تقارير النفطرئيسيةنفط

النفط الروسي المُهرَّب.. كيف أوصلته تركيا إلى أوروبا واستفادت منه أميركا؟

محمد عبد السند

اقرأ في هذا المقال

  • ما يزال النفط الروسي يتدفق على أوروبا رغم العقوبات
  • تسعى أوروبا إلى تحقيق استقلاليتها في قطاع الطاقة
  • تحظر تركيا على شركاتها التعامل مع النفط الروسي
  • محطة دورتيول التركية نقطة انطلاق غير متوقعة لمبيعات الطاقة الروسية
  • تبرز تركيا الآن بصفتها ثالث أكبر مستورد للخام الروسي خلف الهند والصين

يواصل النفط الروسي المُهرَّب التدفق على عدد من الأسواق الأوروبية، رغم مساعي حكومات القارة العجوز للتخلص التدريجي من وارداتها من الطاقة الروسية.

ويتنامى هذا التوجه الأوروبي، لا سيما في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية، في مسعى من دول القارة لإنهاء تبعيتها للدب الروسي، عبر تحقيق استقلاليتها في قطاع الطاقة.

وتنوعت مصادر وصول النفط الروسي المهرب إلى الأسواق الأوروبية، من بينها أسطول الظل الروسي، إلى جانب بعض المحطات الموجودة في بعض الدول، مثل دورتيول (Dörtyol) التركية.

ولم تحظر تركيا على شركاتها التعامل مع النفط الروسي، ولذا لم تخرق الشركة المشغلة للمحطة القواعد عبر تسلمها تلك الشحنات، وفق تقرير طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

نقطة انطلاق

تبرز محطة دورتيول الواقعة على الساحل الجنوبي لتركيا نقطة انطلاق غير متوقعة لمبيعات الطاقة الروسية، ومكانًا يجري خلاله شحن النفط الروسي المهرب إلى الأسوق الأوروبية، بل وحتى إلى الجيش الأميركي، وفق تحقيق أجرته صحيفة فايننشال تايمز (Financial Times).

وكانت محطة دورتيول، الكائنة في محافظة هاتاي التي دمرها زلزال العام الماضي (2023)، مركزًا هادئًا نسبيًا لمزاولة الأعمال، إذ تركز على تصدير الخام العراقي الذي وصل إليها على متن الشاحنات.

لكن وفي أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط (2022)، تغيرت الأوضاع بالنسبة للمحطة رأسًا على عقب.

فخلال المدة بين مارس/آذار ويونيو/حزيران (2022)، استقبلت محطة دورتيول 3 شحنات فقط من النفط المنقول بحرًا، من مصر وإسرائيل واليونان، وفق شركة كيبلر (Kpler) المزودة لبيانات تتبع السفن.

ثم بدءًا من يوليو/تموز (2022)، عندما دخلت أول حزمة من القيود الغربية المفروضة على التجارة الروسية حيز التنفيذ، ارتفعت شحنات النفط المنقولة بحرًا الواصلة إلى دورتيول، ما يُظهر دور الحرب الروسية في إعادة رسم تدفقات الطاقة العالمية، لتصنع فرصًا ذهبية لدول وشركات ما تزال منخرطة في تجارة الخام مع موسكو.

ناقلات النفط الروسي

النفط الروسي يصل إلى أميركا

يتمثل معظم النفط الواصل إلى المحطة بحرًا في وقود مكرر من روسيا، ويجري تصدير الكثير منه إلى أوروبا، في خرق واضح للعقوبات التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على الطاقة الروسية، وفق ما قاله خبيران استعرضا بيانات كبلر، وتابعته منصة الطاقة المتخصصة.

وأبدى أعضاء في مجلس الشيوخ الأميركي مخاوفهم من أن "النفط الروسي المهرب" من دورتيول، الذي يجري تحويله إلى وقود في مصفاة يونانية، ينتهي به الأمر في السفن الحربية الأميركية.

وقال العضوان في مجلس الشيوخ الأميركي ماركو روبيو، وماغي حسن: "من شبه المؤكد أن النفط الروسي المهرب ينتهج مسارًا أشبه بالمتاهة من المحطات في روسيا إلى الأسطول الأميركي للتهرب من العقوبات"، في رسالة إلى وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون".

وجرى إعلان مشتريات الجيش الأميركي من النفط الروسي المُهرب للمرة الأولى في صحيفة واشنطن بوست (Washington Post) الأميركية.

وفي الاتحاد الأوروبي حُظِر استيراد النفط الروسي المكرر منذ فبرير/شباط (2023)، في حين حُظر النفط الخام الروسي منذ ديسمبر/كانون الأول (2022)، غير أن أنماط التجارة داخل المحطة وخارجها تدل على أن المشتقات النفطية لديها القدرة على دخول الاتحاد الأوروبي.

وقالت شركة غلوبال ترمينال سيرفيسيز إيه إس (Global Terminal Services AS) المالكة لمحطة دورتيول ومقرها إسطنبول، إنها تعمل "بصفتها محطة تخزين مستقلة"، نافية أي ضلوع للمحطة في تجارة النفط.

وأضافت الشركة أنها لم تكن لديها "سلطة" مراقبة الوجهات النهائية التي يمضي إليها النفط عبر منشآتها.

تركيا عميل قوي

منذ أن فرض الاتحاد الأوروبي ومجموعة الدول الـ7 قيودًا على تجارة النفط الروسي، أضحت تركيا مركزًا رئيسًا للخام والمشتقات النفطية الآتية من روسيا.

وتبرز تركيا -الآن- بصفتها ثالث أكبر مستورد للخام الروسي خلف الهند والصين، كما أنها تُعد أكبر سوق للمشتقات النفطية الروسية، وفق معلومات جمعتها منصة الطاقة المتخصصة.

ونجحت تركيا، في بعض الحالات، في استعمال وارداتها من الوقود الروسي منخفض التكلفة، مثل الديزل، لسد الطلب المحلي، في حين تُصدر الديزل المُنتَج في المصافي التركية إلى مشترين في أوروبا.

وفي حالات أخرى، كما هو في محطة دورتيول، تُشحن المشتقات النفطية الروسية -على ما يبدو- إلى أوروبا دون أي تحويل مهم، في خرق واضح للعقوبات الأوروبية التي تحظر تلك الواردات على خلفية الحرب الأوكرانية.

محطة دورتيول التركية
محطة دورتيول التركية - الصورة من الموقع الرسمي لشركة غلوبال ترمينال سيرفيسيز

محطة دورتيول

تقع محطة دورتيول الكبيرة، التي بُنيت في عام 1984، على شريط ساحلي تهيمن عليه شركات الطاقة والمعادن، بما في ذلك أكبر مصنع للحديد والصلب في تركيا.

كما تتقاطع المحطة مع مجموعة من الأنابيب والمضخات، وليست لديها القدرة على تكرير الوقود في موقعها، أو حتى استيراد النفط إلى تركيا.

وبدلًا من ذلك، تعمل المحطة مركزًا لإعادة الشحن، إذ تخزن النفط الذي يصل إليها بالشاحنات أو عبر البحر قبل شحنه إلى المشترين في بلدان أخرى.

وقبل اندلاع الحرب الروسية الأوكرنية كانت تتولى محطة دورتيول -أساسًا- مهمة تصدير الخام العراقي الواصل إليها برًا.

وفي العام الماضي (2023) وخلال المدة بين يناير/كانون الثاني ونوفمبر/تشرين الثاني (2023)، شكلت المنتجات الآتية من العراق ما يزيد قليلًا على نصف المنتجات النفطية التي يجري شحنها من المحطة، والبالغ حجمها 3.2 مليون طن (22.72 مليون برميل)، وفق ما قالته شركة غلوبال ترمينال سيرفيسيز، في تصريحات تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.

ووصل باقي المنتجات، التي يبلغ حجمها 10.5 مليون برميل (قرابة 1.5 مليون طن)، عبر البحر، من بينها 9.2 مليون برميل (ما يعادل قرابة 90%) من روسيا، وفق بيانات كبلر.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق