التقاريرتقارير النفطرئيسيةروسيا وأوكرانياسلايدر الرئيسيةعام على حرب أوكرانيانفط

الحرب في أوكرانيا.. هكذا حافظ أوبك+ على استقرار سوق النفط خلال 10 أشهر (تقرير)

خبير: التحالف حافظ على ثباته الانفعالي ولم ينجرف خلف السياسة

أحمد بدر

مع اندلاع الحرب في أوكرانيا، شهدت أسواق النفط العالمية حالة غير مسبوقة -على مدار عقود- من الارتباك، وعمل تحالف أوبك+ على التصدي لارتفاع أسعار النفط التي لامست حدود 140 دولارًا للبرميل، وهي المرة الأولى منذ الأزمة المالية العالمية التي شهدت أزمة مماثلة.

وفي ظل هذا الارتباك، جاء اجتماع التحالف مع إصرار على التمسك بالزيادة التدريجية في الإنتاج، والتي كانت مقررة قبل الغزو الروسي لأوكرانيا، والتي تُقدَّر بنحو 400 ألف برميل يوميًا من النفط الخام، ما دفع بعضهم إلى اتهامه بأن وراء قراراته خلفيات سياسية.

ومع استمرار الحرب في أوكرانيا، على مدار عدّة أشهر، كانت الزيادة التدريجية في إنتاج دول أوبك+ للنفط ضمن الخطة التي كانت مُعدّة مسبقًا، والتي نُفِّذَت بحرفية، دفعت الأسعار إلى التراجع لتبقى عدّة أشهر في حدود 95 دولارًا للبرميل، قبل أن تتراجع في الأسابيع الأخيرة من العام الجاري (2022)، لتدور حول 80 دولارًا للبرميل.

في هذا التقرير، ترصد منصة الطاقة المتخصصة أبرز محطات الحرب في أوكرانيا، وارتباطها بأزمات أسواق النفط العالمية، التي حدثت، والتي لم تحدث، بفضل حكمة تحركات أوبك+، لا سيما مع اتخاذ دول أوروبا ومجموعة الـ7 إجراءات ضد النفط الروسي.

التمسك بالزيادة التدريجية

بدأت الحرب في أوكرانيا يوم 24 فبراير/شباط 2022، وكان تحالف أوبك+، الذي يضم روسيا ودولًا أخرى من خارج منظمة أوبك، قد أقرّ خططه الإنتاجية لشهر مارس/آذار التالي له، وعلى الرغم من ذلك، ارتبكت الأسواق العالمية على خلفية المخاوف من تراجع المعروض.

قبل بدء الحرب، اجتمع تحالف أوبك+ في 2 يناير/كانون الثاني 2022، مقررًا استمرار الزيادة الشهرية التي كان قد أقرها في الاجتماع السابق في ديسمبر/كانون الأول 2021، بمقدار 400 ألف برميل يوميًا، وهي الزيادة التي حددها قرار التحالف لإنتاج شهر فبراير/شباط 2022.

وعلى الرغم من أن هذه الخطوات تعبّر عن استقرار أسواق النفط، تزايدت المخاوف مع الارتفاع السريع في أسعار النفط الخام بعد أيام قليلة من بدء الحرب في أوكرانيا، والتي بلغت 139 دولارًا للبرميل في 7 مارس/آذار 2022، وهو أعلى معدل بلغته الأسعار منذ أغسطس/آب 2008، حينما سجل 147.5 دولارًا للبرميل، مع تفاقم الأزمة المالية العالمية حينها.

ويوضح الإنفوغرافيك أدناه -الذي أعدته منصة الطاقة المتخصصة- قرارات تحالف أوبك+ منذ الحرب الروسية على أوكرانيا:

أوبك+ و الحرب في أوكرانيا

يقول الخبير في أسواق الطاقة، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة أحمد حنفي، إن تدخّل أوبك+ في أول الأزمة الأوكرانية كان حكيمًا، فقد حافظ التحالف على ثباته الانفعالي، فلم يهرع إلى زيادة سقف الإنتاج تخوفًا من تأثير الحرب في أوكرانيا في الأسواق بشكل سلبي، أو يلجأ إلى التدخل في تغيير مسار الحالة التي كان يعمل على تثبيتها قبل بدء الحرب بعدّة أشهر.

وأضاف: "في مارس/آذار، اجتمع التحالف وأصدر قراره بزيادة سقف الإنتاج بمعدل 400 ألف برميل من النفط الخام يوميًا خلال أبريل/نيسان، وفي الشهر التالي أقرّ زيادة بمعدل 432 ألف برميل يوميًا، واستمر على هذا المعدل حتى يونيو/حزيران".

في تلك الأثناء، بدأت دول أوروبا تدريجيًا خفض اعتمادها على النفط والغاز الروسيين، إذ توقعت وكالة الطاقة الدولية أن تحقق هذه العقوبات غير الرسمية نتائج في مايو/أيار الماضي، ولكن دول أوروبا كانت قد بدأت تشهد عجزًا داخليًا مع ارتفاع الطلب على الطاقة في الصيف، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

وتابع: "في الاجتماع المخصص لتحديد حصص الإنتاج في شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب، رفع أوبك+ الزيادة الإنتاجية إلى 648 ألف برميل يوميًا من النفط الخام، وأعلن حينها أن الهدف من هذه القفزة هو الحفاظ على أسواق نفط مستقرة ومتوازنة، تضمن -أيضًا- توافر المنتجات المكررة دون أزمات".

في هذه الأثناء، كانت دول أوروبا تحاول الردّ على الحرب في أوكرانيا، من خلال الاتفاق على إجراءات عقابية ضد روسيا، تضمنت في البداية حظر دخول النفط الروسي للمواني الأوروبية، وهو القرار الذي سرعان ما أثبت فشله.

يوضح الدكتور أحمد حنفي أن الاتحاد الأوروبي كان يتخبط في هذه الأثناء، فكلما اقترب من اتفاق محدد يجد أصحاب المصلحة من الدول الأوروبية تُعارضه وتختلف معه، حتى إنه أقرّ بعض الاستثناءات لدول مثل المجر وبولندا، كما أن خطوط أنابيب النفط كانت بعيدة عن الاتفاقات كافة، لذا لم تكن المواقف حينها بالقوة المطلوبة للتصدي للتحركات الروسية.

تباطؤ ثم تخفيض

في اجتماعه يوم 3 أغسطس/آب الماضي 2022، ناقش تحالف أوبك+ الحاجة إلى تقليص الزيادة بعد نجاحه على مدار عدّة أشهر في السيطرة على أسعار النفط الجامحة، وإعادتها إلى المستويات المقبولة، التي تحقق الربح للجميع، وتُجنِّب المستهلكين حول العالم الوقوع في أزمة طاحنة.

الحرب في أوكرانيا
شعار أوبك على برميل نفط - الصورة من إنرجي فويس

وأعلن التحالف حصص إنتاج النفط في شهر سبتمبر/أيلول، بعد قراره بزيادة سقف الإنتاج بمقدار 100 ألف برميل يوميًا فقط، إذ أكد وزراء التحالف حينها أن التوافر المحدود للغاية للنفط الفائض يجب استعماله بحذر شديد، لا سيما مع نقص الاستثمار المزمن في صناعة النفط، مما قلّص القدرات الفائضة على طول سلسلة القيمة.

وعقد تحالف أوبك+ اجتماعه التالي 5 سبتمبر/أيلول الماضي، في توقيت بالغ الصعوبة، إذ واجهت الأسواق مخاوف متصاعدة جراء اتفاق مجموعة الـ7 الصناعية على تحديد سقف لأسعار النفط الروسي المنقول بحرًا، مما خلق حالة من عدم اليقين بشأن توافر المعروض في الأسواق.

وزاد الأمر سوءًا مع إعلان وزارة الخزانة الأميركية بدء الإجراءات التنظيمية لقرار تحديد سقف أسعار النفط الروسي والإرشادات التنظيمية الخاصة بالقرار، والتي تضمنت إعفاء شركات الخدمات البحرية من مسؤولية التورط في محاولات مخالفة القرار، ولكنها هددت بـ"التحقيق" من جانب جهات أميركية، وذلك ضمن جهود حصار إيرادات موسكو لمنعها من تمويل الحرب في أوكرانيا.

واتخذ التحالف قراره التالي بالعودة إلى مستويات إنتاج شهر أغسطس/آب خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول 2022، أي تحجيم الزيادة مرة أخرى، من خلال خفض إنتاج الزيادة المقدّرة بـ100 ألف برميل يوميًا، والتي أُقِرَّت لحصص شهر سبتمبر/أيلول، لتكون خطوة باتجاه السيطرة على حالة القلق التي سادت أسواق النفط جراء اتفاق مجموعة الـ7.

وبالتزامن مع استعداد دول الاتحاد الأوروبي لفرض العقوبات على روسيا ردًا على الحرب في أوروبا، وحظر إمداداتها من الطاقة المنقولة بحرًا، والتي حددت لها 5 ديسمبر/كانون الأول الجاري، أعلن أوبك+ في اجتماعه يوم 5 أكتوبر/تشرين الأول، خفض سقف إنتاج النفط ابتداءً من شهر نوفمبر/تشرين الثاني، بمقدار مليوني برميل يوميًا، ليصبح الخفض الأكبر منذ تفشّي جائحة كورونا عالميًا في مارس/آذار 2020.

ولم تختلف الأمور كثيرًا في اجتماع 4 ديسمبر/كانون الأول الجاري، والذي ثبّت تحالف أوبك+ فيه استمرار خفض سقف الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميًا، حتى نهاية ديسمبر/كانون الأول 2023، وهي الخطوة التي جاءت قبل سريان العقوبات على النفط الروسي المنقول بحرًا من جانب دول الاتحاد الأوروبي، وأيضًا قرار سقف الأسعار من جانب مجموعة الـ7 بيوم واحد.

قرارات مهنية غير مسيّسة

في حوار أجراه مع وكالة الأنباء السعودية "واس"، في 20 ديسمبر/كانون الأول الجاري، قال وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان بن عبدالعزيز، إن قرارات أوبك+ لم تكن مسيّسة أبدًا، وإنه رغم الاتهامات والانتقادات التي واجهتها قرارات التحالف، ثبت في النهاية كونها الخيارات الصحيحة.

الحرب في أوكرانيا
وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان - الصورة من وكالة الأنباء السعودية "واس"

ورأى وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان أن من أهم ما حقّقه التحالف هو المصداقية، التي جعلت قراراته القائمة على تحليل البيانات والمعلومات والتقديرات السوقية، الأفضل من ناحية تحقيق استقرار أسواق النفط العالمية، لافتًا إلى أن كل البيانات المغلوطة التي خالفت بيانات التحالف كان مصيرها التعديل في نهاية المطاف.

وعن مصداقية أوبك+، قال الدكتور أحمد حنفي، إن التحالف الذي يضم منظمة البلدان المنتجة للنفط "أوبك" ودول من خارجها، لم يُقحم نفسه في السياسة وأزماتها، بل التزم بكل ما يفيد مصلحة الأسواق ويحقق استقرارها وتوازنها.

وأوضح أن روسيا التي بدأت الحرب في أوكرانيا أحد أبرز أعضاء التحالف، ومع ذلك لم ينجرّ أوبك+ إلى تقديم الدعم لها، ولم ينجرّ في المقابل إلى تطبيق عقوبات عليها، بل انخرطت موسكو بأعمال الإنتاج التي توفر المعروض في الأسواق العالمية بالتوازن المطلوب، مثلها مثل بقية الدول الأخرى.

وأشار الخبير في أسواق الطاقة وأستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة إلى أن قرارات أوبك+ على مدار الـ10 أشهر الماضية لم تعمل على الحفاظ على أسواق النفط من أثر الحرب في أوكرانيا فحسب، بل كانت تضع في حسبانها أزمات أخرى، أبرزها عمليات الإغلاق في الصين جراء التفشي الجديد لجائحة كورونا.

وقال الدكتور أحمد حنفي، إن العالم شهد خلال الـ10 أشهر الماضية، وهي عمر الحرب في أوكرانيا حتى الآن، أزمة مالية عالمية جديدة تضرب جميع أركانه، تتمثل في حالة التضخم التي تشهدها الدول كافة، إلّا أنه استبعد أن تكون أسعار الطاقة، وفي مقدّمتها أسعار النفط، السبب في هذا التضخم.

ولفت إلى أن أسعار النفط كانت قد بدأت ترتفع بالفعل من قبل الحرب في أوكرانيا، كما أن حالة التضخم كان قد بدأت تلوح في الأفق بعدّة دول من قبل ارتفاع أسعار الطاقة في أواخر العام الماضي 2021، إلّا أنه أكد أن أسعار النفط سبب في تعميق الأزمة المالية العالمية الجديدة، حتى إن لم تكن سببًا في حدوثها.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق