تقارير الغازرئيسيةغاز

باحث: الغاز الإسرائيلي ورقة ضغط على مصر.. ودولتان يمكنهما المساعدة

ياسر نصر

أكد باحث أول في مركز الخليج للأبحاث الدكتور عبدالرزاق غراف، أنه لا يمكن الفصل بين توقيت قطع الغاز الإسرائيلي عن مصر والضغوط التي تتعرّض لها القاهرة للقبول بمقترحات تل أبيب الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية.

وقال -في تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة-، إنه على الرغم من أن إسرائيل برّرت موقفها الراهن المرتبط بوقف صادرات الغاز نحو مصر بأنه إجراء احترازي وسط الحرب المتصاعدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فإن الحقيقة غير ذلك، فالواضح أن ما تعلنه إسرائيل ليس الدافع الوحيد.

وتوقفت صادرات الغاز الإسرائيلي إلى القاهرة مؤخرًا دون إعلان مسبق، وذلك بعد وقف الإنتاج من حقل تمار الذي يشكل 40% من إجمالي الإنتاج الاسرائيلي وسط تصاعد حرب غزة، في ظل مخاوف من استهدافه على غرار ما حدث عام 2014 عندما استهدفت عناصر المقاومة حقل الغاز بنحو 40 صاروخًا.

أهداف إسرائيل

شدد الباحث في مركز الخليج للأبحاث على أنه في ظل ما يُراد لمصر أن تتخذ من مواقف تجاه سيناريوهات أي تسوية محتملة للحرب الدائرة الآن، ورغبة إسرائيل في تصفية القضية الفلسطينية على حساب الأمن القومي ومصالح مصر الإستراتيجية عبر قبول الخيارات الإسرائيلية التي تراها مناسبة مستقبلًا وبخاصة ما يتعلق بتهجير نسبة من سكان القطاع إلى سيناء؛ كلها معطيات تزيد من إمكان ربط التطورات والضغوط الحاصلة على مصر في هذا الشأن بالقرار الإسرائيلي بوقف صادرات الغاز.

وتستورد مصر نحو 7 مليارات قدم مكعبة من الغاز الطبيعي سنويًا من حقلي تمار وليفياثان، إذ توفر هذه الكمية نحو 10% من استهلاك القاهرة، وتستعمله في تلبية الطلب المحلي، وتستقبل محطات الإسالة جزءًا من الغاز عبر خطوط الأنابيب وتصدّره إلى أوروبا في صورة غاز مسال.

وقال الدكتور عبدالرزاق غراف، في تصريحاته إلى منصة الطاقة، إن مصر ليست الدولة الوحيدة التي ستتأثر من جراء القرار الإسرائيلي، وإنما التأثر سيشمل أولًا إسرائيل نفسها، انطلاقًا من أن 60% من إجمالي الإنتاج الإسرائيلي من الغاز موجه إلى الاستهلاك الداخلي.

وأشار إلى تأثر إيرادات إسرائيل من صادرات الغاز إلى مصر التي بلغت عام 2022 نحو 1.5 مليار دولار، إذ إن 50% من إجمالي الإيرادات ستتأثر بصورة كبيرة بقرار الوقف، فضلًا عن تأثر بعض الدول المستهلكة للغاز الإسرائيلي الذي تستورده من محطات الإسالة المصرية (إدكو- دمياط).

وخلال النصف الأول من عام 2023، انخفضت صادرات مصر من الغاز المسال إلى 2.9 مليون طن من 3.9 مليون طن في عام 2022، بانخفاض 25% على أساس سنوي، ذهب غالبيتها إلى الأسواق الأوروبية.

صادرات الغاز الإسرائيلي إلى مصر

أمن الطاقة المصري

أوضح الباحث في مركز الخليج، أن اعتماد مصر على الغاز الإسرائيلي يحمل الكثير من التداعيات على أمن الطاقة في البلاد، خاصة في ضوء الضغوط المنتظرة على الأمن والاستقرار الاجتماعي، نتيجة لجوء الحكومة إلى زيادة مدة انقطاع الكهرباء خاصة أن إنتاج الكهرباء في مصر يعتمد بنسبة 77% على الغاز الطبيعي.

وقال في تصريحاته إلى منصة الطاقة: "تزيد هذه الضغوط في ظل غياب البدائل الجاهزة أمام مصر لتعويض الغاز الإسرائيلي، سواء منها المتعلقة بالبدائل الإقليمية أو حتى الداخلية المرتبطة بتراجع الإنتاج المصري وبخاصة في حقل (ظُهر)".

وتراجع إنتاج الغاز في مصر خلال أول 8 أشهر من 2023، بنسبة 10%، ما يعادل 560 مليون متر مكعب، مقارنة بالمدّة نفسها من 2022، إذ بلغ متوسط الإنتاج 5.06 مليار متر مكعب خلال المدة من يناير/كانون الثاني حتى نهاية أغسطس/آب الماضي، مقابل 5.62 مليار متر مكعب في المدة المقابلة من 2022.

وأوضح الدكتور عبدالرزاق غراف، أن اعتماد مصر في جزء من القطاعات المعول عليها لتحسين وضعها المالي وتحصيل العملة الصعبة على صادراتها من الغاز الإسرائيلي بعد إسالته سيزيد من حجم الضغوط على الاقتصاد المصري.

وكانت مصر قد أعلنت مؤخرًا عزمها استئناف صادرات الغاز المسال خلال أكتوبر/تشرين الأول، بعد توقف خلال فصل الصيف لتأمين الوقود اللازم لتشغيل محطات الكهرباء.

ونجحت القاهرة في تصدير 3 شحنات غاز مسال خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول (2023)، وفق بيانات اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، على الرغم من معاناة البلاد أزمة نقص وقود دفعت إلى زيادة عدد ساعات انقطاع الكهرباء في مختلف محافظات الجمهورية.

حلول لتفادي الأزمة

قدّم الباحث في مركز الخليج عددًا من المقترحات والحلول، منها ما هو قصير المدى وآخر طويل الأمد، من أجل تفادي مصر أزمة الغاز الإسرائيلي بما يمكنها من حماية أمن الطاقة لديها.

وقال: على المدى القصير، وفي ظل الظروف الإقليمية والدولية الراهنة ورغم تراجع نسبة الطلب العالمي على الغاز مقارنة بالسنة الماضية، فإنه من الصعب توفير بدائل يمكن الاعتماد عليها بصفتها حلًا دائمًا لسد حاجة مصر من الغاز، وهو ما يجبر مصر على فرض ترشيد الاستهلاك الداخلي مع إمكان اللجوء إلى قطر والجزائر بصفتهما دولتين شقيقتين يمكنهما المساعدة في تجاوز المصاعب الراهنة، رغم أن ذلك وحتى حال حصوله فإن أثره سيبقى نسبيًا نتيجة تزايد الضغوط على الدولتين لتعويض صادرات روسيا من الغاز إلى أوروبا.

وأضاف، على المدى البعيد فإن مصر أمام حتمية "التنويع" وإيجاد البدائل الإقليمية المضمونة حتى البعيدة عنها نسبيًا على غرار دول آسيا الوسطى، نظرًا إلى مخاطر الارتهان إلى طرف وحيد سيزيد من حجم مشروطيته على مصر وبخاصة في أثناء أوقات الأزمات المنتظر تجددها باستمرار في ظل عدم القدرة على تسوية القضية الفلسطينية على أساس "حل الدولتين".

وشدد على ضرورة الاستثمار في جهود النهوض بقطاع الطاقة في مصر، كونه السبيل الوحيد لتجاوز التوازنات الإقليمية والدولية المعقدة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق