تقارير الغازالتقاريرسلايدر الرئيسيةعاجلغاز

ألمانيا تفتتح أول محطة للغاز المسال.. وخبير أوابك يكشف أهميتها بالأرقام

أمل نبيل

في ظل أزمة طاقة حادة تضرب الدول الأوروبية كافة، افتتحت ألمانيا أول محطة للغاز المسال، إذ يسعى أكبر اقتصاد في أوروبا لفطم نفسه عن الغاز الروسي.

ومن شأن المحطة الجديدة استقبال وتخزين الغاز المسال، وأيضًا إعادة تحويل الغاز المسال إلى حالته الطبيعية، وفق ما رصدته منصّة الطاقة المتخصصة.

كانت روسيا تزوّد ألمانيا بنحو 55% من احتياجاتها من الغاز الطبيعي، قبل اندلاع شرارة الحرب على أوكرانيا في فبراير/شباط من العام الجاري (2022)، وما تلاها من توقّف للإمدادات عبر خط أنابيب (نورد ستريم 1) في سبتمبر/أيلول.

وقال المستشار الألماني أولاف شولتس في خطاب قصير يوم السبت 18 ديسمبر/كانون الأول 2022، في مدينة فيلهلمسهافن على ساحل بحر الشمال بمناسبة افتتاح أول محطة للغاز المسال في البلاد: "بدءًا من اليوم، ستصبح ألمانيا والاتحاد الأوروبي أكثر أمانًا واستقلالًا إلى حدّ كبير"، حسب بلومبرغ.

أول محطة للغاز المسال في ألمانيا

أضاف المستشار الألماني أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بعد غزوه أوكرانيا، اعتقدَ أنه يمكن أن يضغط على برلين وبقية أوروبا من خلال جعل الطاقة سلاحًا سياسيًا وقطع إمدادات الغاز، متابعًا: "لقد كان مخطئًا، لن نُبتزّ".

أول محطة للغاز المسال
المستشار الألماني أولاف شولتس خلال افتتاح أول محطة للغاز المسال في البلاد

يمثّل افتتاح أول محطة للغاز المسال علامة فارقة في جهود ألمانيا لتصبح أكثر استقلالًا في مجال الطاقة عن روسيا، إذ سُرِّع بناء المشروع بقانون خاص ثم نُفِّذ في أقلّ من 200 يوم.

كان ذلك سريعًا بشكل ملحوظ وفقًا للمعايير الألمانية، إذ تستغرق مشروعات البنية التحتية غالبًا سنوات عديدة، وربّما عقودًا حتى تنتهي، بسبب إجراءات الموافقة المطوّلة والمعارضة المحلية المتكررة.

يقول المستشار أولاف شولتس: "هذه هي الوتيرة الجديدة في ألمانيا التي نمضي بها قُدمًا في تنفيذ مشروعات البنية التحتية".

وأضاف، في تصريحاته التي اطّلعت عليها منصة الطاقة، أن الدول الأخرى الأعضاء في الاتحاد الأوروبي يجب أن تستفيد -أيضًا- من اندفاع ألمانيا نحو الغاز الطبيعي المسال.

محطات غاز جديدة

أضاف المستشار الألماني أولاف شولتس أن برلين مستعدة لمساعدة جيرانها الأوروبيين الذين ليس لديهم سواحل، وترتبط اقتصاداتهم بصلة وثيقة مع ألمانيا.

تمتلك سفينة هويغ اسبيرانزا، وهي وحدة تخزين عائمة وإعادة تغويز، ما يكفي من الغاز الطبيعي المسال لتزويد 50 ألف منزل ألماني.

ومن المقرر أن تبدأ سفينة ثانية عملياتها هذا الشتاء في برونسبوتل، إلى جانب 3 منشآت أخرى حكومية وناقلة خاصة في مدينة "لوبمين"، مما يساعد في تلبية نحو ثلث الطلب على الغاز في ألمانيا.

قال شولتس: "سيُفتَتَح المزيد من المحطات على سواحل بحر الشمال وبحر البلطيق الألمانية في الأسابيع والأشهر المقبلة، في لوبمين وبرونسبوتيل وستاد".

وقال أولاف شولتس: "بحلول نهاية العام المقبل (2023)، من المحتمل أن تكون لدينا طاقة استيراد تزيد عن 30 مليار متر مكعب من الغاز، وهذا وحده يعادل أكثر من نصف إجمالي كمية الغاز التي تدفّقت عبر خطوط الأنابيب من روسيا إلى ألمانيا العام الماضي (2021).

30 مليار متر مكعب من الغاز

من جانبه، أشاد خبير الصناعات الغازية في منظمة الأقطار العربية المصدّرة للبترول "أوابك"، المهندس وائل حامد عبدالمعطي، بتدشين أول محطة للغاز المسال في ألمانيا.

وقال عبدالمعطي في سلسلة تغريدات بحسابه في موقع تويتر: "أول مرفأ لاستقبال الغاز الطبيعي المسال في ألمانيا جاهز للعمل، ليدشّن بذلك فصلًا جديدًا بأكبر قوة اقتصادية في أوروبا".

أول محطة للغاز المسال
خبير الصناعات الغازية لدى أوابك، وائل حامد عبدالمعطي

وأضاف: "تملك ألمانيا الآن الوصول إلى السوق العالمية للغاز الطبيعي المسال لأول مرة".

وأوضح الخبير وائل حامد عبدالمعطي بقوله: "المرفأ الجديد هو وحدة عائمة لاستقبال وتخزين الغاز المسال وإعادته إلى الحالة الغازية (إف آر سي يو) بطاقة تغويز 5 مليارات متر مكعب سنويًا".

هذه المحطة هي أول وحدة من إجمالي 5 مرافئ عائمة تعتزم الحكومة الألمانية دخولها حيز التشغيل خلال 2023، بالإضافة إلى وحدة سادسة تابعة للقطاع الخاص، وكلّها تتجاوز طاقتها الإجمالية 30 مليار متر مكعب/سنويًا، ما يعادل نحو 55% من سعة خط نورد ستريم-1، الذي كان بمثابة الشريان الرئيس للغاز الروسي إلى ألمانيا، قبل إيقاف غازبروم الخط في أواخر أغسطس/آب (2022)، ثم خروجه تمامًا عن التشغيل بعد حادث التسرب الذي تعرَّض له سبتمبر/أيلول الماضي، بحسب تصريحات خبير أوابك.

وأكد المهندس وائل حامد عبدالمعطي أن دخول ألمانيا السوق العالمية للغاز المسال حدث بارز، فطالما كانت برلين بعيدة تمامًا عن هذه السوق بسبب أفضلية استيراد الغاز عبر خطوط الأنابيب من روسيا.

وأضاف: "تعدّ تلك أول خُطوة حقيقية بتقديري للاستقلال الألماني عن الغاز الروسي، بعد أن امتلكت أول بنية أساسية للاستيراد من مُنتجي الغاز في العالم".

انتقادات بيئية

انتقد دعاة حماية البيئة دخول ألمانيا سوق الغاز الطبيعي المسال، والذي يقولون، إنه سيؤمّن فقط الاستعمال المستقبلي للوقود الأحفوري.

وقالت منظمة العمل البيئي الألمانية في مؤتمر صحفي، إن أول محطة للغاز المسال في ألمانيا تمثّل "ذروة الجهل"، إذ جرى التنازل عن تقييم الأثر البيئي أساسًا خلال عملية التصريح الُمعجّل.

وحذّرت المجموعة من أن السفينة قد تنبعث منها مبيدات بيولوجية في بحر وادن، وهو موطن طبيعي مُدرج في موقع اليونيسكو للتراث العالمي.

سقف أسعار الغاز

تسعى ألمانيا إلى تعزيز مكانتها التنافسية في سوق الغاز الطبيعي المسال العالمية، في حين تشعر بالقلق من وضع حدّ أقصى لأسعار الغاز في أوروبا، وفقًا لاقتراح المفوضية الأوروبية.

ويخشى شولاتس من أن سفن الغاز الطبيعي المسال يمكن أن تجتذب فقط السعر الأعلى، مما يترك أوروبا مع إمدادات أقلّ.

من المتوقع أن يختتم وزراء الطاقة في الاتحاد الأوروبي غدًا الإثنين 19 ديسمبر/كانون الأول (2022) شهورًا من المحادثات بشأن الحدّ الأقصى لسعر الغاز في أوروبا، من خلال الاتفاق على سقف معين.

واقترحت المفوضية الأوروبية حدًا أقصى لأسعار الغاز في أوروبا عند 275 يورو (289.61 دولارًا أميركيًا).

وبعد قمة زعماء الاتحاد الأوروبي في بروكسل يوم الخميس 15 ديسمبر/كانون الأول 2022، قال المستشار الألماني أولاف شولتس، إنه يفضّل وضع سقف مرتفع للغاية.

وحذّرت كل من ألمانيا وهولندا والنمسا والدنمارك وإستونيا ولوكسمبورغ من تحديد سقف متدنٍّ لسعر الغاز، لأنه سيعمّق من أزمة الطاقة في أوروبا، ويزيد من صعوبة شراء الوقود.

خطة إنقاذ يونبير

من جهة أخرى، فيما يتعلق بتداعيات أزمة الطاقة في ألمانيا، توقّع الرئيس التنفيذي لشركة الغاز الألمانية "يونبير" أن تتخذ المفوضية الأوروبية قرارًا في الأيام المقبلة، بشأن ما إذا كانت حزمة الإنقاذ الألمانية المُزمعة للشركة تنتهك قواعد المساعدات الحكومية، مضيفًا: "من المُرجّح أن تكون الموافقة مرتبطة بشروط".

أول محطة للغاز المسال
الرئيس التنفيذي لشركة الغاز الألمانية، كلاوس ديتر موباخ - الصورة من موقع spiegel

وحصلت عملية إنقاذ برلين لشركة يونبير، التي كلفت حتى الآن أكثر من 50 مليار يورو (53 مليار دولار)، وستؤدي إلى تأميم كامل لأسهم الشركة، على تصريح من منظّمي المنافسة في الاتحاد الأوروبي يوم الجمعة 16 ديسمبر/كانون الأول 2022، لكنها لا تزال تتطلب موافقة الهيئة التنفيذية للاتحاد الأوروبي على "المساعدة الحكومية".

وتهدف قواعد المساعدات الحكومية في الاتحاد الأوروبي إلى منع إحدى الشركات من الحصول على دعم غير عادل على حساب شركات أخرى في القطاع، وقد يطلب المنظمون التزامات مالية أو التزامات أخرى من أطراف الاتفاق.

وسيصوّت مستثمرو يونيبر على خطة الإنقاذ في اجتماع المساهمين خلال 19 ديسمبر/كانون الأول 2022، قبل منح الموافقة.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة الغاز الألمانية كلاوس ديتر موباخ: "نتوقع أن تكون هناك شروط، وهذا طبيعي في هذه الحالات".

وتابع: "نأمل ألّا تكون المتطلبات صارمة للغاية، نتوقع قرارًا في الأيام المقبلة".

وقال موباخ -الذي كان يتحدث بعد افتتاح أول محطة للغاز المسال في ألمانيا-، إن المنتجين سيحتاجون إلى التزامات طويلة الأجل لضمان إمدادات كافية من الغاز الطبيعي المسال الذي تُعلِّق عليه برلين آمالها في إنهاء اعتمادها على الغاز الروسي المستورد.

وفي حين إن الشركة ستحتاج بالتأكيد إلى إعادة هيكلة في إطار الملكية العامة، فإن بعض الالتزامات الإستراتيجية ستبقى دون تغيير، بما في ذلك ملكيتها لـ3 محطات طاقة نووية سويدية تولّد 1.4 غيغاواط من الكهرباء.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

 

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق