السعودية.. ماذا تعرف عن الدولة الأكثر تأثيرًا في أسواق النفط العالمية؟
التغيرات الأخيرة تثبت ريادة المملكة في قطاع الطاقة ككل وليس النفط فقط
وحدة أبحاث الطاقة

أثبتت السعودية في السنوات الأخيرة أنها ما زالت المؤثر الأكبر في أسواق النفط، إذ إنها لم تغيّر إنتاجها بكميات كبيرة فحسب، وإنما قادت تحالف أوبك+ إلى بر الأمان بعد أن كادت الأمواج العاتية تطيح به، كما أنها أعادت تركيز بوصلة أوبك وحلفائها، إذ يُغيَّر المعروض بما يتلاءم مع الطلب في كل الأوقات، ويُخفض الاعتماد على النفط مصدرًا للدخل، تمامًا كما هدف مؤسسو أوبك في تصورهم لدور المنظمة في عامي 1959 و1960.
كما أن المملكة لم تثبت ريادتها في أسواق النفط فحسب، وإنما أثبتت ريادتها العالمية في مجالات الطاقة المتجددة والهيدروجين وزيادة كفاءة الطاقة، وسط جهود مكافحة التغيّر المناخي، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وتُعَدّ السعودية هي أكبر منتج للنفط بين أعضاء أوبك، وأكبر دولة مصدّرة للخام في العالم، ورغم أنها ثاني أكبر منتج للنفط في العالم بعد الولايات المتحدة -متفوقة على روسيا- فإن لديها أكبر طاقة لإنتاج النفط الخام عالميًا، أو بعبارة أخرى، إذا قررت السعودية أن تنتج بكامل طاقتها الإنتاجية فإنها ستكون أكبر منتج للنفط في العالم.
وبغض النظر عن ترتيب المملكة في الإنتاج والتصدير، إلا أنها الأكثر تأثيرًا في أسواق النفط العالمية، فهي الدولة الوحيدة التي تستطيع تغيير إنتاجها صعودًا أو هبوطًا بكميات كبيرة، وتساعدها في ذلك سياستها النفطية التي تقضي بتوافر طاقة إنتاجية فائضة لا تقل عن مليوني برميل يوميًا لاستعمالها في وقت الطوارئ.
اكتشاف النفط
تعود بدايات أرامكو -شركة النفط الوطنية في السعودية- إلى عام 1933، أي قبل اكتشاف الخام في الدولة العربية بنحو 5 أعوام، عندما وقّع الملك عبدالعزيز آل سعود اتفاقية التنقيب مع شركة ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا الأميركية.
وبعد جهود عديدة من التنقيب والاستكشاف في صحراء السعودية بحثًا عن النفط، وبعد بداية مخيبة للآمال، اُكتشف النفط في المملكة.
وبدأ إنتاج النفط من حقل الدمام رقم 7، على عمق 1440 مترًا، والمعروف كذلك باسم بئر الخير، وكان ذلك يوم 3 مارس/آذار عام 1938، واستمرت البئر في الإنتاج حتّى عام 1982، عندما تقرر استبعادها لأسباب تشغيلية، بعدما أنتجت 32 مليون برميل على مدار 44 عامًا تقريبًا.
إلا أن هناك خلافًا بين الباحثين والإعلاميين عما إذا كان الاكتشاف قد جرى يوم 3 مارس/آذار أو 4 مارس/آذار، ويبدو أن سبب الخلاف هو فارق التوقيت بين السعودية ومقر الشركة في كاليفورنيا، كما أن السبب قد يعود إلى توقيت الاكتشاف مقابل وقت إعلانه.
احتياطيات النفط
تمتلك السعودية ثاني أكبر احتياطيات مؤكدة من النفط في العالم بعد فنزويلا، إذ بلغت 267.2 مليار برميل بنهاية عام 2022، دون تغيير تقريبًا عن عام 2021، وفق بيانات منظمة أوبك، التي تتفق كثيرًا، تقديرات أويل آند غاز جورنال لعام 2022.
وتمتلك المملكة العربية السعودية ما يقرب من 17% من احتياطيات النفط المؤكدة في العالم، وفق المعلومات المنشورة على موقع أوبك.
وكانت احتياطيات السعودية ثابتة لمدة طويلة من الزمن عند مستوى قريب من 265 مليار برميل، رغم الإنتاج الضخم، وذلك بسبب سياسة أرامكو التي تقتضي التعويض فقط عما أُنتج سنويًا، في محاولة لترشيد الإنفاق الرأسمالي، وهذه الفكرة مهمة لأن ثبات الاحتياطيات في السعودية مرتبط بسياسة الاستثمار، ولا علاقة له بموضوع نضوب النفط.
ويوضح الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- احتياطيات النفط في السعودية مع ملاحظة أن الأرقام منذ عام 2017 من تقديرات منظمة أوبك:
إنتاج النفط
يُقدّر إنتاج النفط الخام في السعودية خلال شهر أغسطس/آب لعام 2023 بنحو 8.967 مليون برميل يوميًا، وهو أقلّ مستوى منذ يونيو/حزيران 2022، مواصلًا هبوطه منذ شهر مايو/أيّار 2023، الذي شهد بدء التخفيضات الطوعية من جانب المملكة بمقدار 500 ألف برميل يوميًا، ضمن 9 دول أخرى من تحالف أوبك+، مع استمرارها حتى نهاية 2024، لدعم استقرار سوق النفط.
وإلى جانب هذا الخفض، بدأت المملكة منذ يوليو/تموز 2023 تخفيضات طوعية إضافية قدرها مليون برميل يوميًا، قبل أن تقرر استمرارها حتى نهاية العام الجاري (2023)، فضلًا عن انخراطها في اتفاقية تحالف أوبك+ لخفض الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميًا منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2022 حتى نهاية 2024.
ويبين الرسم البياني أدناه -من إعداد وحدة أبحاث الطاقة، اتجاهات إنتاج النفط في السعودية منذ عام 2019 وحتى أغسطس/آب 2023:
وتقدر وحدة أبحاث الطاقة أن يصل متوسط إنتاج السعودية إلى 9.5 مليون برميل يوميًا من النفط الخام خلال 2023، على افتراض عدم تغير الأوضاع الحالية، مقابل 10.5 مليون برميل يوميًا، بالتزامن مع التخفيضات الطوعية للإنتاج.
وقادت السعودية سوق النفط إلى برّ الأمان خلال جائحة كورونا، ثم بعدها الحرب الروسية الأوكرانية، التي دفعت الأسعار لمستويات تاريخية.
وبالعودة إلى الوراء، وتحديدًا في منتصف عام 2020، حدث صدام بين السعودية والدولة التي تقود منتجي الخام الحلفاء من خارج أوبك -روسيا- ما تسبب في نشوب حرب للأسعار بين الجانبين حينذاك، لكن سريعًا ما عاد كبار منتجي النفط إلى طاولة المفاوضات، كما أبرموا اتفاقًا من شأنه سحب الإمدادات النفطية من الأسواق، لمواجهة انهيار الطلب على الخام الذي خلّفه فيروس كورونا وتداعيات مواجهة الوباء على النشاط الاقتصادي.
وقبل كل هذا، كان هناك اتفاق لخفض الإمدادات النفطية من جانب تحالف أوبك+، وهي المجموعة التي تضم أعضاء أوبك والمنتجين من خارج المنظمة، بدأ أوائل عام 2019 حتى 30 مارس/آذار 2020، وسبقه اتفاق من بداية عام 2017 حتى نهاية 2018.
وبالعودة إلى اتفاق التحالف خلال الوباء، استمرت السعودية في قيادة الدول الأعضاء في منظمة أوبك في خفض الإمدادات خلال 2020، كما أقرت تنفيذ الخفض الطوعي لإمدادات النفط بنحو مليون برميل يوميًا في شهري فبراير/شباط ومارس/آذار 2021، قبل أن تمدّد هذا القرار حتى أبريل/نيسان، وتنهيه في الأشهر الثلاثة التالية.
وفي شهر يناير/كانون الثاني 2021، زاد الإنتاج السعودي من الخام، لكنه انخفض بصورة حادة -930 ألف برميل يوميًا- في فبراير/شباط، ليتراجع من 9.077 إلى 8.126 مليون برميل يوميًا، وهو ما يتزامن مع قرار الخفض الطوعي الذي تنفذه الرياض، قبل العودة إلى مستويات فوق 9 ملايين برميل يوميًا خلال يوليو/تموز 2021، واستمر في الصعود حتى تجاوز حاجز 10 ملايين برميل يوميًا أوائل 2022.
وتزامن ذلك مع سياسة تحالف أوبك+ للتخلص التدريجي من التخفيضات القياسية خلال الوباء، مع تعافي أسعار الخام، وهو ما حدث بنهاية أغسطس/آب 2022، ثم التحالف لرفع الإنتاج بمقدار 100 ألف برميل يوميًا في سبتمبر/أيلول، قبل أن يقرر خفضه بالكمية نفسها خلال أكتوبر/تشرين الأول 2022، ما دفع حصة السعودية أعلى 11 مليون برميل يوميًا.
ومع عودة أسعار النفط للارتفاع القوي جراء التعافي من الوباء، اتفق تحالف أوبك+ على خفض الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميًا بدءًا من نوفمبر/تشرين الثاني 2022، وحتى نهاية 2023، قبل أن يقرر في هذا العام تمديد الخفض لنهاية 2024، مع تعديل مستويات إنتاج النفط الإجمالية إلى 40.46 مليون برميل يوميًا، بدءًا من 1 يناير/كانون الثاني 2024، على أن تبلغ حصة السعودية 9.978 مليون برميل يوميًا.
وفي السياق نفسه، بلغ إنتاج السعودية من النفط الخام والمكثفات والسوائل الغازية 12.13 مليون برميل يوميًا عام 2021، وهو ما كان أعلى مستوى منذ عام 2018، بزيادة 11% على أساس سنوي، وفق بيانات معهد الطاقة.
ونتيجة لذلك، كانت السعودية ثاني أكبر منتج للنفط الخام والمكثفات والسوائل الغازية بنهاية 2022، متفوقة على روسيا، التي بلغ إنتاجها 11.2 مليون برميل يوميًا.
ويوضح الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- إنتاج النفط الخام والمكثفات والسوائل الغازية في السعودية منذ عام 1965:
وأهم ما يلاحظ على الرسم البياني التغيّرات الكبيرة في إنتاج المملكة عبر السنين كونها المنتج المرجح، إذ خفضت الإنتاج في فترات الركود الاقتصادي وانخفاض الطلب على النفط، وعززت الإنتاج في أوقات الازدهار الاقتصادي وزيادة الطلب على النفط.
ويعكس الرسم البياني متوسط التغيّرات السنوية، لكنه لا يعكس التغيّرات التي حدت ضمن هذه السنوات.
ومن ناحية أخرى، بلغ استهلاك السعودية من النفط 3.87 مليون برميل يوميًا عام 2022، وفقًا لبيانات معهد الطاقة، مرتفعًا من 3.61 مليون برميل يوميًا العام السابق له، كما يوضح الرسم البياني أدناه، الذي يرصد الاستهلاك منذ عام 1965 وحتى 2022:
ويشار إلى أن هذه البيانات سالفة الذكر وغيرها من تقديرات الشركات والمؤسسات العالمية لا تُفرق بين "الطلب" و"الاستهلاك"؛ فالأرقام المذكورة هي طلب السعودية على النفط، لكن استهلاكها المحلي أقل من ذلك بكثير، كونها تقوم بتكرير النفط وتُصدر كميات كبيرة من المنتجات النفطية، كما تستعمل بعض السوائل في صناعة البتروكيماويات العملاقة، التي تُصدر منتجاتها إلى الخارج، وهو الأمر نفسه، الذي ينطلب على استهلاك الغاز الطبيعي.
صادرات النفط
تتجه صادرات السعودية من النفط الخام للانخفاض بوتيرة ملحوظة في إجمالي 2023، مقارنة مع 2022، تماشيًا مع تخفيضات الإنتاج الطوعية، التي تُنفذّها المملكة.
وسجّلت صادرات النفط السعودي أقلّ مستوى منذ 25 شهرًا، عند 6.01 مليون برميل يوميًا، خلال يوليو/تموز الماضي، مقارنة مع 7.5 مليونًا في يناير/كانون الثاني، بحسب مبادرة البيانات المشتركة "جودي".
ويستعرض الرسم التالي، من إعداد وحدة أبحاث الطاقة، صادرات النفط الخام السعودي شهريًا منذ عام 2021 وحتى يوليو/تموز 2023:
وبحسب أرقام أوبك السنوية، بلغت صادرات السعودية من النفط الخام والمنتجات النفطية 8.8 مليون برميل يوميًا (7.3 مليونًا من النفط الخام) في 2022، مقارنة مع 7.5 مليونًا عام 2021.
ويمثّل قطاع النفط والغاز ما يقرب من 50% من الناتج المحلي الإجمالي للسعودية -التي يبلغ عدد سكانها قرب 35 مليون نسمة-، كما يُشكّل هذا القطاع نحو 74% من عوائد الصادرات.
وتُجدر الإشارة إلى أن المملكة حققت عوائد إجمالية قدرها 442.5 مليار دولار من صادراتها عام 2022، من بينها 326.28 مليار دولار من قطاع النفط فقط.
وبعد الانخفاض الكبير في إمدادات الخام وأسعار النفط خلال 2020، صعدت الإيرادات بصورة كبيرة خلال عامي 2021 و2022؛ بسبب ارتفاع الأسعار والإنتاج معًا، لكن من المتوقع أن تهبط في 2023.
وبحسب بيانات صادرة من هيئة الإحصاء السعودية، تراجعت إيرادات السعودية من النفط خلال النصف الأول من العام الجاري، إلى 126.26 مليار دولار، مقابل 167.98 مليار دولار في المدة المقابلة من 2022،كما يرصد الإنفوغرافيك التالي:
وفي يوليو/تموز 2023، انخفضت قيمة صادرات النفط السعودي بنسبة تقارب 38% على أساس سنوي، لتصل إلى 70.1 مليار ريال سعودي (18.69 مليار دولار).
وبحسب إفصاح الاكتتاب الخاص بالطرح العام الأولي لأسهم أرامكو، فإن متوسط تكلفة إنتاج برميل النفط الواحد في السعودية يُقدّر بنحو 2.8 دولارًا، لتكون التكلفة الأقل في العالم.
أداء الاقتصاد
بحسب تقديرات صندوق النقد الدولي، توسّع اقتصاد السعودية بنحو 8.7% خلال عام 2022، ليكون الأسرع نموًا من بين اقتصادات مجموعة الـ20، مع الإصلاحات الشاملة الداعمة للأعمال التجارية والارتفاع الحاد في أسعار النفط وتعافي الطاقة الإنتاجية من الركود الناجم عن الوباء في عام 2020.
ويتوقع الصندوق 1.9% خلال 2023، يرتفع إلى 3.1% عام 2028، بعدما تضرر خلال وباء كورونا، مثل باقي اقتصادات العالم، قبل أن يبدأ التعافي في 2021.
وأشار معهد التمويل الدولي، في تقرير لعام 2021، إلى أن تأثير وباء كورونا في اقتصاد السعودية كان محدودًا، بسبب إسهام قطاع الخدمات في الناتج المحلي الإجمالي.
وأدت استجابة السياسة القوية من جانب حكومة السعودية إلى وضع المملكة في مسار أفضل بالنسبة إلى التعافي الاقتصادي.،
وأكد الصندوق أن زيادة الإيرادات النفطية وغير النفطية دعمت المالية العامة للبلاد في 2022، لكن يجب السيطرة على الإنفاق العام على الرغم من ارتفاع عائدات النفط.
الاقتصاد الدائري للكربون
خلال رئاستها اجتماعات دول مجموعة الـ20 عام 2021، أطلقت السعودية مبادرة الاقتصاد الدائري للكربون، لتكون أول من يتبنى هذا النوع من الاقتصاد، بهدف خفض الانبعاثات الكربونية.
وترى السعودية أن الاقتصاد القائم على تدوير الكربون هو إطار فعّال؛ لتشجيع خفض مستوى الانبعاثات على مستوى العالم، ودعم جهود تحقيق التنمية المستدامة والنمو الاقتصادي.
وعلى خلاف نموذج اقتصاد الكربون الخطي الذي يعتمد على استعمال المواد ثم التخلص منها، يشجع اقتصاد تدوير الكربون على تبني نموذج تدويري يركز على 4 محاور رئيسة: الحد من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، وإعادة استعمالها وتدويرها وإزالتها من البيئة، وفقًا لشركة أرامكو.
أولًا، الحد من الانبعاثات الكربونية، وذلك من خلال تحسين كفاءة استهلاك الطاقة وتقليل الاحتراق وتعزيز مصادر الطاقة المتجددة.
وتصنَّف كثافة الانبعاثات الكربونية الناتجة عن أعمال التنقيب والإنتاج في أرامكو ضمن الأقل كثافة في قطاع الطاقة، بحسب الشركة السعودية.
ثانيًا، إعادة استعمال الانبعاثات، من خلال تعزيز تقنية التقاط الكربون واستعماله في تصنيع منتجات مفيدة أو إعادة حقنه في حقول النفط والغاز لتعزيز الإنتاج.
وتدير أرامكو في حقل الغوار مشروعًا يعمل بأحدث التقنيات في الشرق الأوسط لاحتجاز ثاني أكسيد الكربون وإعادة حقنه.
ثالثًا، إعادة التدوير، إذ يتحول ثاني أكسيد الكربون كيميائيًا إلى مواد جديدة من الأسمدة، أو أشكال أخرى من الطاقة كالوقود الصناعي.
رابعًا، إزالة الكربون، وذلك من خلال تقنية احتجاز الكربون وتخزينه أو التقاطه مباشرة من الغلاف الجوي، كما تسهم زيادة التمثيل الضوئي -عن طريق زراعة الأشجار- في الحد من الانبعاثات.
الغاز الطبيعي
تمتلك السعودية 300.4 تريليون قدم مكعبة (8.5 تريليون متر مكعب) من الاحتياطيات المؤكدة للغاز الطبيعي بنهاية عام 2022، مقارنة مع 297.9 تريليون قدم مكعبة (8.4 تريليون متر مكعب) في 2021، وفق تقديرات أويل آند غاز جورنال.
بينما تشير بيانات منظمة أوبك إلى أن احتياطيات الغاز الطبيعي في السعودية بلغت 9.5 تريليون متر مكعب في نهاية العام الماضي.
ويوضح الرسم البياني الآتي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- احتياطيات الغاز المؤكدة في المملكة تاريخيًا من معهد الطاقة إلى جانب بيانات أوبك منذ عام 2017:
وارتفع إنتاج الغاز الطبيعي في السعودية إلى 120.4 مليار متر مكعب (11.64 مليار قدم مكعبة يوميًا) بنهاية 2022، مقارنة مع 114.5 مليار متر مكعب (11.07 مليار قدم مكعبة يوميًا) عام 2021، وهو ما يمثّل ارتفاعًا حادًا عن مستويات الإنتاج عام 1970 والبالغة 1.5 مليار متر مكعب فقط (0.15 مليار قدم مكعبة يوميًا).
ويوضح الرسم البياني الآتي، الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة، إنتاج السعودية من الغاز الطبيعي بين عامي 1970 و2022:
ولا تستورد الرياض الغاز أو تصدره؛ ففي نهاية عام 2022، بلغ الطلب على الغاز الطبيعي في السعودية 120.4 مليار متر مكعب مقابل 114.5 مليار متر مكعب، وهو الاستهلاك المسجل عام 2021، إذ يأتي أغلب الطلب من صناعة البتروكيماويات الضخمة في البلاد.
ويستهلك جميع الغاز الطبيعي المنتج في المملكة العربية السعودية محليًا في محطات توليد الكهرباء وصناعة والبتروكيماويات وغيرها من القطاعات، ومحطات تحلية المياه، فضلًا عن إعادة حقن الغاز في حقول النفط.
ويرصد الرسم البياني أدناه، من إعداد وحدة أبحاث الطاقة، استهلاك السعودية من الغاز الطبيعي تاريخيًا:
وتنتج شركة أرامكو -المملوكة للدولة- نحو 50 مليون قدم مكعبة يوميًا من الغاز غير المصاحب، مع 8.8 مليار قدم مكعبة يوميًا من الغاز المصاحب، وفقًا لتقديرات شركة بلاتس أناليتيكس أوائل عام 2020.
وتخطط أرامكو لبدء الإنتاج من حقل الجافورة للغاز الطبيعي بحلول عام 2024، والوصول إلى 2.2 مليار قدم مكعبة يوميًا من مبيعات الغاز بحلول عام 2036.
مشروع الجافورة
تأمل السعودية في أن تصبح مُصدرة للغاز الطبيعي بحلول عام 2030، لتنويع مبيعات النفط، مع حقيقة أنها سابع أكبر دول العالم امتلاكًا للغاز الطبيعي.
وتعمل السعودية على تحقيق هذا الهدف من خلال مشروع غاز الجافورة، الذي يُعد أحد أكبر حقول الغاز غير التقليدية في العالم، باحتياطيات تُقدّر بنحو 200 تريليون قدم مكعبة (5.66 تريليون متر مكعب).
وحفرت أرامكو السعودية 150 بئرًا في حقل الجافورة للغاز الصخري بصفته جزءًا من برنامج التنقيب والتقييم الذي بدأ عام 2013.
بينما حصلت أرامكو على الموافقة التنظيمية لتطوير حقل غاز الجافورة بقيمة 110 مليارات دولار في فبراير/شباط لعام 2020.
وتتوقع الشركة السعودية أن يبدأ الإنتاج في هذا الحقل بحلول عام 2024، ليصل إلى نحو 2.2 مليار قدم مكعبة يوميًا (0.061 مليار متر مكعب يوميًا) من المبيعات بحلول عام 2036.
ومن المرجح أن يضع حقل الجافورة المملكة في المرتبة الثالثة على مستوى العالم في إنتاج الغاز الطبيعي بحلول عام 2030، بحسب وزارة الطاقة السعودية.
ويهدف مشروع غاز الجافورة في المقام الأول إلى توفير الغاز الطبيعي لتوليد الكهرباء المحلية، ولتشغيل قطاعات متعددة، مثل صناعة الحديد والألومنيوم وتحلية المياه وإنتاج البتروكيماويات، وهو بمثابة جزء من الإستراتيجية الاقتصادية لرؤية المملكة 2030 للتنويع بعيدًا عن النفط.
وفضلًا عن ذلك، بات الغاز الطبيعي ركيزة رئيسة لتقليل الاعتماد على النفط، خاصة وسط سياسات تحوّل الطاقة، مع واقع أن الغاز أقل أنواع الوقود الأحفوري إطلاقًا للانبعاثات.
وفي سبتمبر/أيلول 2021، فتحت أرامكو مشروع الجافورة للاستثمار من قبل الشركات الأجنبية من أجل تمويل المشروع بقيمة 110 مليارات دولار، أملًا في تحقيق رؤيتها الطموحة بالنسبة إلى الغاز الطبيعي.
وتؤكد الشركة أن حقل الجافورة العملاق سوف يسهم في تحقيق هدف المملكة نحو تلبية نصف إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة، والنصف الآخر من الغاز الطبيعي ضمن برنامج البلاد المتضمن استبدال حرق الوقود السائل وتحقيق الحياد الكربوني.
ويوضح الإنفوغرافيك الآتي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- أبرز الحقائق عن حقل الجافورة في السعودية:
حقول النفط والغاز
تمتلك السعودية حقل الغوار، وهو أكبر حقل نفط بري في العالم من ناحية الاحتياطيات المؤكدة، إذ يحتوي على 58.3 مليار برميل مكافئ من النفط.
وتمثّل موارد الحقل العملاق ربع إجمالي احتياطيات السعودية من النفط الخام، كما يبلغ إنتاجه أكثر من نصف إجمالي إنتاج النفط الخام في المملكة، بحسب بيانات لشركة أرامكو.
ورغم اكتشاف الحقل في عام 1940، فإن الإنتاج لم يبدأ سوى عام 1951، بمعدل وصل إلى 600 ألف برميل يوميًا، قبل أن يواصل النمو حتى بلغ 5 ملايين برميل يوميًا في الوقت الحالي.
وينقسم حقل الغوار إلى 6 مناطق أساسية، وهي: فزران - عين دار - شدقم - العثمانية - الحوية - حرض.
وإلى جانب الغوار، تمتلك السعودية أحد أكبر الحقول النفطية في العالم، وهو حقل منيفة البحري، الذي ينتج 900 ألف برميل يوميًا، ويوجد في المياه الإقليمية للسعودية شمال الجبيل على الخليج العربي.
واكتشفت المملكة حقل منيفة عام 1957، لكنها أوقفت إنتاجه عام 1984، بسبب انخفاض الطلب على النفط الخام العربي الثقيل، قبل أن تقرر في عام 2006 البدء في وضع خطط وتصميمات لتطوير الحقل بشكل جذري باستثمارات تجاوزت 11 مليار دولار، خُفضت بعد ذلك خلال مراحل التنفيذ.
ولدى السعودية عدة حقول رئيسة، مثل خريص والسفانية وأبوسعفة والشيبة وغيرها، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
بينما ترتبط معظم حقول الغاز الطبيعي في السعودية برواسب النفط، أو توجد في الآبار نفسها مثل النفط الخام، مع حقيقة أن معظم الإنتاج يأتي من حقول الغوار والسفانية والبري والظلوف.
ويمثّل الغاز الطبيعي المصاحب المنتج من حقل نفط الغوار وحده ما يقرب من 48% من إجمالي الإنتاج، وفقًا لبيانات شركة أبحاث الطاقة، ريستاد إنرجي.
ويُعد حقل غاز كران، المُكتشف عام 2006، هو أول تطوير بحري للغاز غير المصاحب في السعودية، وبدأ تشغيل الحقل عام 2012، بطاقة إنتاجية تبلغ 1.8 مليار قدم مكعبة يوميًا من الغاز الحامض الذي يُسلم عبر خط أنابيب تحت سطح البحر بطول 68 ميلًا إلى محطة الغاز الطبيعي في الخرسانية.
كما بدأ حقل الحصبة البحري الإنتاج في مارس/آذار عام 2016 بسعة 1.3 مليار قدم مكعبة يوميًا.
بينما يُعَدّ الجافورة أكبر حقل مكتشف في السعودية للغاز غير المصاحب وغير التقليدي، الذي من المتوقع أن يبدأ الإنتاج بحلول عام 2024.
قطاع الكهرباء
بلغ توليد الكهرباء في السعودية 401.6 تيراواط/ساعة في عام 2022، مقابل 392.9 تيراواط/ساعة العام السابق له، وفق البيانات، التي اطّلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة.
وجاء توليد 269.4 تيراواط/ساعة عبر محطات تعمل بالغاز الطبيعي، و131.4 تيراواط/ساعة من المحطات العاملة بالنفط، وجاء الجزء المتبقي من الطاقة المتجددة (0.8 تيراواط/ساعة).
ويرصد الرسم البياني الآتي، الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة، كمية الكهرباء المولدة في السعودية منذ عام 1985 حتى 2022:
وتمتلك البلاد أكبر خطة توسعة لتوليد الكهرباء في الشرق الأوسط، مع خطط لزيادة قدرة التوليد إلى 120 غيغاواط بحلول عام 2032.
وتُعَد الشركة السعودية للكهرباء (SEC) أكبر مزود للكهرباء في السعودية، بإجمالي قدرة توليد متاحة تبلغ 74.3 غيغاواط.
ولتلبية متطلبات ذروة الطلب، تشارك السعودية في جهود مجلس التعاون الخليجي لربط شبكات الكهرباء في الدول الأعضاء (البحرين والكويت وعمان وقطر والسعودية والإمارات).
ومن ناحية أخرى، تخطط السعودية لاستعمال مصادر الطاقة المتجددة في توليد 50% من الكهرباء بحلول عام 2030، رغم أنها تمثّل نسبة ضئيلة للغاية بنهاية 2022.
وبحسب بيانات منصة غلوبال إنرجي مونيتور، بلغت سعة توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في السعودية قرابة 776 ميغاواط حتى مايو/أيار 2023، مع خطط مستقبلية لإضافة 14.97 غيغاواط.
وبلغت انبعاثات الكربون في المملكة من قطاع الطاقة 612.5 مليون طن في 2022، مقارنة مع 571.7 مليون طن عام 2021، كما يُوضح الرسم الآتي، الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة:
الهيدروجين في السعودية
تستعد السعودية لأن تصبح لاعبًا مهمًا في سوق الهيدروجين عالميًا، مع خطط لتصدير الأمونيا الخضراء من مشروع نيوم العملاق بحلول عام 2025.
وتتمتع البلاد بإمكانات هائلة لإنتاج الهيدروجين الأخضر منخفض التكلفة، كما تمتلكه موقعًا إستراتيجيًا لتصديره إلى أوروبا.
وبينما ما يزال إنتاج الهيدروجين الأزرق محتملًا على المدى القصير، فإن تركيز المملكة يتحول نحو حلول الهيدروجين الأخضر على المدى الطويل، مع استهداف تصدير 2.9 مليون طن سنويًا بحلول 2030.
وفي سبتمبر/أيلول 2023، أعلنت السعودية توقيع اتفاقية بشأن مشروع أول ممرات خضراء عابرة للقارات مع الولايات المتحدة، لتسهيل عملية نقل الكهرباء المتجددة والهيدروجين النظيف، من خلال خطوط وأنابيب، بالإضافة إلى إنشاء خطوط للسكك الحديدية، اعتمادًا على موقع المملكة الرابط بين قارتي آسيا وأوروبا.
قبل أن تُعلن السعودية انضمام كل من الهند، والإمارات، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، والاتحاد الأوروبي، لهذا المشروع العملاق، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وشهد عام 2020 أولى خطوات المملكة التحول إلى لاعب رئيس في سوق الهيدروجين عالميًا عبر مدينة نيوم، من خلال توقيع اتفاقية شراكة بين شركة نيوم وشركتي أكوا باور السعودية وإير بروداكتس الأميركية، ما أسفر عن تأسيس شركة "نيوم للهيدروجين الأخضر".
ومثّلت تلك الشراكة أول استثمار لمدينة نيوم في مجال الطاقة المتجددة، من خلال بدء خطوات فعلية لتنفيذ أكبر مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر في العالم، ويستهدف إنتاج 600 طن يوميًا عبر 4 غيغاواط من الطاقة الشمسية والرياح، مثلما يُوضح الإنفوغرافيك التالي، الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة:
تنويه.. هذا التقرير تم تحديثه حتى 22 سبتمبر/أيلول 2023، وفق أحدث البيانات المتاحة.
أبرز أرقام المملكة العربية السعودية لعام 2022:
الدولة | السعودية |
عدد السكان | 34.79 مليون نسمة |
المساحة | 2.15 مليون كيلومتر مربع |
الناتج المحلي الإجمالي | 1.108 تريليون دولار |
احتياطيات النفط الخام المؤكدة | 267.19 مليار برميل |
إنتاج النفط الخام | 10.5 مليون برميل يوميًا |
سعة التكرير | 3.29 مليون برميل يوميًا |
استهلاك النفط | 3.87 مليون برميل يوميًا |
انبعاثات ثاني أكسيد الكربون | 612.5 مليون طن |
صادرات النفط الخام | 7.3 مليون برميل يوميًا |
صادرات المنتجات النفطية | 1.46 مليار برميل يوميًا |
احتياطيات الغاز الطبيعي المؤكدة | 8.5 تريليون متر مكعب |
إنتاج الغاز الطبيعي | 120.4 مليار متر مكعب |
صادرات الغاز الطبيعي | -- |
وفيما يلي تستعرض منصة "الطاقة" لمحات خاصة حول أوبك والدول الأعضاء:
- تعرّف على تاريخ وأعضاء أوبك منذ تأسيسها عام 1960
- الجزائر.. ماذا تعرف عن أكبر دولة عضو في أوبك من حيث المساحة
- أنغولا.. ماذا تعرف عن ثاني أكبر دولة منتجة للنفط في أفريقيا؟
- الكونغو.. ماذا تعرف عن أحدث دولة تنضم لعضوية أوبك؟
- غينيا الاستوائية.. ماذا تعرف عن الدولة صاحبة أقل إنتاج نفطي في أوبك؟
- الغابون.. ماذا تعرف عن أحد أكبر 5 منتجين للنفط في أفريقيا؟
- إيران.. ماذا تعرف عن الدولة صاحبة أول بئر نفط في الشرق الأوسط
- العراق.. ماذا تعرف عن الدولة التي شهدت تأسيس منظمة أوبك؟
- الكويت.. ماذا تعرف عن صاحبة ثاني أكبر حقل نفطي في العالم؟
- ليبيا.. ماذا تعرف عن الدولة التي لديها أفضل أنواع النفط في العالم؟
- نيجيريا.. ماذا تعرف عن أكبر دولة منتجة للنفط في أفريقيا؟
- الإمارات.. ماذا تعرف عن ثالث أكبر دولة منتجة للنفط في أوبك؟
- فنزويلا.. ماذا تعرف عن الدولة صاحبة أكبر احتياطيات نفطية في العالم؟
اقرأ -أيضًا- لمحات خاصة حول دول تحالف أوبك+ من غير الأعضاء في أوبك:
- سلطنة عمان.. رحلة كفاح تغلّبت على صعوبات شديدة في استخراج النفط والغاز
- أذربيجان.. أُمّ صناعة النفط العالمية
- قازاخستان.. أكبر منتج للنفط في آسيا الوسطى
- نفط السودان.. ضحية الأزمات السياسية
- بروناي.. صناعة النفط والغاز الطبيعي الداعم الرئيس للاقتصاد
- البحرين.. أول دولة تكتشف النفط في الخليج العربي
- ماليزيا.. ثاني أكبر منتج للنفط والغاز في جنوب شرق آسيا
- جنوب السودان.. الاضطرابات السياسية تعرقل استغلال الثروة النفطية
- المكسيك.. رابع أكبر منتج للنفط في الأميركتين
- روسيا.. قوة عالمية كبرى في صناعة النفط والغاز (10 رسومات بيانية)