تقارير الطاقة المتجددةسلايدر الرئيسيةطاقة متجددة

خبير: الطاقة المتجددة في أفريقيا "كنز استثماري" لدول الخليج العربي

أسماء السعداوي

يفتح قطاع الطاقة المتجددة في أفريقيا الباب على مصراعيه أمام دول الخليج العربي، للاستثمار ومساعدة القارة السمراء في مشروعات تحول الطاقة والتنقيب عن المعادن الأرضية النادرة.

وفي هذا الصدد، سلّط مدير الشرق الأوسط في شركة غيمكورب (Gemcorp) الاستثمارية، والمفوض البريطاني السابق للشرق الأوسط وباكستان، سيمون بيني، الضوء على مشروعات خليجية في قطاع الطاقة النظيفة الأفريقي، قائلًا، إن دول الخليج وشركاته تأتي في طليعة المستقبل الأفريقي، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

وقال، في مقال نشرته منصة "أرابيان غلف بيزنس إنسايت" (agbi)، إن ما يعزز ذلك الاتجاه هو الخفض الأخير بقيمة الاستثمارات الصينية في أفريقيا من 60 مليار دولار إلى 40 مليار دولار، وهو ما يوسّع الفجوة التمويلية؛ مما يمنح الخليج فرصة لزيادة دوره المحوري في تنمية القارة، وممارسة قواه الناعمة.

الاستثمارات الخليجية الأفريقية

يقول مدير الشرق الأوسط في شركة غيمكورب (Gemcorp) الاستثمارية، سيمون بيني، إن الاستثمارات بين دول مجلس التعاون الخليجي وأفريقيا أحادية الجانب بصورة كبيرة.

واستثمرت دول المجلس أكثر من 100 مليار دولار في أفريقيا خلال العقد الماضي، وفي المقابل، بلغ حجم الاستثمارات الأفريقية في دول مجلس التعاون 3 مليارات دولار فقط، مع تركّز أغلب الاستثمارات الأجنبية المباشرة في منطقة شمال أفريقيا.

ورغم ذلك، شهدت الاستثمارات المشتركة تحولات نتيجة تأثير جائحة كوفيد-19 والحرب الروسية الأوكرانية والتغيرات الجيوسياسية الأوسع نطاقًا.

وبحسب المقال، فقد تُسفر تلك التحولات عن إقامة شراكات جديدة في دول أفريقيا الواقعة جنوب الصحراء الكبرى.

دعم الطاقة المتجددة في أفريقيا

أكد الكاتب الحاجة الملحّة للاستثمار في تحول الطاقة، بعيدًا عن الوقود الأحفوري الملوث للبيئة.

ويقول مدير عام الوكالة الدولية للطاقة المتجددة "آيرينا"، فرانشيسكو لا كاميرا، إن نحو 17% من سكان العالم يعيشون في أفريقيا، ورغم ذلك، فإن نصيبها لا يتعدى 2% فقط من حجم الاستثمارات العالمية في مصادر الطاقة المتجددة.

كما من المتوقع أن يؤدي تحول الطاقة في أفريقيا إلى زيادة نسبة الطاقة المتجددة بواقع 6.4% في الناتج المحلي الإجمالي من العام قبل الماضي (2021) إلى عام 2050، مع توفير ما يتراوح بين 8 و14 مليون فرصة عمل جديدة خلال المدة ذاتها، بحسب تقرير أصدرته مؤسسة الطاقة المستدامة للجميع (SEforALL).

واستشهد كاتب المقال -في هذا الصدد- بإنشاء دول الخليج منصات استثمارية معنية بالطاقة المتجددة، مثل تأسيس شركة إنفينتي باور (Infinity Power) المشتركة بين مصدر الإماراتية وإنفينتي المصرية، لتركّز على إقامة مشروعات توليد الطاقة المتجددة، خاصة الرياح والشمس، في مصر وأفريقيا ودول الشام، حسبما ذكرت عبر موقعها الرسمي.

وكان من أبرز خطوات الشركة في يونيو/حزيران 2023 إبرام اتفاق مع هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة في مصر، لتطوير مشروع لطاقة الرياح بقدرة 10 غيغاواط، بتكلفة أكثر من 10 مليارات دولار، ومن المحتمل أن يصبح إحدى أكبر محطات الرياح في العالم أجمع.

مراسم توقيع الاتفاق بين شركة إنفينيتي باور والسلطات المصرية
مراسم توقيع الاتفاق بين شركة إنفينيتي باور والسلطات المصرية - الصورة من موقع الحكومة

كما أبرمت قطر اتفاقية في يناير/كانون الثاني من عام 2021، لتمويل وبناء وتشغيل مشروعات الطاقة المتجددة في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.

ووقّع الجانبان -أيضًا- اتفاقًا يستحوذ بموجبه جهاز قطر للاستثمار على حصة 50% من مشروعات شركة إينيل غرين باور (Enel Green Power) الإيطالية في جنوب أفريقيا وزامبيا بقدرة 800 ميغاواط.

وفي سبتمبر/أيلول المنصرم (2023)، تعهدت الإمارات بتقديم استثمارات بقيمة 4.5 مليارات دولار لتسريع مشروعات الطاقة النظيفة في أفريقيا، وذلك خلال فعاليات قمة المناخ الأفريقية الأولى التي عُقدت في عاصمة كينيا نيروبي.

يأتي هذا الالتزام الإماراتي في إطار برنامج اتحاد 7 لتمويل مشروعات الطاقة المتجددة في أفريقيا، وتوفير الكهرباء النظيفة لـ100 مليون نسمة بحلول عام 2035.

وفي سبتمبر/أيلول (2023)، أعلنت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة "آيرينا" إطلاق شراكة جديدة بالتعاون بين الإمارات وكينيا والدنمارك وألمانيا، للنهوض بالطاقة المتجددة في أفريقيا.

وأشاد الرئيس الكيني وليام روتو بالمبادرة "شراكة متسارعة لنشر الطاقة المتجددة في أفريقيا"، قائلًا، إنها تدعم تحول بلاده إلى الاعتماد الكامل على المصادر المتجددة بحلول 2030، وتعزيز صناعات المستقبل الصديقة للبيئة بحلول 2040.

كما أبرمت شركة مصدر، في 7 سبتمبر/أيلول المنصرم، مذكرة تفاهم مع صندوق "أفريقيا 50" لتسريع وتيرة الطاقة النظيفة بالقارة.

وتمتلك كينيا أكبر مزرعة رياح قيد التشغيل في أفريقيا في بحيرة توركانا، وتسهم بصورة كبيرة في تحقيق زيادة إسهام الطاقة المتجددة إلى 100% بحلول عام 2030.

مزرعة رياح بحيرة توركانا
مزرعة رياح بحيرة توركانا - الصورة من سي إن إن

وبالرغم من أهمية تحول الطاقة، تواجه الكثير من دول أفريقيا تحديات مرتبطة بعدم كفاية توليد الكهرباء، كما يصبح مصدر تلك الكهرباء أمرًا ثانويًا مقابل عوامل الإتاحة والتكلفة.

ولذلك، يقول الكاتب، إن تحقيق التوازن الدقيق والمحوري بين أهداف الحياد الكربوني، مع الاحتياجات الأساسية لتوفير الطاقة، أمر ذو أهمية بالغة في مباحثات قمة المناخ "كوب 28" التي تستضيفها الإمارات لأول مرة.

البحث عن المعادن النادرة

سلّط مدير الشرق الأوسط في شركة غيمكورب (Gemcorp) الاستثمارية، سيمون بيني، الضوء على أهمية المعادن الأرضية النادرة في أفريقيا بالنسبة لكلٍ من الخليج ولدول القارة السمراء.

ويُقصد بالمعادن الأرضية النادرة مجموعة من 17 عنصرًا معدنيًا، وتُعدّ مكونًا رئيسًا في صناعة توربينات الرياح والطاقة المتجددة والأجهزة الإلكترونية وشبكات الكهرباء وبطاريات السيارات الكهربائية.

أحجار تحتوي على الليثيوم في الهند
أحجار تحتوي على الليثيوم في الهند - الصورة من صحيفة "ذا هيندو"

وفي السعودية، كُشِف في شهر سبتمبر/أيلول المنصرم (2023) مشروع سعودي مدعوم من الدولة، لشراء حصص في أصول تعدينية بقيمة 15 مليار دولار في الكونغو الديمقراطية وغينيا وناميبيا.

جاء ذلك في إطار مساعي المملكة لتأمين الوصول إلى المعادن النادرة الحاسمة لتحول الطاقة، وبالاتّساق مع رؤية السعودية 2030 المتعلقة بتطوير صناعة التعدين.

وفي الإمارات، تمتلك شركة الإمارات العالمية للألمنيوم منجمًا لمعدن البوكسيت في غينيا، كما تستثمر أكثر من 1.4 مليار دولار في الاقتصاد المحلي هناك، وتؤمّن إمدادات معدنية حاسمة لمصانع الألمنيوم بالإمارات.

وفي هذا الصدد، يحظى تطوير البنية الأساسية الخليجية بأهمية متزايدة في دول الخليج؛ إذ تُركّز المواني هناك على ربط أفريقيا بالمواني والمراكز اللوجستية.

وتقود الإمارات، من خلال شركة موانئ دبي العالمية المملوكة للدولة، مساعي تطوير المواني الأفريقية، وامتدّ نطاق مشروعاتها إلى جيبوتي ورواندا وأنغولا والصومال وموزمبيق ونيجيريا والسنغال.

تحديات ضخمة

يواجه قطاع الطاقة المتجددة في أفريقيا عددًا من التحديات، ومنها -على سبيل المثال- عدم قدرة سلاسل توريد الطاقة الشمسية على تغطية الزيادات في سعة الطاقة الشمسية المركبة، حسبما يقول الباحث البارز في شركة "ريستاد إنرجي" (Rystad Energy) للأبحاث، ماريوس موردال باك.

وأكد باك أن الفجوة بين العرض والطلب كبيرة، موضحًا: "لسدّ الطلب المتنامي من نحو 4 غيغاواط في هذا العام (2023) إلى 10 غيغاواط المتوقعة في 2025، يجب أن تكون لدينا قرابة 800 ميغاواط من الألواح الشمسية، و550 ميغاواط سعة تصنيع الخلايا"، وذلك بحسب تقرير نشره موقع إنرجي فويس (Energy Voice)، طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

ولذلك، حذّر من أن يؤدي هذا الخلل إلى الاعتماد على واردات الألواح الشمسية الصينية لسدّ الطلب المتزايد على سعة التركيبات.

كما ألقى التقرير الضوء على مشكلة تصنيع مكونات صناعة الطاقة النظيفة محليًا، مشيرًا إلى أن الصين لديها الفرصة الأكبر على القيادة، في حين إن مصر والمغرب وجنوب أفريقيا هي الأكثر تأهيلًا للاستحواذ على بعض تلك القدرات التصنيعية.

من جانبه، أوضح الشريك في مؤسسة لينكليترز (Linklaters)، غوستين فاي، أن "التصنيع محليًا يحتاج إلى تمويل"، مشيرًا إلى أن مصادر الإمدادات المحلية غالبًا ما تكون غير موثوق بها، وأن إحداث تغيير سيتطلب دعمًا إضافيًا من حكومات القارة، كما ستمثّل الحوافز الملموسة، مثل خفض ضريبة المبيعات على المعدّات المُنتجة محليًا، أحد أشكال هذا الدعم الذي يشجع الخطط المحلية.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق