أنسيات الطاقةالتقاريرتقارير النفطسلايدر الرئيسيةنفط

أنس الحجي: النفط سلعة إستراتيجية وسياسية.. والسعودية المدير الفعلي (صوت)

أحمد بدر

قال مستشار تحرير منصة الطاقة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن النفط يعدّ سلعة إستراتيجية وسياسية في آن واحد، لا سيما بالنسبة إلى السعودية، التي تعدّ المدير الفعلي لأسواقه.

وأوضح الحجي، في حلقة من برنامجه "أنسيات الطاقة"، قدّمها بمنصة إكس "تويتر" سابقًا، بعنوان "النفط: الصدام بين أوبك والمضاربين ووسائل الإعلام"، أن السلعة الإستراتيجية هي السلعة المهمة جدًا لاقتصاد الدولة، بحيث إذا انقطعت يتأثّر اقتصادها بشكل كبير.

وأضاف: "بناءً على هذا التعريف، يعدّ النفط سلعة إستراتيجية لكل دولة نفطية، لأنها ما زالت تعتمد عليه، وهنا أودّ أن أنبّه للعديد من المقالات والمقابلات الإعلامية والتلفازية وغيرها، تحدثتُ عن "كيف تمكنت دول الخليج التخفيف من دور الخام"، وهذا كلام صحيح نسبيًا، ولكن عند ذكر النسب والأرقام هناك مشكلة كبيرة".

وتابع: "المشكلة الكبيرة أن قطاع البتروكيماويات مصنّف بكونه قطاعًا صناعيًا، رغم اعتماده الكامل على النفط والغاز، فعندما يقولون، إن قطاع البتروكيماويات شهد نموًا بمقدار 3%، بينما تراجع دور الخام بمقدار 4% -مثلًا-، فإن المشكلة واضحة، وما زالت الاقتصادات تعتمد على الخام بشكل كبير"، مؤكدًا أن النفط في السعودية يعدّ بالفعل "سلعة إستراتيجية".

هل النفط سلعة سياسية؟

قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة الدكتور أنس الحجي، إن السلعة السياسية، هي التي يمكن استعمالها بشكل مباشر أو غير مباشر للضغط على الدول الأخرى لتغيير مواقفها السياسية أو التجارية، إذ إن استعماله بصفته أداة ضغط من جانب أيّ دولة، سواء مستهلكة أو منتجة، يجعله سلعة سياسية.

ولفت الحجي إلى أن الأمر نفسه في الصناعة، عند الحديث عن الشركات الكبرى، عندما تستعمل أموالها وجماعات الضغط ودورها الإستراتيجي في الدولة للضغط على القيادات السياسية في بلد ما، لتبنّي سياسات معينة، هذا أيضًا يجعله سياسيًا، وهو ما حدث في أميركا ودول أخرى لديها شركات نفطية ضخمة.

وأضاف: "عمومًا، كل سلعة سياسية إستراتيجية، ولكن ليست كل سلعة إستراتيجية سياسية، وهناك أمثلة كثيرة على الاستعمال الإستراتيجي أو الدور الإستراتيجي أو السياسي، طبعًا الدور السياسي واضح، فاستعمال النفط بصفته سلاحًا في أعوام 1956 و1967 و1973 كان سياسيًا، سواء من جانب السعودية أو غيرها".

وأوضح أن زيادة الإنتاج من جانب السعودية يوم 7 مارس/آذار 2020، والذي كان بهدف معاقبة روسيا بعد رفضها التعاون في تخفيض الإنتاج، كان استعمالًا إستراتيجيًا، وليس سياسيًا، بينما دور الخام في الحروب -بما في ذلك زيادة الإنتاج بعد غزو العراق للكويت مثلًا- كان استعمالًا سياسيًا.

النفط في السعودية

وتابع الدكتور أنس الحجي: "هذا كله معروف، ولكن هناك أشياء كثيرة تبيّن الدور السياسي للنفط دون أن تظهر، منها -مثلًا- عندما يأتي وفد ياباني للتفاوض حول موضوع أو صناعة معينة أو بناء تقنية معينة في دول الخليج، ومنها السعودية، فإن النفط لن يُذكر إطلاقًا في هذه الاجتماعات، لأن الحديث عن تقنية معينة".

ولكن، وفق الحجي، بالنسبة لليابانيين، فإن كل شيء يقولونه محسوب، وفكرة إمدادات النفط لليابان محسوبة في خلفية الأفكار لديهم، وهو موجود في كل الحالات.

وأردف: "بعبارة أخرى، عندما يقول مسؤولو أوبك، إن قراراتهم ليست سياسية، وإنها مجردة من السياسة، هذا الكلام صحيح، ولكن المشكلة أن الطرف الآخر يسيّس هذه القرارات، لذلك ليس هناك خيار لقادة أوبك إلّا التعامل معه بوصفه قرارًا سياسيًا، لأن الطرف الآخر يسيّسه".

النفط في السعودية

قال خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن الإشكال هنا أنه لا بد من وجود مدير للسوق، لأن صناعة النفط بطبيعتها تحتاج إلى إدارة، لأن التكاليف الثابتة التي تُنفق قبل بداية المشروع ضخمة جدًا، وهي أكبر التكاليف، فإلى حين اكتشافه واستخراجه وإنتاجه ستكون 80:90% من التكاليف قد أُنفقت.

وأضاف: "إذا كانت البئر جافة، فقد أُهدِرت تلك التكاليف كلها، ولكن إذا كانت مجدية، فإن التكاليف المتغيرة صغيرة، ومن ثم يمكن الإنتاج في أيّ مستوى، لذلك وجدنا هذا -تاريخيًا- عندما تنخفض الأسعار، يستمر المنتجون بالإنتاج رغم انهيار الأسعار".

النفط في السعودية
حقل نفط بولاية تكساس في الولايات المتحدة - الصورة من رويترز

وأوضح الدكتور أنس الحجي أن السبب في ذلك أن المنتجين يركّزون على التكاليف المتغيرة، لأن التكاليف الثابتة أنفقوها بالفعل، لذلك حتى عند انهيار أسعار النفط، نجد أن كثيرًا من الشركات واصلت الإنتاج، لأنها تغطي التكاليف المتغيرة، وجزءًا من التكاليف الثابتة، موضحًا أن البئر يمكن إغلاقها إذا انخفضت الأسعار إلى أقلّ من التكاليف المتغيرة بالنسبة للنفط الصخري، والتي تكون بين 18 و22 دولارًا.

ومن ثم، إذا انهارت أسعار النفط، لعدّة أشهر، ووصلت إلى 30 دولارًا للبرميل، فإن منتجي النفط الصخري سيواصلون الإنتاج، لأنهم يغطّون جزءًا من التكاليف المتغيرة، ولن يتوقفوا عن الإنتاج، وهذا هو السبب الذي يحتّم وجود إدارة للأسواق.

وتابع: "الظاهر أن أوبك وأوبك+ هما من يدير السوق، ولكن المدير الفعلي لسوق النفط هي السعودية، وما حصل تاريخيًا أنه لحين اتخاذ الشركة قرار الاستثمار، ثم بدء الحفر، واكتشاف الخام، ثم بناء الأنابيب، وإرسال الإنتاج للسوق، كان هذا يستغرق وقتًا طويلًا، وربما يصل إلى سنوات بالنسبة إلى الآبار البحرية".

وأردف: "لكن في الحالة العادية، حتى في الولايات المتحدة، كان يستغرق شهورًا طويلة، وكانت كذلك الأخبار المتعلقة بالأسواق بطيئة، فالخبر قد يُنشر بعدها بيومين أو 3، وكانت أوبك تجتمع مرتين سنويًا، وكل الأمور هادئة، ولكنها تعقّدت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، بعدما زادت سرعة كل شيء".

وأشار إلى أن أول ما زادت سرعته كان بسبب ثورة الصخري، إذ إن الأمور تختلف عن الاستثمار التقليدي، لأن النفط الصخري مكانه معروف تمامًا، ولا حاجة إلى البحث عنه لمدة طويلة، فهو معروف وموجود في أيّ طبقة وعلى أيّ عمق، وكذلك الكميات، وبالإمكان استخراجه خلال 6 أسابيع، أي بسرعة شديدة.

النفط
تجهيزات بأحد الحقول لمواصلة التنقيب عن النفط الصخري في أميركا - الصورة من Financial Times

لذلك، وفق الدكتور أنس الحجي، تسارعت الدورة الإنتاجية بشكل كبير، وفي الوقت نفسه، أصبح بالإمكان تعديل الأمر بسرعة في حالة انخفاض الأسعار، لأن قرارات الاستثمار أثرها يمتد لأسابيع فقط، مضيفًا: "ولكن تسارعت أشياء أخرى، إذ استثمر تجّار السلع أموالًا ضخمة في حواسيب فائقة السرعة، لأن الـ20 ثانية أصبحت لها قيمة، إذ يمكن شراء وبيع وتحقيق ملايين الدولار فقط بفارق 20 ثانية".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق