطاقة السابق، المدير السابق لشركة النفط الوطنية "واي بي إف" (YPF)، إيميليو أبود، إن أزمة الإعانات الحالية نتيجة لعقود من تدخل الدولة الذي كلّف خزينتها الكثير، مؤكدًا أن تغيير هذ الوضع القائم بمثابة تحدٍ لأي فائز بالانتخابات.

وأقر أبود بأن رفع أسعار الطاقة في الأرجنتين بمثابة علاج صعب في مجتمع يتألم بالفعل، "لكنّه ضروري".

موقف المرشحين

يقول وزير الاقتصاد سيرغيو ماسا، إن فواتير الكهرباء الشهرية سترتفع من نحو 5 آلاف بيزو (14 دولارًا بحسب سعر الصرف الرسمي) إلى 15 ألف بيزو، لكن أسعار القطارات والحافلات سترتفع بصورة أكبر.

(البيزو الأرجنتيني = 0.0028 دولارًا أميركيًا)

مرشح الرئاسة ووزير الاقتصاد سيرخيو ماسا
مرشح الرئاسة ووزير الاقتصاد سيرغيو ماسا - الصورة من "americasquarterly"

وينتمي ماسا ذو الميول اليسارية إلى الحركة البيرونية التي لها تاريخ طويل من دعم تكاليف الطاقة بصورة مثيرة للجدل رغم الأزمات الاقتصادية والتخلف عن سداد الديون وفشل برامج الإنقاذ التي يدعمها صندوق النقد.

وحاليًا، يدفع السكان من ذوي الدخل المرتفع قرابة 80% من التكلفة، وهو ما يشكل نحو ثلث الإجمالي، في حين يدفع بقية السكان ما يتراوح بين 10 و15% فقط.

على الجانب الآخر، كشف مصدر من داخل فريق المرشح المنافس خافيير ميلي، عن أن "الدعم لن يختفي، ولن تصل الأسعار لمستويات لا يطيقها المواطنون".

وأضاف: "ما يتعيّن على الدولة ضمانه هو أن يحصل من يحتاج فعلًا على أموال الدعم".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق