التقاريرتقارير الغازتقارير دوريةدول النفط والغازروسيا وأوكرانياسلايدر الرئيسيةغازموسوعة الطاقةوحدة أبحاث الطاقة

روسيا.. قوة عالمية كبرى في صناعة النفط والغاز

حُدِّثَ التقرير يوم 11 يونيو 2025

وحدة أبحاث الطاقة

بدأت صناعة النفط العالمية في روسيا القيصرية وتطورت بصورة كبيرة حتى أصبحت روسيا أكبر منتج للنفط والغاز في العالم، قبل أن تأتي ثورة الصخري الأميركية وتقتنص الولايات المتحدة المركز الأول عالميًا.

وتملك روسيا حصة كبيرة من احتياطي وإنتاج النفط والغاز العالمي، كما أنها محط الأنظار في الوقت الراهن وسط الحرب الروسية الأوكرانية، التي لم تضع أوزارها حتى الآن، وأسهمت في تغيير مشهد الطاقة العالمي، سواءً من ناحية تجارة الوقود الأحفوري؛ إذ تسعى أوروبا لفطم نفسها عن الإمدادات الروسية، في الوقت الذي عملّت الصين والهند وعدّة دول أخرى على تعزيز أمن الطاقة وزيادة وارداتها من موسكو، أو من جهة تسريع التحول الأخضر حتى لا تجد الدول الأوروبية نفسها أسيرة مجددًا لارتفاعات قياسية في أسعار الطاقة.

وتتربع موسكو على عرش احتياطيات الغاز الطبيعي عالميًا، في حين تحتل المركز الثاني من حيث إنتاج الغاز، بينما تُعد ثالث أكبر منتج للنفط -بعد الولايات المتحدة والسعودية- وفق رصد وحدة أبحاث الطاقة لبيانات الدول حسب الاحتياطيات والإنتاج.

وكانت روسيا على رأس منتجي النفط، الذين شاركوا في تكوين تحالف مؤيد لأوبك مكون من منتجي الخام من خارج المنظمة، وهو ما عُرِفَ باسم تحالف أوبك+ عام 2016، وذلك بهدف تحقيق استقرار أسعار النفط، لتصبح الآن عنصرًا فاعلًا في المجموعة.

ومع الزخم الكبير الذي تشهده صناعة النفط والغاز في روسيا؛ فإن التحوّل الأخضر لم يجد لنفسه -حتى الآن- مكانة في أجندة الحكومة الروسية، رغم أنها من أكبر مُصدري الانبعاثات الضارة عالميًا.

اكتشاف النفط في روسيا

بدأ التنقيب عن النفط في روسيا القيصرية خلال القرن الـ19 في بئر بالقرب من مدينة باكو -عاصمة أذربيجان حاليًا- وهى أُمّ صناعة النفط العالمية، والتي كانت إحدى جمهوريات الاتحاد السوفيتي، بحسب ما نقلته وحدة أبحاث الطاقة عن مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي.

وابتداءً من سبعينيات القرن الـ19، أنهت الحكومة الروسية الاحتكار وفتحت منطقة باكو أمام الشركات الخاصة المنافسة وأصبحت البلاد منتجًا عالميًا بحلول عام 1900.

وبعد باكو، كانت منطقة (الفولغا - الأورال) ثاني المناطق التي شهدت اكتشاف النفط في الاتحاد السوفيتي، واستغرقت المنطقة عدّة سنوات بين الاكتشاف وبدء إنتاج النفط (خلال المدة من عام 1929 وحتى نهاية أربعينيات القرن العشرين).

وأصبحت غرب سيبيريا ثالث أكبر منطقة منتجة للنفط في الاتحاد السوفيتي والأكبر في تاريخ البلاد عام 1968، بعد اكتشافه لأول مرة عام 1960.

وكان للنفط الروسي دور كبير في إمبراطورية الاتحاد السوفيتي، وبعد تفككه وفر النفط والغاز الطبيعي 80% من العملة الصعبة لروسيا.

احتياطيات النفط الروسي

تقع غالبية احتياطيات روسيا من النفط في غرب سيبيريا، بين جبال الأورال وهضبة سيبيريا الوسطى، وفي منطقة الفولغا - الأورال، وتمتد إلى بحر قزوين.

وتمثل حقول يامبرغ (Yamburg) ويورنغوي (Urengoy) وميدفيزهي (Medvezhye) وحدها أكثر من 40% من هذه الاحتياطيات.

وبلغت احتياطيات روسيا المؤكدة من النفط نحو 107.8 مليار برميل بنهاية 2020، وفق آخر بيانات المراجعة الإحصائية السنوية الخاصة بمعهد الطاقة البريطاني، وهذا يكفي لنحو 80 عامًا بمعدلات الإنتاج الحالية.

وبلغت احتياطيات النفط في روسيا مستوى 116.1 مليار برميل عام 1991، وهو أول عام بدأت فيه شركة النفط البريطانية بي بي (ومن بعدها معهد الطاقة) رصد بيانات الاحتياطيات الروسية، ولم تصل إلى هذا المستوى منذ ذلك الحين.

وتشير تقديرات أويل آند غاز جورنال -التي تتفق مع بيانات منظمة أوبك- إلى أن احتياطيات النفط الروسي بلغت 80 مليار برميل بنهاية 2023، دون تغيير عن العامين السابقين، مع الوضع في الحسبان اختلاف منهج الرصد بين تقديرات معهد الطاقة البريطاني وأويل آند غاز جورنال.

ويرصد الرسم البياني التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- تطور احتياطيات النفط الروسي منذ عام 1991 حتى 2023:

احتياطيات روسيا من النفط

إنتاج النفط الروسي

تنتج روسيا 8 أنواع رئيسة من النفط الخام، ويُعد الأورال هو خام التصدير الرئيس، ونفط خام متوسط ​​الحموضة.

ومع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية وتساقط العقوبات الغربية على موسكو؛ تزايدت توقعات تضرر إنتاج روسيا من النفط، لكن على النقيض من ذلك؛ أظهرت الإمدادات الروسية مرونة كبيرة خلال الأزمة، التي لم تنتهِ بعد.

وفي ظل العقوبات الغربية وقرارات تحالف أوبك+، بلغ إنتاج النفط الخام الروسي 8.98 مليون برميل يوميًا، خلال شهر أبريل/نيسان 2025، وفق أحدث التقارير الشهرية الصادرة عن منظمة أوبك، بانخفاض عن متوسط الإنتاج في عامي 2024 و2023 عند 9.19 مليونًا، و9.59 مليون برميل يوميًا على التوالي.

الرسم التالي، من إعداد وحدة أبحاث الطاقة، يرصد إنتاج النفط الخام الروسي شهريًا منذ بداية عام 2024:

إنتاج روسيا من النفط الخام

وجاء مستوى إنتاج أبريل/نيسان 2025 قريبًا من حصة موسكو ضمن اتفاق دول الخفض الطوعي في أوبك+، حيث بدأت 8 دول بقيادة السعودية، بداية من أبريل/نيسان الماضي، التخلّص التدريجي من التخفيضات الطوعية البالغة 2.2 مليون برميل يوميًا، التي بدأت يناير/كانون الثاني 2024.

وقررت الدول الـ8 رفع سقف إنتاج النفط بمقدار 411 ألف برميل يوميًا خلال مايو/أيار ويونيو/حزيران ويوليو/تموز من العام الجاري، لتكون حصة روسيا عند 9.083 مليونًا و9.191 مليونًا و9.24 مليونًا على التوالي.

ويُذكر أن موسكو تشارك في سياسة إلزامية لخفض إنتاج النفط ضمن تحالف أوبك+ بمقدار مليوني برميل يوميًا، بدءًا من نوفمبر/تشرين الثاني 2022 حتى نهاية عام 2026، إلى جانب المشاركة في تخفيضات طوعية ضمن 9 دول من أوبك+، بإجمالي 1.6 مليون برميل يوميًا منذ مايو/أيار 2023 حتى نهاية العام المقبل.

أمّا بالنسبة إلى إنتاج النفط الخام والمكثفات والسوائل الغازية في روسيا، فقد بلغ 10.32 مليون برميل يوميًا خلال عام 2024، وفق تقديرات حكومية أولية على لسان نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك.

وبالعودة إلى الوراء، وتحديدًا في عام 2021، قبل الغزو الروسي لأوكرانيا، بلغ إنتاج النفط في روسيا 11 مليون برميل يوميًا، مقابل 10.66 مليون برميل يوميًا خلال عام 2020، وفقًا لبيانات معهد الطاقة -التي ترصد إنتاج النفط الخام والمكثفات والسوائل الغازية-.

وبحسب الرصد التاريخي بدايةً من عام 1985، بلغ إنتاج النفط الروسي أعلى مستوى على الإطلاق عام 2019 عند 11.679 مليون برميل يوميًا، وأقل مستوى في عام 1996، عند 6.062 مليونًا، كما يُظهر الرسم التالي:

إنتاج النفط في روسيا

وفي عام اندلاع الغزو الروسي لأوكرانيا (2022)، بلغ إنتاج النفط الروسي 11.2 مليون برميل يوميًا، قبل أن يهبط إلى 11.07 مليون برميل يوميًا خلال عام 2023، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

وبالعودة إلى عام 2020، فقد أثرت تداعيات جائحة كورونا -من انهيار الأسعار وانخفاض الطلب على النفط- سلبًا في إنتاج النفط، إلى جانب تخفيضات الإنتاج ضمن اتفاق تحالف أوبك+، قبل البدء في زيادة تدريجية للإنتاج مع تعافي أسعار النفط من صدمة الجائحة.

وتعافى الاقتصاد العالمي بوتيرة سريعة وازداد الطلب؛ ما أسفر في النهاية عن تسارع التضخم، لتبدأ المصارف المركزية حملتها لكبح جماحه عبر رفع أسعار الفائدة بصورة كبيرة؛ لدرجة أدّت إلى تزايد مخاوف الركود.

ونتيجة لذلك قرر تحالف أوبك+ خفض إنتاج النفط مليوني برميل يوميًا بدءًا من نوفمبر/تشرين الثاني 2022 حتى نهاية عام 2023، وهو القرار، الذي سبقه عدّة مراجعات شهرية للإنتاج، ثم تمديده فيما بعد عدّة مرات، ليكون من المقرر أن ينتهي بنهاية 2026.

وكان لذلك -إلى جانب التخفيضات الطوعية التي تبعته- تأثير في خفض إنتاج الخام الروسي إلى أقل من 9 ملايين برميل يوميًا أوائل 2025.

صادرات النفط الروسي

استهلكت موسكو أكثر من 3.6 مليون برميل يوميًا من النفط بنهاية 2023، وفق آخر تقديرات المراجعة الإحصائية السنوية لمعهد الطاقة، في حين تشير تقديرات وكالة الطاقة الدولية إلى أن الطلب الروسي على النفط تجاوز 3.8 مليونًا خلال 2024، ما يعني وجود فائض كبير للتصدير.

ويستعرض الرسم الآتي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- استهلاك النفط في روسيا بين عامي 1985 و2023:

استهلاك النفط في روسيا

في المقابل، بلغت صادرات روسيا من النفط الخام والمشتقات النفطية 7.5 مليون برميل يوميًا في عام 2024، انخفاضًا من 7.9 مليونًا في العام السابق له، وفق تقديرات وكالة الطاقة الدولية.

واستحوذت الصين والهند على أكثر من الصادرات الروسية بنحو 2.4 مليونًا و1.9 مليون برميل يوميًا على التوالي خلال عام 2024.

بينما تشير أحدث البيانات الشهرية من الوكالة الدولية إلى ارتفاع متوسط صادرات النفط الروسي إلى 7.6 مليون برميل يوميًا (4.9 مليونًا من الخام وحده) في أبريل/نيسان المنصرم، كما يُظهر الرسم أدناه:

صادرات روسيا من النفط الخام والمشتقات

وتشير بيانات وحدة أبحاث الطاقة لانخفاض صادرات الخام الروسي إلى 3.54 مليون برميل يوميًا في مايو/أيار المنصرم، مقابل 3.61 مليونًا في الشهر السابق له.

وقبل تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا (2022)، بلغت صادرات روسيا من النفط الخام والمكثفات مستوى 4.7 مليون برميل يوميًا في 2021؛ ما يعادل أكثر من 45% من إجمالي الإنتاج، وفق ما نقلته إدارة معلومات الطاقة الأميركية عن مؤسسة غلوبال تريد تراكر.

وكانت دول أوروبا لدى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية هي المستورد الرئيس، بمقدار 49% من إجمالي صادرات الطاقة الروسية، تليها منطقة آسيا وأوقيانوسيا بمقدار 38%.

وعلى مستوى الدول، استوردت الصين وحدها ثلث صادرات النفط الخام والمكثفات الروسية عام 2021، ما يعادل 1.4 مليون برميل يوميًا، وهذا يُقارَن بنحو 2.4 مليونًا عام 2024، ما يشير إلى نجاح روسيا في إيجاد طرق أخرى لبيع منتجاتها بعيدًا عن الحظر الأوروبي.

وتضخ روسيا أكثر من 85% من إجمالي صادرات النفط الخام عبر خطوط أنابيب شركة ترانسنفط، المملوكة للدولة، وكانت أوروبا المستورد الرئيس للنفط الروسي؛ إذ شكّلت أكثر من نصف صادرات النفط الروسية حتى نهاية 2021.

وأدّت العقوبات المرتبطة بالغزو الروسي لأوكرانيا إلى تسريع التحول في تجارة الطاقة الروسية نحو آسيا، مع استحواذ الصين والهند -حاليًا- على أكثر من نصف الصادرات الروسية من النفط الخام ومنتجاته.

ويأتي ذلك، بعدما انقلب الوضع رأسًا على عقب منذ اندلاع غزو أوكرانيا؛ إذ بدأ الاتحاد الأوروبي تقليص وارداته من النفط الروسي، بل فرض حظرًا عليها، في الوقت الذي سعت فيه الصين والهند وتركيا إلى استيراد المزيد من خام موسكو، الذي يُباع بخصم، نتيجة تأثير العقوبات الغربية.

واتفقت دول الاتحاد الأوروبي والحلفاء الغربيون على حظر واردات النفط الخام الروسي بدءًا من 5 ديسمبر/كانون الأول 2022، إلى جانب فرض سقف سعري عند 60 دولارًا للبرميل.

وفي بداية فبراير/شباط 2023، دخل حظر آخر على المشتقات النفطية الروسية حيز التنفيذ، إلى جانب سقف سعري يصل إلى 100 دولار للبرميل للمنتجات الأعلى سعرًا، مثل وقود الديزل والبنزين، ونحو 45 دولارًا للبرميل بالنسبة إلى المنتجات الأقل جودة.

ورغم ذلك؛ تُظهر بيانات وكالة الطاقة الدولية، أن كمية صادرات روسيا من النفط أثبتت مرونة كبيرة ضد العقوبات الغربية؛ فرغم تراجعها بصورة طفيفة في الأشهر الأولى للحرب؛ فإنها عادت سريعًا للارتفاع إلى مستويات ما قبل الغزو؛ إذ عوّضت زيادة الصادرات إلى الصين والهند بصفة خاصة، انخفاض الواردات الأوروبية، وإن كانت الإيرادات قد تضرّرت بصورة ملحوظة بسبب المقاطعة الأوروبية من جهة، ورغبة الحكومة الروسية إيجاد أسواق أخرى من جهة ثانية، أما السقف السعري المفروض على الخام والمنتجات النفطية الروسية، فهناك خلاف بين الخبراء حول أثره، حيث يرى البعض أنه لا أثر له على الإطلاق.

الغاز الطبيعي في روسيا

تُعَد روسيا أكثر دول العالم امتلاكًا لاحتياطيات الغاز الطبيعي؛ إذ بلغت 37.4 تريليون متر مكعب بنهاية 2020، مقابل 37.6 تريليون متر مكعب في العام السابق له، وفقًا لآخر بيانات معهد الطاقة البريطاني.

فيما تشير تقديرات أويل آند غاز جورنال إلى أن احتياطيات روسيا من الغاز الطبيعي بلغت 1688 تريليون قدم مكعبة (47.8 تريليون متر مكعب) بنهاية 2023، كما يستعرض الرسم الآتي:

احتياطيات الغاز المؤكدة في روسيا

بينما تحتل موسكو المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة في قائمة الدول الأكثر إنتاجًا للغاز الطبيعي؛ إذ بلغ إنتاج روسيا 586 مليار متر مكعب في 2023، انخفاضًا من 618 مليار متر مكعب عام 2022، مع تراجع الطلب على الغاز الروسي من جانب دول الاتحاد الأوروبي، قبل أن يعاود الارتفاع إلى 685 مليار متر مكعب عام 2024، بحسب بيانات وكالة الطاقة الدولية.

وتسيطر الشركات الحكومية في روسيا على قطاع الغاز الطبيعي، ولا سيما شركة غازبروم، التي تمتلك أكثر من 70% من الاحتياطيات المؤكدة للبلاد، والمسؤولة عن 73% من إنتاج الغاز.

ويرصد الرسم البياني التالي، الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة، إنتاج الغاز الطبيعي في روسيا منذ عام 1985 حتى 2024:

إنتاج الغاز الطبيعي في روسيا

وكسرت روسيا سيطرة الولايات المتحدة على لقب الأكثر إنتاجًا للغاز عالميًا في الثمانينيات، وأخذت زمام المبادرة حتى 2011، حينما عادت أميركا مجددًا إلى الريادة، مع طفرة النفط والغاز الصخريين.

وفيما يتعلق باستهلاك روسيا للغاز الطبيعي؛ فقد سجّل مستوى 453 مليار متر مكعب عام 2023، وفقًا بيانات معهد الطاقة، في حين تشير بيانات وكالة الطاقة الدولية إلى أن الطلب الروسي على الغاز سجّل 517 مليار متر مكعب خلال 2024، مثلما يُظهر الرسم التالي:

استهلاك الغاز الطبيعي في روسيا

صادرات الغاز الروسي

تشير التقديرات الحكومية من وزارة الاقتصاد إلى أن صادرات روسيا من الغاز عبر الأنابيب قد بلغت 80.4 مليار متر مكعب خلال عام 2024، ارتفاعًا من 69.3 مليار متر مكعب العام السابق له.

واستحوذت الاتحاد الأوروبي على 32 مليار متر مكعب من هذه الصادرات في 2024، لكن هذا الرقم سينخفض للنصف خلال 2025، مع توقُّف عبور الغاز الروسي عبر أوكرانيا، وهي المسار الذي كان ينقل 15 مليار متر مكعب سنويًا.

بينما تشير بيانات وحدة أبحاث الطاقة لارتفاع صادرات روسيا من الغاز المسال إلى 33.4 مليون طن في العام الماضي، مقابل 32.3 مليون طن في 2023، لتسجل مستوى قياسيًا جديدًا، مع استحواذ دول الاتحاد الأوروبي على نحو 50%.

وفي أول 5 أشهر من 2025، بلغت صادرات الغاز المسال الروسي 13.7 مليون طن، كما يرصد الرسم البياني التالي من إعداد وحدة أبحاث الطاقة، مع الوضع في الحسبان أن مليون طن من الغاز المسال يعادل 1.360 مليار متر مكعب:

صادرات روسيا من الغاز المسال

وفي 2021 -قبل غزو أوكرانيا- بلغت صادرات الغاز الروسية 36% من إجمالي الإنتاج؛ ما يعادل 8.9 تريليون قدم مكعبة (252 مليار متر مكعب)، مع استحواذ التصدير عبر خطوط الأنابيب على 84%، والباقي على هيئة غاز مسال، وفق إدارة معلومات الطاقة الأميركية.

وحسب إدارة معلومات الطاقة الأميركية، استوردت أوروبا نحو 6.6 تريليون قدم مكعبة (187 مليار متر مكعب) -الغالبية من غاز الأنابيب- من إجمالي صادرات الغاز الروسية البالغة 8.9 تريليون قدم مكعبة (252 مليار متر مكعب) خلال عام 2021، قبل أن تأتي الحرب الأوكرانية وتشهد واردات القارّة العجوز من موسكو انخفاضًا حادًا.

وبعد بناء خط أنابيب نورد ستريم 1، لتعزيز صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا، انتهت موسكو من بناء نورد ستريم 2، بسعة إجمالية تبلغ 55 مليار متر مكعب سنويًا، لنقل الغاز عبر بحر البلطيق إلى ألمانيا، لكن الإجراءات التنظيمية كانت عائقًا لبدء تشغيله، قبل أن تأتي الحرب الروسية الأوكرانية، لتعقّد الأمور، واضطرت ألمانيا إلى عدم الموافقة على بدء تشغيل الخط.

وردًا على العقوبات الغربية، أغلقت روسيا خط أنابيب نورد ستريم 1 -طريق التصدير الرئيس للغاز الروسي إلى الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة- بدءًا من أغسطس/آب 2022، لأجل غير مسمى، فضلًا عن توقّف إمداد الغاز من خلال خط أنابيب يامال عبر بولندا، بدءًا من منتصف مايو/أيار 2022.

تُجدر الإشارة إلى أنه في يوم 26 سبتمبر/أيلول (2022)، تعرّض خطا أنابيب نورد ستريم 1 و2 لتفجيرات متعمَّدة تسببت في إطلاق كميات هائلة من غاز الميثان، لكن ما يزال الفاعل مجهولًا حتى الآن، رغم إجراء عدّة تحقيقات حول ذلك.

ونتيجة لذلك، انخفضت واردات أوروبا من الغاز الروسي عبر خطوط الأنابيب بنسبة 50%، ما يعادل 83 مليار متر مكعب خلال عام 2022، لكن اتجهت دول الاتحاد الأوروبي إلى النرويج وأذربيجان لتعويض الغاز الطبيعي الروسي، فضلًا عن زيادة واردات الغاز المسال من أميركا بصفة خاصة.

وتراجعت الصادرات الروسية إلى دول الاتحاد الأوروبي بصورة أكبر خلال 2023، لتبلغ 27 مليار متر مكعب، أو ما يشكّل 17% من الإجمالي، لتكون ثالث المصدّرين إلى الكتلة بعد النرويج والجزائر، بحسب بيانات منتدى الدول المصدّرة للغاز، قبل أن ترتفع قليلًا إلى 32 مليار متر مكعب خلال عام 2024.

ومن جهة أخرى، احتفظت روسيا بالمركز الرابع عالميًا في قائمة أكبر مصدري الغاز الطبيعي المسال؛ إذ لم تتأثر صادرات موسكو من الغاز المسال نهائيًا، جراء أزمة غزو أوكرانيا، على عكس صادرات خطوط الأنابيب.

وتشهد صادرات روسيا من الغاز المسال المتجهة إلى الاتحاد الأوروبي زيادة مستمرة، وكانت موسكو ثاني أكبر الدول المصدرة إلى الكتلة في الربع الأول من 2025، كما يرصد الرسم أدناه من بيانات وحدة أبحاث الطاقة:

أكبر مصدري الغاز المسال إلى الاتحاد الأوروبي خلال الربع الأول من 2025

وتوجد في روسيا 4 محطات لإسالة الغاز، منها 3 محطات تعمل بأعلى من طاقتها التصميمية الإجمالية، تُقدَّر بنحو 29.3 مليون طن سنويًا، وهي سخالين-2، ويامال، وبورتوفايا، أمّا المحطة الرابعة -وهي أركتيك 2، بسعة متوقعة 19.8 مليون طن سنويًا-، فإنه رغم تشغيل وحدة الإسالة بقدرة إنتاجية 6.6 مليون طن سنويًا، اضطرت إلى وقف التصدير بسبب العقوبات الأميركية.

تحديات أمام صناعة النفط والغاز الروسية

تركّزت سياسة الدولة للنفط والغاز في الحفاظ على مستويات الإنتاج الحالية ودعم الشركات الحكومية، خاصة مع تعرُّض الاستثمار الأجنبي لضربة قوية في السنوات الماضية، وزاد الأمر سوءًا انسحاب الشركات الغربية من موسكو بعد غزو أوكرانيا.

وحتى قبل غزو أوكرانيا، واجه قطاع النفط والغاز الروسي أوقاتًا أكثر صعوبة في السنوات الأخيرة بصفة خاصة؛ بسبب انخفاض أسعار النفط وتراجع الاستثمار والتمويل جراء العقوبات الدولية، فضلًا عن تراجع الطلب العالمي في ضوء تداعيات فيروس كورونا.

وفي عام 2014، فرضت الولايات المتحدة عقوبات صارمة على موسكو، استهدفت على وجه التحديد 4 شركات طاقة روسية: نوفاتيك، وروسنفط، وغازبروم، وترانسنفط، وذلك ردًا على سياسات الحكومة الروسية فيما يتعلق بأوكرانيا، كما فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات مماثلة.

وفي مواجهة ذلك، عرضت الحكومة الروسية إعفاءات ضريبية لتشجيع الاستثمار في الموارد التي يصعب تطويرها، مثل الحقول البحرية في القطب الشمالي.

ومع ذلك، لم يتأثر إنتاج النفط في روسيا منذ بدء العقوبات المفروضة على قطاع النفط عام 2014، بل زاد إلى مستويات 11 مليون برميل يوميًا، من 10 ملايين برميل يوميًا في السنوات القليلة التي سبقت فرض العقوبات، في حين قد يكون التأثير قد جاء من جهة التكاليف الاقتصادية من أجل تحفيز مستويات إنتاج الخام ودعمها.

وما زاد من التحديات أن العقوبات الأميركية والأوروبية على روسيا جاءت عام انهيار أسعار النفط من متوسط ​​سعر خام برنت 109 دولارات للبرميل في النصف الأول من عام 2014 إلى متوسط ​​أقل من 50 دولارًا للبرميل في يناير/كانون الثاني التالي.

وتسبب كل من العقوبات وانخفاض أسعار النفط في الضغط على الاقتصاد الروسي بشكل عام؛ ما جعل من الصعب على شركات الطاقة الروسية تمويل مشروعات جديدة، لتتراجع عائدات الدولة من أنشطة النفط والغاز الطبيعي بشكل كبير.

وردًا على ذلك، عملت الحكومة الروسية على زيادة الإيرادات بطرق مختلفة؛ إذ أقبلت على تغيير ضريبة استخراج المعادن وضرائب التصدير على الهيدروكربونات عدة مرات في العامين التاليين لانخفاض أسعار الخام.

وبصفة عامة، شكّلت إيرادات الطاقة الروسية ما بين ثلث إجمالي عوائد الميزانية ونصفه، خلال العقد الماضي.

وارتفعت إيرادات النفط والغاز الروسية نحو 26% خلال عام 2024، لتصل إلى 11.13 تريليون روبل (108.22 مليار دولار)،

الكهرباء والطاقة المتجددة

مع اعتماد الاقتصاد الروسي بصورة كبيرة على الهيدروكربونات -النفط والغاز والفحم- فإن التحول للطاقة المتجددة لا يجد اهتمامًا كبيرًا لدى حكومة موسكو، رغم أنها تُعد من أكبر 5 دول إطلاقًا للانبعاثات الكربونية من قطاع الطاقة عالميًا؛ إذ بلغت انبعاثاتها 1.6 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون بنهاية 2023، بحسب بيانات معهد الطاقة، التي يرصدها الرسم التالي:

انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من قطاع الطاقة في روسيا

ومن ناحية أخرى، بلغ إجمالي كمية الكهرباء المولّدة في روسيا 1178.2 تيراواط/ساعة بنهاية عام 2023، مقابل 1166.9 تيراواط/ساعة في العام السابق له.

ويمثّل الغاز الطبيعي الحصة الأغلب من التوليد؛ إذ شكّل نحو 44.4% من المزيج خلال عام 2024، ومن بعده الفحم بنسبة 18.6%، ثم الطاقة النووية والمائية 17.8% و17.4% على التوالي، وفق بيانات إمبر.

ويستعرض الرسم التالي، الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة، كمية الكهرباء المولَّدة في روسيا منذ عام 1985:

كمية الكهرباء المولدة في روسيا

وتحتل روسيا المرتبة الأخيرة بين دول مجموعة الـ20 التي أعلنت سياسات التحوّل إلى الطاقة المتجددة، كما أنها لم تعلن خطة واضحة لتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050، رغم توقيعها اتفاقية باريس للمناخ عام 2015.

ولا تبذل موسكو جهودًا كبيرة للتحوّل إلى الطاقة النظيفة؛ إذ تبالغ في تقدير دور الغاز الطبيعي -الأقل إطلاقًا للانبعاثات من النفط والفحم- للانتقال بعيدًا عن صناعة الوقود الأحفوري، رغم امتلاكها إمكانات هائلة من مصادر الطاقة المتجددة.

ويُقدّر كبير المحللين في مركز سكولكوفو للطاقة، يوري ميلنيكوف، أن الإمكانات التقنية لطاقة الرياح وحدها في روسيا يمكنها إضافة ما يصل إلى 17 ألف تيراواط/ساعة.

وأمام ذلك، أعلنت روسيا في يوليو/تموز 2021 مخططًا لتطوير صناعة الطاقة المتجددة، مع خطط وصول السعة المركبة لتوليد الكهرباء من الطاقة المتجددة إلى 8.3 غيغاواط بحلول عام 2030، حسبما ذكرت وكالة تاس الروسية.

وفيما يلي تستعرض منصة "الطاقة" لمحات خاصة حول أوبك والدول الأعضاء:

اقرأ أيضًا لمحات خاصة حول دول تحالف أوبك+ من غير الأعضاء في أوبك:

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق