التقاريرتقارير الطاقة المتجددةتقارير دوريةرئيسيةطاقة متجددةوحدة أبحاث الطاقة

تحرير تصنيع الطاقة المتجددة من قبضة الصين يحتاج إلى 6 تريليونات دولار (تقرير)

وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين

اقرأ في هذا المقال

  • تكلفة الوصول للحياد الكربوني عالميًا تصل إلى 29 تريليون دولار
  • سيناريو عدم الاعتماد على الصين قد يرفع التكلفة إلى 35 تريليون دولار
  • الصين ضخّت حوافز ضخمة في تصنيع الطاقة المتجددة بعد الأزمة المالية عام 2008
  • قانون خفض التضخم الأميركي الأكثر سخاءً وقدرة على تحدّي الهيمنة الصينية
  • لا مفرّ من التعاون الدولي مع بكين، إلى جانب سياسات توطين التصنيع

تثير سيطرة الصين على تصنيع الطاقة المتجددة عالميًا مخاوف كبرى الاقتصادات المتقدمة -لا سيما في أوروبا والولايات المتحدة- بشأن تأمين سلاسل توريد مستقلة عن المنافس الآسيوي العملاق الذي يتحكم بمصادر الطاقة المستقبلية للأجيال المقبلة.

ورغم تصاعد الحديث في أعلى دوائر السلطة وصناعة القرار الغربي عن أهمية التحرر من سيطرة الصين على سلاسل توريد المعادن الأرضية النادرة من المنبع إلى المصب، فإن تكاليف هذا التحرر ما زالت باهظة للغاية، وتحتاج إلى سنوات طويلة.

ورجّح تقرير تحليلي حديث -اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة- التكلفة المحتملة لتحرير مسارات تحول الطاقة وتصنيع الطاقة المتجددة من هيمنة الصين بما يصل إلى 6 تريليونات دولار.

ويبلغ إجمالي الإنفاق الرأسمالي المطلوب للوصول إلى سيناريو الحياد الكربوني لدى شركة أبحاث الطاقة وود ماكنزي قرابة 29 تريليون دولار بين عامي 2023 و2050.

وإذا أراد العالم الوصول إلى الحياد الكربوني دون الاعتماد على سلاسل التوريد الصينية للطاقة المتجددة مطلقًا، فقد ترتفع التكلفة الإجمالية بنسبة 20% إلى 35 تريليون دولار.

الصين تحقق شروط السيطرة

تستند شركة أبحاث الطاقة وود ماكنزي في تقديرها لهذه التكلفة الإضافية إلى أن محاولات الابتعاد عن منتجات الطاقة النظيفة المصنّعة في الصين سيؤدي إلى زيادة في تكاليف الإنفاق الرأسمالي على جميع التقنيات النظيفة وما يرتبط بها بنسبة 20%.

وتحتاج أيّ دولة تريد فرض هيمنتها في مجال التكنولوجيا عامة إلى 3 متطلبات أساسية، هي: القدرة على إنتاج منتجات عالية الجودة، بالحجم الذي تحتاج إليه السوق، وبأسعار تنافسية، وهو ما حققته الصين إلى حدّ كبير على مدار أكثر من عقد.

وتهيمن الصين بصورة واضحة على قدرة تصنيع الطاقة المتجددة، إذ تصل حصتها في تصنيع أساسات طاقة الرياح إلى 60%، كما تصل حصتها في تصنيع رقائق الطاقة الشمسية عالميًا إلى 97%، إضافة إلى مبيعات الضخمة من السيارات الكهربائية، وإن كانت تقع خارج التصنيع، لكنها تُظهر اتّساع نطاق الهيمنة إلى ما وراء التصنيع.

على الجانب الآخر، نجحت الشركات المصنّعة لمكونات الطاقة المتجددة في الصين بالوصول إلى إنتاج هذه المكونات بتكلفة أقل يصعب على الأسواق المنافسة الرئيسة أن تصل إليها.

أمّا من حيث الجودة، فقد نجحت الشركات الصينية بتخطّي السمعة القديمة بأنها تنتج كميات كبيرة بجودة منخفضة، إذ تشير بيانات الأداء الحديثة إلى أن أفضل التوربينات والوحدات الشمسية وخلايا البطاريات تأتي من الصين، وتعمل بصورة جيدة، مثل المنتجات والمكونات الغربية، بحسب وود ماكنزي.

كيف أصبحت الصين مهيمنة؟

بدأ تفكير الصين في الاستحواذ على تصنيع الطاقة المتجددة عالميًا في وقت مبكر جدًا يعود إلى عام 2008، عندما اندلعت الأزمة المالية، إذ قدّمت بكين حزمة تحفيزات ضخمة بلغت 600 مليار دولار (4 تريليونات يوان صيني) لتشجيع التوسع في تصنيع التقنيات النظيفة، عبر إعانات سخية شملت تصنيع الطاقة الشمسية.

تصنيع الطاقة الشمسية في الصين
تصنيع الطاقة الشمسية في الصين - الصورة من وول ستريت جورنال

كما رحّبت الصين بالمصنّعين العالمين الرائدين في المجال، مثل شركات فيستاس الدنماركية وسيمنس إنرجي الألمانية وجنرال إلكتريك الأميركية، إضافة إلى شركات تكنولوجيا الطاقة الشمسية، للدخول في مشروعات مشتركة كبرى في البلاد من خلال اتفاقيات مشاركة التكنولوجيا وتوطينها للوصول إلى السوق المحلية.

وأسهمت هذه السياسة المبكرة بتعزيز مكانة الصين تدريجيًا في تصنيع الطاقة المتجددة وصولًا إلى عام 2013، إذ تمكنت بكين من قيادة تركيبات الطاقة المتجددة عالميًا.

كما أسهم إعلان الصين التزامها بالوصول إلى ذروة الانبعاثات بحلول عام 2030، في دفع خطط التوسع بالتصنيع والتركيبات بصورة متسارعة، مع تعزيز الثقة واليقين بانتقال البلاد بعيدًا عن الوقود الأحفوري.

وبينما تعمل الأسواق الأخرى على تخفيف أهداف الطاقة المتجددة، تشير تقديرات وود ماكنزي إلى أن الصين أضافت 230 غيغاواط من طاقة الرياح والطاقة الشمسية في عام 2023، أي أكثر من ضعف التركيبات في الولايات المتحدة وأوروبا مجتمعتين، باستثمارات بلغت 140 مليار دولار.

مبادرات الغرب لتخفيف هيمنة الصين

تزايدت درجة استجابة صنّاع السياسات في الولايات المتحدة وأوروبا للتهديد المتمثل في هيمنة الصين على تصنيع الطاقة المتجددة، وذلك عبر مبادرات عديدة أُطلقت خلال العامين الماضيين.

وكان قانون خفض التضخم الأميركي، المُقرّ في أغسطس/آب 2022، الأكثر عمقًا واستهدافًا لكسر الهيمنة الصينية على المدى الطويل، وذلك عبر حوافز ضريبية هي الأكبر في تاريخ الولايات المتحدة، وتتجاوز 370 مليار دولار.

وشمل القانون سياسات متعددة وتمويلًا محتملًا بقيمة 41 مليار دولار لتحفيز قدرات توطين الصناعة بصورة مباشرة، مع تقييد دخول المنتجات الصينية المنافسة عبر فرض رسوم جمركية كبيرة.

كما أقرّت أوروبا خلال العام الماضي قانون الصناعة خالية الكربون، مع التشديد على زيادة المكون المحلي بالصناعة في مواجهة واردات السوق الموحدة، بحسب ما ترصده وحدة أبحاث الطاقة دوريًا.

وتشمل أسواق التكنولوجيا النظيفة البارزة والمتنامية الأخرى كلًا من البرازيل والهند واليابان، حيث اتجهت هذه البلاد إلى تعزيز سياسات المحتوي المحلي في التصنيع أيضًا.

لا مفر من التعاون مع الصين

تعتقد وود ماكنزي أن العالم لا يمكنه تحمّل تكاليف تحول الطاقة دون الاعتماد على الصين بصورة أو بأخرى، خاصة بعد أن انخفضت تكاليف تصنيع الطاقة المتجددة خلال العقد الماضي إلى نطاق لم يكن متوقعًا في البداية.

وانخفضت تكاليف الطاقة الشمسية بنسبة 85%،كما تراجعت تكاليف البطاريات بنسبة 87%، أمّا طاقة الرياح فقد انخفضت تكاليفها بنسبة 43% خلال 10 سنوات أو أكثر قليلًا.

وكان توسّع الصين في قدرات تصنيع الطاقة المتجددة بقلب قصة انخفاض التكاليف عالميًا، ما يعني أنّ نزع بكين من معادلات تحول الطاقة والحياد الكربوني العالمية سيؤدي إلى قلب الطاولة وارتفاع التكاليف مرة أخرى بصورة باهظة.

إضافة إلى ذلك، فقد يستغرق اللحاق بحجم الإنتاج في الصين عبر المبادرات التصنيعية الموازية في العالم سنوات طويلة، ستؤخر عملية التحول العالمي المتعثرة عن جدولها الزمني الطموح.

وليس أمام العالم سوى الدخول في مسارات وسط تعتمد على التعاون الدولي بين الولايات المتحدة وأوروبا والصين من ناحية، إلى جانب تعزيز التوجهات الوطنية لتوطين تصنيع الطاقة المتجددة ومكوناتها، بحسب وود ماكنزي.

ويوضح الرسم التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- حجم استعمال المعادن الحيوية اللازمة لإنتاج ميغاواط من الكهرباء المتجددة:

استعمال المعادن الحيوية في الطاقة المتجددة

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق