التقاريرتقارير الغازرئيسيةروسيا وأوكرانياغاز

بيانات الغاز المسال الروسي تكشف حقيقة دعم فرنسا لأوكرانيا.. المصالح أولًا

خلال الربع الأول من 2024

هبة مصطفى

اقرأ في هذا المقال

  • أكبر مستورد للغاز المسال الروسي بين دول الاتحاد الأوروبي في الربع الأول 2024
  • إيطاليا والبرتغال لم تستورد أيّ كميات من موسكو خلال الأشهر الـ3 الماضية
  • باريس تدعم أوكرانيا علنًا.. وتواصل استقبال تدفقات موسكو
  • عقود توتال إنرجي طويلة الأجل مع موسكو تُحرج فرنسا أمام دول الاتحاد
  • باريس ستواصل الاعتماد على غاز موسكو المسال حتى 2032

شهد الربع الأول من 2024 صدارة فرنسية في استيراد الغاز المسال الروسي، بحصّة هي الأكبر من بين دول الاتحاد الأوروبي كافة، رغم الشعارات الرنانة التي أطلقتها باريس دعمًا لأوكرانيا.

وتكشف البيانات -التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة- مراوغة فرنسا، وتنصُّلها من محاولات غالبية دول الاتحاد "فطم" نفسها عن الاعتماد على واردات الطاقة الروسية، التزامًا بمبادئ استقلال الطاقة وتقليص ميزانية الكرملين.

وفي تطور لافت للنظر، قاربت واردات باريس خلال الأشهر الـ3 الأولى من العام الجاري (من يناير/كانون الثاني، حتى نهاية مارس/آذار) ضعف معدلات الربع ذاته العام الماضي 2023، في الوقت الذي لم تستقبل خلاله بعض الدول أيّ واردات غاز مسال من موسكو.

وحاولت فرنسا تبرير استمرارها في تلقّي واردات الغاز المسال الروسي، ويبدو أن عملاقة الطاقة شركة توتال إنرجي (Total Energies) متورطة إلى حدّ كبير في هذا الأمر، بذريعة ضمان أمن الطاقة الأوروبي.

واردات فرنسا

حلّت فرنسا على رأس قائمة أكبر دول الاتحاد الأوروبي المستقبلة لواردات الغاز المسال الروسي، خلال الربع الأول من العام الجاري.

وبلغ حجم الواردات 1.5 مليون طن (1.543.946 مليون طن)، أنعشت خزائن الكرملين بنحو 600 مليون يورو.

(اليورو = 1.07 دولارًا أميركيًا)

وتشكّل هذه القيمة سابقة بين دول الاتحاد الأوروبي، بالمقارنة بين مدفوعات الربع الأول من العامين الجاري والسابق.

ناقلة غاز مسال
ناقلة غاز مسال - الصورة من Shipping Watch

وينخفض حجم واردات الأشهر الـ3 الأولى من العام الجاري قليلًا عن "ضعف" معدلات الربع ذاته العام الماضي، إذ سجلت واردات باريس من غاز موسكو المسال حينها 888.209 ألف طن، حسب بيانات شحن نقلتها صحيفة بوليتيكو (Politico).

وعقب فرنسا، تضمنت قائمة أكبر مستوردي الغاز المسال الروسي من دول الاتحاد الأوروبي كلًا من: بلجيكا، إسبانيا، هولندا.

وشكّل الغاز المسال الروسي 5% من استهلاك دول الاتحاد خلال العام الماضي 2023، بقيمة إجمالية تجاوزت 8 مليارات يورو.

بيانات دول الاتحاد

نجح بعض دول الاتحاد الأوروبي في تقليص مشترياته من الغاز المسال الروسي، خلال الربع الفائت، مقارنة بالربع ذاته العام الماضي، وأخفقت دول أخرى.

ورغم صدارة فرنسا لواردات الاتحاد الأوروبي من غاز روسيا المسال، خلال الربع الماضي، فإنها لا تعدّ المتورط الوحيد في هذا الأمر، إذ شاركتها دول أخرى، وفق البيانات السابق ذكرها.

وخفضت بلجيكا مشترياتها من 1.686 مليون طن في الربع الأول 2023، إلى 1.532 مليون طن في الربع ذاته من العام الجاري.

وسجلت واردات إسبانيا زيادة طفيفة، إذ زادت من 1.164 مليون طن خلال المدة من يناير/كانون الثاني إلى نهاية مارس/آذار العام الماضي، إلى 1.176 مليون طن الربع المنصرم.

وحافظت هولندا على كميات الواردات خلال الربع الأول من العامين، في حين رفعت اليونان مشترياتها من الغاز المسال الروسي من 74.2 إلى 101.4 ألف طن، والسويد من 19.6 إلى 27.6 ألف طن.

وبعد أن سجلت كل من ألمانيا والدنمارك واردات "صفرية" خلال الربع الأول 2023، استأنفتا الاستيراد خلال الربع ذاته العام الجاري بكميات 3 آلاف و1350 طنًا على التوالي.

ولم تستورد إيطاليا والبرتغال أيّ كميات من غاز موسكو المسال، خلال الأشهر الـ3 الماضية، حسب مزوّد البيانات كبلر (Kpler) ومركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف (CERA).

ويقارن الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- بين واردات عدد من دول الاتحاد الأوروبي من غاز روسيا المسال، خلال الربع الأول من عام 2023 و2024:

واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز المسال الروسي خلال الربع الأول من 2024

دعم أوكرانيا.. أم موسكو؟

تسببت بيانات واردات دول الاتحاد الأوروبي من الغاز المسال الروسي، خلال الربع الأول 2024، في مواجهة فرنسا انتقادات لاذعة تضمنت ادّعاء الرئيس "إيمانويل ماكرون" دعم أوكرانيا، رغم استمرار التعاون الطاقي مع روسيا.

ويفسّر المنتقدون ذلك بأن قيمة الكميات الكبيرة من الواردات تمثّل زيادة في عوائد روسيا، وإنعاشًا لخزينة الكرملين، بينما يتبنّى ماكرون خطابًا قويًا للدفاع عن كييف، والتلويح بإمكان الدعم العسكري لها.

وتعالت الأصوات المطالبة باريس بخفض مشتريات الغاز المسال من موسكو، وشنَّ دبلوماسي هجومًا على الموقف الفرنسي، متسائلًا: "كيف تتبنى حكومة ماكرون موقفًا حادًا ضد روسيا، ثم تزوّدها بالأموال؟".

ودافع مسؤولون فرنسيون عن موقف حكومتهم، إذ قال وزير الاقتصاد "برونو لو مير"، إن "فطم" بلاده عن مواصلة استقبال واردات موسكو بصورة مفاجئة قد ينعكس سلبًا على السوق ومستويات الأسعار، ما يتطلب الخفض التدريجي لها.

وبرّر المتحدث باسم الوزارة زيادة مشتريات الغاز الروسي المسال بالإضرابات العمالية التي واجهتها بعض مرافق قطاع الطاقة، العام الماضي، ملمّحًا إلى أن باريس تقوم بدور "الوسيط" لنقل الإمدادات لدول أوروبية أخرى، مثل إيطاليا.

وأضاف أن البدائل ما زالت تخضع للدراسة، بما لا يتعارض مع متطلبات أمن الطاقة الأوروبي، واحتمال تعرُّضه لمخاطر.

تورط توتال إنرجي

يحاول فريق تصوير الأمر وكأن الحكومة الفرنسية مضطرة لاستمرار تلقّي واردات الغاز المسال الروسي، رغم دعمها القوي لأوكرانيا، مستندة إلى انخراط شركة الطاقة توتال إنرجي في مشروعات داخل موسكو، تتضمن تعاقدات طويلة الأجل.

وفعليًا، تملك توتال حصة قدرها 20% في مشروع "يامال" بالتعاون مع شركة نوفاتك (Novatek) الروسية، الذي يتضمن محطة إسالة تقع شمال غرب سيبيريا.

محطة يامال الروسية للغاز المسال
محطة يامال الروسية للغاز المسال - الصورة من High North News

ويلزم التعاقد طويل الأجل الشركة الفرنسية بشراء إنتاج من المحطة قدره 4 ملايين طن غاز مسال، لمدة 8 سنوات إضافية، حتى عام 2032.

وكان الرئيس التنفيذي للشركة "باتريك بويانيه" قد استبعد إمكان فرض الاتحاد الأوروبي حظرًا على واردات الغاز المسال الروسي، مشيرًا إلى أن الإقدام على هذه الخطوة "غير منطقي" قبل العام المقبل 2025، أو العام اللاحق له.

وأرجع ذلك إلى ضرورة توقُّع مهلة قبيل انطلاق مشروعات الغاز العالمية، خاصة في أميركا.

ولا يقتصر عقد توريد توتال طويل الأجل من "مشروع يامال" على فرنسا فقط، لكن يمتد إلى هولندا أيضًا، إذ حاولت حكومتها الضغط على الشركة الفرنسية لخفض إمدادات الغاز المسال بصورة طوعية، دون استجابة الشركة.

على الجانب الآخر، أكد المتحدث باسم الشركة أن دعم أمن الطاقة الأوروبي -في ظل "محدودية" الإمدادات العالمية- كان دافعًا وراء عدم تخلّي توتال عن حصتها في مشروع "يامال".

هل ينجح الاستقلال الأوروبي؟

ترى فرنسا أنها بحاجة إلى إمدادات الغاز المسال من موسكو، لتلبية الطلب الأوروبي وفق الاتفاقيات طويلة الأجل الموقّعة بالفعل، ما يشير إلى أن شركة توتال إنرجي تضع دول الاتحاد في مأزق.

ووفق هذه الاتفاقيات، ستظلّ الشركة ملتزمة بدفع مقابل تدفقات غاز موسكو المسال، حتى إن رفضت الواردات التزامًا بعقوبات الاتحاد الأوروبي لروسيا أو خطط الخفض.

ونجح الاتحاد الأوروبي في تنفيذ بعض العقوبات ضد موسكو، رغم المشتريات المحدودة لبعض الدول، إذ انخفض الاعتماد على الغاز الروسي إلى الثلث.

وتعهدت بلجيكا وإسبانيا وهولندا بدعم خفض واردات غاز موسكو المسال عبر "الالتزام المشترك" بين دول الاتحاد، في حين اقترحت ليتوانيا فرض حظر شامل على التدفقات الروسية.

واقترح محلل الطاقة في معهد "جاك ديلور" الفرنسي، فوك فن نغوين، مسارات عدّة تضمن خفض واردات باريس، دون التخوف من مخاطر نقص الإمدادات، منها: توافر الموارد البديلة مثل أميركا، والاستمرار في خفض استهلاك الغاز، واليقين بأن مستويات التخزين الوطني تشهد ارتفاعًا مقارنة بالعام الماضي.

ويمكن أن يمتد الأمر لبقية دول الاتحاد، عبر تأمين شحنات الغاز المسال الأميركي، حتى إن كلّف الدول فارقًا ماليًا ضمن تداعيات حظر الغاز المسال الروسي على مستويات الأسعار.

ويأتي هذا الطرح بالتزامن مع استعداد المفوضية الأوروبية لفرض عقوبات جديدة على موسكو، غير أنه من المستبعد -حتى الآن- أن تشمل هذه العقوبات تدفقات الغاز الروسي، إذ تواجه دول الاتحاد معضلة بصعوبة فكّ انخراط بعض الشركات في المشروعات الروسية.

وقد يلجأ الاتحاد إلى فرض سقف سعري لواردات الغاز المسال الروسي، في خطوة مشابهة للقيود المفروضة على نفط موسكو من أواخر عام 2022.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق