مطورو الطاقة المتجددة في أميركا أمام ورطة جديدة بسبب الصين وروسيا
أسماء السعداوي
تتعدّى الطاقة المتجددة في أميركا مسألة توفير إمدادات كهرباء نظيفة، إلى كونها قاعدة انطلاق لمسيرة التحول الأخضر، وأداة تحقيق خطة تغيير ملامح مشهد الطاقة في أكبر اقتصاد بالعالم.
وأطلق قانون خفض التضخم الصادر خلال العام الماضي (2022) صافرة البدء لنشر تركيبات الطاقة المتجددة وزيادتها في أنحاء الولايات كافّة، ومنح مليارات الدولارات إلى الشركات في صورة إعفاءات ضريبية، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
لكن مطوري تلك المشروعات يواجهون صعوبة في إقامة محطات توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة وبطاريات تخزينها، نتيجة مشكلات في سلسلة التوريد، وهو ما أسفر عن تأخير انطلاق المشروعات وارتفاع تكلفتها، وفق تقرير نشرته وكالة رويترز.
وكانت أبرز المكونات تلك اللازمة لتصنيع محولات الجهد العالي التي ستربط مزارع طاقة الرياح والطاقة الشمسية وبطارياتها بشبكة الكهرباء، وهي حلقة ضرورية في سلسلة تحول الطاقة.
لكن بعض تلك المكونات يأتي من الصين، التي أغلقت مصانعها خلال جائحة كورونا، كما أسهمت حرب روسيا على أوكرانيا في تعقيد الأزمة التي لا يُتوقع حلها قريبًا.
أزمة الطاقة المتجددة في أميركا
تقول كبيرة محللي تخزين الكهرباء في شركة "وود ماكنزي" (Wood Mackenzie) للأبحاث، فانيسا ويت، إن مطوري مشروعات الطاقة المتجددة في أميركا ينتظرون لأوقات طويلة لتسلم محولات الكهرباء التي قد تساوي في وزنها وزن شاحنة كبيرة.
وخلافًا لمشكلة ارتفاع أسعار تلك المحولات، اضطر المطورون إلى طلب المعدات قبل إبرام الاتفاقيات التجارية المتعلقة ببيع الكهرباء من المشروعات، بحسب ويت.
ونتيجة لذلك، أصبح المطورون تحت رحمة مخاطرة كبيرة لإبرام كل الصفقات واستصدار الموافقات اللازمة لجعل المشروع قابلًا للاستمرار، مؤكدة: "الأمر محفوف بالمخاطر بصورة لا تُصدق".
ويوضح الرسم البياني التالي -أعدته منصة الطاقة المتخصصة- معلومات عن الطاقة المتجددة في أميركا:
ويقول الرئيس التنفيذي لشركة نوفا كلين إنرجي (Nova Clean Energy) ومقرها شيكاغو، بن برات، إن المدة اللازمة لتسلم محولات الكهرباء والمعدات الأخرى المرتبطة بها قفزت من 50 أسبوعًا قبل عام إلى 150 أسبوعًا حاليًا.
وأضاف: "علينا فقط أن نكون صرحاء وصادقين مع المتعهدين بشأن أثر تلك التأخيرات بينما نتقدم"، وذلك في إشارة إلى مشتري الكهرباء المتجددة.
وأوضح أنه من الناحية الواقعية لا يمكن تسليم الإمدادات في الموعد الأصلي المتفق عليه.
قانون خفض التضخم الأميركي
كان بعض كبار مطوري مشروعات الطاقة المتجددة في أميركا يكدسون محولات الكهرباء والمعدات ذات الصلة، ثم جاء قانون خفض التضخم الذي سرّع وتيرة الطلب عليها.
ويقول الرئيس التنفيذي لشركة سيليكون رانش (Silicon Ranch) لتطوير مزارع الطاقة الشمسية ريان فار، إنه كان من الممكن التنبؤ بهذا الوضع، لكن قانون خفض التضخم سرَّع وتيرة الأزمة التي كانت حاصلة بالفعل.
وأنفقت شركة سيليكون رانش أكثر من 100 مليون دولار لتخزين محولات الكهرباء ومجموعة مفاتيح الوصل والفصل الكهربائية، بحسب فار الذي أشار إلى أن المطورين الآخرين الذين لم يطلبوا تلك المعدات قبل الأزمة يدفعون مبالغ أكبر للحصول على المحولات الكبيرة، ويستغرق تسليمها 3 سنوات على الأقل.
ويقول كبير مسؤولي التجارة والمنتجات في شركة إنرجي فولت (Energy Vault) ومقرها سويسرا، التي تزوّد مطوري مشروعات الطاقة المتجددة في أميركا بالمعدات ماركو تيروزين، إن شركته بدأت وضع جداول زمنية أطول وتكاليف أعلى لمستلزمات تخزين الكهرباء.
كما أقر متحدث باسم شركة إيه إي إس (AES) بأن شركته قد خزّنت المعدات التي تحتاج إليها لإقامة مشروعات تخزين الكهرباء لتكفي حتى عام 2025.
بطاريات تخزين الكهرباء
طالت -أيضًا- المدة الزمنية اللازمة لتسليم مشروعات بطاريات تخزين الكهرباء والبطاريات، لتقليل حجم تقطع إمدادات الطاقة المتجددة في أميركا.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة سبيرمنت إنرجي (Spearmint Energy) لتطوير أنظمة تخزين الكهرباء أندرو وارانش، إن إنجاز تلك المشروعات يستغرق ما يتراوح بين 12 و18 شهرًا، وهو ما يزيد 6 أشهر عن السابق بسبب مشكلات سلسلة التوريد.
لكنه أشار إلى بعض التحسن، إذ سجل موعد التسليم نحو 100 أسبوع فقط.
وأُضيف رقم قياسي قدره ألف و510 ميغاواط من قدرات تخزين الكهرباء إلى الشبكة خلال الربع الثاني من هذا العام 2023، بحسب شركة وود ماكنزي والرابطة الأميركية للكهرباء النظيفة، إلا أن ذلك الرقم ما زال أقل من المتوقع بسبب أزمة سلسلة التوريد.
ومن المقرر إضافة 9 آلاف و400 ميغاواط من سعة تخزين الكهرباء إلى الشبكة خلال عام 2023 بأكمله، كما من المتوقع ارتفاع الرقم مجددًا ليصل إلى 30 ألف ميغاواط بحلول 2025، بحسب بيانات إدارة معلومات الطاقة.
موعد حل الأزمة
يقول مصنعون، إن شح المواد الخام أسهم في تأخير الإمدادات اللازمة لتصنيع محولات الكهرباء، كما من غير المحتمل حل المشكلة في القريب العاجل.
وأرجع رئيس شركة إم جي إم ترانسفورمر (MGM Transformer) لصناعة المحولات ومقرها كاليفورنيا، دوغ بانتي، الأزمة إلى محدودية إمدادات الفولاذ الكهربائي بسبب إغلاق المصانع خلال جائحة كورونا بالصين.
كما لفت إلى دور القيود على الصادرات الروسية بعد غزو أوكرانيا، التي أدت إلى تفاقم شح الإمدادات.
وتفاقمت -أيضًا- الفجوة بين العرض والطلب مع التوسع في مشروعات طاقة الرياح والطاقة الشمسية وبطاريات تخزين الكهرباء.
ويقول رئيس شركة نياغرا ترانسفورمر (Niagara Transformer) لصناعة المحولات ومقرها نيويورك، إن المنتجين الأميركيين كانوا بطيئين في زيادة قدرات الإنتاج بسبب ارتفاع التكلفة.
موضوعات متعلقة..
- هل تقلل الطاقة المتجددة في أميركا الشمالية الاعتماد على الوقود الأحفوري؟ (تقرير)
- الطاقة المتجددة في أميركا قد تضيف 619 غيغاواط بحلول 2030 (تقرير)
- تكاليف بناء الطاقة المتجددة في أميركا تواصل الانخفاض (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- أوروبا تحدد انبعاثات غاز الميثان بحلول 2030.. والجزائر وأميركا أبرز المتضررين
- مخزونات النفط الأميركية ترتفع 3.6 مليون برميل في أسبوع
- مخاطر نقص إمدادات الغاز قد تظهر في الشتاء.. وهذه شروط ارتفاع الأسعار
- سيمنس إنرجي تخسر 5 مليارات دولار بعد أزمة عيوب توربينات الرياح