تقارير الغازرئيسيةغاز

تخزين الغاز الأوروبي في أوكرانيا.. فرصة أم مغامرة غير محسوبة؟

أسماء السعداوي

تحظى فكرة تخزين الغاز الأوروبي في أوكرانيا باهتمام متزايد على نحو غير متوقع، في تجاهل صريح لمخاطر الحرب الجارية هناك مع روسيا.

ورغم احتمالات تعرّض مرافق تخزين الغاز وبنى النقل التحتية لهجمات روسية مفاجئة، يقول 3 تجّار ومسؤولو شركات، إن أوكرانيا تتميز عن غيرها برخص أسعار التخزين وتوافر القدرة الاستيعابية، بحسب تقرير نشرته وكالة رويترز، وطالعته منصة الطاقة المتخصصة.

وتعرضت أوروبا لأزمة غاز طاحنة في الشتاء الماضي، بعد قطع الإمدادات الروسية عبر خط أنابيب نورد ستريم، في أعقاب غزو أوكرانيا أواخر شهر فبراير/شباط من العام المنصرم 2022.

ومنذ ذلك الحين، يسارع الاتحاد الأوروبي خطاه لتخزين كميات ضخمة من الغاز داخل حدوده وخارجها، للحيلولة دون تكرار الأزمة وتعويض الإمدادات الروسية، فضلًا عن تلبية الاحتياجات المحلية التي تبلغ ذروتها خلال فصل الشتاء.

أسباب تخزين الغاز الأوروبي في أوكرانيا

بلغت نسبة تخزين الغاز في دول الاتحاد الأوروبي 87% يوم 7 أغسطس/آب 2023، ومن المستهدف رفع النسبة إلى 90% بحلول مطلع شهر نوفمبر/تشرين الثاني من هذا العام 2023.

ويقول تجّار في قطاع الغاز الأوروبي، إن لديهم مبررات تجارية منطقية لتخزين الغاز الأوروبي في أوكرانيا، وهو رخص أسعار الغاز -حاليًا- مقابل عمليات الشراء على أساس التسليم الآجل.

وارتفعت أسعار الغاز تسليم سبتمبر/أيلول 30 يورو (32.96 دولارًا)/ميغاواط/ساعة، في حين بلغت أسعار البيع تسليم الربع الأول من العام المقبل 2024، 49 يورو (53.6 دولارات)، وفق منصة تداول العقود الآجلة للغاز الهولندي "تي تي إف".

وعادةً ما تستعمل الدول الأوروبية وحدات القياس غيغاواط وتيراواط في تعاملاتها، (غيغاواط/ساعة = 3.2 مليون قدم مكعبة غاز) و(تيراواط/ساعة = 3.2 مليار قدم مكعبة غاز).

فرصة تجارية

توضح إي بي إتش (EPH) التشيكية -وهي إحدى الشركات التي قررت تخزين الغاز الأوروبي في أوكرانيا- رأيها في الخطوة المنطوية على مخاطر عدّة، بقولها، إن استعمال مرافق تخزين الغاز الأوكرانية علامة على الثقة في البلاد رغم الحرب.

ويقول رئيس شركة "إي بي كوموديتس" التابعة للشركة الأم "إي بي إتش": "تنقل "إي بي كوموديتس" الغاز الطبيعي إلى أوكرانيا، وتستعمل منشآت تخزين الغاز الأوكرانية".

وأضاف: "نؤمن بموثوقية أنظمة نقل الغاز وتخزينه في أوكرانيا، التي أثبتت قدراتها في مثل ذلك الوقت الصعب خلال الحرب".

من جانبها، تقول شركة أوكرترانس غاز (Ukrtransgas) التابعة لشركة النفط والغاز الحكومية الأوكرانية نافتوغاز (Naftotgaz): "نرى اتجاهًا إيجابيًا من جانب التجّار الأجانب لضخّ الغاز في مرافقنا الخاصة بالتخزين".

وتقول شركة نافتوغاز، إن عملاءها الأجانب يستعلمون سعة تخزين تزيد عن 10 مليارات متر مكعب (353 مليار قدم مكعبة) من الغاز، من أصل السعة الإجمالية للبلاد، البالغة نحو 30 مليار متر مكعب من الغاز.

(المتر المكعب من الغاز = 35.315 قدم مكعبة)

وبحسب الشركة الأوكرانية، فمعظم تلك المنشآت تقع غرب البلاد، بعيدًا عن خطوط القتال مع روسيا.

كما تدرس شركة إس بي بي (SPP) الحكومية في سلوفاكيا تخزين الغاز في المنشآت الأوكرانية، بعدما وصلت نسبة التخزين في منشآتها إلى 90%.

وقالت: "نعتقد أن تخزين الغاز في أوكرانيا فرصة تجارية مثيرة للاهتمام، وندرسها حاليًا".

يوضح الرسم البياني التالي -أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- ارتفاع الطلب على الغاز الطبيعي في أوروبا:

تخزين الغاز الأوروبي

مخاطر محتملة

في مقابل إغراءات أسعار الغاز المنخفضة -حاليًا- وسعات التخزين المتاحة بأوكرانيا، يطلق تجّار آخرون جرس إنذار من مغبّة تخزين الغاز الأوروبي في أوكرانيا.

يقول أولئك التجّار، إن هناك مخاطر يجب أخذها في الحسبان بسبب الضربات العسكرية المحتملة، كما تساءلوا بشأن الحالة التي ستكون عليها شبكة الغاز الأوروبية، إذ أوقفت روسيا إمدادات الغاز الذي ما زالت تضخّه عبر أوكرانيا.

ويقول مدير عمليات التداول في شركة إم إن دي (MND) التشيكية مارتين بيش: "تخيّل صاروخًا يضرب محطة لضغط الغاز أو البنى الأساسية الأخرى.. عليك تحمُّل ذلك الخطر".

خطوة مجنونة

في سياق متصل، وصف تقرير حديث تخزين الغاز الأوروبي في أوكرانيا بالفكرة المجنونة، بسبب احتمال تعرّض منشآت التخزين وبنية النقل التحتية لهجمات صاروخية روسية.

ورغم المخاطر الجلية للعيان، تحظى الفكرة بدعم متزايد بسبب بُعد مرافق التخزين الأوكرانية عن خطوط القتال، وهو ما يجعلها آمنة من المخاطر، بحسب تقرير نشرته وكالة بلومبرغ، واطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

وبحسب التقرير، تمتلك أوكرانيا دون غيرها قدرات مميزة لتخزين الغاز الأوروبي، بفضل شبكات النقل الواسعة التي تربطها بالقارة العجوز، كما كانت البلاد -على مدى عقود- طريقًا رئيسًا لعبور الغاز الروسي إلى أوروبا.

وتقول شركة آر دبليو إي (RWE) الألمانية، أكبر مرفق كهرباء بالبلاد، إن منشآت التخزين الأوكرانية يمكنها المساعدة في إحداث توازن بين العرض والطلب خلال النصف الثاني من صيف 2023.

كما يدرس مسؤولون أوروبيون دعم منشأة التخزين "بيلشي فولوتسكو أوهيرسك"، التي تفوق قدرتها الاستيعابية 4 مرات أكبر منشأة في ألمانيا.

وبدعم من تلك المنشأة والمرافق الأخرى الخاصة بالتخزين، تحتضن أوكرانيا أكبر شبكة تحت الأرض لتخزين الغاز، تحمل لأوروبا بشرى الاحتفاظ بالغاز لاستعماله لاحقًا عند ذروة الطلب في الشتاء.

منشأة تخزين الغاز الأوكرانية بيلشي فولوتسكو أوهيرسك حيث سيجري تخزين الغاز الأوروبي في أوكرانيا
منشأة تخزين الغاز الأوكرانية بيلشي فولوتسكو أوهيرسك- الصورة من "بلومبرغ"

يأتي ذلك في محاولة لتجنّب أزمة الطاقة التي عانت منها أوروبا في العام الماضي 2022، وأدّت لارتفاع قياسي بالأسعار، واضطراب في سلاسل الإمداد العالمية.

وعلى جانب أوكرانيا، سيؤدي تخزين الغاز الأوروبي على أراضيها إلى زيادة العائدات المالية التي تشتد الحاجة إليها حاليًا، كما سيعزز العلاقات مع أوروبا على حساب روسيا التي تسعى لاستعمال الطاقة بوصفها سلاحًا في الحرب مع الغرب.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق