غازالتقاريرتقارير الغازتقارير النفطتقارير دوريةسلايدر الرئيسيةنفطوحدة أبحاث الطاقة

لماذا تتباين أسعار الغاز الطبيعي عالميًا خلافًا للنفط؟.. صندوق النقد يوضح (تقرير)

تكامل سوق الغاز يعزز أمن الطاقة

وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين

اقرأ في هذا المقال

  • أسعار الغاز في الولايات المتحدة تضاعفت 3 مرات فقط خلال 2022
  • أسعار الغاز في آسيا لم تشهد معدلات الأسعار نفسها في أوروبا
  • سوق الغاز الطبيعي العالمية مجزأة خلافًا لأسواق النفط الخام
  • البنية التحتية وتقنيات الإسالة أبرز أوجه الخلاف بين الغاز والنفط
  • الرهان على زيادة صادرات الولايات المتحدة لتهدئة الأسعار الأوروبية والآسيوية

تباينت أسعار الغاز الطبيعي العالمية خلال العام الماضي (2022) بصورة متفاوتة ولافتة للأنظار المتابعة للأسواق الأوروبية والأميركية والآسيوية، خلافًا لأسعار النفط التي تُباع في العالم بتسعير شبه موحد رغم اختلاف المناطق.

وارتفعت أسعار الغاز عالميًا خلال العام الماضي، بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، لكن معدل الزيادة في أوروبا كان متجاوزًا لكل مناطق العالم، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

وبلغ ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا ذروته خلال شهر أغسطس/آب 2022، بمعدل 14 مرة، مقارنة بمستويات ما قبل الحرب، كما شهدت أسعار الغاز الطبيعي المسال المتداول حول العالم قفزة مماثلة.

أما في الولايات المتحدة فقد ارتفعت أسعار الغاز، لكنها بقيت أقل عدة مرات من أوروبا وآسيا، وفقًا لتقديرات خبراء صندوق النقد الدولي.

وبناءً على ما سبق، يؤكد صندوق النقد أن الوصول إلى تكامل سوق الغاز الطبيعي حول العالم من شأنه أن يزيد أمن الطاقة.

البنية التحتية كلمة السر

الغاز الطبيعي هو السلعة نفسها في كل مكان حول العالم، إلا أن عوامل البنية التحتية المعقدة اللازمة لنقله عبر الدول والمناطق، تُعَد السبب الرئيس في تباين أسعاره عالميًا خلافًا للنفط، ما يجعل سوق الغاز العالمية مجزأة نوعًا ما.

ويشير عامل البنية التحتية إلى أن معظم إنتاج الغاز الطبيعي في العالم يتحرك عبر خطوط الأنابيب مع اختلاف أطوالها وأحجامها، على عكس سوق النفط الخام الأكثر تكاملًا التي تميل إلى تداول الخام بسعر واحد في معظم المناطق -غالبًا-.

ولا تعني التجزئة في سوق الغاز الطبيعي أن الأسعار ستختلف عبر المناطق فحسب، وإنما تعني -أيضًا- أن ارتفاع الأسعار في جزء من العالم لا تنتقل بالضرورة إلى المشترين في أماكن أخرى، والعكس بالعكس.

وقدّم الغزو الروسي لأوكرانيا مثالًا نموذجيًا صارخًا على آثار هذا الانقسام في سوق الغاز الطبيعي، فقد أدى انخفاض تدفقات الغاز الروسي في خطوط الأنابيب إلى أوروبا بنسبة 80% منذ منتصف عام 2021، إلى دفع أسعاره إلى الارتفاع بوتيرة صاروخية لم تشهدها المناطق الأخرى.

وبلغت أسعار الغاز في أوروبا مستوى قياسيًا عند 70 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية خلال أغسطس/آب 2022، بعدما زادت 14 مرة، مقارنة بمستويات ما قبل الحرب، وهو مستوى لم تشهده المناطق الأخرى في العالم.

أسعار الغاز الأميركية الأقل ارتفاعًا

تضاعفت أسعار الغاز الطبيعي المسال في الولايات المتحدة 3 مرات فقط، لكنها بقيت عدة مرات أقل من أوروبا وآسيا.

وتمتعت السوق الأميركية بدرجة حماية عالية من صدمات أسعار الغاز الطبيعي حول العالم، لأسباب ترجع إلى ظروف خاصة بالولايات المتحدة في مجال استخراج الغاز ونقله مقارنة بالدول الأخرى.

وارتبطت سوق الولايات المتحدة بأسعار النفط الخام تاريخيًا، لانخفاض إنتاجها من الغاز لعقود طويلة، وارتباط ما تستخرجه من الغاز بعمليات التنقيب عن النفط "الغاز المصاحب".

وتلاشى هذا الارتباط التاريخي بين الغاز والنفط في الولايات المتحدة بصورة كبيرة خلال العقد الماضي، بسبب طفرة إنتاج الغاز الصخري، ما أدى إلى تحول كبير في أسواق الطاقة الأميركية محليًا ودوليًا.

وارتفع إنتاج الغاز في الولايات المتحدة متجاوزةً روسيا لأول مرة في عام 2012، لتصبح أكبر منتج للغاز عالميًا، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

كما توسعت الولايات المتحدة في بناء محطات تصدير الغاز المسال بالقرب من المواني، ما سهّل عمليات البيع خارج أسواق أميركا الشمالية.

ويوضح الرسم التالي -من إعداد وحدة أبحاث الطاقة- صادرات الغاز المسال الأميركية خلال عام 2022:

صادرات الغاز المسال الأميركية خلال 2022

تقنيات إسالة الغاز

لا تتأثر أسعار الغاز الطبيعي حول العالم بعوامل البنية التحتية وخطوط الأنابيب فحسب، وإنما -أيضًا- بمدى توافر التقنيات اللازمة لإسالته وشحنه، إذ يحتاج الغاز المسال لتحويله إلى غاز مضغوط إلى تسهيل عمليات نقله عالميًا، خلافًا لغاز الأنابيب.

وتساعد تقنيات الإسالة في ضغط الغاز بصورة أصغر 600 مرة من حجمه في صورته السائلة، وهي عملية لازمة لنقله عبر السفن والناقلات المخصصة لهذا الغرض.

وتتسم عمليات تصدير الغاز الطبيعي المسال بقدرة ثابتة على المدى القصير، كما تتطلب مرافق الإسالة والتصدير والاستيراد وإعادة تحويل الغاز استثمارات كبيرة، ما يعني أن حدوث صدمة إقليمية مثل الغزو الروسي لأوكرانيا، يمكن أن يدفع الأسعار الإقليمية إلى التحرك في اتجاهات متباينة.

وتحولت أوروبا إلى الغاز المسال بصورة كبيرة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، في محاولة لتعويض واردات خطوط الأنابيب من الغاز الروسي المنقطع بسبب الحرب والعقوبات.

وظهرت صادرات الغاز المسال الأميركي على سطح المشهد الأوروبي بوصفها بديلًا رئيسًا لغاز الأنابيب، الذي حاولت أوروبا تعويض جانب كبير منه عبر زيادة واردات الغاز النرويجي.

واستطاعت أميركا أن تتصدّر قائمة مصدري الغاز المسال إلى أوروبا في مدة وجيزة، بسبب جاهزية البنية التحتية للتصدير في البلاد وتحسينها بصورة كبيرة منذ عام 2016.

اختلاف تسعير العقود الأميركية

هناك عامل آخر يفسّر تباين أسعار الغاز الطبيعي حول العالم، مفاده بأن صيغ التسعير في عقود الشراء طويلة الأجل مع الشركات الأميركية عادة ما تعتمد على أسعار الولايات المتحدة وليس غيرها.

وتتيح هذه الميزة للعملاء الآسيويين المرتبطين بصفقات طويلة الأجل، تسلّم كميات الغاز المسال الأميركي بأسعار أرخص مكنتهم من تحقيق أرباح كبيرة خلال العام الماضي، عبر إعادة توجيه ناقلات الغاز المسال في البحر إلى السوق الفورية الأوروبية المتلهفة على بدائل الغاز الروسي بأسعار عالية.

ونتيجة لذلك، استفادت الشركات الآسيوية من العلاوة السعرية المؤقتة التي منحتها أوروبا للموردين خلال ربيع وصيف عام 2022.

ورغم زيادة الاعتماد على الغاز المسال في أوروبا بوصفه أحد بدائل الغاز الطبيعي الروسي، فإن قدرة استيراد الغاز المسال الأوروبية لا تمثّل قيدًا ملزمًا على تكامل سوق الغاز العالمية.

تكامل أسواق الغاز ممكن

يعتقد خبراء صندوق النقد الدولي، أن زيادة القدرة التصديرية العالمية للغاز المسال يمكنها أن تقلل من ظاهرة تجزئة السوق التي ظهرت بصورة واضحة خلال العام الماضي.

وعزّزت أوروبا من السعة الاحتياطية لتخزين الغاز المسال منذ الحرب الأوكرانية، عبر إضافة وحدات تخزين عائمة في أكثر من بلد أوروبي بمخصصات مالية كبيرة، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

وأصبحت البنية التحتية في أوروبا في الوقت الحالي مهيأة لاستيعاب كميات أكبر من واردات الغاز الطبيعي المسال، ما يرجح انتعاش صادرات الولايات المتحدة وقطر وأستراليا وغيرها من الدول المصدرة للغاز المسال عالميًا.

ورغم زيادة صادرات الولايات المتحدة ومنتجي الغاز الآخرين، فإن صادراتهم ما زالت مقيدة بحدود الإنتاج والاتفاقيات الطويلة والاستهلاك المحلي وحسابات أخرى مركبة.

الرهان على أميركا لتهدئة الأسعار

يحتاج العالم إلى توسع الولايات المتحدة في قدرات تصدير الغاز المسال لإعادة أسعار الغاز الطبيعي الأوروبية والآسيوية إلى مستوياتها الطبيعية على المدى الطويل، وفقًا لصندوق النقد.

ويوضح الرسم الآتي -من إعداد وحدة أبحاث الطاقة- تطور أسعار الغاز الطبيعي العالمية خلال 3 أعوام وحتى مارس/آذار 2023:

أوابك تستعرص أسياب تراجع أسعار الغاز في الربع الأول 2023

وافتتحت الولايات المتحدة أول محطة لتصدير الغاز المسال عام 2016، ثم أتبعت ذلك بإضافة محطات أخرى، ليصل عددها إلى 7 محطات حتى عام 2022، إلى جانب محطتين قيد الإنشاء و20 محطة أخرى مقترحة للتطوير بحلول 2030، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

ومن المتوقع زيادة قدرة تصدير الغاز المسال عالميًا بنسبة 14% بحلول عام 2025، مع دخول المشروعات قيد الإنشاء إلى حيز الإنتاج في الولايات المتحدة وأفريقيا والشرق الأوسط وأماكن أخرى.

بينما يمكن أن تؤدي المشروعات الأخرى المخططة لإضافتها إلى زيادة القدرة التصديرية العالمية إلى تريليون متر مكعب، أي ما يقرب من ربع استهلاك الغاز العالمي خلال عام 2022، وفقًا لتقديرات صندوق النقد.

تحديات تأمين التمويل

رغم الآمال المعلقة على مشروعات الغاز المسال الجديدة في الولايات المتحدة وغيرها فإنها قد تواجه عقبات في تأمين التمويل اللازم لإنشائها مع ضعف قدرتها على تأمين صفقات طويلة الأجل، في ظل اضطراب أسواق الطاقة العالمية وحالة عدم اليقين السائدة بشأن المستقبل.

وتحتاج الشركات المطورة لمشروعات الغاز المسال إلى تأمين صفقات طويلة الأجل لإنتاجها لمدة تتراوح بين 15 و20 عامًا، ما يؤهلها لطلب الحصول على التمويلات البنكية بسهولة.

وتتراوح تكلفة محطات الغاز المسال بين 10 و15 مليار دولار، وغالبًا ما يستغرق إنشاؤها عامين إلى 4 أعوام، حسب خطط كل شركة والجدول الزمني للتنفيذ والتحديات المحيطة بالموقع.

وتواجه المشروعات المتعثرة في تأمين صفقات بيع طويلة الأجل مشكلات كبيرة في الحصول على التمويل، ما قد يضطرها إلى إرجاء خطط الإنشاء أو إلغائها.

ومن المتوقع أن تسهم زيادة قدرات تصدير الغاز لدى الولايات المتحدة والمنتجين الآخرين في إنشاء أسواق غاز عالمية متوازنة محمية بصورة أو بأخرى من صدمات العرض العالمية المفاجئة.

كما يتوقع أن يسهم الغاز الطبيعي في تلبية جانب من توليد الكهرباء في الاقتصادات المتقدمة المتسارعة باتجاه الطاقة المتجددة المعتمدة على الطقس المتقلب، ما يعزّز دوره المستقبلي في حماية قطاع التوليد من تقلبات طاقة الشمس والرياح.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق