تقارير الغازرئيسيةغاز

تصرف غريب.. الأرجنتين ترفض تفريغ ناقلة غاز مسال تحمل إمدادات روسية

السلعة لا تخضع لأي عقوبات

محمد عبد السند

اقرأ في هذا المقال

  • الأرجنتين ترفض تفريغ ناقلة غاز مسال تحمل إمدادات روسية
  • الغاز المسال الروسي لا يخضع للعقوبات الغربية
  • تعاني الأرجنتين أزمة طاقة حادة
  • يُخطط الاتحاد الأوروبي لاستيراد الغاز من الأرجنتين
  • تعهَّد الاتحاد الأوروبي بفطم نفسه عن الوقود الأحفوري الروسي بحلول عام 2027

في تصرف يحمل علامات استفهام كثيرة، رفضت الأرجنتين تفريغ ناقلة غاز مسال تحمل إمدادات روسية المنشأ، رغم عدم خضوع تلك السلعة الإستراتيجية الآتية من موسكو لأي عقوبات غربية، على غرار النفط الخام والمشتقات النفطية الروسية.

وتعاني الدولة الواقعة جنوب أميركا اللاتينية أزمة طاقة حادة، ما يعني أنها تحتاج إلى استيراد الغاز المسال خلال الشهور التي تشهد ذروة استهلاكها له، علمًا بأن عجز الميزان التجاري في البلد اللاتيني قد لامس 5 مليارات دولار في العام الماضي (2022)، وفق معلومات اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

إلا أن الأرجنتين، التي تمتلك ثاني أكبر إحتياطي غاز غير تقليدي في العالم، توسع إنتاجها في حقل فاكا مويرتا بمنطقة باتاغونيا، الذي يحوي ثاني أكبر احتياطي غاز صخري في العالم.

وفي ضوء هذا السيناريو، رفضت عملاقة الطاقة الأرجنتينية الحكومية "إنارسا" تفريغ شحنة الغاز المسال الآتية من شركة تجارة السلع "غنفور" ومقرها جنيف، بعدما اكتشفت احتواءها على إمدادات روسية، وفق ما نشرته منصة "إس أند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس" S&P Global Commodity Insights، نقلًا عن مصدر مطلع في الشركة أمس الأربعاء 19 يوليو/تموز (2023).

حُجة واهية

اتخذ القرار كل من رئيس شركة "إنارسا" ووزير الاقتصاد الأرجنيتني سيرجيو ماسا، بدافع العقوبات الدولية المفروضة على روسيا على خلفية الحرب الأوكرانية التي اندلعت شرارتها الأولى في 24 فبراير/شباط (2022).

وكان من المقرر تفريغ شحنة الغاز المسال بوساطة الناقلة فليكس أرتيميس في وحدة إعادة تغويز وتخزين عائمة في ميناء باهيا بلانكا جنوب العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس، بحسب ما ذكر المصدر الذي رفض الكشف عن هويته.

وزير الاقتصاد الأرجنتيني سيرجيو ماسا
وزير الاقتصاد الأرجنتيني سيرجيو ماسا - الصورة من لوموند

وفي أعقاب اكتشاف أن الغاز المسال روسي المصدر سارع مصرف "بانكو ناسيون" المسؤول عن سداد مستحقات تلك الشحنة، إلى إلغاء الصفقة، مُخطرًا إنارسا ووزير الاقتصاد الأرجنتيني بهذا القرار.

وفي 18 يوليو/تموز (2023) قال ماسا، إن تسليم الشحنة ينتهك عقد التسليم والعقوبات الدولية.

وأوضح ماسا: "العالم لديه نظام للعقوبات"، في تصريحات متلفزة تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.

وأضاف: "اتخذنا القرار امتثالًا للعقوبات الدولية ضد شركات روسية معينة".

رد المورد

في المقابل، قال متحدث باسم غنفور، إن شحنة الغاز المسال محل الجدل لا تمثل خرقًا للعقوبات المطبقة ضد موسكو، من بينها تلك المفروضة من قبل كل من الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي.

ومن جهته، قال مدير الشؤون لدى شركة غنفور، سيث توماس بيتراس: "الأرجنتين لم تطبق أي عقوبات ضد روسيا"، في رسالة بعثها عبر البريد الإلكتروني إلى "إس آند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس".

وأوضح بيتراس: "أُبلغ الطرف الآخر بمصدر المنُتج بمنتهى الشفافية، وفقًا لاتفاقات مُبرمة".

وتخطط إنارسا لاستعمال مزيد من إمدادات وقود الديزل، لتلبية معدلات الطلب المتنامية من قطاع الطاقة، وسط تزايد شُح إمدادات الغاز.

وتستورد الأرجنتين الغاز عادةً -بالإضافة إلى الديزل وزيت الوقود- في شهور الشتاء التي تُغطي يونيو/حزيران ويوليو/تموز وأغسطس/آب، بهدف سد الطلب على أغراض التدفئة في المنازل.

التصميم التالي -من إعداد منصة الطاقة المتخصصة- يوضح الدول المستوردة للغاز المسال الروسي (5 ديسمبر/كانون الأول 2022- 30 يونيو/حزيران 2023):

الأرجنتين

واردات الغاز الأرجنتينية

ارتفعت واردات الغاز الأرجنتينية إلى 180 مليون متر مكعب يوميًا، من 140 مليون متر مكعب في المتوسط طوال عام.

ومن المتوقع أن تتسلم شركة إنارسا، التي تتعامل مع واردات الغاز المسال في الأرجنتين، 44 شحنة غاز طبيعي مسال خلال العام الجاري (2023) تسليم مارس/آذار وأغسطس/آب، بزيادة من 41 شحنة سُلمت في العام الماضي (2022)، وفق بيانات أصدرتها الشركة، جمعتها منصة الطاقة المتخصصة.

وتسعى الأرجنتين جاهدة لخفض وارداتها من الغاز المسال -تأتي بعضها كذلك من بوليفيا- عبر زيادة الإنتاج المحلي من حقل فاكا مويرتا الضخم.

ويُسهم بدء تشغيل المرحلة الأولى من خط أنابيب الغاز بسعة 11 مليون متر مكعب يوميًا، وزيادة القدرة إلى 44 مليون متر مكعب يوميًا بعد الانتهاء من المرحلة الثانية، في تقليص الواردات، كي تتركز معظمها في أشهر الشتاء.

الغاز الأرجنتيني أمل أوروبا

يُخطط الاتحاد الأوروبي لاستيراد الغاز من الأرجنتين التي تُعد دولة مستوردة بالكامل لهذا الوقود، لكنها تعتزم زيادة الإنتاج المحلي، وفق ما جاء في مسودة وثيقة طالعتها وكالة رويترز.

وتنص مسودة مذكرة تفاهم بين الجانبين، التي كان من المقرر أن يبرمها الطرفان في 17 يوليو/تموز (2023)، على أن أي تجارة غاز بينهما ينبغي ألا تؤثر في احتياجات الاستهلاك في الأرجنتين، وأهداف الطرفين في كبح التغيرات المناخية.

وذكرت الوثيقة: "تحاول الأطراف المعنية التعاون من أجل تأمين تسليمات مستقرة من الغاز المسال من الأرجنتين إلى دول الاتحاد الأوروبي".

وتعهد الاتحاد الأوروبي بفطم نفسه عن الوقود الأحفوري الروسي بحلول عام 2027، والاستغناء عن نحو ثلثي الغاز الروسي العام الماضي (2022)، وفق البيانات التي طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا

رغم تراجع تدفقات الغاز الروسي عبر خطوط الأنابيب، ارتفعت شحنات الغاز المسال الروسي إلى أوروبا خلال عام (2022)، إلى 22 مليار متر مكعب، بزيادة من 16 مليار متر مكعب في عام 2021، وفقًا لتحليل للاتحاد الأوروبي.

وحلت روسيا ثالثًا في قائمة مورّدي الغاز المسال إلى أوروبا بحصّة سوقية لامست نسبتها 13.7%، إذ بلغ حجم صادراتها من تلك السلعة الإستراتيجية 7.34 مليون طن، بحسب تقرير منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول "أوابك".

(مليون طن غاز = 1.38 مليار متر مكعب)

وتمكّنت روسيا من تسويق ما يزيد على 53% من إجمالي صادراتها من الغاز المسال داخل السوق الأوروبية (تضم دول الاتحاد وبريطانيا وتركيا)، وفق ما أظهرته نتائج تقرير "أوابك".

الإنفوغرافيك التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- يكشف أهم الأسواق التي صدّرت غازًا مسالًا إلى أوروبا خلال 2022:

إمدادات الغاز المسال إلى أوروبا في 2022

ولامست صادرات روسيا خلال 2022 نحو 32.3 مليون طن، لتحقق بذلك رقمًا قياسيًا جديدًا غير مسبوق في تاريخها، نظير 29.5 مليون طن في العام السابق (2021)، بنمو سنوي مرتفع نسبته 9.5%.

ورغم زيادة الصادرات الروسية، فإن أحجام الغاز المسال كانت أقلّ بكثير من 155 مليار متر مكعب من غاز خط الأنابيب الذي كانت موسكو ترسله إلى أوروبا سنويًا قبل اندلاع الحرب الأوكرانية.

واستعاضت أوروبا بالغاز الطبيعي المسال من مورّدين بدلاء مثل الولايات المتحدة، والطاقة المتجددة وتوفير الطاقة، عن الغاز المسال الروسي.

واردات أوروبا من الغاز المسال

استحوذ الغاز المسال على نحو 39% من إجمالي واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز، بعد أن هبطت واردات خطوط الأنابيب من روسيا، حسب تقرير منظمة الأقطار العربية المصدّرة للبترول "أوابك".

ووفق التقرير ذاته، بلغ إجمالي إمدادات الغاز المسال الواصلة إلى أوروبا خلال عام 2022 نحو 125.9 مليون طن، مُحققة بذلك رقمًا قياسيًا جديدًا غير مسبوق، مقابل 75 مليون طن عام 2021، بنسبة نمو 66%.

واستحوذت دول الاتحاد الأوروبي على 95.17 مليون طن من جميع شحنات الغاز المسال الواردة للقارة العجوز، نظير 54 مليون طن في العام السابق (2021)، بنسبة نمو غير مسبوقة بلغت 76%.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق