لا مفر من سياسات دعم الهيدروجين حتى تصبح أسعاره مناسبة للمستهلكين (تقرير)

تتعرّض سياسات دعم الهيدروجين والطاقة المتجددة لانتقادات مَن يرونها مشروعات مستنزفة لأموال دافعي الضرائب، سواء على مستوى الإعانات المباشرة، أو الإعفاءات الضريبية طويلة الأمد.

وتستند جميع مشروعات الهيدروجين حول العالم إلى الإعانات الحكومية والتيسيرات الضريبية، لارتفاع تكاليفها بصورة باهظة بوصفها مشروعات ناشئة ما زالت تبحث عن بناء أسواقها العالمية.

وأظهر تقرير تحليلي حديث -اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة- ضرورة الاستمرار في سياسات دعم الهيدروجين، حتى يتمكن المنتجون من تقديم أسعار نهائية منخفضة إلى المستهلكين في المستقبل.

ورجّح التقرير، الصادر عن شركة الأبحاث وود ماكنزي، تجاوز أسعار الهيدروجين في أغلب المشروعات المقترحة 5 دولارات لكل كيلوغرام إذا تُركت دون دعم، ما سيؤدي إلى زيادة التكلفة على المستهلك النهائي.

ولا يمكن لهذا السعر أن يكون مناسبًا لتشجيع المستهلكين النهائيين في قطاعات النقل والصناعة والمنازل للتخلّي عن الوقود الأحفوري لصالح الوقود الأخضر، ما دفع العديد من حكومات العالم إلى إعلان سياسات دعم الهيدروجين بصور مختلفة.

دعم الهيدروجين يتجاوز 280 مليار دولار

تضاعف حجم الدعم المعلن لمشروعات الهيدروجين منخفض الكربون في العالم 4 مرات، خلال العامين الماضيين، ليصل إلى 280 مليار دولار حتى النصف الأول من 2023.

واستحوذت الولايات المتحدة وحدها على أكبر حزمة من الدعم المعلن لمشروعات الهيدروجين خلال الأعوام الـ10 المقبلة، بحصّة 49% من الإجمالي العالمي، أو ما يعادل 137 مليار دولار، بحسب تقديرات منصة بلومبرغ نيو إنرجي فايننس المتخصصة.

ويوضح الرسم التالي -أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- خريطة الدول المرشحة لإنتاج الهيدروجين في العالم:

أمّا قارة أوروبا فقد استحوذت على 27% من إجمالي دعم الهيدروجين المعلن عالميًا، تليها منطقة آسيا والمحيط الهادئ التي تستحوذ على 4% فقط من الدعم، وأغلبه موجّه إلى عمليات البحث والتطوير والابتكار.

ورغم صعود سياسات دعم الهيدروجين في عدّة دول، فإن البلدان التي لديها إستراتيجية للهيدروجين لا تتعدى 44 دولة، في حين تعمل 35 دولة أخرى لبناء خططها غير المعلنة بعد، وفقًا لتقرير بلومبرغ نيو إنرجي.

تكلفة إنتاج الهيدروجين

تطمح الحكومة الأميركية عبر حوافز قانون خفض التضخم إلى تقليل تكلفة إنتاج الهيدروجين لدولار واحد لكل كيلوغرام خلال 10 أعوام، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

ويحتوي قانون خفض التضخم الأميركي أغسطس/آب 2022 على أكبر حزمة إعفاءات ضريبية لمشروعات الطاقة المتجددة في تاريخ البلاد، بما يتجاوز 370 مليار دولار.

ويضم القانون قسمًا للإعفاءات الضريبية الخاصة بدعم مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر "45V"، في حين يضم قسمًا آخر "45Q" لدعم مشروعات إنتاج الهيدروجين الأزرق المستعملة لتقنيات احتجاز الكربون وتخزينه.

ويُطلق على الهيدروجين المنتج عبر حرق الغاز الطبيعي أو الفحم، الهيدروجين الأزرق، إذا صاحبَ عمليات حرقه استعمال تقنيات احتجاز الكربون، في حين يُوصف بالرمادي إذا أُنتج دون مصاحبة هذه التقنية.

على الجانب الآخر، يمكن إنتاج الهيدروجين من الماء عبر محللات كهربائية تعمل بكهرباء مولدة من الطاقة النووية، أو من مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ويُرمز له في الحالة الأولى بالأصفر، والثانية بالأخضر.

وتمثّل تكلفة صناعة المحللات الكهربائية أحد العوامل الرئيسة في تحديد التكلفة النهائية لمشروعات التحليل الكهربائي لإنتاج الهيدروجين الأخضر أو الأصفر، في حين تمثّل تكلفة تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه عنصرًا رئيسًا في تحديد جدوى مشروعات الهيدروجين الأزرق، بحسب ما ترصده وحدة أبحاث الطاقة دوريًا.

وتراوحت تكلفة الهندسة والمشتريات والبناء للمحلل الكهربائي في عام 2022 بين 1700 دولار و2000 دولار لكل كيلوواط، بزيادة 9% عن متوسط التكلفة الرأسمالية عام 2021، حسب تقرير صادر عن وكالة الطاقة الدولية في سبتمبر/أيلول 2023.

منهجيات تقييم جدوى المشروعات

مع استمرار نمو سوق الهيدروجين، هناك العديد من العوامل الرئيسة التي تحدد الجدوى المالية لمشروعاته في العالم، بحسب شركة أبحاث وود ماكنزي التي طورت تحليلًا فنيًا يستند إلى بيانات السوق التاريخية لتحديد الاتجاهات والأنماط وبناء منهجية شاملة لتحليل أساسيات السوق، وفقًا لظروفه الناشئة.

وحاولت وود ماكنزي دراسة الخيارات المنهجية المتاحة لتحليل سوق الهيدروجين، لتنتهي إلى أن الخيار القابل للتطبيق هو منهجية "التكلفة الهامشية للإنتاج".

وتعتمد هذه المنهجية على الجمع بين التكاليف المرتبطة بطرق إنتاج الهيدروجين، وتكاليف الإزاحة المرتبطة بالاستبدال المحتمل لنظام الطاقة، أو التقنيات الحالية بالهيدروجين.

ويمكن لتكلفة الاستبدال أن تصل إلى 5 دولارات للكيلوغرام في قطاعات مثل الحديد والصلب، إذا طُبِّقت على هذه القطاعات ضرائب الكربون، في حين يُتوقع وصول هذه التكلفة إلى 3 دولارات في قطاع النقل.

ويشير هذا التحليل إلى أن حوافز دعم الهيدروجين الحكومية ستؤدي دورًا رئيسًا في تعزيز جدوى مشروعات الهيدروجين ذات التكاليف العالية، كما ستؤثّر الحوافز في اقتصادات المشروعات ومسارات أسعارها المحتملة لمدة معينة على الأقلّ، بحسب وود ماكنزي.

ويوضح الرسم التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- خريطة أكبر 11 مشروعًا لإنتاج الهيدروجين الأخضر عالميًا حتى سبتمبر/أيلول 2023:

وتختلف صيغ الحوافز الحكومية المقترحة لدعم الهيدروجين والطاقة المتجددة في العالم، من أبرزها شيوعًا الائتمان الضريبي للإنتاج "PTC"، والائتمان الضريبي للاستثمار "ITC"، وعقود الفروقات السعرية "CFD".

وتعتمد أوروبا بصورة أكبر على عقود الفروقات، في حين تعتمد الولايات المتحدة على طريقة الائتمان الضريبي للإنتاج، ما يجعلها أكثر جاذبية للمنتجين والمستثمرين الباحثين عن عوائد استثمار أعلى في قطاع ناشئ.

وتتوقع شركة الأبحاث تطوّر مناهج تحليل الأسعار، مع استمرار زخم سوق الهيدروجين الناشئ عالميًا، وتحوّله إلى مراحل النضج.

موضوعات متعلقة..

• وكالة الطاقة الدولية: تباطؤ الدعم الحكومي يهدد مشروعات الهيدروجين منخفض الكربون
• 5 تطورات في سوق الهيدروجين العالمية يحتاج المستثمرون إلى ملاحظتها (تقرير)
• إنتاج الهيدروجين العالمي يبلغ 95 مليون طن.. و3 أسواق تقود المشروعات المقترحة

اقرأ أيضًا..

• هل تضرب إسرائيل منشآت إيران النفطية.. وما أزمات بايدن الـ3؟ (تقرير)
• تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز في الإمارات يحتاج إلى 40 مليار دولار (تقرير)
• خريطة توقعات إنتاج الغاز الطبيعي حتى 2026.. كم يستحوذ الشرق الأوسط؟