التقاريرتقارير الطاقة المتجددةرئيسيةطاقة متجددة

معركة جديدة تستهدف طاقة الرياح الأوروبية بسبب التوربينات الصينية

شركة باسف الألمانية تقول إن المنتجات الصينية "أفضل وأرخص"

أسماء السعداوي

لم تكد طاقة الرياح الأوروبية تصحو من واقع تراجع حجم الاستثمارات والمنافسة ومشكلات التوريد، حتى صُدمت بتصريحات من داخل القطاع تقلل من جودة الصناعة المحلية، لصالح الصين التي أغرقت وارداتها الشمسية القارة في حرب تجارية باردة مازالت متأججة.

وقال رئيس شركة باسف الألمانية (BASF)، مارتن برودرمولر، في تصريحات صحفية الأسبوع الماضي، إن توربينات الرياح البحرية الصينية "أرخص وأفضل"، وإن جودتها في تحسّن، منتقدًا نظيرتها الأوروبية التي قال: إنها "انتهت بالفعل"، وفق ما طالعته منصة الطاقة.

وفي أول ردّ رسمي، أصدرت هيئة صناعة طاقة الرياح الأوروبية "ويند يوروب" (WindEurope) بيانًا صحفيًا اليوم 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، أعربت فيه "دهشتها البالغة" إزاء التصريح، مؤكدة أن توربينات الرياح الأوروبية "لا غنى عنها لتحقيق أمن الطاقة وأسعار الكهرباء التنافسية".

كما أكدت أن مطوري مزارع الرياح في أوروبا سعداء بالتوربينات الأوروبية التي قاموا بتركيبها، كما يرغبون في مواصلة الاستعانة بها.

وتحمل صناعة الرياح أهمية خاصة لأوروبا حاليًا؛ إذ تسعى للتخلص من أغلال الاعتماد على الغاز الروسي المزود الرئيس للقارة قبل حرب أوكرانيا؛ من أجل تحقيق أمن الطاقة واستقلالها، فضلًا عن الأهداف المناخية، وعلى رأسها الحياد الكربوني بحلول 2050.

ومؤخرًا، اعتمد الاتحاد الأوروبي أهداف رفع حصة الطاقة المتجددة إلى 42.5% بحلول عام 2030، مع العمل لرفع النسبة إلى 45%، ارتفاعًا من 32% فقط سابقًا.

لكن بيانات حديثة أصدرها مركز إحصاءات الاتحاد الأوروبي "يوروستات" (Eurostat) كشفت تراجع صادم في حجم صادرات صناعة الرياح الأوروبية، التي تراجعت بنسبة 59% في عام 2022، إلى 1.3 مليار يورو (1.4 مليار دولار) مقارنة بـ3.2 مليار يورو في 2021.

(اليورو = 1.09 دولارًا أميركيًا).

كما هوى حجم الاستثمارات في بناء مزارع رياح جديدة في 2022 إلى 17 مليار يورو، مقارنة بـ41 مليار يورو في 2021، وهو أدنى مستوى لها في 13 عامًا.

تزامن ذلك مع تدخّل عاجل من المفوضية الأوروبية التي اعترفت بأن صناعة الرياح الأوروبية تواجه تحديات فريدة، مقدِّمةً خطة إنقاذ من 6 خطوات لدعم الصناعة وحمايتها من أزمات الطلب وتباطؤ التراخيص وضغوط المنافسين وارتفاع معدلات التضخم وانخفاض أسعار الكهرباء بالعطاءات.

تصريحات رئيس باسف الألمانية

قال الرئيس والرئيس التنفيذي لشركة باسف (أكبر شركة كيماويات في العالم)، مارتن برودرمولر، إن توربينات الرياح البحرية الصينية ليست الأرخص فحسب، بل وأفضل من التي يُنتجها المصنّعون الأوروبيون، بحسب تقرير نشرته صحيفة (Frankfurter Allgemeine Zeitung) الناطقة بالألمانية.

وأضاف: "الصينيون تقنيًا أفضل منّا وأرخص أيضًا"، مؤكدًا أنه في مكانة تؤهله للحكم على الأمور؛ لأن شركته لا تبني مزارع الرياح في أوروبا بوساطة التوربينات الأوروبية فحسب، بل وتستعمل التوربينات الصينية بمزارعها في الصين أيضًا.

وأضاف: "من الواضح أن المصنّعين الصينيين يتفوقون على المنافسين الأوروبيين مثل سيمنس جاميسا (Siemens Gamesa)".

رئيس شركة باسف الألمانية مارتن برودرمولر
رئيس شركة باسف الألمانية مارتن برودرمولر - الصورة من "table.media"

وأشار إلى أن شركات تصنيع الرياح الصينية لديها المزيد لتقدِّمه، ليس بسبب الأسعار والدعم الحكومي، ولكن :"لقد أصبحوا ببساطة جيدين في التعامل مع منتجاتهم"، على حدّ قوله.

يتّسق موقف برودرمولر مع تصريحات سابقة أدلى بها في أكتوبر/تشرين الأول من عام 2019، والتي أكد فيها أن الصين سوق مهمة لشركته التي تعتمد على النمو المستمر للبلد الأسيوي، ومن المفيد لها توسيع رقعة أعمالها هناك، وفق تقرير نشرته وكالة أنباء شينخوا الصينية (Xinhua) واطّلعت عليه منصة الطاقة.

وقال -أيضًا-، إنه ينبغي على الألمان التخلّي عن الهجوم على الصين، و"النظر لأنفسنا قليلًا من منظور النقد الذاتي".

ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- حجم استثمارات طاقة الرياح في أوروبا حتى عام 2022:

استثمارات طاقة الرياح في أوروبا

هيئة صناعة طاقة الرياح الأوروبية

يقول بيان هيئة "ويند يوروب" الصادر اليوم، إن الاتحاد الأوروبي يستهدف تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، ولذلك رفع أهداف زيادة حصة الطاقة المتجددة من إجمالي مصادر الطاقة المستهلكة في أوروبا إلى 42.5% بحلول 2030.

وأضاف: "هذا يعني الحاجة لمضاعفة قدرات طاقة الرياح الأوروبية التي تزيد عن 200 غيغاواط حاليًا، إلى 420 غيغاواط بحلول ذلك الوقت"، مؤكدًا أن صُنّاع السياسات في الاتحاد أدركوا الأهمية البالغة لقطاع الرياح في تدعيم أمن الطاقة وضمان تقديم إمدادات كهرباء بأسعار تنافسية للمواطنين.

وأشار إلى أن أوروبا "قد بدأت للتو" تعافيها من الاعتماد الزائد على الغاز الروسي، ولا ينبغي لها الآن الوقوع في فخ اعتماد جديد على مورد وحيد لتوربينات الرياح.

واستشهد بتصريحات رئيسة المفوضية الأوروبية فون دير لاين، التي قالت: إن "مستقبل صناعة التقنيات النظيفة لدينا ينبغي أن يُصنع في أوروبا".

ويقول البيان الذي اطلعت عليه منصة الطاقة، إن تصنيع مكونات طاقة الرياح قصة نجاح أوروبية؛ إذ إن القارة هي ثاني أكبر موقع لتصنيع التوربينات عالميًا، وتحتضن على أراضيها منظومة صناعية ضخمة لمصنّعي ومورّدي توربينات الرياح في صورة 250 مصنعًا منتشرين بأنحاء القارة.

كما تُجَمَّع كل توربينات الرياح المركبة في أوروبا حاليًا، داخل القارة، وهذا دليل على جودة المنتج وتنافسية تصنيع توربينات الرياح الأوروبية، وفق ما ذكره البيان.

وفي أكتوبر/تشرين الأول المنصرم 2023، أصدرت المفوضية حزمة الرياح الأوروبية التي تنص على اتخاذ "خطوات فورية" لدعم صناعة الرياح "لضمان أن التحول إلى مصادر الطاقة النظيفة يسير جنبًا إلى جنب مع التنافسية الصناعية، وأن تواصل طاقة الرياح كونها قصة نجاح أوروبية".

ويقول بيان "ويند يوروب"، إن المفوضية الأوروبية ضاعفت التزاماتها تجاه القطاع، باقتراحها مجموعة خطوات تدعمه، واصفةً الحزمة بأنها ستغير قواعد اللعبة، وتعترف بالحاجة الملحّة للاستثمار في سلسلة توريد طاقة الرياح الأوروبية لزيادة قدرات إنتاج توربينات رياح جديدة.

وأضاف أن الحزمة تتضمن معايير بشأن التأهل المسبق للمشاركة بعطاءات الرياح لضمان الأمن السيبراني وحماية البيئة، والقدرة على إنجاز المشروع وفق الالتزامات، داعيةً الدول الأعضاء لسرعة تطبيقها والمشاركة بفاعلية في صياغة ميثاق طاقة الرياح المُعلن.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق