تقارير الغازرئيسيةغاز

حقل الدرة.. خبيران لـ"الطاقة": أعمال التنقيب والإنتاج ليست ضد إيران

أسماء السعداوي

في خطوة طال انتظارها، أعلنت الكويت بدء التنقيب والإنتاج في حقل الدرة البحري المشترك مع السعودية، دون التوصل إلى اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع إيران التي تدّعي أحقيّتها في الحقل.

يأتي ذلك بعد مناوشات بين البلدين الخليجيين وإيران؛ بسبب ادّعاء الأخيرة أحقيّتها في 40% من موارد حقل الغاز الذي تُطلِق عليه "أراش"، بينما تقول السعودية والكويت إن ثروات الحقل حصرية لهما فقط.

وسبق أن وجّهت السعودية والكويت دعوات تفاوض إلى إيران بشأن تعيين الحدّ الشرقي للمنطقة المغمورة المقسومة حيث يقع حقل الدرة، إلا أن طهران لم تستجِب.

وتوصلت السعودية مع الكويت إلى مذكّرتي تفاهم، لتسريع أعمال تطوير حقل الدرة واستغلاله؛ الأولى في 24 ديسمبر/كانون الأول 2019، والأخرى في 21 مارس/آذار 2022.

يحمل الحقل بين طياته احتياطات هائلة من الغاز يُتوقع أن تساعد الكويت في تلبية الطلب المحلي وتقليل تكلفة الواردات، إلا أنه دون التوصل لاتفاق ترسيم قد يحمل تطوير "الدرة" مخاطر لزعزعة الاستقرار الإقليمي.

إمكانات حقل الدرة

يقع الحقل داخل حدود المنطقة المشتركة بين السعودية والكويت، وفيها قُسِّمت الثروات الطبيعية الضخمة من النفط الخام الثقيل والمتوسط بالتساوي.

وتجاهل أول اتفاق لترسيم الحدود بين السعودية والكويت، حقل الدرة في عام 1922، إلا أن البلدين توصلا إلى اتفاق بشأنه لأول مرة في عام 1965، بعد اكتشاف النفط هناك بالمنطقة.

"الدرة" ليس الوحيد داخل المنطقة المشتركة بين البلدين الخليجيين؛ إذ تضم أيضًا حقلي "الخفجي" و"الوفرة" الغنيين بالنفط.

اكتُشف حقل الدرة في عام 1960، ويقع في المياه الضحلة شمال الخليج العربي، داخل حدود المنطقة البحرية التي لم تُرسَم بعد بين الكويت وإيران والمملكة العربية السعودية.

واتفقت السعودية والكويت، في مارس/آذار 2022، على تطوير حقل الدرة في الخليج العربي، باستثمارات تُقدر بنحو 7 مليارات دولار.

وبموجب الاتفاق بين البلدين، سيُقسَّم إنتاج حقل الدرة بالتساوي بين السعودية والكويت، وفق خيار "الفصل البحري"؛ إذ ستُفصَل حصة السعودية والكويت في البحر.

ومن هناك تُرسَل حصة شركة أرامكو السعودية لأعمال الخليج من الغاز الطبيعي وسوائل الغاز والمكثفات إلى مرافقها في حقل الخفجي، بينما ستُرسَل حصة "الشركة الكويتية لنفط الخليج" من الغاز الطبيعي وسوائل الغاز والمكثفات إلى مرافقها في حقل الزور.

وتتباين التقديرات بشأن احتياطيات الغاز الطبيعي في حقل الدرة؛ إذ قيل إنها تبلغ 60 تريليون قدم مكعبة، بينما أشارت تقارير أخرى إلى أنها تتراوح بين 10 تريليونات و13 تريليون قدم مكعبة، و300 مليون برميل من النفط.

ولا توجد تقديرات محددة بشأن الإنتاج هناك، لكنها تتراوح بين نحو 800 مليون قدم مكعبة يوميًا إلى مليار قدم مكعبة يوميًا، و84 ألف برميل يوميًا من النفط.

وبحسب بيان رسمي، تستهدف السعودية والكويت إنتاج مليار قدم مكعبة قياسية من الغاز الطبيعي يوميًا، بالإضافة إلى نحو 84 ألف برميل من المكثفات يوميًا.

يوضح الإنفوغرافيك التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- أبرز المعلومات عن حقل الدرة المشترك بين السعودية والكويت:

حقل الدرة

أصداء قرار الكويت

تعليقًا على إعلان الكويت بدء التنقيب والإنتاج في حقل الدرة، يقول الخبير النفطي الكويتي الدكتور خالد بودي، إنه قد جاء بعد التشاور مع القيادة السياسية في الدولة، ومع المملكة العربية السعودية.

وأكد الخبير، في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة، أن الخطوة الأخيرة التي أعلنها وزير النفط الكويتي سعد البراك، تأتي انطلاقًا من الحرص على مصالح الكويت والسعودية، وليست موجّهة ضد إيران.

في السياق ذاته، يقول الخبير النفطي الكويتي حجاج بوخضر، إن حقل الدرة مُهم؛ لما فيه من كمية غاز ضخمة تبلغ في حدها الأدنى 13 تريليون قدم مكعبة.

وأشار بوخضر -في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة المتخصصة- إلى أن حصة الكويت من حقل الغاز تغطي احتياجاتها المحلية، ويزيد منه للتصدير، كما أن به من المكثفات ما يزيد على الحاجة.

يُشار هنا إلى أنه رغم احتياطياتها النفطية الضخمة؛ فمازالت الكويت تستورد الغاز المسال من الخارج؛ إذ انحصر أغلب الطلب على واردات الغاز المسال في منطقة الشرق الأوسط، خلال العام الماضي (2022)، في الكويت، بحسب تقرير لمنظمة الأقطار العربية المصدّرة للبترول "أوابك".

تُعَد الكويت أكبر سوق في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ بفضل مرفأ استيراد الغاز الطبيعي المسال في منطقة الزور، والذي بدأ تشغيله في يوليو/تموز 2021، وتُقدَّر طاقته التصميمية بنحو 22 مليون طن سنويًا.

واستوردت الكويت، خلال الربع الثاني من عام 2022 المنصرم، نحو 2 مليون طن، و1.9 مليون طن خلال الربع الثالث، ليصل إجمالي الواردات عبر ميناء الزور خلال الأشهر الـ9 الأولى من عام 2022 إلى نحو 4.8 مليون طن.

من جانبه، انتقد الخبير النفطي الكويتي حجاج بوخضر -في تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة- الإعلان عن بدء عملية التطوير للتنقيب والإنتاج في حقل الدرة.

وتساءل بشأن الغرض من وراء التصريح الذي أدلى به وزير النفط سعد البراك، هل يستهدف استقدام عروض من شركات النفط العالمية في قطاع التنقيب والإنتاج، أم هو موجّه لإعلام الشعب الكويتي، أم يستهدف المملكة العربية السعودية؟ مضيفًا: "لا أظن أيًا من تلك الأطراف؛ فالطريق إليها يكون بوسيلة أفضل من التصريح العلني".

يوضح الرسم التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- مصادر شحنات الغاز المسال الواردة إلى ميناء الزور في الكويت خلال 2022:

حقل الدرةترسيم الحدود البحرية

أعرب الخبير النفطي الدكتور خالد بودي، عن أمله في حل مسألة ترسيم الحدود البحرية، عبر التشاور، لافتًا في هذا الصدد إلى أن الكويت أعلنت مرارًا استعدادها للدخول في مفاوضات مع إيران لترسيم الحدود البحرية حتى تتأكد حقوق الأطراف كافة.

وأشار إلى انتهاء إيران بالفعل من ترسيم حدودها البحرية مع دولة قطر منذ مدة طويلة، ولذلك "نأمل في أن يتم ذلك مع الكويت أيضًا"، بحسب الدكتور خالد بودي.

وعن مطالبات إيران بحقها في موارد حقل الدرة، قال الخبير النفطي حجاج بوخضر، إن ما تدّعيه طهران من حق "لا يسنده واقع ولا جغرافيا ولا قانون بحري ولا قانون دولي ولا تاريخ".

وقال أيضًا إن الواقع يُكذِّب ادّعاءات إيران التي لا ترتكز على أي سند أو حقوق، مشيرًا إلى أنها لن تُقدِم سوى على الإدلاء بتصريحات فارغة واستعراضية من أجل الاستهلاك الشعبوي المحلي.

يتفق معه في هذه النقطة الخبير النفطي حجاج بوخضر، الذي يقول إن حقل الدرة لن يتسبّب في نزاع، ولن يُسفر سوى عن تصريحات فارغة لا أكثر، مؤكدًا: "ليس لدى إيران أي سند أو قاعدة من الواقع يعطيها الحق لتطالب به".

وأكد بوخضر أن "الدرة" كان أحد موضوعات الاتفاق السعودي الإيراني بشأن استئناف العلاقات بوساطة صينية، واتفق الطرفان على إنهاء الموضوع وبدء السعودية والكويت أعمال التنقيب والإنتاج، مع ترك موضوع الجرف القاري بعد ترسيم الحدود البحرية.

تجدر الإشارة هنا إلى أن السعودية وإيران توصلتا إلى اتفاق، في مارس/آذار من هذا العام (2023)، بشأن استئناف العلاقات الدبلوماسية، بعد قطيعة دامت لعقود.

في هذا السياق، أعرب الدكتور خالد بودي عن أمله في ألا يؤثر الخلاف بشأن حقل الدرة في العلاقات بين كل من الكويت والسعودية من جهة وإيران من جهة أخرى.

ولفت إلى وجود العديد من حقول النفط والغاز المشتركة بين الدول في العالم دون خلافات، بعد تحديد حقوق كل طرف من خلال الترسيم القانوني للحدود والمفاوضات.

أثار إعلان الكويت بدء تطوير حقل الدرة مخاوف من اندلاع صراع إقليمي جديد على موارد الغاز التي تشتد الحاجة إليها بعد الحرب الروسية الأوكرانية، وتهافت الجميع على المورد الأقل تلويثًا.

عن ذلك، يقول الخبير النفطي الكويتي الدكتور خالد بودي: "نأمل في ألا يتسبب موضوع حقل الدرة في أي نزاع مع إيران"، مؤكدًا أن أي اتفاق بين الأطراف الـ3 سيأتي بعد ترسيم الحدود البحرية.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق