غازتقارير الغازسلايدر الرئيسية

مشروعات الغاز المسال الأميركي تتعثر في تأمين صفقات شراء طويلة الأجل (تقرير)

الأوروبيون يريدون صفقات قصيرة في حدود 5 سنوات فقط

رجب عز الدين

يخطط قطاع الغاز المسال الأميركي لاستقبال مشروعات توسعية جديدة تستهدف تعزيز المنافسة على الصدارة العالمية، وسط تحديات تمويلية تواجه خطط بعض المشروعات المتأخرة.

وتعاني بعض المشروعات المخططة في الولايات المتحدة من مشكلات في تأمين اتفاقيات شراء طويلة الأجل، ما أدى إلى تأخر اعتماد القرارات الاستثمارية النهائية الخاصة بها، وفقًا لصحيفة فايننشال تايمز.

ويطمح قطاع الغاز المسال الأميركي إلى تعزيز مكانته الدولية؛ أملًا في التربع على عرش المركز الأول في تصدير الغاز عالميًا، وسط منافسة شرسة مع قطر وأستراليا المزاحمين على الصدارة منذ سنوات، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

وتعول أوروبا على الغاز المسال الأميركي بصورة كبيرة لتعويض جانب كبير من نقص الإمدادات، بعد انقطاع الغاز الروسي على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية المندلعة منذ 14 شهرًا ولم تهدأ حتى الآن.

وزادت وتيرة مشروعات الغاز الطبيعي المسال بمليارات الدولارات على ساحل الخليج الأميركي خلال العام الماضي (2022)، مدعومة باضطرابات الطاقة الناجمة عن الحرب.

والتفتت الأنظار إلى الولايات المتحدة لتأمين صادرات الوقود الأحفوري من حقول تكساس الصخرية الشاسعة، على أمل تعويض نقص الإمدادات العالمية واستقرار أسواق الطاقة.

4 مشروعات ناجحة

وصلت 4 مشروعات توسعية مخططة في قطاع الغاز المسال الأميركي إلى مرحلة قرار الاستثمار النهائي، بينما تواجه مشروعات أخرى تأخيرات متكررة، بسبب اخفاقها في تأمين اتفاقيات شراء طويلة الأجل حتى الآن.

وتمتلك الولايات المتحدة في الوقت الحالي 7 محطات عاملة في تسييل الغاز الطبيعي، إضافة إلى محطتين قيد الإنشاء، وقرابة 20 محطة أخرى ما زالت في مراحل التخطيط والدراسة.

وتعتمد أغلب مشروعات الغاز المسال حول العالم على اتفاقيات الشراء طويلة الأجل لمدد تتراوح بين 15 و25 عامًا في معظم الحالات، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

وتمنح الاتفاقيات طويلة الأجل الثقة لأصحاب الشركات والممولين والمقرضين، للمضي قدمًا في خطط مشروعاتهم وضخ الاستثمارات اللازمة، دون قلق من استرداد التكاليف وتحقيق هوامش ربحية مستمرة ومضمونة.

تأجيل 3 مشروعات

الغاز المسال الأميركي
ناقلة غاز مسال- الصورة من Asia Nikkei

تواجه بعض مشروعات الغاز المسال الأميركي صعوبات بتأمين صفقات شراء طويلة الأجل في ظل اضطراب أسواق الطاقة العالمية، وتصاعد موجة العداء لتمويل مشروعات الوقود الأحفوري في الغرب.

وأدت هذه الصعوبات إلى عزوف كثير من شركات البناء والتشييد عن المشاركة في مشروعات الغاز المسال الأميركي الجديدة لحين استقرار أصحابها على القرارات الاستثمارية النهائية المرتبطة بدورها بالحصول على مشتري طويل الأجل، وفقًا لرائد صناعة الغاز المسال في الولايات المتحدة على مدار أكثر من عقد، شريف سوكي.

وتعثّر مشروع محطة "دريفت وود" للغاز المسال، العام الماضي (2022)، بسبب الإخفاق في جمع التمويلات اللازمة، ما دفع المشترين الأساسين إلى التخلّي عن المشروع الذي تبلغ تكلفته قرابة 25 مليار دولار.

وليس هذا أول مشروع يؤجل بقطاع الغاز المسال الأميركي، فقد سبقه تأجيل مشروع ليك تشارلز، ومحطة ريو غراندي.

وكان من المقرر اتخاذ قرار الاستثمار النهائي بشأن هذين المشروعين نهاية مارس/آذار 2023، لكن تحديات التمويل وصفقات الشراء طويلة الأجل دفعت أصحابها إلى إرجاء ذلك لوقت لاحق من العام، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

منافسة مع قطر وأستراليا

اتفقت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن والمفوضية الأوروبية على توسيع صادرات الغاز المسال الأميركي، لتأمين إمدادات الطاقة في أوروبا التي عزمت على فطم نفسها عن الغاز الروسي ومصادر الطاقة الروسية بصورة كاملة خلال سنوات قليلة.

وستزيد المشروعات الجديدة -قيد الإنشاء- من قدرة الولايات المتحدة على تصدير الغاز المسال بنسبة 70% مع دخولها كافة إلى الخدمة بحلول 2027.

وسيعزز ذلك من القدرة التنافسية لصادرات الغاز الأميركية المتطلعة لاختطاف الصدارة العالمية وتخطّي أستراليا وقطر خلال عام 2023، وما بعده.

ويتوقع مراقبون أن تزيد قدرة الولايات المتحدة في مجال تصدير الغاز المسال بمعدل 3 مرات على الأقلّ بحلول 2030، حال نجاح تنفيذ المشروعات الجديدة، وفقًا لتقديرات مؤسسة وود ماكنزي المتخصصة في استشارات وأبحاث الطاقة.

ارتفاع الفائدة والتكاليف

رغم التقديرات المتفائلة والطموحة، فإن بعض المحللين ما زالوا يشككون في قدرة عدد من المشروعات المخططة على جمع التمويل اللازم للمضي قدمًا في خطط تنفيذها، وسط ضغوط هائلة من قبل المناهضين لمشروعات الوقود الأحفوري عالميًا.

ويتطلب الوصول إلى مرحلة الاستثمار النهائي في أيّ مشروع تأمين صفقات قوية تكفي لضمان التمويل اللازم بهدف دفع تكاليف البناء والإنشاء، في ظل ارتفاع أسعار المواد بصورة قياسية، ما يجعل العملية برمّتها صعبة للغاية.

ويزيد من صعوبة تمويل هذه المشروعات ارتفاع أسعار الفائدة واضطراب سلاسل التوريد، ما قد يجبر بعض أصحاب المشروعات على إعادة التفاوض على صفقات الشراء طويلة الأجل، ويؤدي بالتبعية إلى تأخير اعتماد قرار الاستثمار النهائي، وفقًا لرئيس أبحاث الغاز المسال في وود ماكنزي جايلز فارير.

ويوضح الرسم التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- صادرات الغاز المسال الأميركي خلال عامي 2021 و2022:

صادرات الغاز المسال الأميركية خلال 2022

مشروعات تكساس

رغم هذه الصعوبات، فإن بعض مشروعات محطات الغاز المسال الجديدة في الولايات المتحدة نجحت في تأمين صفقات شراء طويلة الأجل، ومضت في خطط التنفيذ.

وأعلنت شركة "سيمبرا إنرجي"، الشهر الماضي (مارس/آذار)، خطة لبناء محطة إسالة بقدرة 13.5 مليون طن سنويًا في "بورت آرثر" جنوب شرق ولاية تكساس.

كما شرعت شركة "فينشر غلوبال"، يوم 10 أبريل/نيسان 20223، في المرحلة الثانية من مشروع بلاكمينز بطاقة 20 مليون طن سنويًا في ولاية لويزيانا، بعد أن أعطت الضوء الأخضر للمرحلة الأولي في مايو/أيار 2022.

ووافقت شركة "تشينير إنرجي"، الصيف الماضي، على تطوير منشأة كوربس كريستي بولاية تكساس لزيادة سعتها بمعدل 10 ملايين طن سنويًا.

الأوربيون مترددون

رغم نجاح الشركات الـ3 في تنفيذ خطط توسعاتهم بقطاع الغاز المسال الأميركي، فإن عددًا أكبر من اللاعبين في السوق ما زالوا يواجهون تحديات وصعوبات تمويلية تعوقهم عن التقدم.

ويراجع أغلب الممولين لمشروعات الوقود الأحفوري جدوى الاستمرار في تمويل مشروعات النفط والغاز، في ظل عالم يتطلع إلى إزالة الكربون بسرعة لمواجهة أخطر الأزمات المناخية المحتملة في تاريخ البشرية.

الغاز المسال الأميركي
وزيرة الطاقة الأميركية جينيفر غرانهولم- الصورة من cnbc

لهذا السبب، يتردد كثير من المشترين الأوروبيين في توقيع صفقات شراء طويلة الأجل مع شركات الغاز المسال الأميركية، رغم حرصهم على تأمين الإمدادات لكن لمدد قصيرة.

وتتعارض رغبة الأوروبيين في توقيع صفقات لا تزيد عن 5 سنوات مع مصالح المورّدين الذين يفضلون عقود تصل إلى 20 عامًا ، لضمان تعويض التكاليف وتحقيق هوامش ربحية جيدة.

المشكلة أكبر من التصاريح

حرصت الحكومة الأميركية خلال الأشهر الماضية على تأكيد دعمها لمشروعات الغاز المسال الجديدة في البلاد، رغم عدم سماحها بإصدار تصاريح جديدة في قطاع النفط والغاز.

وتفاخرت وزيرة الطاقة الأميركية جينيفر غرانهولم، الشهر الماضي، بوجود فرص كبيرة للتصدير، استنادًا إلى التصاريح السابقة الممنوحة لعدد كبير من المشروعات الجديدة، بطاقة إنتاجية تتجاوز 100 مليون طن سنويًا.

ورغم حصول خطط هذه المشروعات على تصاريح رسمية، فإن إخفاقها في تأمين اتفاقيات شراء طويلة الأجل، سيظل الخطوة الأصعب والأهم، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق