التقاريرتقارير الغازرئيسيةروسيا وأوكرانياغاز

الغاز الروسي على خطى النفط.. الصين تخطط لاقتناص الشحنات من موسكو

للاستفادة من أسعارها المخفّضة وتكدسها بالمواني بعد العقوبات

هبة مصطفى

يسعى مستوردو الطاقة في الصين للاستفادة من انخفاض أسعار الغاز الروسي وإمدادات الطاقة، عقب تكدسها بالمواني وعزوف غالبية الموردين الدوليين عن شرائها، خوفًا من الوقوع تحت طائلة العقوبات العالمية الرافضة لغزو موسكو لأوكرانيا.

وركّزت بكين في الآونة الأخيرة على شراء إنتاج موسكو من النفط بأسعار مخفضة، عقب تراجع أسعاره في السوق الدولية، غير أن أنظارها الآن تتجه صوب الغاز الروسي الذي كان يشكّل النصيب الأكبر من إمدادات الطاقة إلى الدول الأوروبية قبيل تأجُّج الصراع الجيوسياسي بين موسكو وكييف.

ورغم أن الصين لا تشهد -حاليًا- نقصًا في الإمدادات أو زيادة في الطلب المحلي، فإن الغاز الروسي يأتي بمثابة فرصة ذهبية لها لإعادة التخزين قبيل ارتفاع أسعار الطاقة مرة أخرى.

الصين.. والغاز الروسي

في الوقت الذي تتجنّب فيه الشركات العالمية وموردو الغاز المسال التعامل مع شحنات الغاز الروسي، إما خوفًا من الوقوع تحت طائلة العقوبات المفروضة على موسكو وإما الظهور داعمًا لها في حربها على أوكرانيا - ترحّب شركات صينية بتلك الفرصة.

الغاز الروسي
أحد خطوط أنابيب الغاز الروسي - الصورة من رويترز

إذ تخطط بكين للاستفادة من انخفاض أسعار شحنات الغاز الروسي، وأبدت شركات صينية مملوكة للدولة -من ضمنها سينوبك وبتروتشاينا- إمكانها تحمل المخاطرة بسمعتها الدولية وأجرت مفاوضات مع موردي تلك الشحنات.

وتهدف الدولة -التي تُعد ضمن أكبر مشتري الغاز المسال في العالم- إلى استخدام الغاز الروسي في إعادة ملء المستودعات قبيل ارتفاع الأسعار، عقب سعي الدول كافّة لتعويض سحب مخزونات الغاز خلال ذروة الشتاء الماضي، وفق وكالة بلومبرغ الأميركية.

وينمو الطموح الصيني تجاه الغاز الروسي الذي يسجل أسعارًا تنخفض بما يزيد على 10% عن أسعار باقي الشحنات الآسيوية بالسوق الفورية، خاصة أن تلويح الاتحاد الأوروبي بفرض حظر على واردات الطاقة الروسية ورد الرئيس فلاديمير بوتين باعتماد الروبل "العملة الروسية" للدفع مقابل الغاز ينذران بتبعات على أسواق الطاقة.

وعقب الغزو الروسي لأوكرانيا، في 24 فبراير/شباط الماضي، سجلت أسعار الوقود فائق التبريد مستويات قياسية، رغم زيادة الطلب عقب التعافي من تداعيات جائحة كورونا.

تحديات الاستحواذ الصيني

رغم أن الغاز الروسي يشكل فرصة شراء مهمة للشركات الصينية، فإنه يواجه تحديات عدة، خاصة أن بكين لم تشارك -حتى الآن- في أي عقوبات دولية مفروضة على موسكو.

إذ التزمت بكين الصمت، في الوقت الذي أعلنت فيه أميركا حظرًا على تلك الواردات، ويدرس الاتحاد الأوروبي انتهاج الخطوة ذاتها، وأبدت بريطانيا استعدادها للاستغناء عنها بحلول نهاية العام الجاري.

ولاستفادة الصين من شراء تلك الشحنات يتعيّن عليها تخطي عقبتين مهمتين، الأولى إيجاد وسيط يتولى شراء الغاز الروسي ويرفع عنها الحرج الدولي، والثانية تتعلق بالتمويل.

وتُخطط الصين للاستعانة بشركات روسية لتكون بمثابة "غطاء" خلال مرحلة التقدم بعطاءات شراء الغاز الروسي، منعًا للإفصاح عن تلك المشتريات أمام الحكومات الأجنبية.

وتلجأ الصين إلى الشركات الوسيطة لإخفاء صفقات استحواذها على الغاز الروسي، لكن تلك الخطوة تنطبق على عقود المناقصات الفورية فقط، إذ تستمر -علنًا- في تلقي الشحنات الروسية عبر صفقات العقود طويلة الأجل.

ويُعرّض وقوع غالبية مقرات الوساطة التجارية للغاز المسال الصيني خارج حدود البلاد بكين للحرج، خاصة أن تلك المقرات تنتشر من لندن إلى سنغافورة.

وبخلاف التصدر المباشر أو عبر وسيط، يتبقى أمام الصين عقبة كبرى للحصول على ضمانات ائتمانية بنكية من مصارف سنغافورة، وهي الخطوة غير المأمول التوصل لها في ظل العقوبات.

صادرات الطاقة الروسية

النفط الروسي أولًا

قبيل الحديث عن شراء الصين شحنات الغاز الروسي، بدأت بكين خطط استحواذها على إمدادات الطاقة الروسية بالنفط، وعكفت المصافي الصينية على شراء الخام الروسي بأسعار زهيدة بعد نبذ حكومات عدة له.

وعقب انخفاض الطلب الأوروبي على النفط الروسي وانخفاض أسعاره، كشف متعاملون عن تعاقد الصين مع موسكو على شراء 1.6 مليون طن من خام الأورال الروسي وبدء تحميل شحناته بريًا، وهي مستويات قياسية بالمقارنة بشحناتها في يناير/كانون الثاني الماضي المقدرة بـ1.2 مليون طن.

وفي الوقت الذي طرحت فيه المصافي التابعة للدولة في الهند مناقصات علنية لشراء شحنات النفط الروسي، خاضت المصافي المستقلة مفاوضات سرية لشراء المزيد من شحنات النفط الروسي خاصة الأورال، وتعاقدت تلك المصافي على شراء شحنات أخرى من نفط إسبو.

وكانت الهند قد استبقت بكين بتلك الخطوة، وكانت لها الريادة في التعامل النفطي العلني مع روسيا عقب غزو أوكرانيا وفرض العقوبات الدولية على موسكو.

تعاون صيني-روسي

تسعى بكين لالتزام الحياد السياسي تجاه القضايا العالمية إذا ما تعارض مع مصالحها التجارية، خاصة احتمال تعرُّض إمدادات الطاقة لأي أخطار.

روسيا والصين
جانب من اجتماع الرئيس الروسي مع الرئيس الصيني - الصورة من وكالة رويترز

ورغم أن الغزو الروسي لم يتخذ شكل الاجتياح الرسمي سوى في نهاية فبراير/شباط الماضي، فإن مطلع الشهر ذاته شهد توقيع اتفاق رسمي يضمن حصول بكين على إمدادات الغاز الروسي طوال 30 عامًا، وفق ما نشرته "رويترز" حينها.

ووفق الاتفاق طويل الأجل الذي تم قبل ما يقرب الشهرين، تلتزم شركة غازبروم الروسية بمد شركة النفط الصينية المملوكة للدولة "سي إن بي سي" بما يقارب من 10 مليارات متر مكعب من الغاز الروسي سنويًا عبر شبكة خطوط "باور أوف سيبريا" المنفصلة عن خطوط تصدير الغاز إلى أوروبا.

وتُعد روسيا ثالث أكبر موردي الغاز وثاني أكبر موردي النفط للصين؛ ما يمثّل نقطة فاصلة لاختيار الصين ما بين اتخاذها موقفًا دوليًا مشابها لموقف أميركا وأوروبا والاتحاد الأوروبي أو الحفاظ على أمن إمداداتها.

ويمثّل الغاز الروسي 10% من واردات الصين، وفقًا لتقديرات عام 2021، كما كشفت البيانات الجمركية عن تسلُّم بكين 1.6 مليون برميل يوميًا من النفط الروسي خلال العام الماضي بحصة بلغت 15.5%، وفق ما نشرته مؤسسة ستاندرد آند بورز غلوبال بلاتس الشهر الماضي.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق