روسيا وأوكرانياعام على حرب أوكرانيامقالات النفطنفط

الحرب الروسية ضد أوكرانيا تغيّر مشهد الطاقة.. ما دور الهند؟ (مقال)

فيلينا تشاكاروفا - ترجمة: نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • الحرب أتاحت فرصًا غير متوقعة للهند لزيادة مشترياتها من النفط الروسي بسعر مخفّض
  • قلق مسؤولي الاتحاد الأوروبي ازداد بشأن ارتفاع أسطول الظل الذي ينقل النفط الروسي
  • أصبح دور الهند في سوق النفط العالمية بارزًا بشكل متزايد
  • إيرادات الموازنة الاتحادية الروسية من الوقود الأحفوري انخفضت بنسبة 36% تقريبًا من العام السابق
  • الولايات المتحدة أبدت حيادها فيما يتعلق بشراء الهند للنفط من روسيا

تشهد أسواق الطاقة العالمية تحولات عميقة نتيجة لاستمرار الحرب الروسية ضد أوكرانيا، التي تمخضت عن أزمة جيوسياسية، وأبرزت تلك التحولات دور الهند بصفتها لاعبًا محوريًا، وسط تنامي تأثيرها الملحوظ في سوق النفط العالمية.

وأتاحت هذه الحرب فرصًا استثنائية للهند لزيادة مشترياتها من النفط الروسي بسعر مخفّض، في أعقاب العقوبات الغربية وسقف سعر الخام الروسي الذي فرضه الاتحاد الأوروبي ومجموعة الـ7.

وقد توقفت دول الاتحاد الأوروبي عن شراء النفط الروسي، بدءًا من 5 ديسمبر/كانون الأول الماضي.

في وقت لاحق، تحالفت مجموعة الدول الـ7 مع الاتحاد الأوروبي، لتحديد سقف سعر للخام الروسي عند 60 دولارًا للبرميل، وللحدّ من النفوذ الاقتصادي لروسيا.

وقد أدى ذلك إلى زيادة كبيرة في واردات الهند من النفط الخام من روسيا، ما أسفر في الوقت نفسه عن تخفيف التضخم المحلي وتصنيف الهند كونها أسرع اقتصاد غير معرّض لخطر الركود في عام 2023.

استجابةً لذلك، شهدت واردات الهند من النفط الخام الروسي نموًا هائلًا، إذ وصلت إلى 31 مليار دولار أميركي في العام من مارس/آذار 2022 إلى مارس/آذار 2023، مقارنة بـ2.5 مليار دولار فقط في العام السابق، وفقًا لبيانات الحكومة الهندية.

دفعت هذه الزيادة روسيا لتصبح أكبر مصدّر للسلع في الهند، متجاوزة العراق والمملكة العربية السعودية.

ويوضح الرسم التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- وجهات النفط الروسي المنقولة بحرًا:

إلى أين تتجه صادرات النفط الروسي المنقولة بحرًا؟

تصدير الخام المستورد إلى الأسواق الغربية

يرافق هذا التطور خلافات، إذ يُكرَّر جزء من الخام المستورد في الهند، ثم يُصدَّر إلى الأسواق الغربية وقودًا، مثل الديزل ووقود للطائرات.

وتقوّض هذه الممارسة فعليًا الجهود المبذولة لتقليص عائدات النفط الروسية، التي ازدادت منذ حظر الاتحاد الأوروبي لواردات الخام الروسية.

إزاء ذلك، ازداد قلق مسؤولي الاتحاد الأوروبي بشأن تنامي أسطول ناقلات الظل، التي تنقل النفط الروسي، وتؤدي إلى شراء النفط فوق سقف السعر الذي فرضته مجموعة الدول الـ7، وهو 60 دولارًا للبرميل.

تهدف الإجراءات التي اقترحتها المفوضية الأوروبية، ووافقت عليها الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، إلى منع هذه السفن من دخول مواني الاتحاد الأوروبي وتعزيز الشفافية بشأن عمليات نقل النفط من سفينة إلى أخرى.

في المقابل، أثارت هذه الإجراءات انتقادات لدى البلدان ذات الصناعات البحرية الكبيرة، مثل اليونان وقبرص ومالطا، ومن محلّلي السوق الذين يرون أن الحزمة تضيف ضغوطًا على الامتثال للشركات، بينما تُخفَّف بشكل كبير.

ويوضح الرسم التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- كيف أصبحت الهند أكبر مصدر للوقود إلى أوروبا:

الهند أكبر مصدر للوقود إلى أوروبا منذ حظر النفط والمشتقات الروسية

دور الهند في سوق النفط العالمية

أصبح دور الهند في سوق النفط العالمية بارزًا بشكل متزايد، إذ تشتري النفط الروسي الرخيص، وتكرّره، وتصدّر المنتج النهائي إلى الغرب.

ويعني هذا الوضع أن أسعار النفط المرتفعة قد تستمر بسبب اضطرابات الإمدادات العالمية وانخفاض الإنتاج.

بالإضافة إلى ذلك، عاقَت العقوبات الغربية شركات النفط الهندية عن جَنْي نحو 400 مليون دولار من أرباح الأسهم من روسيا.

وفي الوقت نفسه، زاد إنتاج موسكو النفطي، لكن إيرادات الموازنة الاتحادية من الوقود الأحفوري انخفضت بنسبة 36% تقريبًا من العام السابق، وهذا يعرّض روسيا لفجوة مالية متنامية يجب سدّها للحفاظ على تمويل قواتها المسلحة.

ومن المتوقع أن يكون التأثير طويل المدى لحرب روسيا ضد أوكرانيا في سلاسل إمدادات الطاقة العالمية والعلاقات التجارية عميقًا.

الهند تدعم الغرب دون قصد

من خلال العمل كونها دولة "مغسلة"، فإن الهند تدعم الغرب دون قصد، وتساعد في تجنّب حدوث صدمة بإمدادات النفط وكبح عائدات موسكو من الطاقة.

ونتيجة لتطور هذه الديناميكيات، يستمر بروز الهند في سوق النفط العالمية بالنمو.

ويوضح الرسم التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- قائمة مصدري النفط الخام إلى الهند خلال شهر مارس 2023، وقيمة الصادرات بالمليار دولار:

مصدرو النفط الخام إلى الهند خلال شهر مارس 2023

من جهتها، أبدت الولايات المتحدة حيادها فيما يتعلق بشراء الهند للنفط من روسيا، بينما أعربت عن أملها في أن تواصل الهند الاستفادة من سقف الأسعار الذي وضعه حلفاؤها الغربيون، كما صرّح المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، جون كيربي.

وعلى الرغم من التحديات، فإن الهند في وضع يمكّنها من الاستفادة من هذا التحول في مشهد الطاقة العالمي.

وقد دفع هذا التحول في الديناميكيات دولًا، مثل الأرجنتين والإكوادور ومصر والعراق وموريشيوس ونيجيريا والسودان، إلى زيادة وارداتها من الهند.

واستلزم التحول حاجة العالم العربي إلى إعادة تقييم إستراتيجياته في مشهد الطاقة المتغير، والاعتراف بتأثير الهند المتزايد في سوق الطاقة العالمية.

ويوضح الرسم التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- قائمة مستوردي المشتقات النفطية الهندية خلال شهر مارس/آذار 2023، وقيمة الواردات بالمليار دولار:

مستوردو المشتقات النفطية الهندية خلال شهر مارس 2023

الصفقات بين الشركات الهندية وروسنفط

في الوقت نفسه، فإن شركة بهارات بتروليوم كوربوريشن، وهي شركة تكرير تديرها الدولة الهندية، في مراحل التفاوض مع شركة روسنفط، وهي شركة روسية لتكرير النفط، لشراء ما يقرب من 6 ملايين طن متري (43.8 مليون برميل) من النفط الخام الروسي منخفض السعر.

ومن المتوقع أن ترتكز هذه الصفقة على معيار خام دبي، وحال نجاح هذه الصفقة، فإنها ستقوّي علاقة الهند مع روسيا، التي أصبحت مورّد النفط الرئيس لها، خصوصًا بعد العقوبات الغربية على موسكو.

إضافة إلى ذلك، فإن هذا من شأنه أن يؤكد تحول روسنفط المستمر نحو مواءمة أسعار النفط مع مؤشر الشرق الأوسط المستعمل على نطاق واسع في آسيا، بعيدًا عن مؤشر برنت الذي يركّز أساسًا على أوروبا.

بموجب هذه الاتفاقية المحتملة، ستسلّم روسنفط ما بين 6 إلى 7 شحنات شهريًا، تحتوي كل منها على ما يقرب من 700 ألفًا إلى 720 ألف برميل، حتى مارس/آذار 2024، إلى شركة بهارات بتروليوم كوربوريشن.

وينتظر الاتفاق -حاليًا- موافقة مجلس إدارة شركة بهارات بتروليوم كوربوريشن، وستؤدي تلك الموافقة إلى زيادة نسبة النفط الروسي الذي تشتريه ثالث أكبر مستورد للنفط في العالم.

وسيُسعَّر الخام الروسي المبيع إلى شركة بهارات بتروليوم كوربوريشن بـ8 دولارات للبرميل أقلّ من سعر دبي القياسي.

على صعيد آخر، أبرمت مؤسسة النفط الهندية (آي أوه سي)، شركة التكرير الرئيسة في البلاد، اتفاقية مع شركة روسنفط لشراء ما يصل إلى 1.5 مليون طن متري من النفط شهريًا في أبريل/نيسان.

وجرى تقييم سعر النفط وفق معيار الشرق الأوسط، مع خصومات تتراوح بين 8 دولارات و10 دولارات للبرميل.

ويتأثر مؤشر دبي أساسًا بتداول النفط في آسيا والشرق الأوسط، بينما يُستعمل خام برنت عمومًا لتسعير النفط الخام من أوروبا وأفريقيا وأميركا الجنوبية.

على غرار معظم مصافي التكرير الهندية، تقوم شركة بهارات بتروليوم كوربوريشن -أيضًا- بعمليات شراء فورية للنفط الروسي، من خلال التجار في المقام الأول، حسبما ذكرت وكالة رويترز.

بالإضافة إلى ذلك، في مفاوضات العقود الجارية، تخطط شركة بهارات بتروليوم كوربوريشن لاستيراد مجموعة متنوعة من أنواع النفط الروسية، بما في ذلك خامات سوكول وفاراندي والأورال.

وفي حالة استمرار صفقة شركة بهارات بتروليوم كوربوريشن، فقد لا تقتصر على تعزيز شراكة الهند مع روسيا، بل مواءمة أسعار روسنفط مع معيار الشرق الأوسط، ومن ثم تأكيد التأثير المتزايد لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في أسواق النفط العالمية.

بدورها، برزت روسيا، التي تمثّل ما يقرب من 40%، لتصبح المصدّر الرئيس للنفط إلى الهند في عام 2023.

وفي ظل هذه الخلفية، ستحتاج الهند إلى وضع إستراتيجيات للمستقبل من خلال زيادة قدرات تخزين النفط بدرجة كبيرة.

يوصي مستشار منصة الطاقة المتخصصة، الدكتور أنس الحجي، بمسار العمل هذا، مع الأخذ في الحسبان السيناريوهات طويلة المدى لتغيّر مشهد الطاقة.

ويوضح الرسم التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- مخزونات النفط الخام العالمية:

مخزونات النفط الخام العالمية

* فيلينا تشاكاروفا، متخصصة في الشؤون السياسية بالدول المنتجة للطاقة.

*هذا المقال يمثّل رأي الكاتبة، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق