سياراتتقارير السياراترئيسية

جهود لاحتواء حرائق السيارات الكهربائية على السفن بعد حادث مصر

أسماء السعداوي

تمثّل حرائق السيارات الكهربائية بقعة سوداء في مسيرة التحول إلى وسائل نقل صديقة للبيئة تخفض الانبعاثات المسبّبة لظاهرة الاحتباس الحراري المُهددة لكوكب الأرض.

ولأن تأثير حرائق تلك السيارات يفوق نظيرتها ذات محركات الاحتراق الداخلي، وفي ظل تزايد معدلات الشحن البحري، تحركت المنظمة البحرية الدولية التابعة للأمم المتحدة لسنّ قواعد جديدة تهدف إلى حماية السفن وطواقمها من الخطر الذي يهدد كلًا من الأرواح والتجارة العالمية، حسب تقرير اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

ومن المتوقع أن تُطور الدول الأعضاء بالمنظمة "متطلبات خاصة" للسفن الناقلة للسيارات الكهربائية، خلال الاجتماع المقرر في شهر مارس/آذار 2024، وبدورها ستعتمد لجنة السلامة بالمنظمة المعايير الجديدة.

ويبحث ملّاك السفن عن سبل لإعادة تصميم ناقلات السيارات، وتحسين إجراءات الحماية من الحرائق، وتخفيف حدة المخاطر البشرية والمادية التي تفرضها بطاريات الليثيوم أيون، بحسب تقرير نشرته صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية.

وشهدت مصر حادثة كبيرة في نهاية شهر يوليو/تموز (2023)، عندما اندلع حريق هائل بسبب سيارة كهربائية على متن سفينة تحمل أكثر من 3 آلاف سيارة، كانت قادمة من ألمانيا.

حرائق السيارات الكهربائية في 2023

تقول المنظمة البحرية الدولية، إن نقل بطاريات الليثيوم أيون المستعملة في صناعة السيارات الكهربائية بحرًا، يدق جرس إنذار ضد "المشكلة الكبيرة" التي تواجه صناعة الشحن، والمخاطر الأخرى المتعلقة بسلامة العاملين.

وحذّرت مديرة شؤون السلامة بالمنظمة، هايك ديغيم، من أنّ تنامي صادرات السيارات الكهربائية العاملة بالبطارية يفرض خطرًا داهمًا لمعايير السلامة بالسفن.

ولذلك، قالت، إن الدول الأعضاء ستضع قواعد جديدة تلتزم بها شركات الشحن الناقلة للمركبات العاملة ببطاريات الليثيوم أيون في ربيع العام المقبل 2024.

وبحسب ديغيم، تواجه صناعة الشحن العالمية "مشكلة كبرى" بسبب نقل الكثير من المنتجات التي تحتوي على بطاريات الليثيوم أيون بحرًا.

مديرة شؤون السلامة في المنظمة البحرية الدولية
مديرة شؤون السلامة في المنظمة البحرية الدولية- الصورة من "pmnewsnigeria"

في أحدث بياناتها، تقول وكالة الطاقة الدولية، إن السيارات الكهربائية شكّلت نحو 14% من إجمالي مبيعات السيارات في العام الماضي (2022).

وارتفع عدد حرائق السيارات الكهربائية على متن كل أنواع السفن في العام الماضي (2022) بنسبة 17% إلى 209 حرائق، وهو أعلى معدل منذ عقد من الزمان.

وحذّر تقرير أعدّته شركة أليانز (Allianz) للتأمين في شهر مايو/أيار 2023، من تزايد نقل "شحنات خطرة" على متن ناقلات كبيرة، وهو ما يعمّق فداحة الخسائر المالية والتأخيرات للتجارة العالمية.

تقول مديرة شؤون السلامة في المنظمة البحرية الدولية، هايك ديغيم: "لذلك، نحتاج لضمان أن تأخذ اللوائح في الحسبان تلك المخاطر".

مخاطر وإجراءات جديدة

يقول مشاركون بصناعة الشحن البحري، إن ملّاك السفن يبحثون عن سبل للحدّ من تهديدات حرائق السيارات الكهربائية على حياة العاملين والتجارة العالمية؛ إذ تتزايد صعوبة إخماد حرائق سيارات بطاريات الليثيوم أيون مقارنة بالتقليدية.

ومن بين تلك المساعي المحتملة، إعادة تصميم ناقلات السيارات، وتطوير إجراءات الوقاية من الحرائق.

وفي يوليو/تموز 2023، اندلع حريق هائل قبالة سواحل هولندا على متن سفينة شحن كانت تنقل آلاف السيارات إلى مصر.

وتسبَّب الحريق، الذي استمر عدّة أيام، في وفاة أحد أفراد الطاقم وإصابة آخرين، وخسائر مادية فادحة.

وعزا خفر السواحل الهولندية الحريق إلى سيارة كهربائية كانت تحملها السفينة "فريمانتل هايواي"، مشيرًا لصعوبة السيطرة على الحريق بسبب وجود حمولة تصل إلى 3 آلاف سيارة.

كما أكدت تقارير أن صعوبة إخماد الحريق كانت بسبب احتواء السفينة على عدد من السيارات الكهربائية التي تحتوي بطاريات الليثيوم أيون، وهو أحد المواد التي تساعد على انبعاث الحرارة، وعند الاشتعال تصل درجة حرارته لأكثر من 2700 درجة مئوية.

لقطات تظهر اشتعال سفينة الشحن الناقلة للسيارات
لقطات تُظهر اشتعال سفينة الشحن الناقلة للسيارات- الصورة من وكالات أنباء عالمية

وشهد العام الماضي 2022 حريقًا يُشتبه بأن السبب فيه سيارات كهربائية على متن سفينة تنقل سيارات من إنتاج شركة فولكسفاغن (Volkswagen) الألمانية في المحيط الأطلسي، وهو ما تسبَّب في خسائر بقيمة 155 مليون دولار.

وتُسلِّط ضخامة المبلغ الضوء على التكلفة الباهظة للتأمين على شحنات السيارات الكهربائية المنقولة -سواء برًا أو بحرًا-؛ إذ إنها تتزايد بمقدار مرة ونصف عن شحنات مركبات محركات الاحتراق الداخلي.

وأطلقت تلك الحوادث تحذيرات من أن الكثير من الناقلات "غير مجهز بصورة كاملة" للتعامل مع حرائق السيارات الكهربائية.

وقال الاتحاد الدولي للتأمين البحري في سبتمبر/أيلول (2023)، إنه رغم كون حرائق السيارات الكهربائية غير شائعة أو متكررة الحدوث مقارنة بالسيارات التقليدية، فإن هناك حاجة لتقنيات جديدة لمكافحة الحرائق لمواجهة مشكلة "الانفلات الحراري".

ويُقصد بالانفلات الحراري الزيادة الكبيرة في درجة الحرارة داخل البطارية، وخروج التفاعل الحراري عن السيطرة، ما يسبّب انفجارًا وحرائق السيارات الكهربائية حتى بعد إخمادها.

أمر صعب ولكن..

يقول المحامي في شركة "ريد سميث" (Reed Smith)، إن مكافحة الحرائق على متن ناقلات السفن الحديثة "أمر صعب للغاية".

كما يؤكد مستشار إدارة المخاطر البحرية في شركة التأمين "آر إي إيه" (RSA) مايكل باراس، إن لوائح المنظمة البحرية الدولية الخاصة بالسلامة "غير مصممة للتعامل مع السيارات الكهربائية".

وأضاف: "الصناعة تتقدم للأمام، ولكن ربما ليس بالوتيرة المرجوّة".

ولذلك، اقترح باراس تركيب آلات تصوير حرارية وأجهزة كشف للغازات السامة الصادرة عن حرائق بطاريات الليثيوم أيون.

وأشار أيضًا إلى مناقشات جارية داخل صناعة الشحن البحري، لبحث تطوير طرق إجلاء الطواقم ومنح مواقع إقامتهم سبل حماية أفضل.

بدوره، يقول الرئيس التنفيذي لشركة السيارات السويدية "فولفو" (Volvo)، جيم روان، إن التكنولوجيا الأساسية "آمنة بشرط التعامل معها وتخزينها بصورة صحيحة".

وأضاف: "تحتاج صناعة الشحن لفهم الشحنات التي تنقلها، واتخاذ إجراءات ذات صلة للتأكد من القيام بذلك بصورة آمنة وبمسؤولية".

يُشار هنا إلى أن "فولفو" قررت وقف بيع السيارات العاملة بالوقود الأحفوري بحلول عام 2030، كما تستهدف لأن تكون نصف مبيعاتها من السيارات الكهربائية والنصف الآخر من الهجينة بحلول 2025.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق