أذربيجان.. أُمّ صناعة النفط العالمية
هذا التقرير حُدِّثَ حتى يوم 17 أكتوبر 2024
وحدة أبحاث الطاقة
أذربيجان هي بلد النار الأبدية؛ بسبب تسرّب الغاز من شقوق الأرض بشكل دائم، ولم يفهم ذلك القدماء، فظنّوا أنها ظاهرة خارقة، فعبدوها.
كما أنها أول دولة اكتُِشف فيها النفط بكميات تجارية بالمفهوم الحديث، وذلك قبل اكتشافه في كندا بـ10 سنوات، وقبل اكتشافه في الولايات المتحدة بـ11 عامًا، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة (مقرها واشنطن).
وأذربيجان كذلك هي البلد التي شهدت إنشاء أول خطوط أنابيب النفط الطويلة، وأول حاملة نفط في العالم، وأول بئر نفط بحرية، كما شهدت أول عمليات تمويل نفطية على مستوى عالمي، وشهدت ميلاد شركة شل بصفتها شركة نفطية.
أمّا عاصمتها باكو، فكانت محط أنظار العالم، ومازالت، وهي التي جلبت ستالين للسلطة في روسيا، وأسهم النفط في جعلها عاصمة ثقافية عالمية تضاهي لندن وباريس في متاحفها ومكتباتها، لتكون مدينة نفطية وركيزة أساسية في تاريخ المنطقة وثقافتها.
وفي الوقت الحالي، تعدّ أذربيجان -أحد أعضاء تحالف أوبك+- من كبار منتجي النفط والغاز الطبيعي، ويُشكّل إنتاج وتصدير هذين النوعين من الوقود الأحفوري ركيزة أساسية في اقتصاد أذربيجان والعوائد الحكومية، إلّا أن إنتاج النفط بدأ في التراجع السنوات الأخيرة.
ومن شأن هذا الاتجاه الهبوطي في إنتاج النفط أن يجبر الدولة الواقعة في جنوب شرق أوروبا بضرورة تنويع مصادر الدخل، في الوقت الذي لم تحظَ فيه الطاقة المتجددة بقدر كافٍ من الاهتمام بعد.
اكتشاف النفط
اكتُشف النفط في أذربيجان قبل القرن الـ19، لكنه كان يُستعمل بصفته وقودًا منزليًا أو لأغراض طبية وعسكرية.
وفي عام 1846، كانت البلاد على موعد مع حفر أول بئر للنفط في بيبي هيبات (Bibiheybat) ثم بالاخاني (Balakhany).
ومع حلول عام 1901، أنتجت أذربيجان نحو 220 ألف برميل يوميًا من النفط، وكانت أكبر منتج للخام حينذاك عالميًا، بينما أنتجت الولايات المتحدة 182 ألف برميل يوميًا من النفط في ذاك العام.
وارتفع إنتاج أذربيجان من النفط ليبلغ 470 ألف برميل يوميًا عام 1941، أو ما يعادل 71.4% من إجمالي إمدادات الاتحاد السوفيتي حينها.
وكانت أذربيجان -أيضًا- أول منتج للنفط البحري في العالم، بعد اكتشاف حقل نفط داشلاري عام 1949، وتوالت الاكتشافات النفطية أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات، مع اكتشاف حقول أذري وجيراق وكاباز وجوناشلي في المياه بعمق يتراوح من 80 إلى 350 مترًا.
وفي سبيل تطوير الإنتاج في هذه الاكتشافات النفطية، وُقِّعت اتفاقية التطوير المشترك وتقاسم الإنتاج من قبل 11 شركة نفطية في 8 دول لحقول (أذري وجيراق وجوناشلي) عام 1994، ما فتح الباب أمام الاستثمار الأجنبي.
وبعد عشرات السنوات، كانت أذربيجان على موعد مع إجراء مهم -أيضًا- فيما يتعلق بالاستكشاف والإنتاج، إذ وقّعت الدولة أوائل 2021 مذكرة تفاهم مع تركمانستان بهدف التعاون من أجل التنقيب المشترك في كتلة المياه العميقة المتنازع عليها سابقًا على طول الحدود البحرية لبحر قزوين لكلا البلدين.
ومن المرجح أن تجتذب الاتفاقية الاستثمار الأجنبي للحفر الاستكشافي والتطوير في حقل دوستلوك، وهو اسم جديد أطلقه الجانبان على كتلة المياه العميقة لبحر قزوين المعروفة سابقًا باسم (سيردار) في تركمانستان و(كياباز) في أذربيجان.
وأصبح التحديد الدقيق لهذه الحدود موضع خلاف بين تركمانستان وأذربيجان بعد وقت قصير من تفكّك الاتحاد السوفيتي عام 1991.
احتياطيات النفط
تبلغ احتياطيات أذربيجان من النفط 7 مليارات برميل بنهاية العام الماضي (2023)، دون تغيير عن العام السابق له، حسب تقديرات أويل آند غاز جورنال، التي اطّلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة.
ولم تشهد احتياطيات النفط المؤكدة في البلاد، البالغة 7 مليارات برميل، أيّ تغيير تقريبًا منذ عام 2002، بحسب المراجعة الإحصائية السنوية للطاقة، التي أصدرها معهد الطاقة في 2023، لأول مرة، بدلًا من شركة النفط البريطانية بي بي.
وتُعدّ هذه الاحتياطيات النفطية أعلى كثيرًا من الرقم المسجل قبل نحو عقدين من الزمن، والبالغ 1.2 مليار برميل، كما يرصد الرسم البياني أدناه، الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة:
وأسهمت صناعة النفط والغاز بالارتفاع الملحوظ لمستويات المعيشة في أذربيجان منذ أواخر التسعينيات، مع تمثيل قطاع النفط والغاز الطبيعي نحو 90% من عائدات التصدير في أذربيجان، ويموّلان 60% من موازنة الحكومة، بحسب وكالة الطاقة الدولية.
وتُدار أموال النفط والغاز من خلال صندوق النفط الحكومي -صندوق الثروة السيادية- الذي يقوم بجمع الأرباح المتعلقة بالنفط والغاز، وإدارتها بكفاءة للأجيال القادمة.
ووفقًا لبيانات صندوق النقد الدولي، نما الاقتصاد الأذربيجاني بنسبة 2.5% عام 2019، وهو أفضل أداء له منذ عام 2014، قبل أن ينكمش بنحو 4.2% في 2020؛ بسبب أزمة كورونا.
وفي 2021، نما الناتج المحلي الإجمالي لأذربيجان بنحو 5.6% مع التعافي من الوباء، ثم نما الاقتصاد بنسبة 4.6% في 2022، وتباطؤ النمو في عام 2023 إلى 1.1%، مع تقديرات أن يعود للنمو بنحو 2.8% .
وترى وكالة الطاقة الدولية أن صناعة النفط والغاز ستواصل الهيمنة على الاقتصاد الأذربيجاني في المدى المتوسط، لكن هذه الأهمية قد تتراجع على المدى الطويل، مع الاتجاه الهبوطي في إنتاج الخام منذ عام 2010.
إنتاج النفط
ارتفع إنتاج النفط الخام في أذربيجان إلى نحو 488 ألف برميل يوميًا خلال سبتمبر/أيلول 2024، مقابل 482 ألف برميل يوميًا الشهر السابق له، وفقًا لأحدث أرقام أوبك.
وكان إنتاج النفط الخام الأذربيجاني قد بلغ 503 آلاف برميل يوميًا في العام الماضي (2023)، انخفاضًا من 560 ألف برميل يوميًا عام 2022.
أمّا إنتاج النفط الخام والمكثفات والسوائل الغازية؛ فقد انخفض إلى 620 ألف برميل يوميًا، وهو أقلّ مستوى منذ عام 2005، مقابل 669 ألف برميل يوميًا العام السابق له، حسب بيانات معهد الطاقة.
واتخذ إنتاج النفط في البلاد مسارًا هبوطيًا منذ بلوغ ذروته عام 2010، عند 1.025 مليون برميل يوميًا، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
ويرصد الرسم البياني التالي، الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة، إنتاج النفط الخام والمكثفات والسوائل الغازية في أذربيجان منذ عام 1985 حتى 2023:
في المقابل، تستهلك أذربيجان النفط بوتيرة أقلّ بكثير مما تنتجه، إذ بلغ الاستهلاك نحو 130 ألف برميل يوميًا بنهاية 2023، بل إن ذروته المسجلة عام 1986 كانت عند 168 ألف برميل يوميًا.
وحسبما أعدّته وحدة أبحاث الطاقة، يوضح الرسم البياني الآتي، استهلاك النفط في أذربيجان بين عامي 1985 و2023:
وتقوم شركة النفط الحكومية في أذربيجان سوكار (SOCAR) باستكشاف وإنتاج الوقود الأحفوري في البلاد، إذ تنتج ما يمثّل 20% من الإجمالي.
وتأتي الإمدادات النفطية -في الغالب- من الحقول البحرية في بحر قزوين، إذ شكّلت حقول أذري-جيراق-جوناشلي أكثر من 67% من إجمالي إنتاج الخام في أذربيجان خلال عام 2020، أو 477 ألف برميل يوميًا.
وفي عام 2017، قامت الحكومة بتمديد اتفاقية تقاسم الإنتاج لحقول أذري-جيراق-جوناشلي البحرية الرئيسة في أذربيجان حتى عام 2049، ما يشير إلى أنه مع الاستثمار الإضافي ستواصل أذربيجان إنتاج النفط الخام والسوائل الأخرى.
وبموجب هذه الاتفاقية الجديدة، بلغت حصة شركة سوكار من الإنتاج في هذه الحقول نحو 25%، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
صادرات النفط
تُصدّر أذربيجان معظم إنتاجها النفطي عبر خط أنابيب النفط (باكو-تبيليسي-جيهان)، الذي تبلغ سعته 1.2 مليون برميل يوميًا.
وبلغت صادرات أذربيجان من النفط الخام 389 ألف برميل يوميًا في 2023، انخفاضًا من 441 ألف برميل يوميًا العام السابق له، وفق تقرير أوبك السنوي.
وفي عام 2024، سجلت صادرات النفط الأذربيجاني 389 ألف برميل يوميًا خلال يناير/كانون الثاني 2024، وارتفعت إلى 401 ألف برميل يوميًا في شهر مارس/آذار، ثم تراجعت إلى 399 ألف برميل يوميًا في يونيو/حزيران 2024، بحسب مبادرة البيانات المشتركة "جودي".
وتذهب صادرات النفط الأذربيجاني إلى بلدان أوروبية -غالبًا- ودول آسيوية، وعلى رأسها الصين، وفق المعلومات التي رصدتها وحدة أبحاث الطاقة.
وفضلًا عن ذلك؛ فإن أذربيجان نقطة عبور رئيسة لتركمانستان، إذ يعبر 29 مليون برميل من النفط التركماني -أو ثلث إجمالي إنتاج البلاد- بحر قزوين كل عام لدخول خط (باكو-تبيليسي-جيهان) الرئيس للوصول إلى الأسواق الدولية.
أذربيجان وأوبك+
كانت أذربيجان لاعبًا رئيسًا في المشاورات التي أدت إلى إنشاء تحالف أوبك+ أواخر عام 2016، ما عزّز إمكان انضمامها إلى منظمة أوبك، لكن لم تتخذ الدولة أيّ خطوات رسمية حتى الآن.
وفي يوليو/تموز 2023، دعا الأمين العام لمنظمة "أوبك" هيثم الغيص أذربيجان للحصول على عضوية المنظمة، إلّا أن باكو ردّت بأنها لا تفكر -حاليًا- في الانضمام إلى أوبك.
وفي تصريحات لصحيفة وول ستريت جورنال عام 2018، قال الأمين العامّ للمنظمة (الراحل) محمد باركيندو: "أذربيجان تدرس جميع الخيارات لتعزيز علاقاتها مع المنظمة، اعتقد أنه بصفتها مهد صناعة النفط، فإن المصلحة الإستراتيجية لأذربيجان تكمن في أوبك".
ووافقت أذربيجان على العديد من التخفيضات الطوعية للإنتاج النفطي في السنوات الأخيرة، منذ انضمامها في ديسمبر/كانون الأول 2016 مع منتجين آخرين من خارج أوبك ليُشكّلا تحالف أوبك+، بهدف تحقيق الاستقرار في سوق النفط.
ونتيجة لذلك، وافقت أذربيجان على خفض الإنتاج بمقدار 20 ألف برميل يوميًا لمدة 6 أشهر، طبقًا لخط الأساس البالغ 796 ألف برميل يوميًا في أكتوبر/تشرين الأول 2016، بجزء من التخفيضات الأوسع نطاقًا لدول خارج أوبك بنحو 558 ألف برميل يوميًا، وتخفيضات أوبك بمقدار 1.2 مليون برميل يوميًا، بدءًا من 1 يناير/كانون الثاني 2017.
ومنذ ذلك الحين، استمرت أوبك+ في تمديد اتفاقية خفض الإنتاج بانتظام، خلال الاجتماعات النصف السنوية للتحالف.
ومع تفشّي جائحة كورونا عام 2020، وافقت أذربيجان على خفض إنتاجها النفطي من 720 ألف برميل يوميًا أكتوبر/تشرين الأول 2019 إلى متوسط 580 ألف برميل يوميًا في المدّة من يونيو/حزيران إلى ديسمبر/كانون الأول 2020.
ومع تعافي الطلب على النفط وسط انحسار أزمة كورونا، بدأ تحالف أوبك+ في تقليص تخفيضات الإنتاج المتعلقة بالوباء، ما مكّن أذربيجان من زيادة إنتاجها تدريجيًا إلى 620 ألف برميل يوميًا يوليو/تموز 2021، واستمر في الارتفاع حتى بلغ 717 ألف برميل يوميًا في أغسطس/آب 2022، الذي شهد نهاية التخلص من تخفيضات الإنتاج المتعلقة بجائحة كورونا.
وفي اجتماع 5 أكتوبر/تشرين الأول 2022، أقر تحالف أوبك+ خفض إمدادات النفط بمقدار مليوني برميل يوميًا بداية من نوفمبر/تشرين الثاني 2022 وحتى ديسمبر/كانون الأول 2023، وتبلغ حصة أذربيجان في هذا الاتفاق 684 ألف برميل يوميًا. وهو ما يزيد على إنتاجها الحالي من النفط الخام الذي يقل عن 500 ألف برميل يوميًا.
وفي 2023، قرَّر التحالف تمديد الاتفاقية إلى نهاية 2024، مع تعديل مستويات الإنتاج الإجمالية، ومن ثم تقرر خلال 2024 تمديدها حتى 2025.
وبموجب هذا القرار، تبلغ حصة أذربيجان 551 ألف برميل يوميًا بدءًا من يناير/كانون الثاني 2024 حتى نهاية 2025، وفق الحصص المتفق عليها ضمن اتفاق التحالف.
الغاز الطبيعي
تمتلك أذربيجان 1.7 تريليون متر مكعب من احتياطيات الغاز الطبيعي بنهاية العام الماضي (2023)، دون تغيير عن 2021، وفق بيانات أويل آند غاز جورنال، مع وقوع معظم الاحتياطيات في حقل شاه دنيز.
بينما تشير تقديرات معهد الطاقة البريطاني، إلى أن احتياطيات الغاز المؤكدة في البلاد بلغت 2.5 تريليون متر مكعب في 2020، دون تغيير عن عام 2019، وهو أعلى مستوى على الإطلاق.
ويرصد الرسم الآتي، من إعداد وحدة أبحاث الطاقة، احتياطيات الغاز الطبيعي في أذربيجان بين عامي 1997 و2023:
وارتفع إنتاج الغاز الطبيعي في أذربيجان بنسبة 5%، ليصل إلى 29.5 مليار متر مكعب في المدة من يناير/كانون الثاني إلى نهاية يوليو/تموز (2024)، وفق بيانات حكومية.
وأوضحت بيانات وزارة الطاقة الأذربيجانية أن الإنتاج جاء من حقول "أذري-جيراق-غونشلي"، بنحو 7.7 مليار متر مكعب، و16.5 مليار متر مكعب من "شاه دنيز"، و0.9 مليار متر مكعب من "أبشيرون"، و4.4 مليار متر مكعب من سوكار.
وشهد إنتاج الغاز الطبيعي زيادة ملحوظة في السنوات الأخيرة، حتى بلغ مستوى قياسيًا عند 35.6 مليار متر مكعب العام الماضي (2023)، ارتفاعًا من 5.2 مليار برميل تقريبًا عام 2000، وفقًا لأرقام معهد الطاقة.
وارتفع إنتاج الغاز الطبيعي في أذربيجان بنحو 36% أو 5.6 مليار متر مكعب بين عامي 2017 و2019، مع زيادة الإمدادات من حقل شاه دنيز، بحسب إدارة معلومات الطاقة الأميركية.
واعتمادًا على بيانات معهد الطاقة، يوضح الرسم أدناه إنتاج الغاز الطبيعي في أذربيجان بين عامي 1985 و2023:
وبدأ إنتاج الغاز الطبيعي من حقل شاه دنيز البحري عام 2006، قبل زيادة الإنتاج في مرحلته الثانية منتصف عام 2018.
وأنتجت المرحلة الأولى من شاه دنيز نحو 5 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي في النصف الأول من عام 2018، قبل أن يتضاعف الإنتاج إلى 9.9 مليار متر مكعب في النصف الأول 2021.
أمّا فيما يتعلق بالاستهلاك، فقد ارتفع الطلب على الغاز في أذربيجان إلى 15.1 مليار متر مكعب في 2023، مقابل 13.6 مليار متر مكعب عام 2022، الذي كان أعلى مستوى منذ عام 1991 والمسجل عند 14.8 مليار متر مكعب، كما يرصد الرسم أدناه:
ويمثّل الغاز الطبيعي أكثر من ثلثي إجمالي استهلاك الطاقة الأولية في أذربيجان، في حين يوفر النفط أقلّ من ثلث الإجمالي، بحسب إدارة معلومات الطاقة الأميركية.
صادرات الغاز
على الرغم من استمرار زيادة إنتاج الغاز الطبيعي، الذي أصبح مهمًا في سياسات تحوّل الطاقة، فإن إجمالي عائدات التصدير آخذ في التراجع؛ نظرًا لانخفاض إنتاج النفط، قبل أن تلتقط أنفاسها في 2021 و2022، مع قفزة أسعار الخام، خاصة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.
وتلقّت صادرات الغاز الأذربيجاني دفعة قوية خلال 2022، مستفيدةً من زيادة الطلب على الوقود في أوروبا، التي تسعى للابتعاد عن الغاز الروسي بعد أزمة غزو أوكرانيا.
وفي عام 2023، ارتفعت صادرات الغاز الأذربيجاني إلى 23.25 مليار متر مكعب، مقارنة مع 22.58 مليار متر مكعب في 2022، بحسب تقرير أوبك السنوي.
وارتفعت صادرات الغاز الأذربيجاني بنسبة 5.7%، على أساس سنوي، في الأشهر الـ7 الأولى من العام الجاري (2024)، لتصل إلى 14.7 مليار متر مكعب.
ومن هذا الإجمالي، تلقّت أوروبا 7.5 مليار متر مكعب من الغاز الأذربيجاني، و5.8 مليار متر مكعب إلى تركيا، و1.4 مليار متر مكعب إلى جورجيا.
وبحسب بيانات وزارة الطاقة الأذربيجانية، بلغت صادرات الغاز الأذربيجاني نحو 24 مليار متر مكعب خلال 2023، وذهب نصفها إلى أوروبا، مع توقعات أن تبلغ صادرات البلاد من الغاز إلى أوروبا نحو 13 مليار متر مكعب خلال 2024.
خطوط الأنابيب
مع طفرة الغاز في حقل شاه دنيز، شهدت أذربيجان تطوير عدّة خطوط لأنابيب الغاز الطبيعي الدولية، التي تُعرف باسم ممرّ الغاز الجنوبي لأذربيجان، من أجل زيادة وتنويع إمدادات الغاز الأوروبية من بحر قزوين إلى الأسواق في أوروبا.
والجزء الأول من هذا المشروع، البالغ طوله البالغ طوله 3600 كيلومتر، هو خط أنابيب (باكو-تبيليسي-أرضروم BTE) ويُسمى -أيضًا- خط أنابيب جنوب القوقاز (SCP)، الذي يتصل بحقل شاه دنيز، ويمرّ عبر جورجيا إلى حدود جورجيا مع تركيا.
بينما يتصل خط أنابيب جنوب القوقاز بخط الأنابيب العابر للأناضول (TANAP)، الذي بدأ تشغيله عام 2018 بسعة 16 مليار متر مكعب، لينقل الغاز الطبيعي عبر تركيا إلى اليونان.
ويرتبط خط أنابيب الغاز عبر الأناضول بخط البحر الأدرياتيكي (TAP) على الحدود بين تركيا واليونان، وينقل الغاز عبر ألبانيا إلى إيطاليا، بعد أن بدأ تشغيله رسميًا أكتوبر/تشرين الأول 2020، بقدرة إجمالية 10 مليارات متر مكعب.
وترصد الخريطة التالية، من إعداد وحدة أبحاث الطاقة، خطوط أنابيب نقل الغاز من أذربيجان إلى تركيا وأوروبا:
وأمام ذلك، فإن توقعات صادرات النفط والغاز من أذربيجان غير مؤكدة؛ بسبب سياسات الحياد الكربوني من جانب المستوردين الرؤساء في أوروبا.
ولمواجهة هذه التحديات، تحتاج البلاد إلى تقليل الاعتماد على النفط والغاز، مع العمل على خفض البصمة الكربونية للصناعة.
وأذربيجان ضمن 8 أعضاء مراقبين لمنتدى الدول المصدّرة للغاز، الذي يضم 12 عضوًا رئيسًا (الجزائر، بوليفيا، مصر، غينيا الاستوائية، إيران، ليبيا، نيجيريا، قطر، روسيا، ترينيداد وتوباغو، الإمارات، فنزويلا)، مع حقيقة أن الدول الأعضاء في المنتدى تسيطر على 70% من احتياطيات الغاز المؤكدة في العالم، و47% من الصادرات عبر خطوط الأنابيب و52% من صادرات الغاز الطبيعي المسال.
وانضمت أذربيجان إلى منتدى الدول المصدّرة للغاز بصفتها مراقبًا في القمة الثالثة للمنتدى في طهران 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2015، لدورها المهم في سوق الغاز العالمي خاصة من خلال خطوط أنابيب الغاز للتصدير عبر بحر قزوين إلى أوروبا (ممر الغاز الجنوبي).
قطاع الكهرباء
تراجع إنتاج الكهرباء في أذربيجان بصورة طفيفة على أساس سنوي خلال أول 8 أشهر من 2024، ليصل إلى 19.235 مليار كيلوواط/ساعة، وصدّرت البلاد 858.9 مليون كيلوواط/ساعة من الكهرباء خلال المدّة نفسها، في حين استوردت 125.5 مليون كيلوواط/ساعة، بحسب بيانات وزارة الطاقة الأذربيجانية.
وبنهاية عام 2023، بلغت كمية الكهرباء المولدة في أذربيجان 29.3 تيراواط/ساعة، مقارنة مع 29 تيراواط/ساعة العام السابق له، وفق بيانات معهد الطاقة.
ويوضح الرسم البياني التالي، الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة، إنتاج الكهرباء في البلاد منذ عام 1985 حتى عام 2023:
ويمثّل الوقود الأحفوري بقيادة الغاز الطبيعي ما يقرب من 95% من توليد الكهرباء في البلاد، بينما تستحوذ الطاقة الكهرومائية على غالبية النسبة المتبقية، مع حصة صغيرة لطاقة الرياح والطاقة الشمسية.
وبالطبع، يؤثّر ذلك بانبعاثات الكربون من قطاع الطاقة في البلاد التي بلغت 42.4 مليون طن في 2023، ليكون أعلى مستوى منذ عام 1993 البالغ 41.5 مليون طن، كما يرصد الرسم أدناه:
ويتمتع جميع السكان في أذربيجان بإمكان الحصول على الكهرباء بأسعار معقولة، ومن المتوقع زيادة الطلب بشكل كبير في السنوات المقبلة من المستوى المنخفض حاليًا البالغ 2500 كيلوواط/ساعة للفرد سنويًا، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية.
ورغم امتلاك أذربيجان موارد كبيرة للطاقة الكهرومائية والطاقة الشمسية وطاقة الرياح، فإن الطاقة المتجددة لم تحظَ بالاهتمام الكافي حتى الآن.
ومن بين مصادر الطاقة المتجددة، تمتلك الطاقة الكهرومائية أعلى قدرة مركّبة؛ إذ بلغت 1.134 ألف ميغاواط عام 2019، مع وجود موارد على طول الأنهار، مثل كورا وروافده.
وتخطط أذربيجان لزيادة حصة الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء إلى 30% بحلول عام 2030، ومن أجل تحقيق هذا الهدف، وقّعت الدولة عام 2020 عقدين لمشروعات واسعة النطاق تبلغ تكلفتها الإجمالية 400 مليون دولار في مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
واتفقت الحكومة مع شركة أكوا باور السعودية على بناء مزرعة رياح بسعة 240 ميغاواط في منطقتي خيزي وأبشيرون على ساحل بحر قزوين، في حين كانت الاتفاقية الثانية مع شركة مصدر الإماراتية تتعلق بمحطة للطاقة الشمسية بقدرة 200 ميغاواط في الجنوب بالقرب من آلات.
وفي نوفمبر/2023، وقّعت كذلك أكوار باور مذكرة تفاهم مع كل من شركة مصدر، وشركة سوكار، تتضمن تطوير مشروعات للطاقة المتجددة بقدرة إجمالية تبلغ 500 ميغاواط في جمهورية ناختشيفان المتمتعة بالحكم الذاتي في أذربيجان.
وتبلغ إمكانات الطاقة المتجددة القابلة للاستعمال اقتصاديًا في أذربيجان 27 ألف ميغاواط، بما في ذلك 3 آلاف ميغاواط من طاقة الرياح، و23 ألف ميغاواط من الطاقة الشمسية، و380 ميغاواط من الطاقة الحيوية، و520 ميغاواط من الطاقة الكهرومائية.
وتخطط باكو لإنتاج 3 غيغاواط من الرياح و1 غيغاواط من الطاقة الشمسية بحلول عام 2027، على أن تُصدّر 80% من الكهرباء المنتجة إلى الدول المجاورة، مثل جورجيا وإيران وأوروبا.
وفي 17 ديسمبر/كانون الأول 2022، أقرّت أذربيجان وجورجيا ورومانيا والمجر اتفاقية لإقامة ممر كهرباء يمتد من منطقة القوقاز إلى أوروبا.
وفيما يلي تستعرض منصة "الطاقة" لمحات خاصة حول أوبك والدول الأعضاء:
- تعرّف على تاريخ وأعضاء أوبك منذ تأسيسها عام 1960
- الجزائر.. ماذا تعرف عن أكبر منتج للطاقة في أفريقيا؟
- غينيا الاستوائية.. ماذا تعرف عن الدولة صاحبة أقل إنتاج نفطي في أوبك؟
- قطاع الطاقة في الغابون.. ماذا تعرف عن أحد أكبر 5 منتجين للنفط بأفريقيا؟
- إيران.. ماذا تعرف عن الدولة صاحبة أول بئر نفط في الشرق الأوسط؟
- العراق.. ماذا تعرف عن الدولة التي شهدت تأسيس منظمة أوبك؟
- الكويت.. ماذا تعرف عن صاحبة ثاني أكبر حقل نفطي في العالم؟
- ليبيا.. ماذا تعرف عن الدولة التي لديها أفضل أنواع النفط في العالم؟
- نيجيريا.. ماذا تعرف عن أكبر دولة منتجة للنفط في أفريقيا؟
- الإمارات.. ماذا تعرف عن ثالث أكبر دولة منتجة للنفط في أوبك؟
- فنزويلا.. ماذا تعرف عن الدولة صاحبة أكبر احتياطيات نفطية في العالم؟
- السعودية.. ماذا تعرف عن الدولة الأكثر تأثيرًا في أسواق النفط العالمية؟
اقرأ أيضًا لمحات خاصة حول دول تحالف أوبك+ من غير الأعضاء في أوبك:
- سلطنة عمان.. رحلة كفاح تغلّبت على صعوبات شديدة في استخراج النفط والغاز
- قازاخستان.. أكبر منتج للنفط في آسيا الوسطى
- نفط السودان.. ضحية الأزمات السياسية
- بروناي.. صناعة النفط والغاز الطبيعي الداعم الرئيس للاقتصاد
- البحرين.. أول دولة تكتشف النفط في الخليج العربي
- ماليزيا.. ثاني أكبر منتج للنفط والغاز في جنوب شرق آسيا
- جنوب السودان.. الاضطرابات السياسية تعرقل استغلال الثروة النفطية
- المكسيك.. رابع أكبر منتج للنفط في الأميركتين
- روسيا.. قوة عالمية كبرى في صناعة النفط والغاز (10 رسومات بيانية)