طاقة متجددةالتقاريرتقارير الطاقة المتجددةتقارير دوريةتقارير منوعةسلايدر الرئيسيةمنوعاتوحدة أبحاث الطاقة

هل يدعم قانون خفض التضخم أهداف احتجاز الكربون في أميركا؟ (دراسة)

دراسة ترجح حاجة القانون إلى تعديلات واسعة

وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين

اقرأ في هذا المقال

  • قانون خفض التضخم يتضمن أكبر حزمة إعفاءات ضريبية في تاريخ أميركا
  • معهد أكسفورد للطاقة يقدم دراسة لتقييم الائتمانات الضريببة بالقانون
  • وود ماكنزي ترجح استفادة أكبر لطاقة الرياح البرية وتأخر الطاقة الشمسية طويلًا
  • أغلب مشروعات احتجاز الكربون تحتاج إلى رفع تسعير الكربون فوق 50 دولارًا للطن
  • صناعة الأسمنت الأعلى في تكلفة الاحتجاز وقد تتجاوز 85 دولارًا للطن
  • مد الإعفاءات الضريبية من 12 إلى 30 عامًا أبرز التوصيات

تتوالى تحليلات قانون خفض التضخم الأميركي منذ صدوره العام الماضي (2022)، وسط مخاوف من غموض تفاصيله في أثناء التطبيق على المشروعات الجاهزة للانطلاق في قطاعات الطاقة النظيفة بفروعها المختلفة.

وأقر الرئيس الأميركي جو بايدن هذا القانون في أغسطس/آب 2022، بهدف تسريع نشر الطاقة المتجددة في الولايات المتحدة بحلول عام 2030، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة في حينه.

ويوفر قانون خفض التضخم دعمًا غير مسبوق إلى مسار انتقال الطاقة في الولايات المتحدة، عبر تقديمه أضخم حزمة تيسيرات ضريبية وائتمانية في تاريخ البلاد بمبلغ لا يقل عن 370 مليار دولار ستقدم إلى المشروعات المبادرة لنشر الطاقة المتجددة في البلاد حتى نهاية العقد الحالي.

وتركز أغلب التحليلات المنشورة منذ صدور قانون خفض التضخم على الآثار الإيجابية المتوقعة من تطبيقه بصورة عامة، في حين تركز تحليلات أخرى على التقييم التفصيلي لمدى استفادة كل قطاع من قطاعات الطاقة المتجددة من تطبيق القانون والإعفاءات الضريبية المترتبة عليه.

وأصدرت وكالة الضرائب الأميركية "دائرة الإيرادات الداخلية"، في مايو/أيار 2023، دليلًا إرشاديًا لكيفية حصول مشروعات الطاقة المتجددة على إعفاءات قانون خفض التضخم، وشروط الوصول إلى عتبة المكون المحلي في الصناعة.

انتقادات وود ماكنزي للقانون

أجرت شركة أبحاث الطاقة "وود ماكنزي" تحليلًا للدليل الإرشادي من وكالة الضرائب الأميركية، مرجحة استفادة صناعة الرياح البرية من أكبر مزايا الإعفاءات الضريبية، لوضعها المستقر نسبيًا مقارنة بصناعات الطاقة المتجددة الأخرى الصاعدة.

بينما رجح التحليل -الذي رصدته وحدة أبحاث الطاقة مطلع يونيو/حزيران 2023- أن تقنيات الطاقة الشمسية ستواجه صعوبات أكبر في التوطين محليًا، وربما تظل معتمدة على المكونات المستوردة من الصين لسنوات أطول.

كما أبرز التحليل مشكلات أخرى ستعترض طريق المتقدمين إلى الإعفاءات الضريبية الأميركية السخية، من بينها تغطية الائتمانات الضريبية لجزء صغير من النفقات الرأسمالية للشركات الملتزمة بزيادة المكون المحلي في المشروعات، مع ارتفاع أسعارها مقارنة بالمكونات المستوردة الأرخص ثمنًا.

كما تبدو مدة الحوافز الضريبية المعلنة من وكالة الضرائب الأميركية غير واضحة، ما قد يعوق الاستثمار، ويبطئ عمليات بناء سلاسل توريد الطاقة المتجددة على المستوى الوطني.

انتقادات معهد أكسفورد للطاقة

تشترك دراسة تقييمية حديثة أعدها معهد أكسفورد لدراسات الطاقة مع بعض النتائج التي وصل إليها محللو وود ماكنزي من حيث استمرار بعض المخاطر الاستثمارية دون علاج.

بينما انفردت دراسة معهد أكسفورد بنتائج أخرى خاصة بتقييم الائتمانات الضريبية في قانون خفض التضخم وآثارها المحتملة في الاستثمار وتعبئة التمويل اللازم لدفع مشروعات إزالة الكربون واحتجازه وتخزينه إلى مستويات الوصول لأهداف الحياد الكربوني بحلول 2050.

ورجحت الدراسة استمرار بعض المخاطر الاستثمارية التي يصعب التخفيف منها رغم الائتمانات المنصوص عليها في القسم الخاص بدعم احتجاز الكربون وتخزينه، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

وألزمت الولايات المتحدة نفسها في عام 2021، بأهداف طموحة لخفض الانبعاثات الكربونية بنسبة 50% إلى 52%، بحلول 2030 مقارنة بمستويات الانبعاثات في عام 2005.

كما شملت الالتزامات الوصول إلى مزيج كهرباء خالٍ تمامًا من الكربون بنسبة 100% بحلول عام 2035، تمهيدًا للوصول إلى الحياد الكربوني على المستوى الوطني عام 2050.

ويوضح الرسم التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- خريطة أكبر الدول المصدرة للانبعاثات في قطاع الكهرباء.. أميركا الثانية بعد الصين:

أكبر مصدري انبعاثات الكهرباء حول العالم

ولم تشمل الأهداف المناخية للولايات المتحدة التزامات محددة حول حجم السعة المطلوبة في التقاط الكربون وتخزينه، إلا أنها أكدت أن الكهرباء النظيفة بنسبة 100% وتوسعة نطاق مشروعات إزالة الكربون أولويات رئيسة في خطتها الإستراتيجية.

كما أكد تقرير مرسل من مجلس الجودة البيئية إلى الكونغرس عام 2021 ضرورة التوسع في مشروعات التقاط الكربون وتخزينه بكميات كبيرة، لتحقيق الأهداف الوطنية للوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050.

وتحتاج الولايات المتحدة إلى تحقيق 0.65- 1.7 غيغاواط/طن من سعة التقاط الكربون وتخزينه سنويًا، لضمان الوصول إلى أهداف الحياد الكربوني بحلول 2050.

ولن تتمكن الحكومات الفيدرالية من تحقيق هذا المستوى دون جذب استثمارات ضخمة من القطاع الخاص، إلى جانب الإنفاق العام والمشروعات المشتركة مع القطاعين العام والخاص، بحسب تقديرات معهد أكسفورد للطاقة.

ويستحوذ الاستثمار الخاص على اهتمام المراقبين بسبب ضعف الالتزامات السياسية العالمية في نشر تقنيات احتجاز الكربون حتى الآن، ما يعني أن المبادرة في ملعب القطاع الخاص.

وبلغ حجم السعة التشغيلية في قطاع التقاط الكربون وتخزينه بالولايات المتحدة قرابة 42 مليون طن سنويًا حتى سبتمبر/أيلول 2022، في حين بلغ حجم السعة -قيد التطوير- قرابة 10 ملايين طن سنويًا.

لماذا لا تكفي حوافز القسم (45Q)؟

رصد معهد أكسفورد للطاقة عددًا من المخاطر التقنية والمالية والسياسية التي قد تؤثر في انحراف نظام إدارة إزالة الكربون عن أهدافه، إلى جانب تعريض المطورين من القطاع الخاص لمخاطر مالية كبيرة يصعب عليهم تقييمها.

ولاحظت الدراسات التجريبية -التي استند إليها المعهد- ضعف قدرة الدعم المالي المتاح في قانون خفض التضخم على تغطية مخاطر التقنيات الرئيسة ومعدلات الفشل العالية في أداء التقاط الكربون وخطوط الأنابيب وجودة التخزين ومخاوف التسرب.

ويقدّم قانون خفض التضخم الأميركي دعمًا ماليًا إضافيًا لتعزيز إزالة الكربون واحتجازه وتخزينه، وتأتي هذه الحوافر -في الغالب- عبر إدخال تحسينات القسم (45Q) من قانون الإيرادات الداخلية، الخاص بدعم التقاط الكربون.

وتوفر التعديلات التي قدّمها قانون خفض التضخم على القسم (45Q) ائتمانات ضريبية كبيرة لمشروعات احتجاز الكربون وتخزينه، مقارنة بالسقف الممنوح لها، سواء في عام 2018، أو في عام 2008، الذي شهد أول ائتمان ضريبي في هذا المجال.

ومنح أصحاب مشروعات الاستخلاص المعزز للنفط في البداية 10 دولارات لكل طن ثاني أكسيد كربون يحتجزونه في أثناء الاستخلاص، في حين منحت مشروعات تخزين (حقن) الكربون في التكوينات الجيولوجية 20 دولارًا.

ويوضح الرسم التالي -من إعداد وحدة أبحاث الطاقة- تطور مشروعات احتجاز الكربون وتخزينه في العالم خلال 12 عامًا:

مشروعات احتجاز الكربون وتخزينه

وفي عام 2018، تضاعفت قيمة الائتمان الممنوح لمشروعات الاستخلاص المعزز للنفط أكثر من 3 مرات إلى 35 دولارًا لكل طن كربون محتجز، في حين تضاعف ائتمان العزل الجيولوجي للكربون إلى 50 دولارًا للطن.

وأضاف قانون خفض التضخم تحسينات على الائتمانات الممنوحة للشركات، كما فتح المجال لأصحاب المشروعات الأصغر الأقل من 500 ألف طن سنويًا، للاستفادة من الإعفاءات الضريبية ولمدة 12 عامًا.

وتشير تقديرات معهد أكسفورد لدراسات الطاقة إلى أن التعزيزات الائتمانية في قانون خفض التضخم ستكلف الخزانة ما يقرب من 3.23 مليار دولار تراكميًا بحلول عام 2031.

ويمكن لهذه التكلفة أن تُسهم في تخزين 37.9 طنًا إضافية من ثاني أكسيد الكربون المعزول جيولوجيًا أو 53.8 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون المحتجز في مشروعات الاستخلاص المعزز للنفط، أو ما يصل إلى 18.3 مليون طن ملتقط مباشرة من الهواء.

وزادت تحسينات القسم (45Q)، التي قدمها قانون خفض التضخم، الائتمان الممنوح لاحتجاز الكربون من مشروعات الاستخلاص المعزز إلى 35 دولارًا للطن، كما زاد الائتمان الممنوح للطن المعزول جيولوجيًا إلى 60 دولارًا، في حين سيحصل الطن الملتقط مباشرة من الهواء على 130 دولارًا.

وتضمّن قانون خفض التضخم بنودًا أخرى لتكملة الدعم التاريخي للطاقة النظيفة على نطاق أوسع، ما قد يفيد نشر تقنيات إزالة أو التقاط الكربون وتخزينه خلال السنوات المقبلة.

وتظهر بعض البرامج الداعمة للصناعة حزمة مساعدات تصل إلى 5.8 مليار دولار خلال المدة من 2022 إلى 2026، لتشجيع المنشآت الصناعية غير المولدة للكهرباء، مثل الحديد والصلب والأسمنت والألومنيوم والخرسانة والزجاج وصناعات الورق والمواد الكيميائية، على تخفيف انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

كم يكلف احتجاز طن الكربون في الصناعات المختلفة؟

رغم المبادرات المحفزة -إلى جانب ما يحتويه قانون خفض التضخم من إعفاءات ضريبية مغرية للاستثمار في مشروعات احتجاز الكربون وتخزينه- فإن الإعفاء الضريبي قد لا يكون كافيًا لدعم مشروعات الاحتجاز في بعض القطاعات، لا سيما الصناعة الثقيلة مثل الأسمنت والحديد والصلب.

وأظهر مسح تحليلي على 560 موقعًا صناعيًا في الولايات المتحدة أن مشروعات معالجة الغاز الطبيعي وإنتاج الأمونيا والإيثيلين والإيثانول ستكون أكثر ملاءمة لتقنيات احتجاز الكربون وتخزينه.

ابتكار جديد لاحتجاز الكربون
عالم يختبر تقنية جديدة لاحتجاز الكربون- الصورة من مجلة science

ورغم ذلك، فقد وجد المسح أن عددًا قليلًا من هذه المشروعات (24 من أصل 560 مشروعًا بنسبة 4.2%)، لديها القدرة على تحقيق معادلة التكلفة الاقتصادية عند سعر 50 دولارًا للطن المحتجز من ثاني أكسيد الكربون، مع افتراض وجود ظروف جيولوجية مناسبة للتخزين وخط أنابيب نقل مناسب على بُعد 50 ميلًا.

ويفترض تحليل معهد أكسفورد لدراسات الطاقة، أن سعر الـ50 دولارًا للطن يمكنه تحقيق التعادل الاقتصادي على مدار عمر المشروع، وليس على مدار الـ12 عامًا المنصوص عليها في قانون خفض التضخم.

ووجد المسح أن نقطة التعادل بالنسبة إلى المشروعات ترتبط بحجم المنشأة أو مقدار ثاني أكسيد الكربون المحتجز سنويًا، فالمنشآت الصناعية ذات الأحجام التي تتراوح بين 500 و750 ألف طن سنويًا، يمكنها تحقيق نقطة التعادل الاقتصادي عند سعر 50 دولارًا للطن.

أما المنشآت أو المشروعات ذات الأحجام التي تقل عن 250 ألف طن سنويًا، فلا يمكنها تحقيق التعادل إلا عند سعر 85 دولارًا للطن، ما يرجح انتشار المشروعات الأكبر حجمًا لتعظيم الاستفادة من الائتمانات الضريبية.

هل صناعة الأسمنت باهظة التكاليف؟

تُعد مصانع الأسمنت أكبر حجمًا من مصانع الكيماويات، ويمكن أن يصل متوسط إنتاجها إلى 838 ألف طن سنويًا، إلا أن متوسط تكلفة احتجاز الكربون فيها قد يصل إلى 78 دولارًا للطن، وفقًا لمسح 93 منشأة أسمنت في الولايات المتحدة.

كما يمكن لهذا التكلفة أن تزيد إلى 85 دولارًا للطن في قطاع الأسمنت، إذا أُضيفت إليها تكلفة نقل وتخزين في حدود 10 دولارات للطن، وفقًا لمعايير مختبر تكنولوجيا الطاقة الوطني.

بينما يكلف احتجاز الكربون في مشروعات إنتاج الأمونيا قرابة 57 دولارًا للطن، بفارق كبير عن مشروعات إنتاج الإيثانول التي تكلف 38 دولارًا للطن فقط.

وانتهى تحليل معهد أكسفورد لدراسات الطاقة للمشروعات كبيرة وصغيرة الحجم، إلى أن قانون خفض التضخم بحاجة إلى تعديلات أكبر لجذب الاستثمار في مشروعات احتجاز الكربون وتخزينه أو التقاطه من الهواء مباشرة.

وأوصى المعهد بمد الإعفاءات الضريبية للمشروعات من 12 إلى 30 عامًا، إلى جانب تعديل حدود الائتمان لكل نشاط، مع ضرورة التمييز بين خفض انبعاثات النطاق 1 و2 و3 في مشروعات الاستخلاص المعزز للنفط.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق