التقاريرتقارير الطاقة المتجددةتقارير دوريةرئيسيةطاقة متجددةوحدة أبحاث الطاقة

الطاقة المتجددة في إسبانيا تواجه شبح تقليص الإنتاج رغم طفرتها.. ما السبب؟

وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين

اقرأ في هذا المقال

  • انخفاض الطلب على الكهرباء يهدد إنتاج الطاقة المتجددة في إسبانيا
  • ازدحام الشبكات مشكلة متفاقمة في هولندا وكاليفورنيا وتكساس
  • توقعات بنمو الطاقة الشمسية في إسبانيا بنسبة 72% خلال 5 سنوات
  • المشروعات الهجينة واتفاقيات الشراء طويلة الأجل أبرز التوصيات

تتزايد مخاطر الطاقة المتجددة في إسبانيا مع انخفاض الطلب على الكهرباء منذ العام الماضي (2022)، ما يهدد الطاقة الشمسية والرياح ويعرّضهما لخطر تقليص الإنتاج وإهدار الفائض.

وتواجه مصادر الطاقة المتجددة الإسبانية رياحًا معاكسة على المدى القصير، بالرغم من التقدم الكبير الذي أحرزته خلال السنوات الأخيرة، وطموحات الاتحاد الأوروبي الواسعة لانتقال الطاقة وإزالة الكربون من قطاع الكهرباء، حسب تقرير حديث صادر عن شركة أبحاث الطاقة وود ماكنزي.

وعقدت وود ماكنزي دائرة مستديرة في العاصمة الإسبانية مدريد مؤخرًا -بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة- لمناقشة أسواق الكهرباء وتحليل التحديات التي تواجه سوق الطاقة المتجددة في إسبانيا، وأساليب تكيّف المشغّلين معها.

تراجع الطلب على الكهرباء

شهدت سوق الكهرباء في إسبانيا انخفاضًا في الطلب عبر الشبكة بنسبة 4% على أساس سنوي خلال النصف الأول من عام 2033، ما عرّض مشغّلي مشروعات الطاقة المتجددة لمخاطر التقليص المعروفة في القطاع.

وعادة ما يلجأ مشغّلو الشبكات إلى مطالبة منتجي الطاقة المتجددة بتقليص التوليد في الحالات التي ينخفض فيها الطلب على الكهرباء مع زيادة المعروض، وتسمى هذه الحالة "ازدحام أو اختناق الشبكة"، أي عدم قدرة خطوط الكهرباء على توصيل فائض الإمدادات.

وتظهر مشكلة ازدحام الشبكة بصورة أوضح في عديد من بلدان العالم المتسارعة نحو نشر الطاقة المتجددة، خاصة في أوروبا وأميركا وآسيا، حيث تعاني إسبانيا وهولندا وبعض الولايات الأميركية مثل كاليفورنيا وتكساس من هذه المشكلة بصورة متفاقمة عامًا بعد عام، بحسب ترصده وحدة أبحاث الطاقة بصورة دورية.

ويؤثّر انخفاض الطلب على الكهرباء بمشروعات الطاقة المتجددة في إسبانيا، لا سيما الطاقة الشمسية التي تواجه مشكلة مزدوجة، بسبب انخفاض الطلب اليومي بنسبة 4%، إلى جانب انخفاض الطلب بنحو 9% خلال ساعات الظهيرة التي تمثّل ذروة التوليد الشمسي في البلاد، بحسب تحليل بيانات النصف الأول من عام 2023، مقارنة بنظيرتها خلال عامي 2021 و2022.

أسباب تراجع الطلب على الكهرباء

أسهمت عوامل متنوعة بخفض الطلب على الكهرباء في إسبانيا خلال 2023، أوّلها اشتعال أسعار الطاقة بسبب تداعيات الحرب الأوكرانية خلال عامها الأول (2022)، ما أدى إلى حذر المستهلكين تجنبًا لدفع فواتير أعلى.

كما أدت سياسات خفض الطلب في الاتحاد الأوروبي دورًا في تقليل استهلاك الكهرباء، إضافة إلى عوامل الطقس المعتدل التي أدت لخفض الطلب بنسبة 0.7%، بحسب تقديرات وود ماكنزي.

وأسهمت زيادة الاعتماد على توليد الكهرباء من مشروعات الطاقة الشمسية الموزعة في خفض الطلب الإجمالي على الكهرباء عبر الشبكة، إذ تتميز المشروعات الموزعة بقدرتها على الإمداد خارج الشبكة، خلافًا للمشروعات المركزة الأكبر حجمًا والمتصلة بالشبكة.

تركيب ألواح شمسية على سطح منزل
تركيب ألواح شمسية على سطح منزل في إسبانيا -الصورة من net zero investor

وتشهد مشروعات الطاقة الموزعة نموًا استثنائيًا على مستوى إسبانيا خلال الأرباع الأخيرة، إذ تتزايد التركيبات الشمسية التجارية والسكنية بصورة هائلة، ما أدى إلى قفزة في الاستهلاك الذاتي للطاقة الشمسية على مستوى البلاد.

شبح تقليص إنتاج الطاقة الشمسية

تخشى شركة أبحاث وود ماكنزي من استمرار مخاطر تقليص إنتاج مصادر الطاقة المتجددة في إسبانيا لمدة أطول، ما يؤدي فعلًا إلى إهدار كميات كبيرة من الكهرباء القابلة للاستعمال، ويربك حسابات المنتجين، ويقلل من هوامش أرباح الصناعة.

كما تحذّر الشركة من القيود المفروضة على نظام نقل الكهرباء في إسبانيا، إذ تعاني الشبكة من اختناقات مستمرة تحدّ من قدرتها على استيعاب طفرة التوليد المتجددة في البلاد.

وتأتي هذه المخاوف في وقت تنمو فيه قدرة الطاقة الشمسية في إسبانيا بصورة سريعة، مع زيادة ذروة الإنتاج اليومي بنسبة هائلة بلغت 48% خلال العام الماضي (2022)، ما أدى إلى تراجع سعر الالتقاط بصورة كبيرة مع زيادة قدرة التوليد.

ويعنى سعر الالتقاط متوسط السعر الفعلي للكهرباء المنتجة، وعادة ما يُحسب بالمقارنة مع سعر الجملة، و الإعانات، وعمر المحطة، وخفض الانبعاثات، وعوامل أخرى، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

وتراجعت معدلات التقاط الطاقة الشمسية في إسبانيا إلى مستوى انخفاض جديد بلغ 65% من متوسط سعر السوق في أبريل/نيسان 2023، وهو ما لم يتحقق في أيّ سوق عالمية أخرى خلال العام الحالي.

وشهدت أسعار التقاط الكهرباء من الطاقة الشمسية انخفاضات ملحوظة على مستوى العالم، لكنها لم تقلّ عن 80% من متوسط سعر السوق خلال عام 2023، باستثناء إيطاليا خلال شهر مارس/آذار الماضي، بحسب بيانات مفصلة رصدتها وحدة أبحاث الطاقة.

وتتوقع وود ماكنزي نمو إنتاج الطاقة الشمسية في إسبانيا بنسبة 72%خلال السنوات الـ5 المقبلة، ما يرجّح تسجيل معدلات انخفاض أكبر على مستوى الأسعار.

وسائل تكيف المطورين في إسبانيا

يحاول أصحاب الأصول والمطورون لمشروعات الطاقة المتجددة في إسبانيا التكيف مع ظروف السوق وارتفاع التكاليف ومخاطر التقليص المستمرة عبر خيارات إستراتيجية متنوعة وأساليب فنية متخصصة.

ويمثّل تهجين المشروعات أول الخيارات التي يلجأ إليها المطورون في إسبانيا، وتعني إنشاء مشروعات هجينة تجمع بين طاقة الرياح والطاقة الشمسية، إلى جانب بطاريات التخزين في الموقع.

أعمدة طاقة متجددة هجينة
أعمدة طاقة متجددة هجينة - الصورة من natural power save

كما يعتمد المطورون وأصحاب الأصول على توقيع مزيد من اتفاقيات الشراء الطويلة الأجل مع المشترين لتقليل مخاطر تقلبات أسعار السوق وارتفاع التكاليف المستقبلية.

وتشهد اتفاقيات شراء الكهرباء من مشروعات الطاقة الشمسية في إسبانيا طفرة نمو واسعة تجاوزت جميع الأسواق الأوروبية الرئيسة في عام 2023، على الرغم من ضعف اتفاقيات الشراء الخاصة بطاقة الرياح.

كما يبحث مطورو مشروعات الطاقة المتجددة في إسبانيا تعزيز الاستفادة من فرص توجيه فائض الكهرباء إلى مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر المستخلص من الماء عبر محللات كهربائية تعمل بالطاقة المتجددة.

ويمكن لهذا الخيار أن يجنّب أصحاب المشروعات مخاطر تقليص الإنتاج في أوقات انخفاض الطلب وزيادة المعروض، مع إمكان تصريف الإنتاج الزائد إلى مشروعات الهيدروجين الأخضر، ما يحقق مصلحة متبادلة ويخفف الضغط على الشبكات -أيضًا-.

كما يتجه بعض المطورين إلى تنويع المحفظة الاستثمارية في مواقع أخرى على المستوى الدولي، إلى جانب تنويع المحفظة نفسها داخل السوق الإسبانية، ما يضمن توازن النتائج المالية النهائية للاستثمارات في حالة تعثّر بعض مشروعاتها في إسبانيا أو خارجها.

إلى جانب هذه الوسائل، تمارس الكيانات الممثلة للمستثمرين بالطاقة المتجددة في إسبانيا ضغوطًا متزايدة على صنّاع السياسات لدفعهم إلى تخصيص مزيد من الاستثمارات في الشبكات، إلى جانب المطالبة بالتعويض عن الإنتاج المُهدَر في حالة طلب التقليص.

ورغم كل هذه الرياح المعاكسة لمشروعات الطاقة المتجددة في إسبانيا، فإن الاستثمار فيها ما زال جاذبًا للغاية على المستوى التجاري، سواء على مستوى الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح، بحسب تحليل وود ماكنزي.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق