روسيا.. قوة عالمية كبرى في صناعة النفط والغاز (10 رسومات بيانية)
حُدِّثَ التقرير يوم 11 يونيو 2024
وحدة أبحاث الطاقة
بدأت صناعة النفط العالمية في روسيا القيصرية وتطورت بصورة كبيرة حتى أصبحت روسيا أكبر منتج للنفط والغاز في العالم، قبل أن تأتي ثورة الصخري الأميركية وتقتنص الولايات المتحدة المركز الأول عالميًا.
وتملك روسيا حصة كبيرة من احتياطي وإنتاج النفط والغاز حول العالم، كما أنها محط الأنظار في الوقت الراهن وسط الحرب الروسية الأوكرانية، التي لم تضع أوزارها حتى الآن، وأسهمت في تغيير مشهد الطاقة العالمي، سواءً من ناحية تجارة الوقود الأحفوري؛ إذ تسعى أوروبا لفطم نفسها عن الإمدادات الروسية، في الوقت الذي عملّت الصين والهند وعدّة دول أخرى على تعزيز أمن الطاقة وزيادة وارداتها من موسكو، أو من جهة تسريع التحول الأخضر حتى لا تجد الدول الأوروبية نفسها أسيرة مجددًا لارتفاعات قياسية في أسعار الطاقة.
وتتربع موسكو على عرش احتياطيات الغاز الطبيعي عالميًا، في حين تحتل المركز الثاني من حيث إنتاج الغاز، بينما تُعد ثالث أكبر منتج للنفط -بعد الولايات المتحدة والسعودية- وفق رصد وحدة أبحاث الطاقة لبيانات الدول حسب الاحتياطيات والإنتاج.
وكانت روسيا على رأس منتجي النفط، الذين شاركوا في تكوين تحالف مؤيد لأوبك مكون من منتجي الخام من خارج المنظمة، وهو ما عُرِفَ باسم تحالف أوبك+ عام 2016، وذلك بهدف تحقيق استقرار أسعار النفط، لتصبح الآن عنصرًا فاعلًا في المجموعة.
ومع الزخم الكبير الذي تشهده صناعة النفط والغاز في روسيا؛ فإن التحوّل الأخضر لم يجد لنفسه -حتى الآن- مكانة في أجندة الحكومة الروسية، رغم أنها من أكبر مُصدري الانبعاثات الضارة عالميًا.
اكتشاف النفط في روسيا
بدأ التنقيب عن النفط في روسيا القيصرية خلال القرن الـ19 في بئر بالقرب من مدينة باكو -عاصمة أذربيجان حاليًا- وهى أُمّ صناعة النفط العالمية، والتي كانت إحدى جمهوريات الاتحاد السوفيتي، بحسب ما نقلته وحدة أبحاث الطاقة عن مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي.
وابتداءً من سبعينيات القرن الـ19، أنهت الحكومة الروسية الاحتكار وفتحت منطقة باكو أمام الشركات الخاصة المنافسة وأصبحت البلاد منتجًا عالميًا بحلول عام 1900.
وبعد باكو، كانت منطقة (الفولغا - الأورال) ثاني المناطق التي شهدت اكتشاف النفط في الاتحاد السوفيتي، واستغرقت المنطقة عدّة سنوات بين الاكتشاف وبدء إنتاج النفط (خلال المدة من عام 1929 وحتى نهاية أربعينيات القرن العشرين).
وأصبحت غرب سيبيريا ثالث أكبر منطقة منتجة للنفط في الاتحاد السوفيتي والأكبر في تاريخ البلاد عام 1968، بعد اكتشافه لأول مرة عام 1960.
وكان للنفط الروسي دور كبير في إمبراطورية الاتحاد السوفيتي، وبعد تفككه وفر النفط والغاز الطبيعي 80% من العملة الصعبة لروسيا.
احتياطيات النفط الروسي
تقع غالبية احتياطيات روسيا من النفط في غرب سيبيريا، بين جبال الأورال وهضبة سيبيريا الوسطى، وفي منطقة الفولغا - الأورال، وتمتد إلى بحر قزوين.
وتمثل حقول يامبرغ (Yamburg) ويورنغوي (Urengoy) وميدفيزهي (Medvezhye) وحدها أكثر من 40% من هذه الاحتياطيات.
وبنهاية عام 2020، بلغت احتياطيات روسيا المؤكدة من النفط نحو 107.8 مليار برميل، وفق آخر بيانات المراجعة الإحصائية السنوية الخاصة بمعهد الطاقة البريطاني، وهذا يكفي لنحو 80 عامًا بمعدلات الإنتاج الحالية.
وبلغت احتياطيات النفط في روسيا مستوى 116.1 مليار برميل عام 1991، وهو أول عام بدأت فيه شركة النفط البريطانية بي بي (ومن بعدها معهد الطاقة) رصد بيانات الاحتياطيات الروسية، ولم تصل إلى هذا المستوى منذ ذلك الحين.
وشهد عام 2015، أقلّ مستوى لاحتياطيات النفط في البلاد عند 102.4 مليار برميل، بحسب البيانات التي رصدتها وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن.
وتشير التقديرات الأولية لعام 2023، وفق أويل آند غاز جورنال، إلى أن احتياطيات النفط الروسي بلغت 80 مليار برميل، دون تغيير عن العامين السابقين، مع الوضع في الحسبان اختلاف منهجية الرصد بين تقديرات معهد الطاقة البريطاني وأويل آند غاز جورنال.
ويرصد الرسم البياني التالي، الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة، تطور احتياطيات النفط الروسي منذ عام 1991 حتى 2023:
إنتاج النفط الروسي
تنتج روسيا 8 أنواع رئيسة من النفط الخام، ويُعد الأورال هو خام التصدير الرئيس، ونفط خام متوسط الحموضة.
مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية وتساقط العقوبات الغربية على موسكو؛ تزايدت توقعات تضرر إنتاج روسيا من النفط، لكن على النقيض من ذلك؛ أظهرت الإمدادات الروسية مرونة كبيرة خلال الأزمة، التي لم تنتهِ بعد.
وفي عام 2021، قبل الغزو الروسي لأوكرانيا، بلغ إنتاج النفط في روسيا 11 مليون برميل يوميًا، مقابل 10.66 مليون برميل يوميًا خلال عام 2020، وفقًا لبيانات معهد الطاقة -التي ترصد إنتاج النفط الخام والمكثفات والسوائل الغازية- لتكون ثالث أكبر منتج للنفط عالميًا.
وبحسب الرصد التاريخي بدايةً من عام 1985، بلغ إنتاج النفط الروسي أعلى مستوى على الإطلاق عام 2019 عند 11.679 مليون برميل يوميًا، وأقل مستوى في عام 1996، عند 6.062 مليونًا، كما يُظهر الرسم التالي:
وفي عام اندلاع الغزو الروسي لأوكرانيا (2022)، بلغ إنتاج النفط الروسي 11.2 مليون برميل يوميًا، قبل أن يهبط إلى أقل من 11 مليون برميل يوميًا خلال عام 2023، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وبالعودة إلى عام 2020، فقد أثرت تداعيات جائحة كورونا -من انهيار الأسعار وانخفاض الطلب على النفط- سلبًا في إنتاج النفط، إلى جانب تخفيضات الإنتاج ضمن اتفاق تحالف أوبك+، قبل البدء في زيادة تدريجية للإنتاج مع تعافي أسعار النفط من صدمة الجائحة.
وتعافى الاقتصاد العالمي بوتيرة سريعة وازداد الطلب؛ ما أسفر في النهاية عن تسارع التضخم، لتبدأ المصارف المركزية حملتها لكبح جماحه عبر رفع أسعار الفائدة بصورة كبيرة؛ لدرجة أدّت إلى تزايد مخاوف الركود، ونتيجة لذلك قرر تحالف أوبك+ خفض إنتاج النفط مليوني برميل يوميًا بدءًا من نوفمبر/تشرين الثاني 2022 حتى نهاية عام 2023، وهو القرار، الذي سبقه عدّة مراجعات شهرية للإنتاج، ثم تمديده فيما بعد إلى نهاية 2024، ثم إلى نهاية العام المقبل (2025)، وفق أحدث القرارات الصادرة عن تحالف أوبك+ أوائل يونيو/حزيران 2024.
وردًا على العقوبات الغربية، التي استهدفت صادرات الخام والمشتقات النفطية وتحديد سقف سعري لها؛ تعهّدت روسيا بخفض إنتاجها النفطي بمقدار 500 ألف برميل يوميًا بدءًا من مارس/آذار 2023، قبل أن تمدد هذا الخفض ضمن تخفيضات طوعية شملت 9 دول من تحالف أوبك+ -منها السعودية- بداية من مايو/أيار 2023 حتى نهاية العام الحالي (2024)، ثم مُدَّد مرة أخرى لنهاية العام المقبل (2025).
وفضلًا عمّا سبق، تنخرط موسكو في تخفيضات طوعية إضافية تقترب من 500 ألف برميل يوميًا، إلى جانب 7 دول من تحالف أوبك+، بإجمالي 2.2 مليون برميل يوميًا حتى نهاية الربع الثالث من عام 2024، على أن تُعاد هذه الكميات تدريجيًا بدءًا من أكتوبر/تشرين الأول 2024 وحتى نهاية سبتمبر/أيلول 2025.
ووفقًا لهذه التخفيضات، تصل الحصة الإنتاجية لروسيا إلى 8.97 مليون برميل يوميًا خلال الربع الثالث من 2024، قبل أن ترتفع تدريجيًا إلى مستهدف عام 2025، البالغ 9.949 مليون برميل يوميًا.
وفي ظل العقوبات الغربية وقرارات أوبك+، فإن إنتاج النفط الخام الروسي بلغ 9.182 مليون برميل يوميًا، خلال شهر مايو/أيار 2024، وفق أحدث التقارير الشهرية الصادرة عن منظمة أوبك، بانخفاض طفيف عن متوسطَي عام 2023 وعام 2022 عند 9.58 مليونًا، و9.77 مليون برميل يوميًا على التوالي.
صادرات النفط الروسي
تستهلك موسكو أكثر من 3.5 مليون برميل يوميًا من النفط بنهاية 2022، وفق آخر تقديرات المراجعة الإحصائية السنوية لمعهد الطاقة، قبل أن يرتفع إلى 3.7 مليونًا عام 2023، حسب وكالة الطاقة الدولية، ما يعني وجود فائض كبير للتصدير.
ويستعرض الرسم الآتي، الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة، استهلاك النفط في روسيا بين عامي 1985 و2023:
وقبل تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا (2022)، بلغت صادرات روسيا من النفط الخام والمكثفات مستوى 4.7 مليون برميل يوميًا في 2021؛ ما يعادل أكثر من 45% من إجمالي الإنتاج، وفق ما نقلته إدارة معلومات الطاقة الأميركية عن مؤسسة غلوبال تريد تراكر.
وكانت دول أوروبا لدى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية هي المستورد الرئيس، بمقدار 49% من إجمالي صادرات الطاقة الروسية، تليها منطقة آسيا وأوقيانوسيا بمقدار 38%.
وعلى مستوى الدول، استوردت الصين وحدها ثلث صادرات النفط الخام والمكثفات الروسية عام 2021؛ ما يعادل 1.4 مليون برميل يوميًا.
وتضخ روسيا أكثر من 85% من إجمالي صادرات النفط الخام عبر خطوط أنابيب شركة ترانسنفط، المملوكة للدولة، حيث تُعَد أوروبا المستورد الرئيس للنفط الروسي؛ إذ تمثل أكثر من نصف صادرات النفط الروسية حتى نهاية 2021.
وأدّت العقوبات المرتبطة بالغزو الروسي لأوكرانيا إلى تسريع التحول في تجارة الطاقة الروسية نحو آسيا، إذ تلقّت آسيا وأوقيانوسيا 85% من صادرات النفط الخام الروسية في عام 2023، و37% من صادرات المنتجات النفطية.
وفي عام 2022، عندما بدأت العقوبات المتعلقة بالغزو الروسي لأوكرانيا، كانت هذه النسب 52% للنفط الخام، و21% للمنتجات النفطية، وفق تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأميركية.
واستوردت الصين 2.2 مليون برميل يوميًا من النفط الخام الروسي في عام 2023، بزيادة 24% مقارنة بعام 2022(1.7 مليون برميل يوميًا).
ويأتي ذلك، بعدما انقلب الوضع رأسًا على عقب منذ اندلاع غزو أوكرانيا؛ إذ بدأ الاتحاد الأوروبي تقليص وارداته من النفط الروسي، بل فرض حظرًا عليها، في الوقت الذي سعت فيه الصين والهند وتركيا إلى استيراد المزيد من خام موسكو، الذي يُباع بخصم، نتيجة تأثير العقوبات الغربية.
واتفقت دول الاتحاد الأوروبي والحلفاء الغربيون على حظر واردات النفط الخام الروسي بدءًا من 5 ديسمبر/كانون الأول 2022، إلى جانب فرض سقف سعري عند 60 دولارًا للبرميل.
وفي بداية فبراير/شباط 2023، دخل حظر آخر على المشتقات النفطية الروسية حيز التنفيذ، إلى جانب سقف سعري يصل إلى 100 دولار للبرميل للمنتجات الأعلى سعرًا، مثل وقود الديزل والبنزين، ونحو 45 دولارًا للبرميل بالنسبة إلى المنتجات الأقل جودة.
ورغم ذلك؛ تُظهر بيانات وكالة الطاقة الدولية، التي تابعت تفاصيلها وحدة أبحاث الطاقة، أن كمية صادرات روسيا من النفط أثبتت مرونة كبيرة ضد العقوبات الغربية؛ فرغم تراجعها بصورة طفيفة في الأشهر الأولى للحرب؛ فإنها عادت سريعًا للارتفاع إلى مستويات ما قبل الغزو؛ إذ عوّضت زيادة الصادرات إلى الصين والهند بصفة خاصة، انخفاض الواردات الأوروبية، وإن كانت الإيرادات قد تضرّرت بصورة ملحوظة بسبب المقاطعة الأوروبية من جهة، ورغبة الحكومة الروسية إيجاد أسواق أخرى من جهة ثانية، أما السقف السعري المفروض على الخام والمنتجات النفطية الروسية، فهناك خلاف بين الخبراء حول أثره، حيث يرى البعض أنه لا أثر له على الإطلاق.
ووفق أحدث الأرقام الصادرة عن وكالة الطاقة الدولية، بلغت صادرات روسيا من النفط الخام والمشتقات النفطية 7.3 مليون برميل يوميًا خلال أبريل/نيسان 2024، مقارنة مع متوسط 7.7 مليونًا خلال الأشهر السابقة من العام نفسه، كما يرصد الرسم البياني التالي:
ورغم ثبات صادرات الخام حول مستويات 5 ملايين برميل يوميًا في الأشهر الأخيرة، فإن صادرات المنتجات النفطية قد تتضرر بعض الشيء منذ بداية 2024، لتصل إلى 2.3 مليونًا في أبريل/نيسان، مع الهجمات الأوكرانية على المصافي الروسية، إلى جانب بدء حظر روسي على صادرات البنزين منذ مارس/آذار 2024 ولمدّة 6 أشهر.
الغاز الطبيعي في روسيا
تُعَد روسيا أكثر دول العالم امتلاكًا لاحتياطيات الغاز الطبيعي؛ إذ بلغت 37.4 تريليون متر مكعب بنهاية 2020، مقابل 37.6 تريليون متر مكعب في العام السابق له، وفقًا لآخر بيانات معهد الطاقة البريطاني.
وفي الأعوام الـ3 الماضية، تشير تقديرات أويل آند غاز جورنال إلى أن احتياطيات روسيا من الغاز الطبيعي بلغت 1688 تريليون قدم مكعبة (47.8 تريليون متر مكعب)، كما يستعرض الرسم الآتي:
بينما تحتل موسكو المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة في قائمة الدول الأكثر إنتاجًا للغاز الطبيعي؛ إذ بلغ إنتاج روسيا 618.4 مليار متر مكعب في 2022، انخفاضًا من 702 مليار متر مكعب عام 2021، مع تراجع الطلب على الغاز الروسي من جانب دول الاتحاد الأوروبي، قبل أن يعاود الارتفاع إلى 638 مليار متر مكعب عام 2023، بحسب بيانات وكالة الطاقة الدولية.
وتسيطر الشركات الحكومية في روسيا على قطاع الغاز الطبيعي، ولا سيما شركة غازبروم، التي تمتلك أكثر من 70% من الاحتياطيات المؤكدة للبلاد، والمسؤولة عن 73% من إنتاج الغاز.
ويرصد الرسم البياني التالي، الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة، إنتاج الغاز الطبيعي في روسيا منذ عام 1985 حتى 2023:
وكسرت روسيا سيطرة الولايات المتحدة على لقب الأكثر إنتاجًا للغاز عالميًا في الثمانينات، وأخذت زمام المبادرة حتى 2011، حينما عادت أميركا مجددًا إلى الريادة، مع طفرة التكسير المائي.
وفيما يتعلق باستهلاك روسيا للغاز الطبيعي؛ فقد سجّل مستوى 408 مليارات متر مكعب عام 2022، وفقًا بيانات معهد الطاقة، في حين تشير بيانات وكالة الطاقة الدولية إلى أن الطلب على الغاز في موسكو خلال 2023، سجّل 495 مليار متر مكعب، مثلما يُظهر الرسم التالي:
صادرات الغاز الطبيعي
في 2021 -قبل غزو أوكرانيا- بلغت صادرات الغاز الروسية 36% من إجمالي الإنتاج؛ ما يعادل 8.9 تريليون قدم مكعبة (252 مليار متر مكعب)، مع استحواذ التصدير عبر خطوط الأنابيب على 84%، والباقي على هيئة غاز مسال، وفق إدارة معلومات الطاقة الأميركية.
- قطاع الطاقة الروسي.. كل ما تريد معرفته في 3 رسوم بيانية
- 4 رسوم بيانية توضح خريطة صادرات الطاقة الروسية
وحسب إدارة معلومات الطاقة الأميركية، استوردت أوروبا نحو 6.6 تريليون قدم مكعبة (187 مليار متر مكعب) -الغالبية من غاز الأنابيب- من إجمالي صادرات الغاز الروسية البالغة 8.9 تريليون قدم مكعبة (252 مليار متر مكعب) خلال عام 2021، قبل أن تأتي الحرب الأوكرانية وتشهد واردات القارّة العجوز من موسكو انخفاضًا حادًا.
وصدرت روسيا 6.2 تريليون قدم مكعبة (175 مليار متر مكعب) من الغاز في عام 2022، بانخفاض 30% على أساس سنوي من 8.9 تريليون قدم مكعبة (252 مليار متر مكعب) في عام 2021، وكانت الصين (14% من الصادرات)، وتركيا (12%)، وألمانيا (11%) من أكبر المستوردين للغاز الروسي، وفق إدارة معلومات الطاقة الأميركية.
وبعد بناء خط أنابيب نورد ستريم 1، لتعزيز صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا، انتهت موسكو من بناء نورد ستريم 2، بسعة إجمالية تبلغ 55 مليار متر مكعب سنويًا، لنقل الغاز عبر بحر البلطيق إلى ألمانيا، لكن الإجراءات التنظيمية كانت عائقًا لبدء تشغيله، قبل أن تأتي الحرب الروسية الأوكرانية، لتعقّد الأمور، واضطرت ألمانيا إلى عدم الموافقة على بدء تشغيل الخط.
وردًا على العقوبات الغربية، أغلقت روسيا خط أنابيب نورد ستريم 1 -طريق التصدير الرئيس للغاز الروسي إلى الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة- بدءًا من أغسطس/آب 2022، لأجل غير مسمى، فضلًا عن توقّف إمداد الغاز من خلال خط أنابيب يامال عبر بولندا، بدءًا من منتصف مايو/أيار 2022.
تُجدر الإشارة إلى أنه في يوم 26 سبتمبر/أيلول (2022)، تعرّض خطا أنابيب نورد ستريم 1 و2 لتفجيرات متعمَّدة تسببت في إطلاق كميات هائلة من غاز الميثان، لكن ما يزال الفاعل مجهولًا حتى الآن، رغم إجراء عدّة تحقيقات حول ذلك.
ونتيجة لذلك، انخفضت واردات أوروبا من الغاز الروسي عبر خطوط الأنابيب بنسبة 50%، ما يعادل 83 مليار متر مكعب خلال عام 2022، لكن اتجهت دول الاتحاد الأوروبي إلى النرويج وأذربيجان لتعويض الغاز الطبيعي الروسي، فضلًا عن زيادة واردات الغاز المسال من أميركا بصفة خاصة.
وتراجعت الصادرات الروسية إلى دول الاتحاد الأوروبي بصورة أكبر خلال 2023، لتبلغ 27 مليار متر مكعب، أو ما يشكّل 17% من الإجمالي، لتكون ثالث المصدّرين إلى الكتلة بعد النرويج والجزائر، بحسب بيانات منتدى الدول المصدّرة للغاز.
وفي الربع الأول من 2024، كان روسيا ثاني المصدّرين للغاز عبر الأنابيب لدول الاتحاد الأوروبي، بحصّة 18% من إجمالي الواردات الأوروبية التي بلغت 40 مليار متر مكعب.
وعلى جانب آخر وقبل غزو أوكرانيا، بلغت صادرات روسيا من الغاز الطبيعي المسال نحو 39.6 مليار متر مكعب عام 2021، بحسب البيانات السنوية لمعهد الطاقة، قبل أن يصل الرقم إلى 40.2 مليار متر مكعب عام 2022.
وتشير تقديرات منظمة أوابك إلى أن صادرات الغاز المسال الروسية بلغت 32.1 مليون طن (43.6 مليار متر مكعب) خلال عام 2023، بزيادة 1.7% على أساس سنوي.
واحتلت روسيا المركز الرابع عالميًا في قائمة أكبر مصدري الغاز الطبيعي المسال؛ إذ لم تتأثر صادرات موسكو من الغاز المسال نهائيًا، جراء أزمة غزو أوكرانيا، على عكس صادرات خطوط الأنابيب.
وتشهد صادرات روسيا من الغاز المسال المتجهة إلى الاتحاد الأوروبي زيادة مستمرة، إذ استحوذت الكتلة على 56% من إجمالي صادرات روسيا (8.7 مليون طن) خلال الربع الأول من 2024، مقابل 52% خلال المدّة المماثلة من العام السابق، وفق أوابك.
وفي أحدث البيانات التي جمعتها وحدة أبحاث الطاقة، بلغت صادرات روسيا من الغاز المسال 14.5 مليون طن خلال أول 5 أشهر من 2024.
ويرصد الرسم البياني التالي، الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة، صادرات روسيا من الغاز المسال شهريًا، مع الوضع في الحسبان أن مليون طن من الغاز المسال يعادل 1.360 مليار متر مكعب:
وتوجد في روسيا 3 محطات لإسالة الغاز تعمل بأعلى من طاقتها التصميمية الإجمالية، تُقدَّر بنحو 29.3 مليون طن سنويًا، وهي سخالين-2، ويامال، وبورتوفايا.
تحديات أمام صناعة النفط والغاز الروسية
تركّزت سياسة الدولة للنفط والغاز في الحفاظ على مستويات الإنتاج الحالية ودعم الشركات الحكومية، خاصة مع تعرُّض الاستثمار الأجنبي لضربة قوية في السنوات الماضية، وزاد الأمر سوءًا انسحاب الشركات الغربية من موسكو بعد غزو أوكرانيا.
وحتى قبل غزو أوكرانيا، واجه قطاع النفط والغاز الروسي أوقاتًا أكثر صعوبة في السنوات الأخيرة بصفة خاصة؛ بسبب انخفاض أسعار النفط وتراجع الاستثمار والتمويل جراء العقوبات الدولية، فضلًا عن تراجع الطلب العالمي في ضوء تداعيات فيروس كورونا.
وفي عام 2014، فرضت الولايات المتحدة عقوبات صارمة على موسكو، استهدفت على وجه التحديد 4 شركات طاقة روسية: نوفاتيك، وروسنفط، وغازبروم، وترانسنفط، وذلك ردًا على سياسات الحكومة الروسية فيما يتعلق بأوكرانيا، كما فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات مماثلة.
وفي مواجهة ذلك، عرضت الحكومة الروسية إعفاءات ضريبية لتشجيع الاستثمار في الموارد التي يصعب تطويرها، مثل الحقول البحرية في القطب الشمالي.
ومع ذلك، لم يتأثر إنتاج النفط في روسيا منذ بدء العقوبات المفروضة على قطاع النفط عام 2014، بل زاد إلى مستويات 11 مليون برميل يوميًا، من 10 ملايين برميل يوميًا في السنوات القليلة التي سبقت فرض العقوبات، في حين قد يكون التأثير قد جاء من جهة التكاليف الاقتصادية من أجل تحفيز مستويات إنتاج الخام ودعمها.
وما زاد من التحديات أن العقوبات الأميركية والأوروبية على روسيا جاءت عام انهيار أسعار النفط من متوسط سعر خام برنت 109 دولارات للبرميل في النصف الأول من عام 2014 إلى متوسط أقل من 50 دولارًا للبرميل في يناير/كانون الثاني التالي.
وتسبب كل من العقوبات وانخفاض أسعار النفط في الضغط على الاقتصاد الروسي بشكل عام؛ ما جعل من الصعب على شركات الطاقة الروسية تمويل مشروعات جديدة، لتتراجع عائدات الدولة من أنشطة النفط والغاز الطبيعي بشكل كبير.
وردًا على ذلك، عملت الحكومة الروسية على زيادة الإيرادات بطرق مختلفة؛ إذ أقبلت على تغيير ضريبة استخراج المعادن وضرائب التصدير على الهيدروكربونات عدة مرات في العامين التاليين لانخفاض أسعار الخام.
وشكّلت عوائد النفط والغاز 45% من ميزانية روسيا خلال عام 2021 قبل غزو أوكرانيا، إلا أن قطاع الهيدروكربونات الروسي ظل تحت الضغط بعد العقوبات الغربية على موسكو.
وانخفضت إيرادات النفط والغاز الروسية بنحو 24% خلال عام 2023، لتصل 8.82 تريليون روبل (99.75 مليار دولار)، جراء تراجع أسعار النفط وانخفاض مبيعات الغاز نتيجة العقوبات الغربية.
الكهرباء والطاقة المتجددة
مع اعتماد الاقتصاد الروسي بصورة كبيرة على الهيدروكربونات -النفط والغاز والفحم- فإن التحول للطاقة المتجددة لا يجد اهتمامًا كبيرًا لدى حكومة موسكو، رغم أنها تُعد من أكبر 5 دول إطلاقًا للانبعاثات الكربونية من قطاع الطاقة عالميًا؛ إذ بلغت انبعاثاتها 1.47 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون بنهاية 2022، بحسب بيانات معهد الطاقة، التي يرصدها الرسم التالي:
ومن ناحية أخرى، بلغ إجمالي كمية الكهرباء المولّدة في روسيا 1166.9 تيراواط/ساعة بنهاية عام 2022، مقابل 1157.4 تيراواط/ساعة في العام السابق له.
وفي العموم، يمثل الغاز الطبيعي الحصة الأغلب من التوليد؛ إذ شكل نحو 533.9 تيراواط/ساعة خلال عام 2022، في حين تأتي الطاقة النووية والطاقة المائية في المركزين الثاني والثالث بنحو 223.7 و197.7 تيراواط/ساعة على التوالي.
بينما تُشكل الطاقة المتجددة الأخرى 7.4 تيراواط/ساعة فقط بنهاية 2022، وتأتي الحصة المتبقية من مصادر التوليد الأخرى، وفقًا لبيانات معهد الطاقة.
ويستعرض الرسم التالي، الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة، كمية الكهرباء المولَّدة في روسيا منذ عام 1985:
وتحتل روسيا المرتبة الأخيرة بين دول مجموعة الـ20 التي أعلنت سياسات التحوّل إلى الطاقة المتجددة، كما أنها لم تعلن خطة واضحة لتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050، رغم توقيعها اتفاقية باريس للمناخ عام 2015.
ولا تبذل موسكو جهودًا كبيرة للتحوّل إلى الطاقة النظيفة؛ إذ تبالغ في تقدير دور الغاز الطبيعي -الأقل إطلاقًا للانبعاثات من النفط والفحم- للانتقال بعيدًا عن صناعة الوقود الأحفوري، رغم امتلاكها إمكانات هائلة من مصادر الطاقة المتجددة.
ويُقدّر كبير المحللين في مركز سكولكوفو للطاقة، يوري ميلنيكوف، أن الإمكانات التقنية لطاقة الرياح وحدها في روسيا يمكنها إضافة ما يصل إلى 17 ألف تيراواط/ساعة.
وأمام ذلك، أعلنت روسيا في يوليو/تموز 2021 مخططًا لتطوير صناعة الطاقة المتجددة، مع خطط وصول السعة المركبة لتوليد الكهرباء من الطاقة المتجددة نحو 5.6 غيغاواط بحلول عام 2024، ثم إلى 8.3 غيغاواط بحلول عام 2030، حسبما ذكرت وكالة تاس الروسية.
وانخفضت قدرة توليد الكهرباء المركّبة في روسيا بنسبة 1% على أساس سنوي لتصل إلى 301 غيغاواط في نهاية عام 2022.
وفيما يلي تستعرض منصة "الطاقة" لمحات خاصة حول أوبك والدول الأعضاء:
- تعرّف على تاريخ وأعضاء أوبك منذ تأسيسها عام 1960
- الجزائر.. ماذا تعرف عن أكبر دولة عضو في أوبك من حيث المساحة؟
- أنغولا.. ماذا تعرف عن ثاني أكبر دولة منتجة للنفط في أفريقيا؟
- الكونغو.. ماذا تعرف عن أحدث دولة تنضم لعضوية أوبك؟
- غينيا الاستوائية.. ماذا تعرف عن الدولة صاحبة أقل إنتاج نفطي في أوبك؟
- الغابون.. ماذا تعرف عن أحد أكبر 5 منتجين للنفط في أفريقيا؟
- إيران.. ماذا تعرف عن الدولة صاحبة أول بئر نفط في الشرق الأوسط؟
- العراق.. ماذا تعرف عن الدولة التي شهدت تأسيس منظمة أوبك؟
- الكويت.. ماذا تعرف عن صاحبة ثاني أكبر حقل نفطي في العالم؟
- ليبيا.. ماذا تعرف عن الدولة التي لديها أفضل أنواع النفط في العالم؟
- نيجيريا.. ماذا تعرف عن أكبر دولة منتجة للنفط في أفريقيا؟
- السعودية.. ماذا تعرف عن الدولة الأكثر تأثيرًا في أسواق النفط العالمية؟
- الإمارات.. ماذا تعرف عن ثالث أكبر دولة منتجة للنفط في أوبك؟
-
فنزويلا.. ماذا تعرف عن الدولة صاحبة أكبر احتياطيات نفطية في العالم؟
اقرأ أيضًا لمحات خاصة حول دول تحالف أوبك+ من غير الأعضاء في أوبك:
- سلطنة عمان.. رحلة كفاح تغلّبت على صعوبات شديدة في استخراج النفط والغاز
- قازاخستان.. أكبر منتج للنفط في آسيا الوسطى
- أذربيجان.. أُمّ صناعة النفط العالمية
- ماليزيا.. ثاني أكبر منتج للنفط والغاز في جنوب شرق آسيا
- جنوب السودان.. الاضطرابات السياسية تعرقل استغلال الثروة النفطية
- المكسيك.. رابع أكبر منتج للنفط في الأميركتين
- البحرين.. أول دولة تكتشف النفط في الخليج العربي
- نفط السودان.. ضحية الأزمات السياسية