التقاريرتقارير الطاقة المتجددةرئيسيةطاقة متجددة

مدينة الملك سلمان للطاقة.. خطوة سعودية باتجاه التنمية المستدامة

أحمد أيوب

تبرز مدينة الملك سلمان للطاقة (سبارك) بصفتها من أكبر المشروعات التي تتبنّاها السعودية ضمن خطتها المستدامة لعام 2030، لا سيما أن المدينة تؤدي دورًا مُهمًا في ملف تحول الطاقة في المملكة، لاعتمادها على مصادر الطاقة النظيفة بشكل كبير.

وتستهدف مدينة "سبارك" السعودية إقامة منظومة صناعية تضم جميع سلاسل القيمة في قطاع الطاقة، ما يجعلها فرصة هائلة أمام المستثمرين من جميع أنحاء العالم لإقامة مشروعاتهم، بحسب ما صرّح به الرئيس التنفيذي للمدينة، سيف القحطاني في مقابلة أجراها معه موقع إنرجي يير (Energy Year).

وتحرص مدينة الملك سلمان للطاقة على تسهيل إجراءات المستثمرين الذين يرغبون في إقامة استثمارات بالمنطقة، عبر تقديم جميع الخدمات المطلوبة في مكان واحد، ما يختصر الوقت والجهد للحصول على الموافقات اللازمة، بحسب ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

مدينة سبارك للطاقة

أطلقت المملكة رؤيتها التنموية لعام 2030 باسم "رؤية سعودية مستدامة"، وفي هذا الإطار تستهدف الدولة الخليجية الأقوى اقتصاديًا دعم مشروعات انتقال الطاقة، وهو تحدٍّ حقيقي، لا سيما أنها ثاني أكبر منتج للنفط عالميًا.

من هذا المنطلق، تحرص المملكة على دعم مشروع مدينة الملك سلمان للطاقة التي تُعدّ مدينة صناعية لسلسلة قيمة الطاقة بمجالاتها المختلفة، وتمتد على مساحة 50 كيلومترًا مربعًا.

جزء من تصميم منشآت مدينة الملك سلمان للطاقة
جزء من تصميم منشآت مدينة الملك سلمان للطاقة - الصورة من الموقع الرسمي لرؤية المملكة 2030

تقع "سبارك" في المنطقة الشرقية للمملكة، وهي منطقة تشتهر بمواردها من النفط والغاز وبزيادة الطلب فيها على سلع وخدمات الطاقة، وفق ما رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

وتخطط المملكة لأن تصبح مدينة الملك سلمان للطاقة مركزًا عالميًا لسوق الطاقة، إذ إنها توفر مجموعة من الخدمات المتكاملة لدعم المشروعات المختلفة في مجال الطاقة، عبر توفير البنية التحتية اللازمة وفقًا للمعايير الدولية في صناعات النفط والغاز والتكرير والبتروكيماويات والكهرباء ومعالجة المياه.

ويُنفَّذ المشروع على 3 مراحل، وانتهت غالبية المرحلة الأولى التي تشمل أعمال البنية التحتية والطرق والمرافق وبناء الأصول العقارية التي أُقيمت على مساحة 14 كيلومترًا مربعًا، بالإضافة إلى إنشاء ميناء جاف على مساحة 3 كيلومترات مربعة ومنطقة لوجستية.

ويمكن الوصول إلى المدينة من مطار الملك فهد الدولي وميناء الملك عبد العزيز، والطريق السريع لدول مجلس التعاون الخليجي، ومن المُخطط ربطها بالدول المجاورة عبر خط سكة حديد دول مجلس التعاون الخليجي المستقبلي.

مشروعات مدينة الطاقة السعودية

يبدو أن العمل في خطة إنجاح مدينة الملك سلمان للطاقة يمضي على قدم وساق، فالمدينة -منذ الربع الأول من العام الجاري (2023)- اعتُمدت بها 40 شركة تعتزم إقامة مشروعات مستقبلية.

ويهدف المشروع إلى المساهمة بمبلغ 150 مليار دولار أميركي في الناتج المحلي الإجمالي السعودي بحلول عام 2050، وتوفير 100 ألف فرصة عمل.

وتختلف درجات تنفيذ المشروعات بالمدينة، إذ بدأت مجموعة من المشروعات في العمل والإنتاج، وهناك مشروعات أخرى قيد الإنشاء، كما أن كثيرًا من المشروعات في مرحلة التصميم.

وحتى الآن، خُصصت 80% من الأراضي المتاحة ضمن المرحلة الأولى لمشروعات تُقدَّر الاستثمارات فيها بـ3 مليارات دولار أميركي، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

وإحدى أهم الشركات التي حصلت ترخيص داخل مدينة الملك سلمان للطاقة هي شركة سبارك يوتليتيز (Spark Utilities)، وهي ثالث شركة في المملكة تحصل على ترخيص من هيئة تنظيم المياه والكهرباء لتوزيع وبيع الكهرباء في السعودية.

وتوفر "سبارك يوتليتيز" للمستثمرين خدمات المرافق، ما يتيح لهم الحصول على الكهرباء والمياه والغاز بشكل مستدام، كما شهدت مدينة الملك سلمان للطاقة تأسيس شركة سبارك لوجيستيكس (Spark Logistics) لإدارة وتشغيل ميناء سبارك الجاف ومنطقة الخدمات اللوجستية.

وتوفر الشركة خدمات مناولة الحاويات وشحن البضائع السائبة والمشاريع والتخزين والتخليص الجمركي والحلول اللوجستية المختلفة.

ومن المخطط أن يعمل الميناء الجاف على تسريع تطوير المنطقة الشرقية، بوصفها قوة لوجستية إقليمية، مع دمج السكك الحديدية المستقبلية لدول مجلس التعاون الخليجي وشبكة الطرق الواسعة المتصلة بموقع مدينة الملك سلمان للطاقة.

"سبارك" وسلاسل القيمة والتوريد

تستهدف الحكومة السعودية أن تكون مدينة الملك سلمان للطاقة موطنًا لسلاسل القيمة لمجالات الطاقة المختلفة، ويشمل ذلك مُصنّعي مكونات المشروعات، ومُقدّمي الخدمات.

وفي هذا السياق، يركّز المخطط العام للمدينة على إقامة صناعات في قطاعات الطاقة الرئيسة، مثل النفط والغاز، والبتروكيماويات، والكهرباء، بالإضافة إلى القطاعات الناشئة، مثل الطاقة المتجددة، والمواد غير المعدنية، واحتجاز الكربون وتخزينه، فضلًا عن قطاع الهيدروجين.

جزء من منشآت مدينة الملك سلمان للطاقة
جزء من منشآت مدينة الملك سلمان للطاقة - الصورة من موقع رؤية السعودية 2030

تجدُر الإشارة إلى أن المملكة العربية السعودية تمثّل أكثر من 50% من الطلب على المعدّات المتعلقة بالطاقة في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي.

واتصالًا بذلك، خُططت مدينة الملك سلمان للطاقة لربط المناطق الصناعية معًا بسلاسة، إذ تتصل المصانع والورش والساحات ومنطقة الخدمات اللوجستية مع المناطق السكنية والتعليمية والتجارية النابضة بالحياة.

وبناءً على ذلك، يُحدد موقع الصناعات القائمة في مجالات الطاقة المختلفة، لتزويدها بشكل أفضل بنظام بيئي مصمم خصوصًا ليدعم احتياجات هذه الصناعات.

على سبيل المثال، أُنشئ مركز مُخصص للصناعات غير المعدنية التي تدعم تكامل سلاسل التوريد الخاصة بها، كما أُقيم مركز رقمي حيث يوجد مزوّدو الخدمات الرقمية ومصنّعو المكونات ومراكز البيانات.

وفي هذا الصدد، فإن مركز "سبارك الرقمي" من المخطط له العمل أساسًا بوصفه حاضنة ومركز ابتكار للشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة، ويُطور هذا المركز بالشراكة مع أرامكو والعديد من الكيانات الأخرى.

مدينة الطاقة السعودية والاستدامة

حصلت مدينة الملك سلمان للطاقة على شهادة برنامج (الريادة في الطاقة والتصميم البيئي) الذي يعدّ نظامًا معترفًا به دوليًا لإصدار شهادات المباني الخضراء، والتحقّق من تصميم المنشآت وفقًا للمعايير البيئيّة ومقاييس الاستدامة الرئيسة.

وتشتمل مقاييس الاستدامة الرئيسة على: توفير الطاقة، وكفاءة المياه، وتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وتحسين جودة البيئة الداخلية، والإشراف على الموارد، والتعامل الفعّال مع تأثيراتها.

ومن المخطط لمدينة "سبارك" امتلاك محطة طاقة شمسية عملاقة لتوليد الكهرباء النظيفة لتوزيعها على المستأجرين، بطاقة 100 ميغاواط من الطاقة الشمسية بحلول عام 2025، والتي تمثّل 50% من مزيج الطاقة لدى المدينة.

واتصالًا بذلك، اعتمد المبنى الإداري للمدينة على تقنيات مبتكرة وممارسات المستدامة، إذ استعمل في إنشائه مواد مستدامة، مثل الخرسانة الخضراء، كما استبدل حديد التسليح التقليدي بالبوليمر المقوى بالألياف الزجاجية في بعض الإنشاءات، ما أدى إلى انخفاض وزن الهيكل بنسبة 74%.

وتعطي مدينة الملك سلمان للطاقة أيضًا الأولوية للطاقة المتجددة، وتعمل مصابيح الشوارع بها من خلال الطاقة الشمسية، كما تستعمل الخلايا الكهروضوئية الرأسية وبطاريات الليثيوم أيون لتخزين الطاقة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق