تقارير الطاقة المتجددةرئيسيةطاقة متجددة

الألواح الشمسية العائمة تشعل ثورة عالمية في الكهرباء الخضراء

بقيادة أوروبية

محمد عبد السند

اقرأ في هذا المقال

  • تمتلك هولندا أكبر سعة ألواح شمسية عائمة مركبة في عموم أوروبا
  • بلغت السعة المركبة للطاقة الشمسية العائمة عالميًا 4 غيغاواط تقريبًا خلال عام 2022
  • تستحوذ أنظمة الألواح الشمسية العائمة على اهتمام عالمي متزايد لدورها في تعزيز الأمن المائي
  • تُظهر الدراسات العلمية أن الألواح الشمسية العائمة تُحسّن جودة المياه عبر خفض معدلات تكاثر الطحالب

تتزايد الرهانات عالميًا على دور الألواح الشمسية العائمة في إشعال ثورة في قطاع الطاقة المتجددة، وتعزيز الأمن المائي للدول، ووضعها على مسار النمو السريع عبر استغلال المواقع الصناعية غير المُستعمَلة في تعزيز معدلات توليد الكهرباء النظيفة التي لا غنى عنها للتنمية المستدامة.

وتبرز تلك التقنية حلًا واعدًا لمعضلة انبعاثات غازات الدفيئة التي ألزمت الحكومات بالبحث المستمر عن مصادر الطاقة البديلة والمتجددة، وجعلت إنجاز تلك المهمة أكثر أهمية من أيّ وقت مضى، وفق تقارير جمعتها منصة الطاقة المتخصصة.

وفي ضوء تلك المعطيات، يطرح مطوّرو صناعة الطاقة الشمسية في أوروبا وآسيا وأميركا الشمالية أساطيل من الألواح الشمسية العائمة التي أظهرت نتائج مذهلة وضعتها في تنافسية مع نظيرتها من الألواح الشمسية التقليدية المثبتة على اليابسة.

آفاق واعدة

من الممكن تحويل حفرة قديمة لاستخراج الفحم إلى "محطة كهرباء خضراء" عند تغطيتها بأنظمة ألواح شمسية عائمة، وفق ما أوردته شبكة "بلومبرغ".

وتمتلك تلك التقنية، التي تُعرف -أيضًا- بالأنظمة الكهروضوئية العائمة، أو المحطات الشمسية العائمة، القدرة على استبدال الكهرباء المولدة بالمصادر المتجددة بالوقود الأحفوري في مجتمعات معينة.

كما تُعدّ التقنية جزءًا من الجهود الرامية لتوسيع الأسطح التي تمتص أشعة الشمس، مع تقليل مساحات الأراضي اللازمة لإنشاء محطات الطاقة الشمسية التقليدية.

ويمكن وضع الألواح الشمسية العائمة على خزانات المياه والبحيرات أو أيّ مسطحات مائية اصطناعية أخرى، وفق إدارة معلومات الطاقة الأميركية.

وتستطيع هذه الألواح الشمسية العائمة، عند نشرها، الإسهام في المحافظة على المياه، عبر خفض كمية التبخر.

نمو مذهل

قال المدير التنفيذي للطاقة الشمسية في شركة "بايوا آر.إي" Baywa r.e -واحدة من أكبر مطوري الطاقة المتجددة في أوروبا ومقرها مدينة ميونيخ الألمانية- بنديكت أورتمان: "يعرف كل طفل أن الكهرباء والماء لا يختلطان".

وحينما رَكّبت "بايوا آر.إي" أول مجموعة من الألواح الشمسية في عام 2018، انطلقت بعدها لتركّز على تركيب الألواح الشمسية التقليدية.

لكن، وبعد مضي 5 أعوام، تحولت "بايوا آر.إي" إلى أكبر مُنتج للألواح الشمسية العائمة في عموم أوروبا.

وبينما مثّلت الألواح الشمسية العائمة أقلّ من 1% من جميع الألواح الشمسية المركبة عالميًا في العام الماضي (2022)، نما استعمالها بأكثر من 2000% في العقد الماضي.

ويتزايد تركيب تلك الألواح الشمسية العائمة على المسطحات المائية في حفر استخراج الفحم والمحاجر السابقة، وكذلك في بحيرات الطاقة الكهرومائية.

سيدة تقف على محطة شمسية عائمة
سيدة تقف على محطة شمسية عائمة - الصورة منdualports.eu

عوامل محفزة

لعل أحد العوامل الدافعة لهذا التحول هو تنامي استعمال الألواح الشمسية على الأسطح في أوروبا على مدار العقدين الماضيين؛ ما أوجد ضغوطًا ناتجة عن ضرورة إيجاد عقارات جديدة لتوليد الكهرباء المتجددة.

كما أن الجهود اللاحقة لبناء محطات طاقة شمسية في المناطق الريفية تعقّدت نتيجة معارضة المزارعين والسكان المحليين لتركيب الألواح الشمسية، زاعمين أنها تشوّه المناظر الطبيعية في المناطق التي يقطنونها.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة "بايوا آر.إي" ماتياس تافت: "الزراعة ما تزال تنظر إلى الألواح الشمسية على أنها تهديد وجودي".

لكن الألواح الشمسية العائمة تقضي على تلك المشكلة، بل ولديها القدرة على الإسهام في أن تدبّ مظاهر الحياة بالمواقع المهمَلة.

وفي هذا الصدد أوضح تافت: "معظم حُفر الرمال والحصى لم تعد تُستعمَل".

وركّبت شركة "بايوا آر.إي" ألواحًا شمسية عائمة قادرة على توليد نصف غيغاواط من الكهرباء في أوروبا وآسيا، وهي تعكف الآن على تقييم مواقع جديدة في أميركا الجنوبية لتركيب تلك الألواح فيها.

ويلامس إجمالي سعة الألواح الشمسية العائمة التي ركّبتها الشركة في الوقت الراهن 28 غيغاواط، وهي ذروة إنتاج تعادل عددّا قليلًا من المفاعلات النووية.

وتتوقع "بايوا آر.إي" أن ترتفع تلك السعة بواقع 3 أضعاف بحلول أواسط العقد الحالي (2025).

مناطق صناعية غير مستعمَلة

لسدّ الطلب المتصاعد على الألواح الشمسية العائمة، تستكشف الحكومات والشركات والمرافق الأوروبية المناطق الصناعية غير المُستعمَلة؛ بحثًا عن مسطحات مائية متاحة.

وتتصدر قائمة تلك المسطحات المائية البرك والبحيرات التي لا تجتذب الكثير من الزوّار، والتي لديها مستويات ثابتة من المياه لا تتلاشى تحت الثلوج في فصل الشتاء.

كما يبرز الوصول إلى البنية التحتية والقرب المكاني من التجمعات السكانية عاملًا أساسيًا كذلك.

وفي هذا الصدد، قالت المحللة "في وحدة "بلومبرغ إن إي إف" جيني تشيس: " الآن القيد الرئيس الذي يعرقل عملية بناء الطاقة الشمسية في أوروبا هو نقص الأماكن التي تتيح توصيلًا سهلًا بالشبكة، وتراخيص استعمال الأراضي لهذا الغرض".

عمال يركبون ألواحًا شمسية عائمة
عمّال يركّبون ألواحًا شمسية عائمة - الصورة من ae-solar

أوروبا والمستقبل الأخضر

وفق الأرقام الصادرة عن البنك الدولي، يمكن أن تُغطي أوروبا ما لا يقلّ عن 7% من استهلاكها السنوي من الكهرباء عبر نشر ألواح شمسية عائمة على 10% فقط من أسطح البحيرات الاصطناعية.

وإذا وُسِّعَ نطاق ذلك عالميًا، سترتفع كمية الكهرباء المولدة إلى 5.211 تيراواط/ساعة/سنويًا، ما يزيد على كميات الكهرباء المستهلكة سنويًا في الولايات المتحدة الأميركية، صاحبة الاقتصاد الأكبر في العالم.

وطرحت النمسا، التي تحتضن مصفوفة من أكبر الألواح الشمسية العائمة في أوروبا، برامج دعم خاصة لتلك الألواح، إلى جانب مشروعات جديدة أخرى تجمع بين عملية توليد الكهرباء وبين هدف بيئي أو زراعي.

وتُظهر الدراسات العلمية أن الألواح الشمسية العائمة تُحسّن جودة المياه، عبر خفض معدلات تكاثر الطحالب.

ويمكن أن تساعد الألواح الشمسية -أيضًا- على توفير المياه خلال أوقات الجفاف، عبر تقليص كمية التبخر.

وقالت وزيرة المناخ والطاقة النمساوية ليونور غيفيسلر، إنه يتعين أن تكون الدول الصغيرة "ذكية" فيما يتعلق باستحداث الحلول الإبداعية لتوليد الكهرباء النظيفة.

وتمتلك هولندا أكبر سعة ألواح شمسية عائمة مركبة في عموم أوروبا، كما يزداد الزخم في هذا القطاع في بلدان إيطاليا، والبرتغال، وسويسرا، والمملكة المتحدة.

وتبرُز أول محطة طاقة شمسية عائمة في النمسا -تقع في جزيرة غرافينويرث غرب العاصمة فيينا- نموذجًا لما قد يبدو عليه المستقبل الأخضر.

وطُوِّرت المحطة التي كانت محجرًا في السابق، بوساطة شركة "بايوا آر.إي." ومرفق الكهرباء المحلي "إي في إن إيه جي" وسلطات البلدية.

وبعد عامين من التخطيط، لم يحتج العمال سوى لشهرين لتركيب ألواح سعة 24.5 ميغاواط، ودخلت المحطة المحاطة بالأراضي الزراعية حيز التشغيل في فبراير/شباط (2023).

وتُغطي الألواح الشمسية العائمة البالغ عددها 45 ألف وحدة، والتي تغذّي غرافينويرث بالكهرباء مساحة تعادل 20 ملعب كرة قدم، وهي تُولّد كهرباء في الأيام المشمسة، تكفي لسدّ احتياجات 7.500 منزل من تلك السلعة الإستراتيجية.

وهناك إمكانات إضافية تكمن في مئات البرك المنتشرة بالسهول الفيضية لنهر الدانوب، التي صُنِعت نتيجة استخراج الرمال عالية الجودة.

وقال المسؤول في شركة إي بي نيو إنرجي جي إن بي إتش EP New Energies GmbH دومينيك غويلو، إن مناطق الفحم القديمة تُعدّ مثالية لتلك التقنية.

ويشرف غويلو على جهود تحويل منجم الفحم السابق كوتباسر أوستي في ألمانيا، إلى مستودع أخضر سعة 29 ميغاواط.

ومن المتوقع أن يصبح المشروع، فور إنجازه خلال العام المقبل (2024)، أكبر محطة شمسية عائمة توليدًا للكهرباء في أوروبا.

قيود تعرقل المسيرة

رغم تزايد كمية الكهرباء المولدة بمحطات الطاقة الشمسية العائمة بأعلى من الضعف سنويًا، لا تتوقع شركة "بايوا آر.إي" أن تنطلق سوق الألواح الشمسية العائمة انطلاقًا كاملًا بعد.

فما تزال هناك القيود البيروقراطية وتقييم التراخيص البيئية التي يمكن أن تستغرق وقتًا أطول من الألواح الشمسية المركبة على اليابسة.

ومع ذلك، فإنه مع حلول عام 2025، سيكون أمام السلطات التنظيمية الوقت الكافي للتعرف الكامل على تلك التقنية الناشئة، لتشرع حينها في منح مزيد من التراخيص الخاصة بتركيب الألواح الشمسية العائمة، وفق توقعات الشركة.

وما إن تُمنح التراخيص، ستتسارع وتيرة التطور في تلك الصناعة.

ويستغرق 50 عاملًا يومًا واحدًا لتركيب سعة كهرباء جديدة قدرها 1.5 ميغاواط على مياه محجر سابق في النمسا.

محطة شمسية عائمة
محطة شمسية عائمة - الصورة من olarpowerinvestor

مزايا ذهبية

تستحوذ أنظمة الألواح الشمسية العائمة على اهتمام عالمي متزايد، ليس لقدرتها على توليد الكهرباء النظيفة، وانعدام حاجتها إلى مساحات من اليابسة فحسب، بل لدورها الحاسم -كذلك- في تعزيز الأمن المائي بفضل المحافظة على مستويات المياه عبر منع التبخر.

ويرتكز مفهوم الألواح الشمسية العائمة على البساطة؛ إذ إنها لا تحتاج إلّا لتثبيتها على طوافات؛ كي تتمكن من الطفو فوق سطح المياه، ومن ثم فهي لا تحتاج نهائيًا لمساحات من الأراضي التي يمكن استغلالها -بدلًا من ذلك- لأغراض أخرى مثل الزراعة أو البناء.

الميزة الأخرى المهمة المقترنة باستعمال الألواح الشمسية العائمة تتمثل في كونها مُحكمة الغلق؛ ما يقلّص درجة التبخر التي قد تصل إلى الصفر -تقريبًا-، ومن ثم ويفتح نافذة أمل للمناطق التي تضربها موجات الجفاف من آن لآخر.

ولدى تلك الألواح الشمسية العائمة القدرة –كذلك- على الاستفادة من رطوبة المياه التي تمنحها فرصة لتوليد مزيد من الكهرباء تتجاوز نظيرتها المولدة من الألواح الشمسية المثبتة على اليابسة، التي سرعان ما تفقد قدرًا كبيرًا من كفاءتها عند تجاوز سخونتها الحدّ الطبيعي.

سوق عالمية رائجة

في العام الماضي (2022)، لامست قيمة سوق الألواح الشمسية العائمة ما إجمالي قيمته 35.4 مليار دولار أميركي، وفق تقديرات تضمنها تقرير منصة "غلوب نيوزواير" GlobeNewswire البحثية.

ومن المتوقع أن تُسجل سوق الألواح الشمسية العائمة نموًا كبيرًا، إلى ما قيمته 180.68 مليار دولار بحلول نهاية العقد الجاري (2030)، بمعدل نمو سنوي مركب 22.6% خلال مدة التوقعات التي تمتد من العام الجاري (2023) إلى عام 2030، وفق التقرير الذي طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

السعة العالمية

قدّر تقرير صادر عن شركة الأبحاث العالمية الرائدة وود ماكنزي في 24 مايو/أيار (2023) سعة الطاقة الشمسية العائمة العالمية بأكثر من 6 غيغاواط سنويًا بحلول عام 2031.

وبلغت السعة المركبة للطاقة الشمسية العائمة عالميًا قرابة 4 غيغاواط خلال عام 2022، حسب التقرير.

وأظهرت توقعات "وود ماكنزي" صعودًا نسبته 15% في معدل النمو السنوي المركب لسعة الطاقة الشمسية العائمة عالميًا حتى نهاية عام 2031.

ومن المرجح أن تتخطى 15 دولة حاجز 500 ميغاواط من تركيبات الطاقة الشمسية العائمة التراكمية بحلول عام 2031، حسب معلومات جمعتها منصة الطاقة المتخصصة.

يُشار إلى أن دول: إندونيسيا، والهند، والصين، قد استأثرت بنحو 70% من إجمالي الطلب على الطاقة الشمسية العائمة خلال العام الماضي (2022).

من جهته، يرى المحلل في وود ماكنزي، تينغ يو أنه رغم التكاليف المرتفعة المقترنة بتطوير محطات الطاقة الشمسية العائمة بنسبة تتراوح بين 20% و50%، مقارنةً بالمشروعات المماثلة على اليابسة، فإن زيادة القدرة التنافسية لدى المطورين تؤدي دورًا حاسمًا في هبوط التكاليف.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق