أنسيات الطاقةالتقاريرتقارير النفطسلايدر الرئيسيةنفط

أنس الحجي: الصين تقتنص صدارة طاقة التكرير عالميًا من أميركا.. وتدير علاقاتها بتوازن (صوت)

الطلب على النفط في الصين يرتبط بنمو اقتصادها

أحمد بدر

قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن الصين أصبحت صاحبة أكبر طاقة تكريرية في العالم، وتجاوزت الولايات المتحدة، التي سيطرت على هذا المركز خلال 80 عامًا.

وأضاف الحجي، في حلقة جديدة من برنامجه "أنسيات الطاقة"، قدّمها بمساحات تويتر، تحت عنوان "هل تنافس روسيا السعودية ودول الخليج في الصين؟"، أن بكين تخطط على المدى الطويل، إذ إنها تركّز في أعمالها على المديين المتوسط والطويل، وتحافظ على التوازن في علاقاتها، سواء تجاريًا أو سياسيًا.

وأوضح أن الصين -وهي أكبر مستورد للنفط الخام في العالم وأكبر مستورد للنفط الخليجي- في هذا الجانب المتوازن، تختلف عن الهند تمامًا، إذ إن السياسة الهندية تعاني تخبّطًا كبيرًا، وأبرز الأمثلة على ذلك خبر زيادة الضرائب على الصادرات النفطية هناك.

وتابع: "هذا الخبر يقود إلى آخر مهم، وهو أن حكومة سوناك البريطانية تحاول العودة للاستثمار والتنقيب في بحر الشمال، بعد محاربة شديدة من الحكومات السابقة بسبب سياسات التغير المناخي، الآن تريد أن تعود، لأنهم أدركوا تمامًا أن أزمة الطاقة الأوروبية كانت مدمرة، ومات عدد كبير من الناس في الشتاء الماضي بسببها".

ولفت إلى أن "هذه الأزمة ستتكرر كل عام، لذلك من الواضح أنهم يبحثون عن مصادر محلية، وعليهم العودة إلى بحر الشمال، ولكن كما هي الحكومة الهندية -ولا أقصد هنا أن الحاكم هندي أو من أصول هندية- إذ هناك تخبّط في السياسات البريطانية بشكل كبير".

الاستثمار في الصين والهند

قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة الدكتور أنس الحجي، إن هناك إشكالًا فيما يخصّ الهند، فالوضع في نيودلهي غير مشجع على الاستثمار على الإطلاق، بسبب تغيير القوانين والسياسات، بجانب حدّة الوطنية عند الحزب الحاكم، الذي ينظر لكل من يحاول الانتفاع بأيّ استثمار على أنه عدو.

وأضاف أن هذا يحدث الآن في بريطانيا، التي شهدت تخبطًا في السياسات عندما ارتفعت الأسعار فرضت حكومة سوناك ضرائب إضافية على أرباح الشركات، فانسحبت الشركات وحولت استثماراتها إلى مكان آخر، متابعًا: "فالقضية هنا أن الشركات عندما تريد الاستثمار تريد بيئة قانونية مستقرة".

وبالنسبة للصين، أوضح أن الملاحظة الأولى التي يجب ذكرها، عند الحديث عن العلاقة بين النمو الاقتصادي ونمو الطلب على النفط، أنه -تاريخيًا- كان هناك ارتباط كبير بين النمو الاقتصادي ونمو الطلب على النفط في كل البلاد المتقدمة والناجحة.

الطلب على النفط في الصين

وتابع الدكتور أنس الحجي: "لكن مع الزمن -خاصة في الدول المتقدمة- ضعفت هذه العلاقة، بسبب أن هذه البلاد نقلت مصانعها لدول أخرى مثل الصين والهند، وركّزت على قطاع الخدمات الذي يستهلك طاقة أقلّ، ومن ثم ضعفت العلاقة بين الطلب على الطاقة بشكل عام من جهة، والنمو الاقتصادي من جهة أخرى".

 

وأكد أن هذه ليست الحالة في الدول أو اقتصادات الدول الناشئة عمومًا، إذ هناك ارتباط قوي بين النمو الاقتصادي والطلب على النفط، كما رأينا في الصين والهند ودول أخرى تاريخيًا، إلّا أن هذه العلاقة منذ 2018 حتى الآن بدأت تضعف نسبيًا، أي إنها ما زالت قوية، ولكنها أضعف من قبل.

وأرجع الحجي ذلك إلى استقرار الاقتصاد الصيني من ناحية تقسيم القطاعات ونمو قطاع الخدمات بشكل كبير، مقارنة بالقطاعات الأخرى، بالإضافة إلى زيادة الكفاءة في الاستعمال وتطور التكنولوجيا، إذ تحسَّن الاستعمال بشكل كبير، ومن هذا التحسّن -بالطبع- محركات سيارات وغيرها.

وأشار إلى أنه لا يمكن لأيّ شخص أن يقتنع بأن الطلب العالمي على النفط اقترب من ذروته، مثلما قالت شركة النفط البريطانية "بي بي" وبنوك ومؤسسات استشارية، إن الطلب بلغ ذروته في 2019، وكان حينها في حدود 100 مليون برميل.

ويوضح الجدول التالي، من إعداد منصة الطاقة المتخصصة، توقعات الطلب العالمي على النفط والمعروض في 2024:

توقعات الطلب على النفط في 2024

الآن، وفق أنس الحجي، فإن التوقعات تشير إلى أن الطلب في نهاية 2024 سيكون في حدود 105 ملايين برميل، أي هناك فارق 5 ملايين برميل عن الذروة التي سبق الحديث عنها، مضيفًا: " الغريب في الأمر أن هناك توقعات من 2018 بأن يصل الطلب العالمي إلى 105 ملايين في 2028، والآن سنبلغ ذلك مبكرًا بنحو 4 سنوات عن الوقت المتوقع".

السيارات الكهربائية ونمو الطلب على النفط

قال خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن فكرة قضاء السيارات الكهربائية على النمو الطلب على النفط غير صحيحة، موضحًا أن الحديث عن السيارة الكهربائية أصبح ذا شجون، بسبب كمّ المعلومات الخاطئة التي تُنشر في كل مكان، إذ إن أيّ معلومات عنها تنشرها وسائل الإعلام بسرعة، وغالبًا في الصفحات الأولى.

الطلب على النفط في الصين

وأضاف الدكتور أنس الحجي: "الغريب أن التقارير ربع السنوية لشركات السيارات نُشرت خلال الأسبوعين الماضيين، فنشرت وسائل الإعلام كل شيء يمكن نشره.. فعندما ترصد تقريرًا لشركة سيارات هناك نمو المبيعات، الذي يُكتب عادةً على شكل أرقام، أي نقول: زادت المبيعات من 120 ألفًا إلى 140 ألف سيارة، أي هناك زيادة 20 ألف سيارة، ونذكر نسبة الزيادة، ولكن ما تنشره وسائل الإعلام هي النِّسب فقط، ولا تنشر الأرقام".

وفسّر الدكتور أنس الحجي هذه التصرفات من جانب وسائل الإعلام بأنها تعكس تحيُّزهم، إذ يريدون إقناع القارئ بأن المبيعات زادت 58% أو 150%، ليعطوه شعورًا بأنه الوحيد الذي لم يشترِ سيارة كهربائية، بينما كل الناس اشتروها.

وأوضح أن السيارات المبيعة في أميركا، رغم كل الدعم الكبير للسيارات الكهربائية، خفضت الطلب على النفط بمقدار 600 برميل يوميًا فقط، وهو ما يعادل إنتاج بئر واحدة في شمال تكساس، إذ تنتج الآبار هناك بين 600 و1000 برميل يوميًا، وهناك طبعًا مئات الألوف من الآبار في الولايات المتحدة.

ولفت إلى أن الفكرة الرئيسة هنا أن هناك ارتباطًا بين نمو الاقتصاد الصيني والطلب على النفط، ولكن هذا الارتباط بدأ ينخفض منذ عام 2018 بسبب زيادة حجم الاقتصاد الخدمي في الاقتصاد الصيني، منذ بداية العام، لا سيما أن 2022 شهد إغلاقات تامة هناك خفضت الطلب على النفط بشكل كبير، ولكن هذه الإغلاقات انتهت مع بداية العام الحالي 2023.

ويوضح الرسم البياني التالي، من إعداد منصة الطاقة المتخصصة، حجم الطلب على النفط في الصين خلال المدة بين 2012 و2023:

الطلب على النفط في الصين

وتابع الدكتور أنس الحجي: "أغلب الخبراء والمحللين توقّعوا نموًا كبيرًا لاقتصاد بكين، ومن ثم نموًا كبيرًا في الطلب على النفط، وبعده ترتفع أسعار النفط"، ولكنه تساءل: لماذا فشل أغلب الخبراء والمحللين بمعرفة الوضع في الصين؟.

وأشار إلى وجود مشكلات عديدة، ولكن أهم ما يجب الانتباه له أن هناك فارقًا بين استهلاك النفط والطلب على النفط، أي ما تستورده الدولة وما تستهلكه، وهو ما لن ينتبه له الخبراء، لأنهم رأوا أن هناك زيادة كبيرة في واردات الصين من النفط، ومن ثم استنتجوا أن الطلب على النفط في زيادة كبيرة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق