نفطتقارير النفطرئيسية

بريق النفط في غايانا يغري دول الكاريبي لانتشالها من الفقر (تقرير)

مي مجدي

منذ اكتشاف النفط في غايانا عام 2015، أصبحت الدولة الواقعة على الساحل الشمالي الشرقي لأميركا الجنوبية محط أنظار العالم.

وتطمح منطقة الكاريبي للسير على منوالها وانتشال نفسها من براثن الفقر مع اقتراب انضمام جورج تاون إلى نادي الأغنياء وملء خزائنها بفيض من الدولارات بفضل ثرواتها الطبيعية.

وخلال عام 2022، حققت شركة إكسون موبيل الأميركية 10 اكتشافات تقريبًا، ليصل الإجمالي لأكثر من 30 اكتشافًا منذ عام 2015، باحتياطيات تصل إلى 11 مليار برميل نفط مكافئ، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

ورغم ذلك؛ فلا يضمن اكتشاف النفط في غايانا تحقيق النجاح في المستقبل إلا في حالة إدارته على النحو المناسب، بحسب مقال بعنوان "غايانا قد تكون نموذجًا لانتشال منطقة الكاريبي من دائرة الفقر" بقلم عالم الاجتماع فيكتور ديكسون، ونشرته صحيفة جامايكا أوبزرفر (Jamaica Observer).

خريطة غايانا

منذ بضع سنوات فقط، كان يفر العديد من سكان الدولة الصغيرة الواقعة في الأطراف الشمالية من أميركا الجنوبية.

سفينة عائمة لإنتاج النفط وتخزينه في غايانا
سفينة عائمة لإنتاج النفط وتخزينه في غايانا - الصورة من موقع سبلاش 247

وباتت عبارة "أي مكان آخر بخلاف غايانا" الشعار السائد، واختار المهاجرون من سكانها العيش في أوروبا أو أميركا الشمالية.

وتُعَد غايانا البلد الوحيد الذي يتحدث الإنجليزية في أميركا اللاتينية، ولديها عدد أقل من السكان مقارنة ببلدان أميركا الجنوبية.

وتقع غايانا بين فنزويلا وسورينام والبرازيل، ويحدها المحيط الأطلسي من الشمال، وهي عضو في المنظمة الاقتصادية لدول الكاريبي "كاريكوم".

إلا أن اكتشاف النفط في غايانا أسهم في حدوث تغيرات جذرية بالأوضاع الاقتصادية بعد معاناة لمدة طويلة.

ويرجع ذلك إلى اكتشاف مربع "ستابروك" البحري الغني بالنفط في عام 2015، وحمل البشارة بتحفيز النمو في القطاعات الاقتصادية الأخرى، ورفع مستوى المعيشة بالبلاد.

غايانا قبل 2015 وبعده

أشار كاتب المقال إلى أن المشهد الاقتصادي في غايانا لم يكن يبعث على التفاؤل؛ فبعد الاستقلال في عام 1966، ظلت غايانا حبيسة الاعتماد على إنتاج قصب السكر والبوكسيت.

وكان للإصلاحات الاقتصادية التي تبنّتها حكومة ذات ميول اشتراكية، وبرنامج خصخصة من إدارة أخرى في التسعينيات، تأثير ضئيل.

وظلّت غايانا تعاني نقص العمال الماهرين، وضعف البنية التحتية، وارتفاع مستوى الديون الخارجية.

ووفقًا لصندوق النقد الدولي؛ فقد تضاعف الناتج المحلي الإجمالي لغايانا 3 مرات إلى 180% بين عامي 2020 و2022 بفضل ثرواتها، وبات الاقتصاد في غايانا الأسرع نموًا، على عكس باقي دول العالم؛ حيث تقلّص الناتج المحلي الإجمالي إلى أقل من 2% بسبب جائحة كورونا.

وتمثل غايانا ثلث النفط المكتشف في العالم منذ عثور شركة إكسون موبيل على مليارات البراميل خلال عام 2015 قبالة سواحل البلاد.

وبحلول عام 2027، من المتوقع أن يصل إنتاج النفط في غايانا إلى 11 مليون برميل يوميًا، وبذلك تصبح واحدة من أكبر 20 دولة منتجة للنفط في العالم.

ويوضح الرسم التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- حجم إنتاج النفط في غايانا:

إنتاج النفط في غايانا

اكتشاف النفط في غايانا

رغم ذلك؛ فإن كاتب المقال يرى أن اكتشاف النفط لا يمثل ضمانًا للنجاح في المستقبل في حالة عدم إدارته بشكل صحيح.

ويؤدي الطلب المفاجئ على الدولار الغاياني إلى ارتفاع سعر العملة وزيادة تكلفة الصادرات الأخرى، وقد يدفع ذلك إلى حدوث ركود، ويُعرف ذلك بظاهرة "المرض الهولندي"، وهي حالة اقتصادية لوحظت في هولندا بعد اكتشاف الغاز.

فقد يؤدي النمو السريع لقطاع واحد، وخاصة الموارد الطبيعية، إلى تدهور باقي القطاعات، وهذه هي المشكلة الرئيسة التي تواجه غايانا.

وأشار كاتب المقال إلى أن أفضل طريقة لتجنب هذه الظاهرة هي تنويع الاقتصاد والعمل على تضافر مقدّرات البلاد.

وأشاد كاتب المقال برؤية رئيس غايانا، محمد عرفان علي، ووصفه بأنه أكثر القادة ذكاءً في منطقة البحر الكاريبي؛ إذ يدرك الحاجة إلى التنويع مع الاتجاه إلى الاستثمار في بعض القطاعات الأخرى.

ففي عام 2022، نمت الزراعة بمعدل 10.9%، والنفط بنسبة 73.5%، والبوكسيت بنسبة 31.9%، والمعادن الأخرى بنسبة 35.3%، والخدمات بنسبة 7.6%، والبناء بنسبة 20.4%.

بالإضافة إلى ذلك، تستثمر الحكومة بحكمة عائدات النفط في الصحة والتعليم والبنية التحتية.

وفي عام 2012، بلغ عدد سكان غايانا 1.2 مليون شخص، ويتكون أغلبهم من 39% من شبه القارة الهندية و30% من الأفارقة، ويطغى التنافر بين هذه المجموعات.

لذا، أنشأ رئيس الدولة صندوق الثروة السيادي لاستثمار أموال المواطنين؛ إذ يدرك ضرورة توحيد الفئات المتباينة والسعي لتحقيق سياسة واحدة للبلاد؛ من أجل درء المرض الهولندي وتحقيق التقدم لجميع الفئات بغض النظر عن الاختلافات، على عكس الإدارات السابقة التي حاولت تقسيم المواطنين على أساس العرق.

ويعتقد كاتب المقال أن ذلك سيساعد على تجنب العقبات والتحديات المستقبلية، ومع استمرار العمل على الاتجاهات الحالية؛ فمن المتوقع أن ينمو الاقتصاد بمعدل 25% حتى عام 2027 على الأقل.

وبفضل السياسات السليمة والقيادة الفطنة، يمكن أن تصبح غايانا أغنى بلد في العالم، ونموذجًا يحتذى به لبقية منطقة البحر الكاريبي.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق