رئيسيةالتقاريرتقارير النفطنفط

النفط الأميركي.. 5 متغيرات تؤثر في توازن مستويات الإنتاج وازدهار الصناعة

هبة مصطفى

يطمح منتجو النفط الأميركي والقائمون على الصناعة للحفاظ على مستويات الازدهار والطفرة الإنتاجية، خاصة من حوض برميان، التي انعكست مؤخرًا على الوظائف والأجور، في حين كانت شركات النفط المستفيد الأبرز من هذه الطفرة الكبيرة من خلال جنيها المكاسب والأرباح الطائلة.

لكن يبدو أن هناك مخاوف تسيطر على المحللين حول كيفية الحفاظ على حالة الزخم الدائرة، حتى لا يتكرر السيناريو السابق بتأرجح مستويات الإنتاج بين الازدهار والانحدار.

وبينما تتطلع الصناعة للوصول إلى مستوى ثابت من "اعتدال" الإنتاج وتوازنه رغم العوامل المحيطة بالأسواق، حددت مراسلة الإذاعة الوطنية الأميركية كاميلا دومونوسكي في مقالها المنشور بالموقع الإلكتروني إن بي آر (NPR) 5 عوامل مؤثرة في ثبات إنتاج النفط الأميركي، تستعرضها منصة الطاقة المتخصصة خلال التقرير أدناه.

1) أسعار النفط:

مع تزايد إنتاج النفط الأميركي، لا سيما من حوض برميان، حققت الشركات والمنتجون أرباحًا ضخمة سمحت بزيادة معدلات التوظيف ومنح العمال مستويات أجور مرتفعة.

وقفزت أسعار النفط إلى ما يزيد عن 100 دولار للبرميل، خلال العام الماضي (2022) في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، ما أنعش خزائن المنتجين.

جانب من عمليات تطوير إنتاج النفط الأميركي في حوض برميان
جانب من عمليات تطوير الإنتاج في حوض برميان - الصورة من CNBC

واستمرارًا لحالة تقلّب الأسواق، تراجعت الأسعار، لكنها حافظت على مستوى يرتفع عن مستويات ما قبل جائحة كورونا؛ ما شكّل مصدر إغراء للمنتجين بحفر المزيد من الآبار وزيادة الإنتاج والأرباح.

وفي الآونة الحالية، استقرت الأسعار عند مستوى يسمح بالتوسع في حفر الآبار وزيادة الإنتاج، وفقًا لنتائج دراسة حديثة ربطت قدرة منتجي النفط الأميركي في حوض برميان على الحفر ببلوغ سعر برميل خام غرب تكساس الوسيط 61 دولارًا، وهو معدل ينخفض عن أسعار الخام المعلنة.

2) معدل الحفر:

يبدو أن منتجي النفط في أميركا اتخذوا مؤخرًا منهجًا مختلفًا عن ذي قبل بالحفاظ على معدلات الحفر في نطاق "معتدل"، ولم ينخرطوا في زيادة أعداد المنصات كعادتهم باقتناص فرص المكاسب خلال الأحداث الكبرى في العالم، ما أسهم باستمرار تزايد الإنتاج في حوض برميان رغم تقلبات الأسعار.

ويختلف النهج الحالي للشركات المنتجة عن اتجاه ما قبل انتشار جائحة كورونا، إذ كان المنتجون يزيدون الحفر والإنتاج أملًا في حصد مكاسب أكبر، وفق المسؤولة عن ملف الطاقة الأميركية لدى شركة "كيه بي إم جي" الدولية آنجي غيلديا.

وللدلالة على اختلاف منهج تعامل منتجي النفط الأميركي، قارن مقال كاميلا دومونوسكي بين عدد منصات الحفر العاملة في حوض برميان خلال أوقات أسعار النفط المرتفعة ومؤثرات الأسواق الكبرى (المقدّرة بنحو 500 حفّارة)، وبين استقرارها حول نطاق 300 حفارة العام الماضي 2022، رغم تجاوز أسعار الخام 100 دولار للبرميل في بعض الأحيان.

وتكمن معضلة الاندفاع نحو زيادة عدد المنصات ونشاط الحفر، ومن ثم ارتفاع إنتاج النفط الأميركي، في كيفية التعامل مع فائض المعروض الذي يدفع مع مرور الوقت باتجاه هبوط قوي للأسعار.

وسواء كانت القيود الإنتاجية للخام العام الماضي حتى الآن متأثرة بتغيير منهجي لدى المنتجين، أو بتعطّل سلاسل التوريد، يبقى ثبات نشاط الحفر عاملًا محفزًا قويًا للحفاظ على إنتاج النفط في مستوى متوسط وثابت بين الازدهار والانحدار

وربما أدّى المستثمرون دورًا مهمًا في "ضبط" وتوازن مستويات إنتاج الخام في أميركا، بالضغط على شركات النفط، لتقديم إعادة توزيعات الأرباح بصفتها أولوية تفوق زيادة نشاط الحفر.

ويرصد الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- تطور إنتاج الخام الأميركي منذ عام 2019 حتى العام الجاري 2023:

إنتاج النفط الأميركي

3) تحالف أوبك+:

يتوافق "اعتدال" إنتاج النفط الأميركي مع ما يسعى إليه تحالف أوبك+ طيلة الوقت بضبط الأسواق والحفاظ على الأسعار من الانهيار، إذ إن فرض المزيد من القيود على زيادة الإنتاج يشير إلى عثرات أقلّ ومساحة أكبر للشركات لسداد مستحقاتها، والدخول في شراكات واندماجات تُطور الصناعة.

وتنعكس هذه التطورات إيجابًا على الاقتصاد الأميركي بصورة عامة، وحوض برميان بصورة خاصة، لا سيما أن النفط الصخري المُنتج من الحوض كان له دور بالغ الأثر في دفع البلاد نحو تقلُّد موقع أكبر منتجي الخام في العالم.

ومع السيطرة على نمو إنتاج النفط الصخري، لم تعد صناعة النفط في أميركا منافسًا لتحالف أوبك+؛ ما يتيح للتحالف الخروج بقرارات توصي الدول الأعضاء بخفض الإنتاج للحفاظ على مستويات الأسعار، لكن هذا العامل قد يكون متغيرًا بتغير موقف منتجي الخام الأميركي.

4) المستهلك الأميركي:

رغم الفوائد التي يجنيها إنتاج النفط الأميركي من توازن نشاط الحفر وعدم هبوط أسعار الخام إثر فائض المعروض، فإنه في المدى الطويل قد ينعكس هذه الاتجاه بصورة سلبية على المستهلك في الولايات المتحدة.

ومع تراجع الاستثمارات وهدوء وتيرة الحفر، ينقلب الأمر من فائض للمعروض في الماضي إلى نقص مستقبلي له، ومن ثم ارتفاع أسعار البنزين مرة أخرى لمستويات قياسية.

ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- حجم استهلاك البنزين في أميركا منذ عام 2019 حتى العام الجاري 2023:

الطلب على البنزين في أميركا

ويبدو أن الأمر يحتاج للمزيد من الوقت حتى يشعر المستهلك بارتفاع أسعار البنزين، إذ إنه يدور في الآونة الحالية حول نطاق يرتفع عن 3.50 دولارًا للّتر، ولا يُتوقع ارتفاعه في غضون وقت قريب.

ولا يعني الاتجاه الجديد حيال معدل الحفر أن إنتاج النفط الأميركي آخذ في التراجع، بل على العكس، يسجل معدلات زيادة، لكنها بوتيرة منخفضة.

وتُظهر هذه الوتيرة الدور المهم لفرض قيود إنتاجية في بعض الأحيان مثلما فعل تحالف أوبك+ وبعض المنتجين في الولايات المتحدة، لا سيما في ظل توقعات بمعاودة أسعار خام برنت لتجاوز 100 دولار للبرميل مرة أخرى العام الجاري 2023.

5) الجدل المناخي:

يتبادر إلى الأذهان إمكان استفادة منتجي النفط الأميركي من الأرباح والمكاسب جراء أسعار النفط المرتفعة لإعادة توجيهها لاستثمارات الطاقات المتجددة ومشروعات خفض الانبعاثات، لكن حقيقة الأمر تختلف عن ذلك.

وتحطَّم هذا الطموح على صخرة توجيه المكاسب للإنفاق على توزيعات الأرباح للمساهمين وإعادة شراء الأسهم، بدلًا من تخصيصها لخفض الانبعاثات والمشروعات صديقة البيئة ومواصلة التحول بعيدًا عن صناعات الوقود الأحفوري.

ويُعدّ التشكك في إمكان إبحار العالم بعيدًا عن صناعة النفط قاسمًا مشتركًا بين الشركات الكبيرة والصغيرة، رغم انخراط الصناعة في مكافحة تغير المناخ.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق