سياراتتقارير السياراترئيسية

5 عقبات تعترض طريق السيارات الكهربائية في المملكة المتحدة (تقرير)

أسماء السعداوي

اقرأ في هذا المقال

  • تقرَّر حظر سيارات البنزين والديزل الجديدة بحلول عام 2035
  • قطاع النقل البري يسهم بأكبر نسبة من الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري
  • تستهدف الخطة انتشار السيارات الكهربائية في المملكة المتحدة
  • هناك مخاوف من تأخّر أو استحالة تنفيذ خطة بريطانيا
  • عدم توافر نقاط الشحن وارتفاع أسعار السيارات الكهربائية وبطارياتها أبرز العقبات

أصبح دعم السيارات الكهربائية في المملكة المتحدة ضرورة قصوى، بعد التعهد بحظر بيع سيارات البنزين والديزل بحلول عام 2030.

جاء ذلك ضمن خطة من 10 نقاط أعلنها رئيس الوزراء الأسبق بوريس جونسون، في نوفمبر/تشرين الثاني من 2020، بغرض إحداث ثورة صناعية خضراء.

وقال جونسون حينئذٍ: "ستدعم ثورتنا الصناعية الخضراء توربينات الرياح في إسكتلندا وشمال شرقي البلاد، مدفوعة بالمركبات الكهربائية المصنوعة في ميدلاندز، والمتطورة بأحدث التقنيات في ويلز، من أجل أن نتطلع إلى مستقبل أكثر رخاءً واخضرارًا".

أثار الإعلان عاصفة من الانتقادات بسبب تقديم الموعد بـ5 سنوات، كما أثار تساؤلات حول قدرة البنية الأساسية على جعل الهدف واقعًا، بحسب تقرير نشرته صحيفة "تيليغراف".

ويعدّ قطاع النقل المصدر الرئيس للتلوث في المملكة المتحدة، كما تأتي أكثر من نصف تلك الانبعاثات من السيارات، بحسب المعلومات التي طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

وفي مايو/أيار من عام 2019، اقترحت لجنة تغير المناح كهربة المركبات كافة بحلول عام 2035، لتحقيق هدف الحياد الكربوني بحلول عام 2050.

آراء متباينة

تقول الحكومة، إن حظر سيارات البنزين والديزل في المملكة المتحدة سيجعل البلاد الأسرع بين دول مجموعة السبع الصناعية، في إزالة الكربون من قطاع النقل.

على الجانب الآخر، تصف جمعية مصنّعي وتجّار السيارات الهدف الذي وضعه جونسون بالتحدي بالغ الصعوبة.

وترى أن الهدف يمثّل رهانًا كبيرًا يحمل إمكان دفع صناعة السيارات المحلية أو تدميرها؛ إذ لم تُعلن حتى الآن تفاصيل تطبيق الإستراتيجية الجديدة التي تستهدف زيادة الطلب على السيارات الكهربائية في المملكة المتحدة، وتحفيز الشركات على صناعة الإمدادات اللازمة وإقامة نقاط الشحن.

ويساور القلق كثيرين بشأن إخفاق بريطانيا في حظر سيارات البنزين والديزل قبل 2030، كما تتزايد احتمالات التأخّر عن الموعد المحدد.

يصف أحد الوزراء ممن وضعوا أسس الإستراتيجية، الأمر بإرسال الإنسان على سطح القمر لأول مرة، قائلًا: "عندما قال كينيدي، إننا سنرسل الإنسان إلى القمر، لم يكن يدري كيف السبيل إلى ذلك، لكنه أعلن الهدف، ونجح في تحقيقه".

خفض انبعاثات الكربون

يستلزم تحقيق هدف الحياد الكربوني بحلول 2050 القضاء على انبعاثات المركبات تقريبًا، ويعدّ النقل البري -ولا سيما السيارات- صاحب النسبة الأكبر لانبعاثات الكربون، وشكّل وحده 23% في عام 2022 المنصرم.

وكشف آخر تقارير لجنة تغير المناخ أن النقل البري أطلق نحو 105 ملايين طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، بزيادة 3% عن مستويات 2021، وبانخفاض 8% عن مستويات ما قبل كورونا (كوفيد-19).

جاء التراجع بسبب زيادة معدلات العمل من المنزل، وارتفاع أسعار الوقود، وارتفاع مبيعات السيارات الكهربائية.

يقول الرئيس التنفيذي لجمعية صنّاع وتجّار السيارات، مايك هاويز، إن عمر السيارات العاملة بالبنزين يصل إلى 14 عامًا، وفي ضوء هدف حظر سيارات البنزين والديزل، لفت هاويز إلى الحاجة لوقف بيع السيارات ذات محرك الاحتراق الداخلي بحلول 2035، لإبعاد معظمها عن الطريق بحلول 2050.

سيارات في أحد شوارع المملكة المتحدة
سيارات في أحد شوارع المملكة المتحدة -الصورة من "caranddriver"

آثار القرار في صناعة السيارات

كان لسياسة حظر سيارات البنزين والديزل في المملكة المتحدة تأثيرات فورية؛ إذ سارعت جماعات من داخل الصناعة بالتحذير من الحاجة لبذل جهود حثيثة لتحقيق الهدف في موعده.

كما ربطت جمعية مصنّعي وتجّار السيارات بين نجاح تنفيذ السياسة الجديدة وطمأنة المستهلكين بشأن قدرتهم على تحمّل تكاليف التقنيات الجديدة التي ستلبي احتياجاتهم للنقل، كما ستمكّنهم من إعادة الشحن بسهولة.

وحصلت شركات تصنيع السيارات على امتياز كبير؛ إذ سيظل بإمكانها بيع السيارات الهجينة التي تعمل بالبنزين والبطارية، حتى عام 2035.

ويخالف ذلك توصيات لجنة تغير المناخ المعنية برصد مسيرة الحياد الكربوني، بالتخلص التدريجي من كل السيارات التي تطلق انبعاثات الكربون بحلول عام 2032 على أقصى تقدير.

وقدّمت وزارة النقل مقترحات بتكليف الشركات بإنتاج حصص محددة من المركبات الخالية من الانبعاثات، ومن المقرر البدء بنسبة 22% في العام المقبل (2024)، على أن ترتفع النسبة تدريجيًا كل عام، وصولًا إلى 52% بحلول عام 2028، و80% بحلول 2030.

يقول رئيس جمعية مصنّعي وتجّار السيارات: "نحن جاهزون للتحدي، لكننا بحاجة للتأكد من الاستفادة من كل عوامل الدعم لدفع السوق وتشجيع المواطنين على إحداث تغيير".

أسعار باهظة

مازال ارتفاع تكلفة شراء السيارات الكهربائية في المملكة المتحدة هو العائق الرئيس الذي يمنع الكثيرين من الإقدام على تلك الخطوة.

وبحسب بيانات التسجيل في العام الماضي (2022)، كانت السيارات الكهربائية الأكثر مبيعًا، من طرازي "واي" و"3" من إنتاج شركة تيسلا بتكلفة 45 ألف جنيه إسترليني (57.1 ألف دولار) و43 ألف جنيه إسترليني (54.5 ألف دولار) على التوالي.

(الدولار= 1.27 جنيهًا إسترلينيًا)

ثم جاء طراز "نيرو" إنتاج شركة "كيا" و"آي دي 3" من إنتاج فولكس فاغن، بتكلفة تبدأ من 37 ألف إسترليني لكل منهما، و"ليف" من إنتاج نيسان مقابل 29 ألف إسترليني.

وكانت سيارة "إم جي 4" الصينية هي الأرخص مقابل 27 ألف جنيه إسترليني.

ومازالت تلك السيارات أكثر كلفة من السيارات العاملة بالبنزين الأقلّ سعرًا؛ إذ كلّف شراء "داسيا سانديرو" نحو 12 ألفًا و600 جنيه إسترليني، و"إم جي 3" 13 ألفًا و300 جنيه إسترليني، و"كيا بيكانتو" 13 ألفًا و400 جنيه إسترليني.

يقول المسؤول في منظمة "راك" لسائقي السيارات، سيمون ويليامز: "نحن في حاجة ماسّة لخفض تكلفة شراء السيارات الكهربائية".

أسعار البطارية وكلفة الشحن

أشار التقرير إلى أن السبب الرئيس لارتفاع أسعار السيارات الكهربائية في المملكة المتحدة هو البطاريات التي تعدّ أكثر المكونات كلفة.

وفي هذا الصدد، قالت لجنة تغير المناخ، إن خفض أسعار البطاريات "أساسي" لتوسيع انتشار السيارات الكهربائية، كما لفتت إلى أن أسعار البطاريات "ابتعدت قليلًا عن الهدف".

فبعد انخفاضات مطّردة، ارتفعت أسعار مواد صناعة البطاريات خلال العام الماضي (2022)، بعد اضطراب سلاسل التوريد في أعقاب وباء كورونا والحرب الروسية الأوكرانية.

ما يزيد الأمر تعقيدًا هو النسب غير المتكافئة لضريبة القيمة المضافة، فالمواطنون الذين يشحنون سياراتهم الكهربائية في المنزل يدفعون 5% فقط، في حين يدفع من يشحنون عبر المرافق العامة 20%.

كما ستخسر السيارات الكهربائية في المملكة المتحدة، إعفاءً ضريبيًا بحلول عام 2025، بموجب إعلان الخريف الذي أصدره وزير المالية جيرمي هانت في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي.

إحدى السيارات الكهربائية في المملكة المتحدة أثناء عملية الشحن
إحدى السيارات الكهربائية خلال عملية الشحن- الصورة من "thedriven"

أزمة العرض والطلب

إحدى المشكلات الرئيسة التي تواجه مشتري السيارات الكهربائية في المملكة المتحدة هي تجاوز الطلب حاجز المعروض.

ونجحت بعض الشركات في زيادة الإنتاج، مثل تيسلا التي استطاعت إنتاج مليون و400 ألف سيارة في 2022، مقارنة بـ100 ألف سيارة في عام 2017.

في المقابل، قالت شركة فولكس فاغن الألمانية، إن مشكلات سلاسل التوريد عرقلت عمليات الإنتاج، الذي وصل إلى 572 ألفًا فقط في 2022، كما سلّمت دول غرب أوروبا 310 آلاف سيارة أخرى.

تقول الرئيسة التنفيذية لقطاع السيارات الكهربائية في شركة "أوكتوبوس إنرجي"، فيونا هوارث: "تتسارع وتيرة الطلب على السيارات الكهربائية، ويجاهد المصنّعون من أجل تلبيته".

كما يضطر العملاء الانتظار لمدة عامين ونصف حتى الحصول على بعض النماذج الفاخرة، في حين كان الانتظار في العام الماضي (2022) يتراوح بين 9 أشهر و12 شهرًا لبعض النماذج الأخرى.

سوق السيارات الكهربائية في المملكة المتحدة

خلال عام 2022، شكّلت السيارات الكهربائية 17% فقط من إجمالي مبيعات السيارات الجديدة، وما زالت سوق السيارات الجديدة أقلّ بنسبة 30% عن مستويات عام 2019.

في السياق نفسه، يقول معظم الخبراء، إن سوق السيارات الكهربائية المستعملة تحمل الأهمية نفسها التي تحظى بها الجديدة، إلّا أن حجم تلك السوق مازال ضئيلًا، إذ شهدت خلال 2022 بيع 1% فقط من السيارات الكهربائية المستعملة.

وعرضت منصة "أوتو تريدر" 20 ألف سيارة كهربائية مستعملة يوم الجمعة الماضية (30 يونيو/حزيران)، مقابل أكثر من 425 ألف سيارة تعمل بالبنزين والديزل والهجينة.

وهناك مخاوف من أن يؤثّر ارتفاع كلفة المعيشة في تراجع شهية المستهلكين.

وخلال هذا الأسبوع، خفضت فولكس فاغن إنتاج السيارات الكهربائية في أحد مصانعها بألمانيا، وأرجع مجلس أعمال الشركة السبب إلى "التردد القوي من جانب العملاء"، بالإضافة لعوامل أخرى، منها تراجع الإعانات وارتفاع معدلات التضخم وطول مدة التسليم.

توافر نقاط الشحن

أحد المخاوف التي قد تمنع مشتري السيارات الكهربائية في المملكة المتحدة، هو نفاد البطارية مع عدم توافر نقاط شحن قريبة.

من جانبها، تعهدت الحكومة بتخصيص 1.6 مليار جنيه إسترليني لتوسيع نطاق شبكة الشحن، كما تستهدف إقامة 300 ألف نقطة شحن على الأقلّ بحلول عام 2030، بمعدل 430 نقطة شحن لكل 100 ألف شخص.

يبدو هذا الهدف ضخمًا مقارنة بوجود 40 ألف نقطة شحن فقط، ومنها 8 آلاف نقطة شحن سريع لشحن السيارة من 20% إلى 80% في غضون نصف ساعة، وفق بيانات رسمية.

كما أن توزيع تلك النقاط ليس متكافئًا، فقد أتيحت 20 نقطة لكل 100 ألف شخص في خمس المناطق، وهي المستوى الأقلّ، و55 في أنحاء إنجلترا، و134 في مناطق أخرى.

بالإضافة لذلك، تعطلت واحدة من بين 20 نقطة شحن خلال عام (2022)، واضطر المستهلكون للتنقل بين 20 مزودًا مختلفًا بالكهرباء.

كما أن الحكومة متخلفة عن هدف إقامة 6 نقاط شحن سريعة داخل كل منطقة خدمات على الطرق السريعة بحلول نهاية هذا العام (2023).

من جانبها، خصصت شركات الشحن 6 مليارات دولار لإقامة عدد كبير من النقاط الجديدة، بحلول عام 2030.

وشهد شهرا مارس/آذار وأبريل/نيسان من هذا العام تركيب أكثر من 2000 نقطة شحن، بزيادة 75% على أساس سنوي.

مصانع لإنتاج البطاريات

تحتاج بريطانيا لإقامة 5 مصانع ضخمة لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية، لتلبية الطلب المحلي، بحسب تقديرات مؤسسة فاراداي، ومقرّها كامبريدج.

ويوجد مصنع تابع لشركة نيسان اليابانية في سندرلاند، وكان من المقرر إقامة آخر بوساطة شركة بريتيش فولت، لكن ثمة مخاوف بشأن انهيار الشركة.

كما تستعد شركة تاتا موتوز، المالكة لجاكوار لاند روفر، لإقامة مصنع ضخم ثالث في سومرست، بعدما وعدت الحكومة بتقديم الدعم، لكن لم يؤكَّد ذلك رسميًا.

ويصف أحد الوزراء السابقين أهداف حظر سيارات البنزين والديزل لدعم السيارات الكهربائية في المملكة المتحدة بالطموحة، داعيًا إلى المضي قدمًا، ثم حلّ المشكلات فيما بعد.

وأضاف: "أعتقد أن خطة عام 2030 طموحة، لكنها ليست مستحيلة".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق