تقارير الهيدروجينالنشرة الاسبوعيةرئيسيةهيدروجين

4 طرق لنقل الهيدروجين وتصديره إلى الخارج.. أوابك تكشف الأقل تكلفة

ياسر نصر

أكد خبير الصناعات الغازية في منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول "أوابك"، المهندس وائل حامد عبدالمعطي، أهمية تطوير وسائل نقل الهيدروجين وتصديره في إطار مساعي الدول الرامية إلى إيجاد بدائل للوقود الأحفوري تقلل أو تحد نهائيًا من انبعاثات الكربون.

وحسب دراسة حصلت عليها حصريًا منصة الطاقة المتخصصة، فقد أشارت أوابك إلى أن بناء سلسلة قيمة متكاملة للهيدروجين يتطلب وجود حلول اقتصادية قابلة للتطبيق، لنقل كميات كبيرة من الهيدروجين من مواقع الإنتاج وحتى مراكز الطلب أو الاستهلاك.

واستعرضت الدراسة التي أعدها خبير أوابك المهندس وائل حامد، حول نقل الهيدروجين وتصديره، أنه بموجب الحلول التقنية المتاحة يمكن تقسيم مسارات تصدير الهيدروجين ونقله في التجارة الدولية إلى 4 مسارات.

وكشف عن أن المسارات تتضمّن نقل الهيدروجين عبر خطوط الأنابيب بعد ضغطه (هيدروجين مضغوط)، كما هو الحال في خطوط نقل الغاز الطبيعي، أو إسالته إلى هيدروجين مسال عند -253 درجة مئوية ونقله عبر الناقلات المخصصة لذلك حتى يصل إلى ميناء الاستقبال في السوق المستوردة.

وقال إنه يمكن تحويل الهيدروجين إلى أمونيا سائلة ونقله بالناقلات -أيضًا- إلى ميناء الاستقبال، كما يمكن نقل الهيدروجين عبر تحويله إلى مركبات عضوية سائلة ونقلها بالناقلات ثم نزع الهيدروجين منها في ميناء الاستقبال، مثل مادة الميثيل سيكلوهكسان.

وأوضح أنه بخلاف نقل الهيدروجين عبر خطوط الأنابيب في حالته الغازية، تُعد الطرق الـ3 الأخرى بمثابة مواد حاملة له، ما يتطلب إعادة تحويلها مجددًا إلى الهيدروجين في حالته الغازية، ليكون جاهزًا للاستعمال، وهو الأمر الذي يستهلك طاقة إضافية ومن ثم تكاليف أعلى في التشغيل.

المخطط التالي من إعداد منصة الطاقة المتخصصة يستعرض مراحل سلسلة القيمة لصناعة الهيدروجين:

مراحل سلسلة القيمة لصناعة الهيدروجين

نقل الهيدروجين عبر خطوط الأنابيب

تُعد عملية نقل الهيدروجين عبر خطوط الأنابيب، الطريقة الأقل في التكاليف مقارنة بباقي المسارات الأخرى، إذ تقوم على استعمال ضواغط لرفع ضغط الهيدروجين، ليسهل نقله إلى مسافات أبعد، وذلك حسب الدراسة التي حصلت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

وهذه الطريقة يدرس كل من المغرب والجزائر، مدى جدواها وإمكان تطبيقها خلال السنوات المقبلة، للاستفادة من البية التحتية لأنابيب الغاز الموجودة بالفعل لدى الدولتين، حسب المتابعات التي قامت بها منصة الطاقة في هذا الملف.

يقول خبير أوابك، إنه بحسب بُعد مركز الطلب عن موقع الإنتاج، يجري إنشاء محطات إضافية لرفع الضغط على طول خط الأنابيب، لضمان وصول الهيدروجين بضغط مرتفع ضمن الحدود الدنيا للتسليم في مركز الاستهلاك، وهي الآلية المتبعة نفسها في نقل الغاز الطبيعي عبر خطوط الأنابيب.

ويُفضّل عند استعمال خطوط الأنابيب لنقل الهيدروجين، أن يُخزن الإنتاج في مواقع تخزين جيولوجية مثل كهوف الملح (Salt Caverns) أو مكامن نفط وغاز ناضبة (Depleted Oil & Gas Reservoirs) أو مكامن الماء (Aquifers) لتأمين كمية ملائمة لضمان سريان ضخ الهيدروجين عبر خطوط الأنابيب إلى مراكز الطلب والتغلب على أي تذبذب في إنتاجه، خاصة إذا ما كان إنتاجه باستعمال مصادر الطاقة المتجددة.

وللتغلب على التكلفة الرأسمالية الكبيرة لبناء شبكات جديدة للهيدروجين، برز خيار استعمال شبكات نقل الغاز الطبيعي الحالية في نقل الهيدروجين بعد التغلب على المعوقات الفنية، إذ اختبرت عدة شركات من مشغلي خطوط أنابيب النفط والغاز جاهزية الشبكات، لاستعمالها في نقل الهيدروجين سواء الهيدروجين النقي (100% هيدروجين) أو خليط الهيدروجين مع الغاز الطبيعي بنسب مختلفة (مثلًا 20% هيدروجين مع 80% غاز طبيعي) لتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عند استعمال الخليط.

وجاءت نتائج الدراسات التي أجرتها بعض الشركات المشغلة لشبكات الغاز إيجابية حال خلط الهيدروجين مع الغاز حتى نسبة 20%، ومن أمثلة ذلك، الدراسة الفنية التي أعدتها هيئة شبكات الطاقة (Energy Network Association) التي تمثل مشغلي شبكة الغاز في بريطانيا.

وأسفرت الدراسة عن جاهزية استعمال شبكات نقل الغاز في بريطانيا لنقل خليط الهيدروجين حتى 20%، وأن ذلك سيوفر نحو 6-7% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن استعمال الغاز الطبيعي في بريطانيا، وهو ما يعادل كمية قدرها 6 ملايين طن سنويًا من ثاني أكسيد الكربون، التي تطلقها نحو 2.5 مليون سيارة.

وتوصلت هيئة شبكات الطاقة البريطانية (ENA) إلى النتيجة بعد أن نفذت مشروع هاي ديبلوي (HyDeploy) لتجربة استعمال خليط الهيدروجين مع الغاز بصورة عملية، إذ جرى تنفيذ المشروع على مرحلتين.

وشملت المرحلة الأولى تجارب ضخ خليط الهيدروجين مع الغاز في الشبكة التابعة لجامعة كيل (Keele) التي تغذي نحو 100 منزل و30 مبنى تعليميًا، لتحديد المستوى الآمن الذي يمكن ضخه من الهيدروجين في شبكة الغاز، دون الحاجة إلى إحداث أي تغييرات على الأجهزة المنزلية الحالية، وانتهت المرحلة الأولى بنجاح في مارس/آذار من عام 2021، واشتملت على جمع بيانات مهمة حول هذه التجربة.

وأما في المرحلة الثانية، التي انطلقت في أغسطس/آب من العام نفسه (2021)، فقد جرى اختبار ضخ الهيدروجين في شبكة عامة في منطقة وينلاتون (Winlaton) في بريطانيا، لمدة 12 شهرًا حتى انتهت رسميًا مدة التجربة في صيف 2022.

وبحسب بيان هيئة شبكات الطاقة فإن شبكة الغاز البريطانية مؤهلة للعمل بالخليط الجديد (20% هيدروجين و80% غاز طبيعي) بداية من عام 2023، دون أن يتطلب ذلك أي تعديلات في أنظمة التسخين أو التدفئة أو أجهزة الطهي المنزلية، كما يمكن لمحطات الكهرباء الغازية المتصلة بشبكة الكهرباء العمل بأمان بوساطة الخليط نفسه دون الحاجة إلى تغيير التوربينات، الأمر الذي سيُسهم في تحقيق جهود المملكة المتحدة لنزع الكربون من البنية التحتية القائمة.

أما حال زيادة نسبة الهيدروجين في الخليط مع الغاز عن 20%، فسيتطلب ذلك تغيير أجهزة التسخين الحالية حتى يمكنها التعامل مع نسب أعلى من الهيدروجين، وبالتالي فإن الحد الأقصى لخلط الهيدروجين مع الغاز في شبكة الغاز البريطانية هو 20%.
ومن المتوقع أن تتخذ الحكومة البريطانية قرارًا بخصوص اعتماد العمل بالخليط الجديد قبل نهاية عام 2023.

المخطط التالي من إعداد منصة الطاقة المتخصصة يستعرض المسارات المختلفة لنقل الهيدروجين في التجارة الدولية:

المسارات المختلفة لنقل الهيدروجين وتصديره في التجارة الدولية

عوامل جاهزية خطوط الغاز

أكدت دراسة خبير أوابك المهندس وائل عبدالمعطي، أنه للحكم على مدى جاهزية الشبكات القائمة لنقل الهيدروجين النقي مع الغاز، فلا بد من دراسة عدة عوامل ومراجعتها مع المواصفات القياسية الحالية الخاصة بخطوط نقل الهيدروجين:

  • نوع المادة المستعملة في بناء خط الأنابيب وخصائصها بالنظر إلى صلابة المعدن.
  • مقاومة التقصف الهيدروجيني Embrittlement) Hydrogen)، وهي العملية التي تجعل المعدن مادة سهلة الكسر بسبب تخلل ذرات الهيدروجين داخل الصلب الكربوني (Carbon Steel)، وهي المادة الرئيسة المستعملة في تصنيع خطوط الأنابيب.
  • ضغط التشغيل المسموح به (Max Allowable Working Pressure, MAWP)، ومواصفات الخط (القطر) لتحديد سعة النقل (Transport Capacity) التي سينقلها الخط عند إعادة استعماله للهيدروجين.
  • حالة الخط الداخلية ومدى تأثرها بالتآكل (حالة التآكل الداخلي) وعمر الخط.
  • إجراءات الأمن والسلامة المرتبطة بطبيعة المنتج الذي يُنقل عبر الخط (سائل أم غاز) والمواقع ذات الكثافة السكانية التي يمر بها خط الأنابيب.

وشدد خبير أوابك على أن المواصفات القياسية تختص بوضع المتطلبات والاشتراطات كافة الخاصة بالخطوط المستعملة في نقل الهيدروجين، سواء في حالته الغازية أو المسالة، ويتضمن ذلك المتطلبات العامة من المواد واللحامات، والمعالجة الحرارية، والتشكيل، والاختبار، والفحص، والصيانة، وهي المواصفات نفسها التي يمكن مطابقتها عند تقييم جاهزية خطوط النفط والغاز القائمة لنقل الهيدروجين النقي أو خليطه مع الغاز.

يقول خبير أوابك: "من أبرز الدراسات التي تناولت تقييم خطوط النفط والغاز القائمة لنقل الهيدروجين النقي (100% هيدروجين)، دراسة "ري ستريم" Re-Stream التي أعدها ائتلاف عالمي مكون من شركة كاربون ليمتس Carbon Limits، وشركة دي إن في DNV، بغرض تقييم جاهزية شبكات نقل النفط والغاز في أوروبا، بمشاركة 67 شركة من مشغلي هذه الشبكات".

وغطت دراسة "نقل الهيدروجين وتصديره.. الخيارات والتحديات" أكثر من 58 ألف كيلومتر من خطوط أنابيب النفط والغاز في أوروبا، وتمثّل نحو 50% و30% من إجمالي أطوال خطوط النفط والغاز البحرية والبرية في أوروبا على التوالي.

وجاءت نتائج الدراسة، بعد الأخذ في الاعتبار المعايير، أن نحو 70% من إجمالي خطوط النفط والغاز البرية يمكن إعادة استعمالها لنقل الهيدروجين النقي، وتحتاج النسبة المتبقية إلى مزيد من المراجعة والفحوصات لوضع تقييم نهائي.

وكشفت عن أنه يمكن نقل الهيدروجين في غالبية خطوط النفط والغاز البحرية، والعائق الفني الرئيس أمام استعمال خطوط النفط والغاز القائمة لنقل الهيدروجين النقي هو التداعيات المحتملة التي قد يتسبب بها وأبرزها التقصف الهيدروجيني للصلب الكربوني المستعمل في تصنيع خطوط الأنابيب.

خبير أوابك، وائل حامد عبدالمعطي

أكد خبير أوابك، أن استعمال خطوط أنابيب الغاز القائمة، بعد إعادة تأهيلها، سيوفر جانبًا كبيرًا من التكاليف الرأسمالية المطلوبة لنقل الهيدروجين في التجارة الدولية، إذ يبلغ مجموع أطوال شبكات تصدير ونقل الغاز الطبيعي أكثر من 1.4 مليون كيلومتر.

وأوضح أنه حال بناء خطوط جديدة فستكون التكاليف الرأسمالية مرتفعة، علاوة على أن تنفيذها سيستغرق مدة طويلة قد تمتد لعشرات السنين حتى يتوصل إلى تأسيس شبكة ضخمة لنقل الهيدروجين من مناطق الإنتاج وحتى مراكز الطلب.

وقال، إنه على الرغم من المزايا التي توفرها خطوط الأنابيب القائمة، فقد لا يتمكن بعض القطاعات غير المتصلة بالشبكة القائمة من الحصول على الهيدروجين، ومن ثم ستكون هناك ضرورة لبناء شبكات جديدة لتوزيع الهيدروجين وتوصيله إلى مختلف المستهلكين، وهو ما سيتطلب استثمارات رأسمالية إضافية.

نقل الهيدروجين المسال

قال خبير أوابك، إن عملية إسالة الهيدروجين تهدف إلى تخفيض حجم الهيدروجين إلى أقل قدر ممكن عبر رفع كثافة التخزين الحجمية له (Volumetric Energy Density)، للحصول على أكبر كمية ممكنة لنقلها عبر الناقلات، إلا أن ذلك سيتطلب التبريد حتى -253 درجة مئوية للحصول عليه في الحالة السائلة.

وأوضح أنه بانتهاء عملية الإسالة، يُخزن الهيدروجين المسال في صهاريج مزدوجة الجدار معزولة جيدًا لضمان عدم انتقال الحرارة إلى داخل الصهريج حتى لا ترتفع درجة حرارته، ومن ثم يتبخر إلى هيدروجين غاز، وهو ما يُعرف باسم الغاز المتبخر (Boil-off Gas).

وأضاف: "بعد ذلك تبدأ المرحلة التالية عبر نقل الهيدروجين المسال إلى الأسواق البعيدة باستعمال ناقلات مخصصة، لذلك حتى تصل إلى ميناء الاستقبال في البلد المستورد، وبداخله يعاد تبخير الهيدروجين المسال للحصول على الهيدروجين في حالته الغازية وضخه في الشبكة المحلية للوصول إلى المستهلكين".

أكد خبير أوابك، أن سلسلة القيمة للهيدروجين المسال تتشابه مع سلسلة القيمة الخاصة بالغاز المسال، إلا أنها تتطلب شروطًا أعقد منها في التشغيل، بسبب درجات الحرارة المنخفضة المطلوبة، للحفاظ على الهيدروجين في الحالة السائلة وذلك عند -253 درجة مئوية.

أول ناقلة بحرية في العالم لنقل الهيدروجين المسال
أول ناقلة بحرية في العالم لنقل الهيدروجين المسال

عالميًا، يتكوّن الأسطول العالمي من ناقلة واحدة للهيدروجين المسال هي الناقلة "سويسو فرونتير" Suiso Frontier، التي صنعتها شركة بناء السفن اليابانية كاواساكي للصناعات الثقيلة (Kawasaky Heavy Industries)، ونقلت أول حمولة من الهيدرجين المسال من أستراليا لتصديرها إلى اليابان في فبراير/شباط 2022، لتسجل بذاك الخطوة الأولى من نوعها لتصدير الهيدروجين المسال عبر مسافات بعيدة.

ويبلغ وزن الناقلة نحو 8 آلاف طن وطولها 116 مترًا وعرضها 19 مترًا، بسعة تحميل تصل إلى 1250 مترًا مكعبًا، وتستعمل أحد صهاريج التخزين لحمل نحو 75 مليون طن من الهيدروجين المسال، وطُوِّرَت السفينة في عام 2020 بدعم من الحكومة اليابانية، بتكلفة 359 مليون دولار أميركي، وهي مجهزة بخزان مزدوج قادر على الاحتفاظ الهيدروجين، والحفاظ عليه عند درجة حرارة -253 درجة مئوية.

وتعدّ سويسو فرونتير -أول ناقلة بحرية في العالم لنقل الهيدروجين المسال- محور مشروع تجريبي بقيمة 500 مليون دولار أسترالي (360 مليون دولار أميركي)، لاختبار إمكانات أستراليا لشحن الوقود منخفض الانبعاثات إلى اليابان.

وكانت الشركة اليابانية قد أكدت أنها تعمل على تجميع البيانات في أثناء عملية النقل والشحن والتفريغ لدراستها والاستفادة منها لضمان تحقيق نتيجة ناجحة للمشروع، كما تخطط لبناء أسطول من هذا النوع لبناء سلسلة توريد عالمية للهيدروجين.

وعلى الرغم من قدرة التقنية على إنتاج الهيدروجين المسال ونقله عبر الناقلات، فإنها تُعد خيارًا مكلفًا للغاية، إذ تستهلك عملية الإسالة قدرًا كبيرًا من الطاقة سواء في أثناء مرحلة التبريد المسبق للهيدروجين أو إسالته إلى -253 درجة مئوية.

وأشارت دراسة وائل عبدالمعطي، إلى أنه حال النقل إلى مناطق قريبة أو الحاجة إلى نقل كميات صغيرة إلى متوسطة من الهيدروجين، يمكن استعمال المقطورات، وهي الطريقة الرئيسة المستعملة حاليًا على نطاق تجاري في نقل الهيدروجين إلى مناطق استهلاكه، بسبب القرب بين مناطق الإنتاج والاستهلاك، منها ما ينقل الهيدروجين المضغوط، ومنها ما ينقل الهيدروجين المسال.

وقال خبير أوابك: "يمكن للمقطورات نقل الهيدروجين المسال لمسافات تصل إلى 4 آلاف كيلومتر بصفتها حدًا أقصى لتلافي تبخر كميات كبيرة منه في أثناء الرحلة، وعادة ما يجري تفريغ بخار الهيدروجين الذي تكوّن في أثناء الرحلة عند الوصول إلى وجهة التسليم".

وأضاف: "تستطيع مقطورة ذات حجم 45 مترًا مكعبًا، حمل ما يعادل نحو 3 آلاف و100 كغم من الهيدروجين المسال لارتفاع كثافته مقارنة بغاز الهيدروجين المضغوط، إذ تصل إلى 70.8 كغم/متر مكعب، لكنها في الوقت نفسه ستتطلب صهاريج خاصة معزولة جيدًا لضمان الحفاظ على برودة الهيدروجين".

تتوافر عالميًا مقطورات الهيدروجين المسال بحمولات تتراوح بين 12 ألفًا و17 ألف غالون، أي ما يعادل نحو 45-65 مترًا مكعبًا من الهيدروجين المسال، وهي تضم صهاريج ذات تصميم مماثل للصهاريج المستعمله في تخزين الهيدروجين المسال في محطات الإنتاج الصغيرة.

تحويل الهيدروجين إلى أمونيا

يُعد نقل الهيدروجين في صورة أمونيا إحدى الطرق والخيارات المتاحة لتصدير الوقود النظيف، وفق دراسة خبير أوابك وائل عبدالمعطي.

وتُعد الأمونيا مادة كيميائية تُصنّع من الهيدروجين، وتستعمل بصورة رئيسة في إنتاج الأسمدة الزراعية، لكن في الوقت نفسه يمكن استعمالها بصفتها حاملًا للهيدروجين، ويجري ذلك من خلال تفاعل الهيدروجين، الذي يُنتج عبر التحليل الكهربائي للماء أو من الغاز الطبيعي، مع النيتروجين الذي يمكن الحصول عليه من الهواء الجوي ضمن تفاعل يعرف باسم Haber-Bosh الذي يؤدي إلى دمج الهيدروجين مع النيتروجين لتكوين جزيء الأمونيا (NH3).

يقول خبير أوابك: "بعد انتهاء عملية الإنتاج، يُخزن في صهاريج مبردة، ومن ثم نقلها باستعمال الناقلات حتى يجري تفريغها في ميناء الاستقبال، وتنتهي السلسلة بإعادة تكسير الأمونيا في وجود عامل حافز (Catalyst)، ولكنها عملية تحتاج إلى قدر كبير من الطاقة، كون التفاعل ماصًا للحرارة (Endothermic Reaction).

تحويل الهيدروجين إلى أموينا

وأضاف: "بتكسير الأمونيا يجري الحصول على الهيدروجين الذي يخضع في مرحلة تالية إلى عملية تنقية (Purification Process)، في حين يجري تصريف النيتروجين في الهواء الجوي".

وأشار خبير أوابك إلى أنه عالميًا تُعد عملية تصنيع الأمونيا صناعة راسخة وقائمة في عدة مناطق، ولديها بنية تحتية قائمة من موانٍ معدة لشحن الأمونيا وتفريغها، وناقلات مؤهلة لنقلها، كما أنها سلعة عالمية يجري تداولها بمواصفات واشتراطات قياسية، وهو ما سيسهل من تطبيقها بصفتها خيارًا لنقل الهيدروجين.

وحذر عبدالمعطي من أن الأمونيا تُعد مادة سامة، إذ تتسبب في أضرار صحية خطيرة حال تسربها، كما أنها تسبب تلوث الهواء والتربة والبيئة البحرية، وهو أمر بالغ الأهمية، إذ قد يحد ذلك من نقلها وتداولها في المناطق السكانية.

وأشار إلى أن من بين التحديات التي تواجه نقل الهيدروجين في صورة أمونيا أن عملية تحويل الهيدروجين إلى أمونيا وتكسيرها تستهلك قدرًا كبيرًا من الطاقة تعادل 7-18% من طاقة الهيدروجين الذي يُنقل، وهو ما يُعد طاقة مهدرة تزيد من التكلفة النهائية للهيدروجين بصفته سلعة عالمية.

تحويل الهيدروجين إلى مواد سائلة

تُعد المواد العضوية السائلة الحاملة للهيدروجين (Liquid Organic Hydrogen Carriers) من الطرق التي يمكن استعمالها لنقل الهيدروجين، وهي مركبات كيميائية يجري هدرجتها (Hydrogenation) من خلال عملية كيميائية تؤدي إلى ربط الهيدروجين مع المادة الكيميائية ثم تخزينها بصفته مادة سائلة عند الضغط الجوي في ظروف مماثلة لنقل المنتجات النفطية السائلة وتخزينها، ثم تُنقل المادة العضوية السائلة بالناقلات إلى ميناء الاستقبال في السوق المستوردة، وبداخله تجري عملية نزع الهيدروجين منها (Dehydrogenation) عبر التسخين لتتحرر جزيئات الهيدروجين ومن ثم استعماله.

وقال خبير أوابك، إنه يمكن إعادة استعمال المادة العضوية السائلة المنزوع منها الهيدروجين مرة أخرى إلى ميناء التصدير، لاستعمالها مجددًا في حمل الهيدروجين توفيرًا للتكاليف.

وأشار إلى أنه تجاريًا يوجد العديد من المواد العضوية السائلة وبعضها يجري إنتاجه بصفته منتجات ثانوية في صناعة التكرير مثل التولوين (Toluene) الذي يتحول بعد هدرجته إلى الميثيل سيكلوهكسان (MCH).

وقال، إن الميزة الأبرز للميثيل سيكلوهكسان مقارنة بباقي المواد العضوية السائلة الأخرى هو ارتفاع درجة غليانه التي تبلغ 101 درجة مئوية، ومن ثم يمكن تخزينه ونقله بكميات كبيرة دون الحاجة إلى إجراء عمليات إسالة أو ضغط تتطلب وجود تقنيات خاصة، كما هو الحال مع المنتجات البترولية السائلة، كما يمكن إعادة استعمال المادة العضوية السائلة مرة بنقلها إلى محطة الإنتاج بعد فصل الهيدروجين عنها، لهدرجتها مرة أخرى ضمن حلقة مغلقة (Closed Loop).

وأضاف أن من عيوب نقل الهيدروجين في صورة الميثيل سيكلوهكسان أنه الأقل في كثافة التخزين الحجمية وكثافة الطاقة مقارنة بباقي البدائل الأخرى لنقل الهيدروجين، ومن ثم فإنه سينقل كميات أقل من الهيدروجين لوحدة الحجم، إذ يحتوي واحد متر مكعب من الميثيل سيكلوهكسان على 47.1 كيلوغرامًا من الهيدروجين، مقارنة بنحو 120 كغم لواحد متر مكعب من الأمونيا على سبيل المثال.

وأشار إلى أن نقل كميات كبيرة من الهيدروجين باستعمال الميثيل سيكلوهكسان يتطلب بناء سلسلة قيمة ذات سعة تصميمية ضخمة بداية من إنتاجه مرورًا بمرحلة نقله حتى الوصول إلى ميناء الاستقبال، وهو الذي سيتحول بالنهاية إلى تكاليف رأسمالية أكبر.

إلى جانب ذلك تجري عملية هدرجة المواد العضوية السائلة عند درجات حرارة عالية، التي تستهلك قدرًا كبيرًا من الطاقة، ومن ثم تكاليف تشغيل عالية، بالإضافة إلى أنه حتى اليوم لم يجر بناء سلسلة قيمة كبيرة الحجم للمواد العضوية السائلة، للحكم على جدواها الفنية والاقتصادية بصورة تجارية، يضاف إلى ذلك، التكاليف الإضافية الناتجة عن إعادة نقل المادة العضوية السائلة إلى محطة الإنتاج لإعادة استعمالها في عملية الهدرجة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق