غازتقارير الغازرئيسيةعاجل

تقرير أميركي يتهم محطات تصدير الغاز المسال الأميركية بنشر التلوث

عمرو عز الدين

اتجهت الولايات المتحدة للتوسع في بناء محطات تصدير الغاز المسال الأميركي منذ سنوات، لكن رغبتها في الريادة العالمية لم تخلُ من آثار جانبية على السكان والمقيمين في ولاية لويزيانا.

وأظهرت تقارير حديثة تخلّي محطات الغاز عن تعهداتها في ضبط الانبعاثات بولاية لويزيانا؛ ما يهدد الحياة البحرية والبرية لأنواع الكائنات التي تقطنها، وفقًا لموقع غازأوتلوك المتخصص (Gas outlook).

وكشف تقرير صادر عن منظمة بيئية محلية في ولاية لويزيانا استمرار محطات تصدير الغاز المسال الأميركي المنشأة حديثًا في الولاية في إطلاق انبعاثات أعلى مما تعهدت به أمام الجهات المنظمة.

اتهام شركة فينشر غلوبال

يقول التقرير الصادر عن منظمة "لويزيانا باكت بريغاد"، إن محطات تصدير الغاز المسال التابعة لشركة فينشر غلوبال تحرق الغاز بمعدلات أكبر مما ألزمت به نفسها على الأوراق.

وأنشأت شركة فينشر غلوبال الأميركية محطة ضخمة لتصدير الغاز الطبيعي المسال في مقاطعة كالكاسيو بولاية لويزيانا منذ سنوات.

وتقع هذه المحطة في منطقة تقاطع نهر كالكاسيو بخليج المكسيك، وبدأت أولى عمليات التصدير إلى جميع أنحاء العالم في أوائل عام 2022، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

تهديد الحياة البرية

تتمتع المناطق المائية المحيطة بمحطة الغاز المسال بانتشار المصبات والمستنقعات المتقطعة؛ ما يسمح لأنواع مختلفة من الأسماك والجمبري وسرطان البحر وبعض أنواع التماسيح بالاستقرار والتوطن فيها.

كما تتمتع المناطق البرية المحيطة بانتشار أنواع مختلفة من حيوانات الأرانب والغزلان وقطط البوبكات شبيهة النمور، إضافة إلى أشكال مختلفة من الطيور المائية مثل البجع والبط والإوز وغيرها.

وساعدت مظاهر الحياة المائية و البرية في ولاية لويزيانا على احتراف السكان المحليين مهنة الصيد البحري والبري؛ ما أسهم في توفير وظائف غير رسمية في الولاية، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

حرق الغاز 84 يومًا

محطات تصدير الغاز المسال
محطة كالكاسيو للغاز المسال - الصورة من موقع غاز أوت لوك

وعدت شركة فينشر غلوبال صاحب محطة الغاز المسال بأن تحرق الغاز بمعدلات قليلة جدًا، إلى حدّ اقتصارها على أوقات التشغيل والتهدئة، لكن ما حدث صدم السكان.

ويشتكي بعض سكان الولاية من معدلات حرق عالية ومستمرة في محطة شركة كالكاسيو باس إل إن جي، منذ تشغيلها أوائل عام 2022.

ويقول أحد السكان، ويدعى جون ألاير: "تابعت تشغيل هذه المحطة في أول 95 يوم عمل، ورأيت الاشتعال مستمرًا لمدة 84 يومًا متواصلة.. فهل هذا ما وعدت به الشركة؟".

وثائق تؤكد التكتّم على الانبعاثات

وقّع موقع غاز أوتلوك المتخصص وثائق تدين شركة فينشر غلوبال في عدم الإبلاغ عن حجم الانبعاثات إلى الجهات المنظمة في الدولة.

ولم تردّ الشركة الأميركية على طلبات التعليق على وقائع عدم الإبلاغ، كما يخلو موقعها الإلكتروني من أيّ تقارير عن الانبعاثات، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

ويشعر سكان المناطق المحيطة بالمحطة بتغيرات بيئية ملحوظة، تتزايد مع الوقت على مستوى جودة الهواء ونشاط الرياح ورائحته وحرارته.

ضوضاء وروائح كريهة

يشعر جون ألاير -الذي يعيش على بعد ميل واحد من المحطة- بضوضاء غريبة ممتزجة بصوت الرياح عند هبوبه في اتجاه منزله، إلى حدّ تشبيه الأمر باقتراب طائرة نفاثة من الأُذن.

بينما يشعر آخرون بروائح مختلطة من احتراق الغاز في المناطق المحيطة، بعضها يشبه رائحة البيض الفاسد، وأخرى تشبه رائحة الكلور.

وتقول منظمة "لويزيانا باكت بربغاد" البيئية، إن الاحتراق المزمن في مقاطعة كالكاسيو يؤكد وجود مشكلات تشغيلية خطيرة لدى الشركة، ويجب الإفصاح عنها بشفافية.

كما تخشى المنظمة من حدوث انفجار محتمل في المحطة، كالذي حدث في محطة فريبورت للغاز المسال بولاية تكساس، العام الماضي.

7 محطات عاملة و25 مقترحة

محطات تصدير الغاز المسال
حرق الغاز في محطة إسالة - الصورة من موقع science news

تعدّ محطة "كالكاسيو باس" واحدة من سلسلة محطات ضخمة يُخطَّط لإنشائها على طول ساحل خليج المكسيك في الولايات المتحدة.

ولدى الولايات المتحدة في الوقت الحالي 7 محطات عاملة في تسييل الغاز الطبيعي، إضافة إلى محطتين قيد الإنشاء، وما يقرب من 20 محطة أخرى قيد الاقتراح.

وأسهم التوسع في بناء محطات إعادة التسييل ومصافي التكرير إلى تحول الولايات المتحدة من مستورد صافٍ للغاز إلى مصدّر منافس للمراكز الأولى منذ عام 2016.

ونافست الولايات المتحدة على المركز الثالث خلال عام 2021، ثم واصلت مشوارها القياسي خلال عام 2022، لتحتلّ المركز الأول، متجاوزة قطر وأستراليا المنافستين على الصدارة منذ أعوام.

التكسير الهيدروليكي خطر إضافي

تعتمد الولايات المتحدة على الغاز الصخري المستخرَج بالتكسير المائي (الهيدروليكي)، الذي يُحظر تطوير مشروعاته في أوروبا لأسباب بيئية محل خلاف.

ويخشى نشطاء البيئة والمناخ من التداعيات البيئية والمناخية في ولاية لويزيانا التي تقع في قلب ومحيط خطط التوسع بقطاع تسييل الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة.

وعانت مناطق الولاية من ويلات الأعاصير الكارثية على مدار السنوات الأخيرة، وتواجه الآن مخاطر محطات الإسالة، إذ يُطرَد الصيادون من المناطق التي كانوا يرتزقون منها لسنوات طويلة؛ ما يهدد بانقراض مهنة الصيد وأشكال الحياة البرية الغنية منذ ربع قرن.

وعادةً ما يُنظَر إلى خطط التوسع في قطاع البنية التحتية للوقود الأحفوري (النفط والغاز) بشيء من الريبة؛ لتناقضها مع خطط التحول للطاقة المتجددة عالميًا وجهود خفض الانبعاثات.

وعود احتجاز الكربون على الورق

تدعم حكومة الرئيس الأميركي جو بايدن التوسع في بناء محطات تصدير الغاز المسال لأسباب سياسية واقتصادية وأمنية، في ظل صراعات عالمية لا يُتوقع هدوؤها خلال السنوات المقبلة.

في المقابل، تشدد الجهات المنظمة في الولايات المتحدة معايير خفض الانبعاثات الصادرة عن أنشطة شركات الوقود الأحفوري، بالتوازي مع تشجيع مشروعات الطاقة المتجددة.

ومع تزايد الضغوط البيئية، اضطرت أغلب شركات الغاز الطبيعي المسال للتعهد بنشر خطط احتجاز الكربون وعزله بصورة دورية منتظمة، لكنها لم تلتزم بذلك في الواقع بصورة جادة، وفقًا لمنظمة لويزيانا البيئية غير الحكومية.

شركة كاميرون متهمة

تقول المنظمة، إن شركة كاميرون للغاز الطبيعي المسال انتهكت التصاريح الجوية في حوادث منفصلة لم تحقق فيها الجهة المنظمة.

كما تواجه الشركة الأميركية مشكلة مستمرة في تشغيل معدّاتها بما يتوافق مع المعايير البيئية التي أعلنت الالتزام بها مع وكالات البيئة الفيدرالية.

وتنفي المتحدثة باسم شركة كاميرون الأميركية ما تدّعيه المنظمة البيئية، وتؤكد التزامها بخطط خفض الانبعاثات وإنتاج غاز مسؤول اجتماعيًا، مع إبلاغ الوكالات التنظيمية والفيدرالية بصورة دورية منتظمة.

ولم تعلّق إدارة الجودة البيئية في ولاية لويزيانا على تقارير المنظمة البيئية المحلية حول مخالفات شركتي كاميرون وفينشر غلوبال، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق