التقاريرالنشرة الاسبوعيةتقارير الكهرباءسلايدر الرئيسيةكهرباء

السيارات الكهربائية والطاقة المتجددة تهددان 100 مليون أميركي بفقدان إمدادات الكهرباء

هبة مصطفى

اقرأ في هذا المقال

  • الصناعات كثيفة الاستهلاك ترفع الطلب.. منها السيارات الكهربائية
  • أحمال السيارات الكهربائية الإضافية على الشبكة ستتجاوز 5 آلاف ميغاواط بنهاية عام 2030
  • مشروعات الطاقة المتجددة تفتقر إلى تقنيات التخزين لضمان عدم الهدر
  • 3 مناطق في أميركا الشمالية معرّضة لخطر نقص الإمدادات والانقطاع
  • انتقال الطاقة بوتيرة سريعة يهدد انتظام الإمدادات وتوازن الشبكة
  • نقص استثمارات الغاز يهدد الموثوقية ويزيد الاعتماد على الواردات

باتت موثوقية شبكة الكهرباء في أميركا الشمالية خلال السنوات الـ10 المقبلة موضع شك، ما يشكّل خطورة تهدد إمدادات نحو 100 مليون مواطن في 6 كيانات إقليمية، وذلك بسبب عملية التحول الأخضر، وبصفة خاصة السيارات الكهربائية.

وأجرت مؤسسة موثوقية الكهرباء في أميركا الشمالية تقييمًا بُني على توقعات تلك الكيانات ورؤيتها للشبكة والقطاع خلال السنوات الـ10 المقبلة، كما أنها تعكف على تطوير المعايير اللازمة وتنفيذها لذلك عبر تقييمات سنوية وموسمية وطويلة الأجل.

وعكفت المؤسسة على إجراء تقييم طويل الأجل لموثوقية الكهرباء في أميركا الشمالية من عام 2023 حتى 2032، بالتركيز على مدى توافر الموارد وفاعليتها وموثوقية التشغيل، وفق التقرير الشامل الذي حصلت منصة الطاقة المتخصصة على نسخة منه.

ويتضمّن تقرير الموثوقية توقعات -مستندة إلى بيانات- لذروة الطلب ومعدل الاستجابة، وكذا احتياجات النظام من موارد الطاقة ومشروعات النقل في الولايات المتحدة وكندا وأجزاء من المكسيك.

وتواجه الولايات المتحدة -أحد كبار منتجي الطاقة في العالم- الخطر ذاته، إذ تحتاج إلى إعادة النظر في طريقة إدارة شبكتها بالمواءمة بين خطط انتقال الطاقة والسياسات الخضراء وبين الموارد المتاحة لتلبية الطلب.

وفيما يلي نستعرض أبرز ملامح ما رصدته مؤسسة الموثوقية في تقريرها طويل الأجل حول توقعات قطاع الكهرباء في أميركا الشمالية خلال السنوات الـ10 المقبلة، في 5 نقاط رئيسة:

  • أولًا: مناطق الخطورة.
  • ثانيًا: التحديات والمخاطر.
  • ثالثًا: معلومات حول قطاع الكهرباء في أميركا الشمالية خلال 10 سنوات.
  • رابعًا: الأسعار وتوقعات شتاء 2022-2023.
  • خامسًا: نطاق تقرير موثوقية الكهرباء.

أولًا: المناطق الأكثر خطورة

على مدار السنوات الـ10 المقبلة تواجه بعض المناطق في أميركا الشمالية مخاطر عجز الكهرباء وعدم قدرة الإمدادات المتاحة على تلبية الطلب.

وقسّم التقرير طويل الأجل حول موثوقية الكهرباء في أميركا الشمالية المناطق المعرضة لخطورة نقص الكهرباء إلى شريحتين:

* المناطق المعرضة لخطورة نقص الإمدادات وعجز تلبية الطلب في الظروف العادية (أطلق عليها المناطق الحمراء).

* المناطق المعرضة لخطورة نقص الإمدادات وعجز تلبية الطلب في الظروف القاسية (أطلق عليها المناطق البرتقالية).

- المناطق الحمراء:

أطلق التقرير طويل الأجل حول موثوقية الكهرباء في أميركا الشمالية جرس إنذار فيما يتعلق بـ3 مناطق، رغم تأكيد أنه في حالات الطقس المعتادة لن تعاني غالبية المناطق نقص الإمدادات.

وتُشير توقعات المناطق الـ3 عالية الخطورة -وفق تصنيف التقرير- إلى افتقارها إلى القدرة على تلبية الطلب لعدم كفاية مواردها، كما يوضح إمكان خسارتها الأحمال لمدة يوم طوال مدة التقييم البالغة 10 سنوات، ويدفع ذلك نحو حاجة تلك المناطق إلى المزيد من الموارد الثابتة.

والمناطق الـ3 التي تواجه أعلى مخاطر لنقص إمدادات الكهرباء هي:

الكهرباء في أميركا
سقوط خطوط لنقل الكهرباء جراء الأمطار والطقس السيئ - الصورة من (EEC)

1) منطقة مشغل النظام المستقل في منتصف أميركا الشمالية "ميزو":

شهد هامش الاحتياطي في المنطقة تراجعًا لمدة عام، ليسجل عجزًا قدره 1300 ميغاواط خلال فصل الصيف للعام المقبل (2023).

وبدأت وتيرة تراجع موارد المنطقة وإمداداتها منذ عامي 2020 و2021 الماضيين، بسبب تخارج محطات توليد الكهرباء من الفحم والغاز الطبيعي ومحطات الطاقة النووية المتهالكة والمنتهي عمرها الافتراضي.

ولم يقتصر الأمر على تخارج المحطات والمرافق فقط، لكن التخارج تزامن مع عدم تزويد الشبكة بمصادر لموارد بديلة.

2) أونتاريو الكندية:

تقع مقاطعة أونتاريو الكندية في نطاق مجلس تنظيم الكهرباء في الشمال الشرقي "إن بي سي سي"، وتواجه احتمالًا بنقص إمدادات الكهرباء الاحتياطية بدءًا من عام 2025.

وترجع توقعات نقص الإمدادات في المقاطعة إلى وجود عجز يقدر بنحو 1700 ميغاواط، إثر تأثر معدل التوليد مع بدء تنفيذ تعطل محطات الطاقة النووية لخضوعها لإصلاحات.

3) كاليفورنيا:

تُعد منطقة كاليفورنيا-المكسيك نموذجًا لتقييم مؤسسة موثوقية الكهرباء في أميركا الشمالية خلال ذروة فصل الصيف بنطاق مجلس تنظيم الكهرباء في الغرب، وتضم أجزاء من ولايتي كاليفورنيا ونيفادا في الولايات المتحدة بالإضافة إلى ولاية باجا كاليفورنيا في المكسيك.

وتُعد كاليفورنيا-المكسيك ثالث أعلى المناطق المعرضة لخطر عدم كفاية إمدادات الكهرباء في أميركا الشمالية، رغم الإضافات التي تتلقاها الشبكة.

ورغم رصد توقعات بتغطية الاحتياطيات لنحو 10 سنوات، غير أن الفجوة بين العرض والطلب تزيد المخاوف من نقص الإمدادات خاصة في فصل الصيف.

- المناطق البرتقالية:

تتمثّل عوامل الخطورة بتلك المناطق في نقص الإمدادات، الذي يرجع بدوره إلى عوامل عدة أبرزها:

- تطرف درجات الحرارة إما بالارتفاع الشديد وإما بالانخفاض الشديد والتقلبات الجوية واستمرارها لمدة طويلة على الوتيرة ذاتها.

- تؤدي تقلبات الطقس إلى زيادة معدل الطلب والضغط لزيادة التوليد.

الكهرباء في أميركا
تهاوي الأشجار وأعمدة الكهرباء عقب اضطرابات جوية في مقاطعة كلارك بولاية نيفادا- الصورة من WTOK

- بعض المولدات "المحطات والوحدات" التي لم تُهيأ للتعامل مع الظروف الجوية المتقلبة لا تتمكن من الاستجابة إلى معدل الطلب المرتفع، ما يؤثر في إمدادات الكهرباء بالانخفاض.

- قد تؤدي الظواهر الجوية إلى اضطراب عملية نقل الإمدادت، ما يؤدي -بدوره- إلى انخفاض كميات الغاز الطبيعي والموارد الأخرى المتاحة لتوليد الكهرباء.

- يتأثر توليد الكهرباء أيضًا -خلال أوقات التقلبات الجوية الشديدة- نظرًا إلى اعتماد محطات طاقة الرياح والطاقة الشمسية وغيرها على ظروف الطقس.

وتشمل المناطق البرتقالية ذات خطورة عجز إمدادات الكهرباء في الحالات الطارئة والقاسية 4 مناطق:

1) تشهد ولايات غرب الولايات المتحدة خطورة عجز إمدادات الكهرباء في الحالات الطارئة والقاسية حال ارتفاع معدل الطلب رغم تنوع مزيج الموارد، ومع ارتفاع درجات الحرارة صيفًا يتأثر الربط البيني وقدرات النقل وينخفض فائض المعروض من الإمدادات.

2) تُشكل موثوقية الكهرباء في أميركا خلال فصل الشتاء مصدر قلق لولاية تكساس، إذ تعرضت الإمدادات المُنتجة من الطاقة الحرارية وطاقة الرياح إلى الانقطاع في وقت سابق، غير أن تأهيل تلك المولدات وتهيئتها للتعامل مع الظروف الجوية القاسية شتاء يعززان التوقعات بخفض خطورة نقص الإمدادات حال أي عاصفة شتوية مرتقبة.

3) بخلاف غرب أميركا وتكساس، تواجه وسط الولايات المتحدة -الواقعة تحت نطاق خدمات مؤسسة ساوث ويست باور بول التي تدير شبكتها- أيضًا مخاطر انقطاع الكهرباء وإمدادات الغاز الطبيعي، بجانب تقلبات توليد طاقة الرياح.

4) بالإضافة إلى ذلك، قد تؤثر "محدودية" البنية التحتية للغاز الطبيعي في إقليم "نيو إنغلاند" -يضم 6 ولايات شمال شرق الولايات المتحدة- على موثوقية الكهرباء في أميركا خلال فصل الشتاء، إثر زيادة الطلب على التدفئة.

وتشكل مرافق إسالة الغاز ومحطات توليد الكهرباء ومخزونات الوقود في الإقليم أهمية قصوى لموثوقية الكهرباء.

ثانيًا: التحديات والمخاطر

حدّد تقرير مؤسسة موثوقية الكهرباء في أميركا الشمالية بعض العوامل التي كان لها تأثير في عدم قدرة مشغلي الشبكة على تحدي مخاطر نقص الإمدادات، ومن بينها: الظروف الجوية، وتقلبات إمدادات الوقود، والوتيرة السريعة لتخارج محطات الكهرباء العاملة بالفحم، بالإضافة إلى الاعتماد الآخذ في النمو على مصادر الطاقة المتجددة رغم عدم انتظامها.

وفيما يلي تستعرض منصة الطاقة المتخصصة بعضًا من تلك المخاطر والعوامل المؤثرة بموثوقية شبكة الكهرباء في أميركا الشمالية:

1) التحول الأخضر

يسعى الرئيس الأميركي جو بايدن إلى تطبيق تحول وانتقال سريع للطاقة، في محاولة للتخلص من الوقود الأحفوري والتوسع في الاعتماد على الطاقة الخضراء؛ التزامًا بالخطط المناخية الرامية إلى مكافحة تغير المناخ.

ويُعد التحول الأخضر ومسارات انتقال الطاقة من أكبر مهددات قطاع الكهرباء في أميركا، إذ إنه اعتمد على معادلة غير متزنة وضعت موثوقية الشبكة أمام مخاطرة قوية.

ورغم المخاطر، انحازت مجموعات بيئية إلى مصادر الطاقة المتجددة ونادت بالتوسع بها على حساب مرافق الوقود الأحفوري، مؤكدة أنها تتطلّب فقط تزويدها بتقنيات تسمح بالاستفادة من الكهرباء الفائضة عن إنتاج الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، عبر التخزين في البطاريات.

ومقابل ذلك، جاءت العاصفة التي ضربت ولاية تكساس "عاصفة أوري" في فبراير/شباط شتاء العام الماضي (2021) لتنسف تلك الفرضية؛ إذ أدت العاصفة إلى انقطاعات طويلة نسبيًا في الكهرباء (27% منها مولدة عبر طاقة الرياح، وما يزيد على النصف مولد من محطات عاملة بالغاز).

ويوضح التصميم أدناه -الذي أعدته منصة الطاقة المتخصصة- أبرز ملامح تطوير الطاقة المتجددة في أميركا بحلول عام 2050 وزيادة حصتها بمزيج الكهرباء، وفق بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية:

الطاقة المتجددة

2) تخارج المحطات

لعل الوتيرة المتسارعة لتقاعد محطات الكهرباء العاملة بالفحم وغيرها من مرافق الوقود الأحفوري مقابل الاعتماد على مصادر متجددة "متغيرة" وغير مستقرة سببت فجوة في الإنتاج؛ ما شكل خطرًا على قدرة تلبية الطلب.

ودعا تقرير موثوقية الكهرباء في أميركا الشمالية مُشغلي الشبكات ومسؤولي البلاد للالتفات إلى الوتيرة المتسارعة التي يتم من خلالها تخارج محطات الفحم والغاز الطبيعي والطاقة النووية في آن واحد، وإعادة النظر في تلك الوتيرة، لجنب المخاطر التي تهدد موثوقية الشبكة.

ولفت إلى ضرورة الانتباه إلى تباين خصائص موارد الكهرباء في ظل انتقال الطاقة، مثلما يحدث في ولاية تكساس، إذ تتلقى الشبكة إضافات من الموارد المتجددة رغم معاناة الولاية مخاطر نقص الطاقة.

وعلى سبيل المثال، تخلت منطقة مُشغل نظام الكهرباء المستقل في منتصف القارة "ميزو" -منذ العام الماضي (2021)- عن 5 آلاف و900 ميغاواط كانت تحصل عليها من محطات كهرباء عاملة بالفحم والغاز أحالتها إلى التقاعد استجابة للخطط المناخية.

وتستعد المنطقة للتخلي عما يصل إلى 60% من قدرة محطات الكهرباء العاملة بالفحم بحلول نهاية العقد (2030).

ورغم أن محطات الطاقة النووية لا تُسهم بقوة في إطلاق الانبعاثات مقارنة بالمحطات العاملة بالفحم والغاز فإنه منذ عام 2016 حتى الآن هناك 7 مفاعلات يتجاوز إنتاجها 5 غيغاواط، بحسب صحيفة واشنطن إكسامينر - ريستورينغ أميركا (Washington Examiner).

3) الصناعات كثيفة الاستهلاك

تضفي الصناعات كثيفة الاستهلاك المزيد من المخاطر على موثوقية شبكة الكهرباء في أميركا، وأبرزها التوسع في تصنيع السيارات الكهربائية وتعدين العملات المشفرة "البيتكوين".

  • السيارات الكهربائية:

تسعى الإدارة الأميركية إلى تنفيذ رؤية الرئيس جو بايدن تجاه التحول الأخضر والحياد الكربوني، ودعمت ذلك بتشريعات من بينها قانون خفض التضخم.

وبموجب هذا القانون، تلقت صناعة السيارات الكهربائية دعمًا للتوسع، بما يزيد الضغط ومعدل الطلب على شبكة الكهرباء في أميركا التي تعاني تقاعد المحطات العاملة بموارد الوقود الأحفوري خلال مرحلة انتقال الطاقة.

وقدرت مفوضية كاليفورنيا للطاقة الحجم المتوقع لأحمال السيارات الكهربائية الإضافية على الشبكة بنحو (5 آلاف و500 ميغاواط خلال أوقات منتصف الليل، و4 آلاف و600 ميغاواط بحلول الساعات الصباحية) بحلول نهاية العقد (2030).

ويُشير الرسم التالي -الذي أعدته منصة الطاقة المتخصصة- إلى حجم الإقبال على شراء السيارات الكهربائية خلال العام الماضي (2021) وخطط التطوير المستهدفة حتى نهاية العقد (2030):

السيارات الكهربائية حول العالم

  • تعدين العملات "البيتكوين":

بجانب تأثير خطط انتشار السيارات الكهربائية وتوسعاتها سلبًا في موثوقية شبكة الكهرباء في أميركا، فإن عمليات تعدين العملات المشفرة "البيتكوين" ترفع الطلب على الإمدادات أيضًا.

وأوضحت مؤسسة موثوقية الكهرباء في أميركا أن وتيرة النمو الآخذة في الزيادة لعمليات تعدين تلك العملات، وما تتطلّبه من استخدام حواسيب فائقة، تزيد معدل الطلب على الكهرباء والضغط على الشبكة.

وخلال شهر ديسمبر/كانون الأول الجاري، كشف مجلس موثوقية الكهرباء في ولاية تكساس عن برنامج خفض طوعي، شمل تحت نطاقه المرافق العاملة في صناعة تعدين العملات المشفرة "البيتكوين" خاصة في أوقات الذروة، بحسب ما نشرته رويترز.

وقال مدير تقييمات الموثوقية بمؤسسة موثوقية الكهرباء في أميركا الشمالية مارك أولسون، إن الاستخدامات الكهربائية الجديدة (في إشارة إلى السيارات الكهربائية، وتعدين العملات المشفرة) التي زادت وتيرتها إثر خطط تحول الطاقة قد تتسبب بتغييرات في طبيعة عمل النظام وتشغيل الشبكة.

4) زيادة الطلب وتقلبات الطقس:

علق التقرير توقعات بلوغ الطلب على الكهرباء في أميركا الشمالية ذروته على عوامل عدة، أبرزها تقلبات الطقس وعوامل النمو الاقتصادي.

ولتقييم موثوقية نظام الكهرباء الضخم في أميركا الشمالية، استند التقرير إلى اتجاهين: تطرق أولهما إلى توقعات قدرة الصناعة على تلبية الطلب والحفاظ على مستويات الموثوقية عبر دراسة أبعاد العرض والطلب، وركز الثاني على النطاق الإقليمي للموثوقية مع التأسيس لبيانات السنوات الـ10 المقبلة.

وقال مدير تقييمات الموثوقية وتحليل الأداء بمؤسسة موثوقية الكهرباء في أميركا الشمالية، جون مورا، إن الطقس هو المؤثر الأول في نظام الكهرباء الضخم.

وأشار إلى أن عوامل الطقس المتقلبة طوال العام تؤثر في عمل محطات الكهرباء الرئيسة والفرعية وأنظمة النقل ومعدل الطلب.

وتخشى المؤسسة تكرار سيناريو شتاء العام الماضي (2021) مع نشاط عاصفة "أوري" الشتوية في فبراير/شباط التي تسببت في قطع الكهرباء عن 4 ملايين مواطن، واستمر في بعض المناطق لأيام عدة.

وبحسب المؤسسة، فإن الفترة السابقة للعاصفة أوري لم يكن فيها تركيز على دور الظواهر الجوية وحالات الطقس للتأثير في الموثوقية وكفاءة الشبكة، لكن الأمر تغيّر في مرحلة ما بعد العاصفة إلى رصد مخاطر انقطاع التيار ومحاولات الاستعداد وتهيئة الشبكة لها.

5) نقص الاستثمار في مصادر الطاقة الآمنة

من ضمن عوامل عدة تزيد مخاطر تعرض شبكة الكهرباء في أميركا لضغوط خلال السنوات الـ10 المقبلة، كان نقص استثمارات موارد الطاقة التي يمكن الاعتماد عليها بصفتها مصدرًا آمنًا وغير متقطع (مثل الغاز الطبيعي وموارد الوقود الأحفوري الأخرى) وما يرتبط بها من بنية تحتية مؤهلة.

ورغم أهمية تحويل شبكة الكهرباء في أميركا إلى شبكة منخفضة الكربون، غير أن هناك ضرورة لضمان مراعاة الواقع والبيانات للقدرة الواقعية على تلبية الطلب.

وبالنظر إلى التحذيرات من هشاشة قدرة الشبكة على تلبية الطلب في بعض المناطق خلال السنوات المقبلة، لم تواكب لجنة تنظيم الطاقة الفيدرالية في أميركا "إف إي آر سي" تلك المتطلبات، ولم تمنح مشروعات البنية التحتية (مثل خط ماونتن فالي) التصريحات اللازمة حتى الآن.

ويأتي ذلك رغم تأكيد حاجة المناطق الجنوب شرقية للتزود بمصادر طاقة آمنة ومستمرة وذات أسعار ملائمة بهدف خفض الانبعاثات، بحسب أوتيليتي دايف (Utility Dive).

الكهرباء في أميركا
خط لنقل الغاز تابع لتشكيل مارسيليوس الصخري - الصورة من (The Business Journals)

ومع منع خطوط الأنابيب في الشمال الشرقي، كثّف سكان إقليم "نيو إنغلاند" من اعتمادهم على "واردات" الغاز الطبيعي باهظة التكلفة فقط لأنها تخضع لمعايير بيئية أقل نسبيًا، رغم أنه كان من الممكن الحصول على إمدادات غاز وفيرة من تشكيل "مارسيليوس" القريب.

وللدلالة على أهمية الاستثمار في مصادر الطاقة الآمنة، لجأت ولاية كاليفورنيا إلى الغاز الطبيعي -رغم محاولات التخلي عنه- بصفته ملاذًا لتلبية الطلب وتجنّب مخاطر انقطاع التيار خلال موجة الحرارة المرتفعة شهر سبتمبر/أيلول الماضي.

وشكّل الغاز الطبيعي 60% من مزيج الكهرباء في كاليفورنيا في وقت سابق، بعدما دفع الجفاف نحو تعطل إنتاج الطاقة الكهرومائية بالولاية التي تعتمد بقوة على مصادر الطاقة المتجددة "المتقطعة".

6) نقص تقنيات التخزين

اتفق داعمو مصادر الطاقة المتجددة على أن نشرها والاعتماد عليها بمعدل أكبر يتطلب التوسع في تقنيات التخزين وإلحاق مشروعات الرياح والطاقة الشمسية والكهرومائية ببطاريات تسمح بالاستفادة من فائض التوليد، وتزويد الشبكة به لتعزيز تلبية الطلب أوقات الذروة.

ثالثًا: أبرز المعلومات حول قطاع الكهرباء في أميركا الشمالية خلال 10 سنوات:

1) مزيج الكهرباء في 2022

شهد العام الجاري (2022) تغييرات في توازن مزيج شبكة الكهرباء في أميركا الشمالية وتنوع موارد الوقود المتصلة بنظام الكهرباء الضخم "بي بي إس"، بحسب ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

وبصورة إجمالية رُصد اعتماد مصادر الطاقة المتغيرة "في إي آر" -في إشارة إلى الطاقة الشمسية وطاقة الرياح- على الظروف الجوية؛ ما دفع إلى انخفاض سعة تلك الموارد خلال أوقات الذروة.

ويوضح الرسم البياني أدناه -الذي أعدته منصة الطاقة المتخصصة- السعة المقدرة خلال أوقات ذروة الطلب العام الجاري (2022) في بعض مناطق أميركا الشمالية المذكورة بالتقرير، بحسب بيانات مؤسسة الموثوقية:

الكهرباء في أميركا

وبالنظر إلى حجم السعة والقدرة خلال أوقات ذروة الطلب في المنطقة خلال العام الجاري (2022) نجد أن سعة الغاز الطبيعي سجلت 477 غيغاواط بزيادة 14 غيغاواط عن العام الماضي (2021).

كما بلغت سعة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح (مجتمعة) 70 غيغاواط، بزيادة 19 غيغاواط عن العام الماضي.

وفي المقابل، سجلت سعة الفحم والطاقة النووية في أوقات ذروة الطلب 202 و106 غيغاواط على التوالي، بانخفاض 18 غيغاواط و2 غيغاواط عن العام الماضي.

2) خطط الموارد حتى 2032

رصد تقرير مؤسسة موثوقية الكهرباء في أميركا الشمالية في تقييمه للسنوات الـ10 المقبلة توقعات لخطط الربط البيني وإضافة مصادر توليد جديدة إلى نظام الكهرباء الضخم "بي بي إس".

ويرصد الرسم البياني أدناه -الذي أعدته منصة الطاقة المتخصصة- حجم إسهام الموارد وفق خطط التطوير المتوقعة في أميركا الشمالية من العام الجاري (2022) حتى عام (2032) طوال السنوات الـ10 محل التقييم من قبل مؤسسة موثوقية الكهرباء:

الكهرباء في أميركا

وكان الغاز الطبيعي والطاقة الشمسية وطاقة الرياح أبرز تلك المصادر المخطط لإدراجها في الربط البيني، وقسّمت مؤسسة الموثوقية في تقريرها إلى شريحتين: (الموارد على وشك الاتصال بالشبكة، وموارد لم تتصل حتى الآن إثر تعثر سلاسل التوريد للمشروعات).

ويستعد نظام الكهرباء الضخم "بي بي إس" لضم مرافق إنتاج هجينة (محطة توليد ملحقة ببطاريات تخزين) إلى خططها حتى عام 2032.

3) المشروعات الشمسية

توقع تقرير مؤسسة موثوقية الكهرباء في أميركا الشمالية طويل الأجل مواصلة مشروعات الطاقة الشمسية والتخزين المتصلة بشبكات التوزيع -كالمشروعات الشمسية على الأسطح والمباني السكنية- نموها إلى ما يفوق 80 غيغاواط بحلول نهاية السنوات الـ10 محل التقييم حتى عام 2032.

ويفوق هذا المستوى معدلات النمو الصادرة ضمن توقعات نهاية العام الماضي (2021) بنسبة 25%.

4) تقاعد المحطات

من المتوقع تسجيل القدرة الإجمالية لمصادر الطاقة الرئيسة تراجعًا بالاستناد إلى تخارج المرافق القديمة والمتهالكة، أو حتى الحديثة التي تواجه محاولات خفض وتقليص لصالح مرافق الطاقة المتجددة.

الكهرباء في أميركا
محطة سانداو للكهرباء العاملة بالفحم في ولاية تكساس - الصورة من (Houston Public Media)

وحمل التقرير توقعات غير متفائلة لحجم إسهام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في أوقات الذروة مع تقاعد عدد كبير من المرافق بحلول عام 2032.

وقدّر التقرير نمو إسهام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح عقب 10 سنوات بنحو 12% فقط ارتفاعًا من 7% في الآونة الحالية، في حين تباين معدل الاتصال والربط بين المناطق الخاضعة لتقييم تقرير مؤسسة الموثوقية.

ويُعَد التخطيط الإقليمي لأسواق الكهرباء دلالة كاشفة لخطط تقاعد المحطات والمرافق العاملة بالوقود الأحفوري خلال رحلة تحول الطاقة، سواء كانت معلنة أو غير معلنة.

وبالنظر إلى خريطة تقاعد مرافق سعة الكهرباء في أميركا الشمالية بالكامل، نجد أن المقاطعات البحرية في كندا تخطط لتخارج 550 ميغاواط من مزيجها، ما يزيد من حدة نقص السعة.

ويهدد إحالة محطات الطاقة الحرارية في المناطق لنطاق الكيانات (ساوث باور بول في وسط الولايات المتحدة، ومجلس موثوقية الكهرباء في تكساس، وكاليفورنيا المكسيك، وويسترن باور بول، ومجموعة إس آر إس جي في الجنوب الغربي) للتقاعد بفقدان الأحمال وزيادة مخاطر نقص الكهرباء وموثوقيتها.

5) موقع الغاز الطبيعي

جانب كبير من مخاوف موثوقية شبكات الكهرباء في أميركا الشمالية يتعلق بالغاز الطبيعي، إذ يُعد وقودًا أساسيًا وحلقة وصل بين مصادر الوقود الأحفوري ومصادر الكهرباء المتغيرة "المصادر المتجددة".

ومع زيادة الإقبال على الغاز الطبيعي السنوات المقبلة تزداد وتيرة المخاوف من نقص إمداداته اللازمة لتزويد محطات الكهرباء؛ ما يزيد مخاطر نقص إمداداتها.

ولا يقتصر الأمر على توصيل تدفقات الغاز إلى المحطات فقط، لكن نظام نقله بالكامل (من شبكات وخطوط وغيرها) ترتبط ارتباطًا وثيقًا بموثوقية الكهرباء في الأنظمة الضخمة.

ومن أبرز المخاوف التي تتعلق بنظام نقل الغاز الطبيعي: مشكلات الآبار أو مرافق التخزين، وضغط خطوط الأنابيب، وغيرها.

ويتطلب التعامل مع الغاز الطبيعي بصفته وقودًا انتقاليًا لأنظمة الكهرباء الضخمة "بي بي سي" تأهيل البنية التحتية وتزويدها بخطوط موثوقة تعزز الأحمال الكهربائية.

6) توقعات الطلب

تُشير التوقعات إلى تسجيل الطلب على الكهرباء في أميركا الشمالية -خلال السنوات الـ10 المقبلة- أعلى نسبة زيادة خلال الآونة الأخيرة.

وتُعد خطط كهربة القطاعات والتوسع في استخدام السيارات الكهربائية على مدار السنوات الـ10 المقبلة حتى عام 2032، وكذا نشر وسائل التدفئة المعتمدة على الكهرباء بالكامل خلال فصل الشتاء؛ أبرز عوامل زيادة الطلب.

يُشار إلى أن توقعات ذروة الطلب تكون في نطاق أعلى خلال فصل الشتاء مقارنة بالطلب في فصل الصيف.

رابعًا: الأسعار وتوقعات شتاء 2022-2023:

رصدت أسواق الكهرباء في أميركا -منذ أشهر- مدى الخطورة التي تواجهها المناطق المذكورة، وسجلت أسعار العقود الآجلة للأشهر من ديسمبر/كانون الأول الجاري حتى فبراير/شباط من العام المقبل (2023) ارتفاعًا كبيرًا على أساس سنوي مقارنة بالمدة ذاتها العام الماضي.

وأوضح مدير تقييمات الموثوقية وتحليل الأداء بمؤسسة موثوقية الكهرباء في أميركا الشمالية، جون مورا، أن فصل الشتاء 2022-2023 يحمل توقعات "سالبة" للاحتياطي في حالات الظروف شديدة القسوة، وتُشير سلبية تقديرات الاحتياطي إلى أن الأحمال ستفوق حجم الموارد المتاحة.

وأقر تقرير مؤسسة الموثوقية أن عددًا كبيرًا من محطات الكهرباء في أميركا الشمالية يواجه خطر نقص الإمدادات خلال فصل الشتاء، ويتزامن ذلك مع تسجيل معدل الطلب مستويات الذروة وعدم كفاية إمدادات الوقود، بحسب ما نشرته ستاندرد آند بورز غلوبال كوموديتي إنسايتس (S&P Global Commodity Insights) قبل شهر.

خامسًا: نطاق مؤسسة الموثوقية في أميركا الشمالية

بموجب قانون سياسة الطاقة المُقر في أميركا عام 2005، شكلت لجنة تنظيم الطاقة الفيدرالية 6 كيانات إقليمية تندرج تحت مؤسسة موثوقية الكهرباء "إن إي آر سي" التي تغطي مناطق أميركا الشمالية.

والكيانات الـ6 هي:

1) منظمة موثوقية الغرب الأوسط "إم آر أو":

تقع في نطاق الربط بالمنطقة الشرقية، وتمثل أعلى غرب وسط أميركا الشمالية، وتغطي ولايات (مينيسوتا، وداكوتا الشمالية، ونبراسكا).

كما تشمل هذه المنطقة أجزاء من ولايات: (أركنساس، وإلينوي، وأيوا، وكانساس، ولويزيانا، وميشيغان، وميسوري، ومونتانا، ونيو ميكسيكو، وأوكلاهوما، وداكوتا الجنوبية، وتكساس، وويسكونسن، وميشيغان العليا).

الكهرباء في أميركا
ألواح ممتدة في مزرعة شمسية - الصورة من (Consumer Energy Alliance)

ويأتي ذلك بالإضافة إلى مقاطعتي ساسكاتشوان ومانيتوبا الكنديتين.

2) مجلس تنظيم الكهرباء في الشمال الشرقي "إن بي سي سي":

تقع في نطاق الربط الشرقي، ويغطي إقليم نيو إنغلاند الذي يشمل ولايات: (مين، وفيرمونت، ونيوهامشير، وماساتشوستس، ونيويورك، وكونيتيكت، ورود آيلاند).

ويأتي ذلك بالإضافة إلى مقاطعات (أونتاريو، وكيبيك، ونيو برونزويك، ونوفا سكوشا، وجزيرة الأمير إدوارد) في كندا.

3) كيان الموثوقية أولًا "آر إف":

تغطي نطاق الربط الشرقي -أيضًا- الذي يمتد من شرق أميركا حتى المنطقة المنخفضة للبحيرات العظمي، ويصل إلى أجزاء من ولايات: (نيوجيرسي، وبنسلفانيا، وديلاوير، وميريلاند، وفيرجينيا، وأوهايو، وميشيغان، وإنديانا، وإلينوي، وويسكونسن).

4) مؤسسة "إس إي آر سي" للموثوقية:

توفر المؤسسة إمدادات كهرباء موثوقة وآمنة لنحو 16 ولاية بمناطق جنوب شرقية وفي الوسط، وتغطي ولايات: (ألاباما، وجورجيا، وميسيسيبي، وميسوري، وكارولينا الشمالية والغربية، وتينيسي)، وبعض قطاعات من: (أركنساس، وإلينوي، ولويزيانا، وأوكلاهوما، وتكساس، وفيرجينيا، وفلوريدا).

5) كيان تكساس للموثوقية "تكساس آر إي":

يُنظر إلى الكيان بصفته كيانًا إقليميًا يمثّل مجلس موثوقية الكهرباء في أميركا بولاية تكساس، وتغطي 75% من أراضي الولاية و90% من الحمل الكهربائي.

6) مجلس تنظيم الكهرباء الغربي "دبليو إي سي سي":

يُعد مجلس تنظيم الكهرباء الغربي "دبليو إي سي سي" أحد الكيانات الـ6 التابعة لمؤسسة موثوقية الكهرباء في أميركا الشمالية، ويتولى مهمة الربط البيني للأجزاء الغربية.

وتمتد المنطقة الواقعة تحت نطاق عمل المجلس "منطقة الربط الغربي"، لتشمل مقاطعتي ألبرتا وبريتش كولومبيا الكنديتين، بجانب مناطق في المكسيك وشمال كاليفورنيا ومناطق من الولايات الأميركية الغربية.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق