تقارير النفطرئيسيةنفط

طفرة في قدرات التكرير الهندية.. هل تلبي الطلب أم تعزز صادرات الوقود؟

أسماء السعداوي

تترقب قدرات التكرير الهندية انتعاشة ضخمة قريبًا، إذ تسعى الدولة صاحبة أكبر تعداد سكاني في العالم، لمضاعفة الاستفادة من إنتاج المشتقات -وعلى رأسها البنزين والديزل- محليًا وخارجيًا.

وبحسب البيانات التي طالعتها منصة الطاقة المتخصصة، من المتوقع أن يبقى الطلب على البنزين والديزل في مستويات مرتفعة، نتيجة لعطش قطاع النقل للوقود وبطء انتشار السيارات الكهربائية.

وبعد التخلف عن زيادة قدرات التكرير سابقًا، تحاول حكومة نيودلهي اللحاق بالركب العالمي، لكن تلك الطفرة تأتي في توقيت لا تلقى فيه استثمارات المصافي الجديدة في الولايات المتحدة وأوروبا والصين الرغبة نفسها لدى الهند.

ووفق بيانات حكومية، بلغ إجمالي قدرات التكرير الهندية، حتى الأول من أبريل/نيسان 2023، نحو 254 مليون طن (1.8 مليار برميل).

(الطن = 7.1 برميلًا).

ومن المتوقع أن ترتفع تلك القدرات بأكثر من 20% خلال السنوات الـ5 المقبلة، وتشير تقديرات شركة الاستشارات ريستاد إنرجي (Rystad Energy) إلى أن التكلفة تبلغ نحو 60 مليار دولار.

توسع قدرات التكرير الهندية

يقول وزير الدولة الهندي للنفط راميسوار تيلي، إن قدرات التكرير الهندية سترتفع بمقدار 56 مليون طن (379.6 مليون برميل) بحلول عام 2028، وبذلك ترتفع القدرات الكلية للتكرير في البلد الآسيوي بنسبة 22% أو 1.12 مليون برميل يوميًا.

وأعلنت مصافي التكرير، التي تديرها الدولة، زيادات بقدرات تلامس 50 مليون طن (355 مليون برميل)، بحسب التقرير الذي نشرته وكالة بلومبرغ.

ومن المقرر أن يبدأ تشغيل مشروعات بقدرة تكرير 37 مليون طن (262.7 مليون برميل) بين عامي 2024 و2026، لكن البقية ما زالت قيد التنفيذ أو الدراسة.

مصفاة تكرير هندية
مصفاة تكرير هندية- الصورة من صحيفة فايننشال تايمز

يُذكر أن أكبر المشروعات المرتقبة هو مصفاة بانيبات التابعة لشركة إنديان أويل كورب (Indian Oil Corp) في ولاية هاريانا.

وتصل قدرات تكرير المصفاة الجديدة إلى 10 ملايين طن (71 مليون برميل) من النفط، ومن المقرر دخولها حيز التشغيل في نهاية العام المقبل (2025).

أما ثاني كبريات المصافي التي ستعزز قدرات التكرير الهندية فهي مصفاة بارمر التابعة لشركة "هندوستان بتروليوم كورب" (Hindustan Petroleum Corp) في ولاية راجستان في شمال غرب الهند.

وتصل قدرة المعالجة في مصفاة بارمر إلى 9 ملايين طن (63.9 مليون برميل)، ومن المتوقع استكمال عمليات تطويرها خلال عام 2024 الجاري، على أن تدخل حيز التشغيل الكامل بحلول 2025.

وستكون هناك عمليات زيادة في قدرات مصفاتي فيساخاباتنام وغوجارات، ومصفاة باروني في ولاية بيهار.

زيادة مبررة؟

تقول وكالة الطاقة الدولية، إن الهند ستضيف قدرات تكرير تصل إلى مليون برميل يوميًا على مدار السنوات الـ6 المقبلة حتى 2028، لترتفع قدرات التكرير الهندية إلى 6.2 مليون برميل يوميًا، ما يضيف 19% إلى القدرات الإجمالية للبلاد.

يُقارن ذلك بزيادة إجمالية في قدرات التكرير بالصين بنسبة 8% وبنسبة 9% في الشرق الأوسط.

ورغم أن نسبة الزيادة الإجمالية كبيرة فإنها ما زالت متخلفة عن ركب معظم الدول الأخرى، ومنها الولايات المتحدة وأوروبا، كما أن قدرات التكرير الصينية أكبر من نظيرتها الهندية بمقدار 3 أضعاف.

وتتضمن الزيادات المقررة بناء مجمعات لإنتاج البتروكيماويات، وبصفة رئيسة إنتاج وقود النقل.

كما تخطط الهند لزيادة حصة الغاز المسال في توليد الكهرباء، إذ ما زالت معظم قدرات الإنتاج تعتمد على الفحم، وذلك في إطار تحول الطاقة، وصولًا إلى هدف الحياد الكربوني بحلول عام 2070.

تعليقًا على ذلك، يقول محلل شؤون النفط في شركة "فاكتس غلوبال إنرجي" (FGE)، ديلان سيم، إن الهند صاحبة اقتصاد نامٍ، ولذلك فمن المنطقي أن تواصل التركيز على استثمارات الوقود التقليدي مع وضع بعض الأسس للتحول الأخضر في الوقت نفسه.

كما يقول مدير الأبحاث في شركة فيتول غروب (Vitol Group)، جيوفاني سيريو، إن زيادات قدرات التكرير غير موجودة في الغرب، بل في المناطق التي يتنامى فيها الطلب، والهند هي إحدى الدول التي نرى بها استمرارًا للنمو بأكثر من 200 ألف برميل يوميًا (مليون و420 ألف برميل) خلال المدة بين الوقت الحالي والسنوات الـ4 أو الـ5 المقبلة.

تصدير الوقود

يقول محلل شؤون النفط في شركة الاستشارات وود ماكنزي (Wood Mackenzie)، سوشانت غوبتا، إن الهند تأخرت في إضافة قدرات تكرير جديدة في الماضي، وهو ما يستلزم اللحاق بالركب إذا أرادت تحقيق المزيد من الاكتفاء الذاتي.

ويتوقع غوبتا أن ينمو الطلب على الوقود في الهند بمقدار 1.3 مليون برميل يوميًا بحلول عام 2030.

محطة وقود في الهند
محطة وقود في الهند - الصورة من وكالة رويترز

وتتجاوز أهمية قدرات التكرير الهندية مسألة تلبية الطلب المحلي، لتؤدي دورًا مهمًا في تصدير الوقود المكرر إلى مناطق أخرى -مثل أوروبا- بعدما تسبب غزو روسيا لأوكرانيا في إرباك إمدادات الوقود وعلى رأسها الديزل.

وكان النفط الروسي لا يجد قبولًا واسعًا بين المصافي الهندية قبل غزو أوكرانيا، لكن الحسومات المغرية التي قدمتها موسكو جعلت الهند -إلى جانب الصين- أكبر مستوردي الخام الذي نبذه الغرب عقابًا لموسكو على حربها في أوكرانيا.

وارتفعت واردات الهند من النفط الروسي خلال عام 2023، لتتضاعف على أساس سنوي إلى 1.79 مليون برميل يوميًا.

وفي هذا الشأن، يقول النائب الأول لرئيس أبحاث التكرير في شركة ريستاد إنرجي، كومود كومار جاين، إن ثمة فرصًا جيدة لزيادة الصادرات.

وأضاف: "تغلق الكثير من المصافي أبوابها في أوروبا، وهذا ما يحاول كل من في السوق استغلاله".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق