التقاريرتقارير الغازرئيسيةروسيا وأوكرانياغاز

الغاز المسال الروسي يجنّب الاتحاد الأوروبي "صدمة الطاقة" مع ذروة 2024

هبة مصطفى

ما زال الغاز المسال الروسي عنصر أمان يضمن لدول الاتحاد الأوروبي توافر الإمدادات، وقد تبوء محاولات حظره بالفشل نظرًا إلى أن الخيارات الأوروبية باتت محدودة.

وفي ظل التوقعات ببلوغ طلب دول الاتحاد على الغاز المسال مستويات الذروة، خلال العام الجاري 2024، فإن إمدادات موسكو تؤدي دورًا مهمًا لتفادي "صدمة" فقد الإمدادات من جديد، بعد غياب تدفقات الغاز عبر خطوط الأنابيب.

وبحسب متابعة منصة الطاقة المتخصصة، تحل روسيا في المرتبة الثانية ضمن أكبر مصدري الغاز المسال إلى دول الاتحاد الأوروبي، رغم مرور ما يزيد على عامين من اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وفرض عقوبة تلو الأخرى على إمدادات الطاقة من موسكو.

بيانات الواردات

تزوّد الاتحاد الأوروبي بنحو 15.5 مليون طن من الغاز المسال الروسي، خلال العام الماضي 2023، بما يعادل 16% من إجمالي وارداته.

وزادت صادرات الغاز المسال من موسكو إلى دول الاتحاد بما يُقدر بـ40%، مقارنة بصادرات عام 2021، وفق بيانات نقلتها فايننشال تايمز (Financial Times) عن مزود البيانات كبلر (Kpler).

ناقلة غاز مسال
ناقلة غاز مسال - الصورة من The Brussels Times

وأوضحت وكالة الاتحاد الأوروبي لتعاون منظمي الطاقة "أيسر" (ACER)، أن أوروبا حصلت على 18 مليار متر مكعب من الغاز المسال الروسي العام الماضي، غالبيتها عبر عقود طويلة الأجل جرى توقيعها قبيل اندلاع أزمة عام 2022.

وأشارت "أيسر" إلى أن الاتحاد أعاد توجيه ما يزيد على مليار متر مكعب من هذه الواردات، للتصدير إلى الأسواق الآسيوية.

وبصورة إجمالية بعيدًا عن إمدادات روسيا، عززت واردات الاتحاد الأوروبي -العام الماضي- من وصفه بـ"أكبر سوق مستوردة للغاز المسال"، بعدما بلغت وارداته 134 مليار متر مكعب.

وتتوقع "أيسر" أن يشهد العام الجاري (2024) طلبًا متزايدًا على الغاز المسال من قبل دول الاتحاد، بما يصل إلى مستويات الذروة.

محاولة حظر

اللافت للنظر أن الإفصاح عن بيانات واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز المسال الروسي تزامن مع محاولة بعض الدول فرض عقوبة جديدة على صادرات الطاقة بالكامل من موسكو.

وسعت كل من: (السويد، وفنلندا، وعدد من دول بحر البلطيق) إلى الضغط بهدف فرض عقوبات على تدفقات موسكو من الغاز المسال، وقد يشهد هذا الإجراء خطوة جديدة خلال الأسبوع المقبل.

وقابلت "أيسر" هذا الطرح بتحذير شديد اللهجة، إذ أكدت استمرار حاجة الاتحاد إلى صادرات موسكو، لتلافي ما أطلقت عليه "صدمة الطاقة"، خاصة مع الانخفاض المتوقع لتدفقات الغاز عبر خطوط الأنابيب بحلول نهاية العام الجاري.

وحذرت "أيسر" من تأثير أي تحرك تجاه فرض حظر على الغاز المسال الروسي في سلسلة التوريد، بموجب العقود طويلة الأجل الموقعة مع موسكو، قبل حرب 2022، بالإضافة إلى تعريض عدد من الشركات لدفع رسوم تعويض.

ويسعى الاتحاد إلى تحقيق معادلة مزدوجة بتحقيق أمن الطاقة وفرض المزيد من القيود على عائدات الطاقة الروسية، وهي معادلة وصفتها "أيسر" بالصعبة، خاصة في ظل التقلبات التي تشهدها السوق العالمية.

غاز خطوط الأنابيب

يبدو أن زيادة معدل شراء الغاز المسال أنقذت السوق الأوروبية من تراجع تدفقات الغاز الروسي عبر خطوط الأنابيب، مع استمرار استيراد (فرنسا، وإسبانيا، وبلجيكا) له، ونقل بعض التدفقات إلى ألمانيا ودول أخرى وسط القارة العجوز.

ومن المتوقع أن تنخفض تدفقات خطوط أنابيب الغاز الروسي إلى الاتحاد -عن طريق أوكرانيا- نهاية 2024، بما يُفقد الاتحاد 13.6 مليار متر مكعب.

ويأتي ذلك بحسب انتهاء مدة تعاقد خطين ممتدين، أحدهما من روسيا إلى أوروبا، والآخر يمر بتركيا وبلغاريا انطلاقًا من البحر الأسود.

وانخفضت واردات أوروبا من الغاز الروسي (الطبيعي، والمسال) إلى الثلثين، مقارنة بمستويات ما قبل الحرب.

ويبدو أن انتهاء تدفقات خطوط الأنابيب سيثير قلقًا أوروبيًا غير مأخوذ في الاعتبار، إذ دفع ارتفاع الرسوم الألمانية المفروضة على نقل الغاز عبر أراضيها إلى بقية دول الاتحاد نحو تهديد (النمسا، والمجر، والتشيك، وسلوفاكيا) بإعادة التواصل مع روسيا، ما يعيد إلى الأذهان مخاوف أمن الطاقة.

ويوضح الرسم أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- حجم صادرات الغاز المسال الروسي لدول الاتحاد الأوروبي في 2023:

أبرز الأسواق التي استقبلت صادرات الغاز المسال الروسية في 2023

مشروعات منقذة

أشادت "أيسر" بمسارعة الاتحاد الأوروبي لتوفير مرافق وبنية تحتية قادرة -إجمالًا- على إعادة تغويز ما يزيد على 50 مليار متر مكعب من الغاز المسال (إعادته من صورته السائلة لصورته الغازية الأصلية)، منذ عام 2022 حتى الآن.

وأوضح تقرير صادر عن الهيئة أن هذه المساعي نجحت في خفض أسعار الغاز الأوروبية، مقابل الأسعار في السوق الفورية للغاز المسال، مع استكمال بناء 19 مشروعًا لإسالة الغاز، توفر 200 مليون طن بحلول 2030.

وحتى ذلك الحين، يظل اعتماد الاتحاد الأوروبي على الغاز المسال الروسي كبيرًا، ولا يمكن الاستغناء عنه، بعدما حجزت موسكو الموقع الثاني في قائمة أكبر الموردين للاتحاد، بعد أميركا خلال العام الماضي.

وشدد تقرير الهيئة على أن اعتماد دول الاتحاد على الغاز المسال وفق العقود الآجلة سيظل أكبر من السوق الفورية، بنسبة الثلثين مقابل ثلث واحد على التوالي، حسب بيان للهيئة منشور على موقعها الإلكتروني في 19 أبريل/نيسان 2024.

احتياج أوروبي.. وروسي

أكد مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، أن روسيا بحاجة إلى تنويع صادراتها من الغاز حتى لا تتعرض إلى ضغط أميركي أو أوروبي جديد حال فرض عقوبات إضافية عليها.

وأضاف الحجي، خلال إحدى حلقات برنامج "أنسيّات الطاقة" على منصة إكس (X) في فبراير/شباط الماضي، أن إفلات روسيا من احتمالات ملاحقة صادراتها إلى الصين ممكن عبر تحويل تدفقات الغاز إلى غاز مسال، وتنويع مصادر توزيعه عبر الناقلات.

وأكد أن هناك آفاقًا واعدة لكميات من الغاز المسال الروسي، عبر مشروع "أركتيك إل إن جي"، ما يجعل عملية تحويل الغاز الطبيعي إلى مسال خيارًا إستراتيجيًا بالنسبة إلى موسكو.

في الوقت ذاته، استبعد خبير الغاز والهيدروجين لدى منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول "أوابك"، المهندس وائل حامد عبدالمعطي، فرض الاتحاد الأوروبي حظرًا على إمدادات الغاز المسال من روسيا.

ودلل على رؤيته بحجم واردات دول الاتحاد الأوروبي من الغاز المسال الروسي العام الماضي، لتصبح موسكو ثاني أكبر المصدرين.

وأوضح -في لقاء له مع قناة "العربية" خلال شهر مارس/آذار الماضي- أن دول الاتحاد لن تُقدم على الحظر خلال المديَين القريب والمتوسط، خاصة في ظل تطوير روسيا صناعة الغاز المسال لديها وتنويع وجهات صادراتها.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق