التقاريرالنشرة الاسبوعيةتقارير الغازسلايدر الرئيسيةغاز

4 دول عربية قد تنقذ سوق الغاز المسال العالمية من إضراب أستراليا

أسماء السعداوي

تعرّضت سوق الغاز العالمية إلى هزة عنيفة مؤخرًا، بسبب إضرابٍ في اثنين من مواقع التصدير في أستراليا، ما أثار المخاوف من شح الإمدادات، خاصة مع قرب فصل الشتاء؛ وهو ما تسبّب في تقلب الأسعار.

ودخل عمال محطتي غورغون وويتستون لإنتاج الغاز المسال في أستراليا، التابعتين لشركة شيفرون الأميركية (Chevron)، في إضرابٍ، احتجاجًا على تردي ظروف العمل وللمطالبة بزيادة الأجور، وفق ما طالعته منصة الطاقة.

ومحطة غورغون هي ثاني أكبر محطات الغاز المسال في أستراليا، وتشكّل، إلى جانب محطة ويتستون، 5% من إمدادات سوق الغاز المسال العالمية.

في مقابل ذلك، ترى منصة الطاقة المتخصصة، أن 4 دول عربية هي: قطر، والإمارات، وسلطنة عمان، والجزائر، إمكانات واعدة لإنقاذ سوق الغاز المسال العالمية -خاصة آسيا وأوروبا- من شبح نقص الإمدادات وارتفاع الأسعار، لما تمتلكه من احتياطيات ضخمة وخبرة واسعة.

تأثير أستراليا في سوق الغاز المسال العالمية

جاءت أستراليا في المركز الثاني على قائمة أكبر مصدري الغاز المسال في العالم، بمتوسط 10.6 مليار قدم مكعبة يوميًا، بحسب التقرير الصادر من إدارة معلومات الطاقة الأميركية يوم 12 سبتمبر/أيلول 2023.

وتتجه معظم صادرات محطتي غورغون وويتستون التابعتين لشركة شيفرون إلى الأسواق الأسيوية، خاصة اليابان، وكوريا الجنوبية، والصين، وتايوان.

وبالإضافة إلى الإضراب الذي فشلت شركة شيفرون في حله، تسبب خلل فني في تراجع إنتاج محطة تصدير الغاز المسال في ويتستون بنسبة 25%، بحسب تقرير نشرته وكالة رويترز، واطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

ورغم عدم حل الخلل بعد، قال متحدث باسم الشركة الأميركية إنهم توصلوا إلى السبب الرئيس للمشكلة، ويعملون على استئناف الإنتاج بكامل طاقته.

من جانبه، أعرب محلل شؤون الطاقة شاول كافونيك، عن أمله في ألا يؤثر توقف إنتاج الغاز بنسبة 25% في محطة ويتستون بأسواق الغاز المسال العالمية.

لكن ذلك التوقف، ولو كان ذا تأثير بسيط، فإنه يتزامن مع بدء إضراب العمال في غورغون وويتستون قبل أسبوع، ومن المقرر أن يشهد تصاعدًا خلال الأسابيع المقبلة.

وتوقف عمال غورغون وويتستون عن العمل تمامًا بدءًا من صباح اليوم الخميس 14 سبتمبر/أيلول 2023، بحسب تقرير نشرته وكالة بلومبرغ.

في المقابل، تقول شركة شيفرون إن الإضراب لم يؤثر في صادراتها من الغاز المسال الأسترالي.

ورغم تصاعد التوترات والخلل في محطة ويتستون، فقد انخفض مؤشر تي تي إف الهولندي -المعيار الأوروبي للغاز- 1.16% في الساعة 10.15 صباحًا بتوقيت غرينتش، نتيجة لتجاوز الطلب -الضعيف حاليًا- حاجز العرض، وللصيانة بمرافق إنتاج الغاز في النرويج.

وتعليقًا على أسعار الغاز، يقول خبير الطاقة روبين ميلز لمنصة "أرابيان غلف بيزنس إنسايت" (agbi)، إن "الأسعار متقلبة، وإن سوق الطاقة منهكة في الوقت الحالي".

ويتوقع محللون ألا تحدث اضطرابات كبيرة في الإنتاج على المدى القصير، بسبب الاحتياطيات المخزنة في كلٍ من محطتي غوروغون وويتستون.

محطة ويتستون لتصدير الغاز المسال
محطة ويتستون لتصدير الغاز المسال - الصورة من موقع شركة شيفرون

أسباب منطقية للبحث عن موردين جدد

يفتح الإضراب في أستراليا الباب على مصراعيه أمام قطر وسلطنة عمان والإمارات والجزائر، لاقتناص الفرصة الذهبية وتوسيع رقعة إمداداتها والسبق بخطوة أمام أستراليا.

من جانبه، يقول خبير الطاقة ميلز: "لا أحد في سوق الغاز المسال لديه قدرات إنتاجية فائضة وبخاصة في الوقت الحاضر. فالجميع يعمل بأقصى قدراته".

ويتوقع خبير الطاقة في شركة تحليل البيانات "كبلر" (Kpler) مات ستانلي، ألا تدخل مشروعات الغاز المسال الجديدة حيز الإنتاج قبل عام 2026، ولذلك فالإرباك الذي طال إمدادات الغاز المسال الأسترالية يُظهر للعيان مدى هشاشة سوق الغاز المسال العالمية.

كما سيؤدي استمرار الإضراب إلى انطلاق العملاء الآسيويين في رحلة للبحث عن موردين آخرين، مثل قطر والولايات المتحدة.

وإذا اتجه عملاء آسيا إلى الغاز المسال الأميركي لتعويض الإمدادات الأسترالية، فإن أسعار الغاز في أوروبا سترتفع، كما يقول ميلز.

وبالإضافة إلى سوق آسيا، برزت أوروبا الساعية لتأمين إمدادات الغاز لتجنب تكرار أزمة الطاقة التي ضربت أركانها في العام الماضي (2022)، بعد قطع إمدادات الغاز الروسي المزود الرئيس للقارة العجوز قبل غزو أوكرانيا.

وفرض الغرب عقوبات اقتصادية استهدفت بصورة رئيسة قطاع الطاقة الروسي المزود الرئيس لخزينة الكرملين، لتحجيم قدرته على تمويل الحرب في أوكرانيا التي انطلقت شرارتها في فبراير/شباط من العام الماضي (2022).

ويقول ميلز: "أمامنا شهران قبل بدء السحب من مخزونات الغاز الأوروبية".

قطر

يقول خبير الطاقة في شركة كبلر، مات ستانلي، إن ازدياد حدة المنافسة على المعروض سيعود بمنافع على منتجي الغاز المسال وعلى رأسهم قطر.

وجاءت قطر -صاحبة أكبر احتياطي للغاز في العالم بعد روسيا وإيران- في المركز الثالث على قائمة أكبر مصدري الغاز المسال في العالم بمتوسط 10.4 مليار قدم مكعبة يوميًا، خلال النصف الأول من 2023.

وفي العام الماضي 2022، تربعت قطر على عرش القائمة، بعدما صدّرت 10.5 مليار قدم مكعبة يوميًا.

ويسعى الغاز المسال القطري إلى بيع سعته الإنتاجية الجديدة، بعد ظهور أسواق تصدير أخرى أكثر جاذبية، وتغير ديناميكيات سوق الغاز المسال العالمية منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية.

وفي مايو/أيار 2023، قال وزير الطاقة القطري سعد بن شريدة الكعبي، إن بلاده تتوقع إبرام جميع عقود الغاز المسال طويلة الأجل من المرحلتين في مشروع توسعة حقل الشمال بحلول نهاية هذا العام (2023).

وأبرمت ألمانيا اتفاقية مع شركة قطر للطاقة، في نوفمبر/تشرين الثاني (2022)، لتقديم إمدادات طويلة الأجل قوامها مليونا طن سنويًا من الغاز المسال، مع شركة الطاقة الأمريكية كونوكو فيليبس (ConocoPhillips).

كما أبرمت مؤسسة البترول الوطنية الصينية "سي إن بي سي" (CNPC) وشركة النفط والكيماويات الصينية "سينوبك" (Sinopec)، وشركة بتروبانغلا في بنغلاديش (Petrobangla) عقودًا لاستيراد الغاز المسال القطري.

في المقابل، يقول ستانلي إن معظم العقود القطرية هي صفقات طويلة الأجل، ولذلك فسعر الغاز بالسوق الفورية لن يؤثر فيها، مشيرًا إلى أن قطر منتج متأرجح للغاز، وقد تختار العرض الأعلى.

ويُقصد بالمنتج المتأرجح من يخفّض إنتاجه إذا انخفضت الأسعار عن المستوى المطلوب، ويزيد إنتاجه إذا ارتفعت الأسعار عن هذا المستوى، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

ويقول ستانلي، إن الإضراب في قطاع الغاز المسال الأسترالي يحمل ميزة إضافية لقطر؛ إذ سيُنظر إليها بوصفها موردًا أكثر جدارة بالثقة، مضيفًا: "هذا النوع من الإضرابات لن يحدث مطلقًا في قطر".

كما توقع أن توفر قطر إلى جانب الولايات المتحدة نحو 50% من احتياجات سوق الغاز المسال العالمية، وذلك في غضون 10 سنوات أو بحلول عام 2030.

الغاز المسال في قطر

منتجي الغاز المسال في الخليج

يقول خبير الطاقة في شركة كبلر لتحليل البيانات، مات ستانلي، إن منتجي الغاز المسال في الخليج، خاصة الإمارات وسلطنة عمان، بإمكانهم تحقيق الاستفادة من الأوضاع في أستراليا.

وتوقع أن يواصلوا استثماراتهم من أجل بيع أكبر قدر ممكن من الغاز المسال، وأن يكتسبوا القوة من سوق الغاز المسال العالمية.

لكنه قال إن التحدي الوحيد يكمن في أن معظم الإمدادات الخليجية تتجه إلى آسيا في صورة عقود طويلة الأمد.

الإمارات

بلغ إنتاج الغاز الإماراتي 5.61 مليار قدم مكعبة يوميًا في العام المنصرم (2022)، بحسب بيانات معهد الطاقة البريطاني.

وتتوقع شركة الأبحاث "وود ماكنزي" (Wood Mackenzie) ارتفاع إنتاج الإمارات من الغاز بحلول عام 2028، مع انطلاق تشغيل منشأة الغاز المسال الجديدة في منطقة الرويس.

وكانت الإمارات تعتمد على قطر منذ عام 2008، لتلبية نحو 1.9 مليار متر مكعب (67 مليار قدم مكعبة) من احتياجاتها، عبر خط أنابيب دولفين بطول 364 كيلومترًا، بالإضافة إلى واردات دبي لتلبية ذروة الطلب خاصة خلال الصيف.

لكن إستراتيجية الإمارات للطاقة تستهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز بحلول عام 2030، أي قبل عامين من انتهاء صلاحية عقود خط دولفين الذي ينقل الغاز من حقل الشمال.

وجاءت صفقة شركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك" (Adnoc) مع اليابان، على قائمة أكبر صفقات الغاز المسال خلال شهر أغسطس/آب المنصرم 2023، إذ تسعى الشركة الإماراتية للحصول على حصة من سوق الغاز المسال العالمية، ولا سيما في آسيا.

وأعلنت شركة "أدنوك للغاز"، في 17 أغسطس/آب 2023، توقيع اتفاقية لمدة 5 سنوات لتوريد الغاز مع شركة اليابان المحدودة لاستكشاف النفط "جابيكس" (JAPEX)، بقيمة تتراوح بين 1.65 مليار درهم (450 مليون دولار) وملياري درهم (550 مليون دولار).

كما أعلنت "أدنوك للغاز" في يوليو/تموز 2023، توقيع اتفاق لتوريد الغاز المسال إلى مؤسسة النفط الهندية (indian oil) لمدة 14 عامًا بقيمة تتراوح من7 إلى 9 مليارات دولار.

وفي مطلع سبتمبر/أيلول 2023، وقعت أدنوك للغاز اتفاقًا مع شركة بتروتشاينا الصينية (PetroChina)، لتوريد الغاز المسال بقيمة تتراوح بين 1.65 مليار درهم وملياري درهم (450 - 550 مليون دولار).

وفي مايو/أيار 2023، وقّعت أدنوك للغاز اتفاقية لتوريد الغاز المسال لمدة 3 سنوات مع شركة توتال إنرجي الفرنسية (TotalEnergies) بقيمة 1.2 مليار دولار.

وتدير أدنوك للغاز 95% من إجمالي احتياطيات الغاز في الإمارات صاحبة سابع أكبر احتياطي للغاز في العالم.

سلطنة عمان

برزت سلطنة عمان في سماء سوق الغاز المسال العالمية مؤخرًا، ونجحت في إرواء عطش العديد من الدول بالوقود منخفض الانبعاثات.

وارتفعت صادرات الغاز المسال العُماني إلى أعلى مستوياتها التاريخية في عام 2022، بحسب بيانات منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول "أوابك".

ووصلت صادرات الغاز المسال العماني إلى 12 دولة خلال عام 2022 الماضي، وهي كوريا الجنوبية واليابان والهند والصين وتايلاند وتايوان وإسبانيا والكويت وجزيرة بورتوريكو وفرنسا وإيطاليا وباكستان وتركيا.

وخلال الربع الأول من عام 2023، ارتفعت صادرات عمان من الغاز المسال بنسبة 6.9%، لتصبح ثاني أكبر دولة عربية مصدرة للغاز المسال بعد قطر.

وفي الأشهر الـ8 الأولى من 2023، أبرمت عمان 9 صفقات لتوريد الغاز المسال، وسط منافسة بين دول أوروبا وآسيا للفوز بالنصيب الأكبر من كعكة عقود الشراء طويلة الأجل مع السلطنة.

ويوضح الإنفوغرافيك أدناه -أعدته منصة الطاقة المتخصصة- صفقات الغاز المسال العماني حتى أغسطس/آب 2023:

صفقات الغاز المسال العماني حتى أغسطس/آب 2023

الجزائر

برز الغاز الجزائري بوصفه بديلًا للغاز الروسي بعد الحرب على أوكرانيا، وعلى نحو خاص تتميّز الدولة الواقعة في شمال أفريقيا بميزات لا توجد في غيرها، ومنها القرب الجغرافي من القارة العجوز وخطوط أنابيب الغاز بين طرفي البحر الأبيض المتوسط.

ونجحت الجزائر في انتشال أوروبا من أزمة الطاقة في العام الماضي، واستقبلت الأسواق الأوروبية كل شحنات الغاز المسال الجزائري في 2022.

وحققت إيرادات صادرات الغاز الجزائري إلى الاتحاد الأوروبي في 2022 قفزة بنحو 82%، إذ صدرت البلاد 10.2 مليون طن (13.87 مليار متر مكعب).

واحتلت الجزائر المركز الثاني بعد النرويج على قائمة واردات الغاز المنقولة عبر الأنابيب، بضخ 92 مليون متر مكعب يوميًا.

كما انتزعت الجزائر لقب أكبر مصدري الغاز المسال في أفريقيا، من نيجيريا على أساس شهري خلال يناير/كانون الثاني الماضي (2023).

وتنتج الجزائر نحو 100 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا، إلّا أن نصف هذا الإنتاج يذهب إلى الاستهلاك المحلي، في حين بلغ حجم احتياطيات الجزائر من الغاز 159.05 تريليون قدم مكعبة (4.5 تريليون متر مكعب) بنهاية العام الماضي (2022).

وتعتزم شركة سوناطراك الحكومية ضخ أكثر من 30 مليار دولار في استكشاف حقول جديدة وزيادة الإنتاج، وخصصت 7 مليارات دولار لمشروعات التكرير والبتروكيماويات وإسالة الغاز، لدعم زيادة صادرات الجزائر إلى سوق الغاز المسال العالمية.

وفي 11 يوليو/تموز 2023، ورّدت سوناطراك أول شحنة تجارية من الغاز المسال الجزائري إلى شركة إيني الإيطالية عبر الميناء العائم الجديد لإعادة تحويل الغاز المسال إلى غاز طبيعي في بيومبينو.

وفي 9 يوليو/تموز، أبرمت صفقة لتوريد الغاز المسال مع شركة توتال الفرنسية.

ويوضح الإنفوغرافيك التالي -الذي أعدته منصة الطاقة المتخصصة- طموح الجزائر لاقتناص فرص تصديرية جديدة وتعزيز أمن الطاقة:طموح الجزائر لاقتناص فرص تصديرية جديدة وتعزيز أمن الطاقة

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق