تقارير الغازالتقاريررئيسيةغاز

مدير مؤسسة الطاقة الحيوية: الغاز الحيوي في مصر يسهم بحل أزمة الكهرباء والغاز (حوار)

داليا الهمشري

أكد المدير التنفيذي لمؤسسة الطاقة الحيوية المهندس وائل رضوان، أهمية الغاز الحيوي في مصر لحلّ أزمة الكهرباء والغاز التي تعاني منها بعض الأماكن الريفية في المحافظات، متحدثًا في الوقت نفسه إلى منصة الطاقة عن أبرز دول العالم التي تتوسع في الاعتماد على هذا النوع من الطاقة.

وأوضح أن هذه المشروعات تنتشر في 19 محافظة على مستوى الجمهورية، بقدرة إنتاجية تبلغ نحو 1.9 مليون متر مكعب سنويًا، مما يعادل 65 ألف أنبوبة غاز منزلي، ويستفيد من هذه المشروعات نحو 9 آلاف مواطن.

وتحدّث المهندس وائل رضوان، خلال حوار له مع منصة الطاقة المتخصصة، عن دور مشروعات الغاز الحيوي في مصر، لحلّ مشكلات الطاقة في بعض المحافظات، والخطط المستقبلية للبلاد في هذا القطاع المهم، وإلى نصّ الحوار:

ما أهداف مؤسسة الطاقة الحيوية؟

الطاقة الحيوية هي مؤسسة غير هادفة للربح، وتُعدّ جمعية خيرية لها مجلس أمناء يرأسه وزير البيئة بصفته، وأعضاء من جهات مختلفة معنية بهذا النشاط، بالإضافة إلى ممثلين من وزارة التضامن الاجتماعي، وهذا يمنح صلاحيات واسعة للمؤسسة في إنهاء الإجراءات الخاصة بإنشاء مشروعات الغاز الحيوي في مصر.

وتهدف المؤسسة بالأساس إلى دعم تكنولوجيا الغاز الحيوي، وليس الاضطلاع الكامل بإنشاء المشروعات، ونشر الوعي بمعرفة فوائده، والتشجيع على التوسع في مشروعاته.

كما تعمل المؤسسة على إقامة عدد من مشروعات الغاز الحيوي في مصر حتى تكون بمثابة نموذجًا للراغبين في الاستفادة من هذا المجال على المستويات كافًة، سواء على النطاق الصغير مثل الوحدات المنزلية التي تبدأ من قدرة إنتاجية تبلغ نحو 3 متر مكعب، أو على النطاق التجاري الكبير مثل المشروعات التي تعتمد على مخلّفات الصرف الصحي.

هل يمكن أن تحدّثنا بمزيد من التفاصيل حول مشروعات الغاز الحيوي على المستويات المنزلية؟

تُصمم وحدات الغاز الحيوي في مصر، وفقًا لحجم الغاز المراد إنتاجه يوميًا، فهذه المشروعات تبدأ من 3 أمتار مكعبة حتى 15 ألف متر مكعب يوميًا، وحجم الوحدة هو الذي يتحكم في النهاية بكمية الغاز المُنتج.

وكمية الـ3 أمتار مكعبة تكون كافية لتغطية احتياجات أسرة واحدة مكونة من 5 أفراد لأغراض الطهي والتسخين فقط.

 

ما أبرز جهودكم ودوركم في دعم مشروعات الغاز الحيوي في مصر؟

مؤسسة الطاقة الحيوية بدأت بمثابة مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي منذ عام 2009، ثم تحولت إلى كيان تابع لوزارة البيئة في عام 2015، ومنذ عام 2009 أنشأنا 1843 وحدة غاز حيوي على مستوى الجمهورية، بقدرة إنتاجية تبلغ نحو 1.9 مليون متر مكعب من الغاز الحيوي سنويًا، مما يعادل 65 ألف أنبوبة غاز منزلي.

كما عالجنا خلالها 50 ألف طن من المخلّفات، وإنتاج نحو 45 ألف طن من السماد الحيوي للتربة الزراعية، وهذه الأسمدة تكفي لتسميد نحو 6 آلاف فدان، مما يُغني هذه الأراضي عن استعمال الأسمدة الكيماوية بنسبة تتراوح ما بين 40 و60%.

ويستفيد من هذه المشروعات نحو 9 آلاف مواطن، ونحرص خلال عملنا في هذه المشروعات على تدريب الشباب لتكوين شركات صغيرة.

ومنذ عام 2009 وحتى الآن، تكونت نحو 31 شركة ناشئة، ويبلغ عدد الموظفين الدائمين في هذه الشركات نحو 72 موظفًا بجانب عدد كبير من فرص العمل غير المباشرة، تبلغ نحو 250 من العمالة المناولة والمساعدة وأعمال الصيانة والنقل وما إلى ذلك.

ولا يقتصر نطاق عملنا على أماكن بعينها، ولكن عند العمل في أيّ مشروع، فإننا نضع نصب أعيننا أن يكون المكان محرومًا من خدمات الغاز الطبيعي، وليس هناك فرصة لوصول الغاز إليه خلال الـ10 أعوام المقبلة.

بجانب توافر الموارد الأساسية من الروث الحيواني الذي يعمل على تشغيل وحدات الغاز الحيوي في مصر، ومن ثم لا يمكن إقامة هذه المشروعات في أماكن صحراوية خالية من الثروة الحيوانية، كما نستبعد الأماكن القريبة من شبكتي الكهرباء والغاز، لأننا نحرص على تحقيق تنمية حقيقية.

ويمتد نشاط عمل المؤسسة إلى 19 محافظة على مستوى الجمهورية، أبرزها محافظتا المنيا وأسيوط، كما توجد وحدات كثيرة في المنوفية وعدد من محافظات الوجه البحري، وصولًا إلى محافظة أسوان.

المدير التنفيذي لمؤسسة الطاقة الحيوية المهندس وائل رضوان
المدير التنفيذي لمؤسسة الطاقة الحيوية المهندس وائل رضوان

هل تنتهي مهمة وحدات الغاز الحيوي بمجرد تغذية هذه المحافظات بالكهرباء والغاز الطبيعي؟

بالطبع لا، فعند توصيل الغاز الطبيعي لهذه الوحدات السكنية يمكن استعماله بجانب الغاز الحيوي، لأن الوحدة الصغيرة ذات القدرة الإنتاجية 3 أمتار مكعبة تكفي لأغراض الطهي والتسخين فقط، أي يمكنها تشغيل الموقد والسخان فقط، ولكن عند تزويد هذه الأماكن بالغاز الطبيعي بعد 10 أعوام، فمن المتوقع زيادة أفراد هذه الأسرة، ومن ثم لن تكون وحدة الغاز الحيوي كافية لتغطية احتياجاتها في ذلك الوقت.

وكذلك، عند توصيل الغاز الطبيعي لهذه الوحدات السكنية يمكنها الاستفادة بقدر منه بجانب توفر الغاز الحيوي المجاني الذي تستعمله هذه الوحدات -بالفعل- للاستفادة من الروث الحيواني المتاح لديها.

كما أن الوحدة الإنشائية المُستعملة في إنتاج الغاز الحيوي لا تتطلب أيّ نوع من أعمال الصيانة الدورية، ولكن مجموعة من الإجراءات البسيطة وغير المُكلفة يقوم بها صاحب الوحدة نفسه.

وفي نموذج الوحدات السكنية الريفية، يكون المنزل ملحقًا بمكان لتربية المواشي، ومن ثم ننشئ الوحدة في مكان ما بين المطبخ ووحدة تربية المواشي، بحيث يؤخذ الروث ويُوضع في الوحدة، ثم يُوصل الغاز الناتج إلى المطبخ مباشرة.

وننظّم زيارات دورية سنوية لهذه الوحدات للتأكد من أنها تعمل بصورة جيدة، ولا تعاني من أيّ مشكلات.

ولكن عمليات الصيانة تكون أكثر تعقيدًا بالنسبة للوحدات الأكبر حجمًا -على المستوى التجاري- ذات القدرة الإنتاجية الأكثر من 500 متر مكعب، إذ تُستعمَل تكنولوجيا أكثر تطورًا، وتتضمن دورات تقليب وتسخين، وتتطلب صيانة دورية مستمرة، فالموضوع يصبح أكثر تعقيدًا، ويتطلب أيضًا مزيدًا من تدريب العمالة على التشغيل والصيانة.

لماذا تبنّت وزارة البيئة هذا الاتجاه؟

الدولة تتجه بصورة عامة إلى التوسع في مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، سواء المشتقات النفطية أو الغاز الطبيعي.

فالعالم بأجمعه يتجه إلى التوسع في مصادر الطاقة المتجددة وتقليل الانبعاثات الكربونية، وفي مصر تتولى وزارة البيئة هذه المهمة، ووزارة الكهرباء بمشروعات الطاقة النظيفة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

ولكن وزارة البيئة تولي اهتمامًا كبيرًا بإنتاج الغاز الحيوي في مصر -على وجه الخصوص- لأنه يعتمد على المخلّفات وجهاز إدارة المخلّفات يمثّل أحد أضلع وزارة البيئة، ومن ثم كان من الطبيعي جدًا أن تضطلع وزارة البيئة بهذا الدور.

كيف ترى مستقبل الغاز الحيوي في مصر.. لا سيما في ظل التوسع بمصادر الطاقة المتجددة الأخرى؟

أكد المشاركون في قمة المناخ كوب 27 على أن قارة أفريقيا لديها الإمكانات الهائلة لإنتاج الوقود الحيوي، إلّا أنها ما تزال في حاجة إلى البنية التحتية الملائمة للنقل.

ومن ثم فنحن لدينا الموارد، ويمكننا توليد طاقة من المخلّفات الحيوية الموجودة لدينا، وتوفير مصادر الوقود الأحفوري، سواء للأجيال القادمة أو لتعديل موازنة الدولة لتحقيق فائض للتصدير وما إلى ذلك.

وأتوقع مستقبلًا واعدًا لهذا القطاع، لأن الدول الأوروبية -حاليًا- تتوسع في هذا الاتجاه، وهناك مصنع في الدنمارك يستورد روثًا من بريطانيا لتشغيل وحدات توليد الغاز الحيوي.

ولدينا موارد هائلة لتنفيذ مشروعات الغاز الحيوي في مصر على نطاق تجاري، ويمكن استعادة تكلفة الإنشاء في مدة تتراوح ما بين 4 و5 سنوات، وهذه ميزة كبرى لهذه المشروعات.

كما أن الوقود الأحفوري لا يمكن الاعتماد عليه على الدوام، وهناك توقعات بنضوب النفط والغاز بنهاية هذا القرن، ومن ثم لا بد من توفير بديل من مصادر الطاقة المتجددة.

والغاز الحيوي أكثر أمنًا من البدائل الأخرى مثل الطاقة الشمسية التي تحتاج إلى عمليات صيانة مُكلفة للغاية، كما أن توربينات طاقة الرياح غالية الثمن للغاية، والطاقة النووية -كذلك- تكلّف ثروات هائلة لإنشاء المفاعلات، كما أنها تتضمن عنصرًا خطرًا.

ومشروعات الغاز الحيوي في مصر أكثر مرونة في التنفيذ، ويمكن تنفيذها بدءًا من وحدة سكنية واحدة، وحتى مدينة بأكملها.

هل يمكن أن يسهم الغاز الحيوي بحل أزمة الكهرباء في قارة أفريقيا؟

آخر إحصائية تؤكد أن 400 مليون أفريقي محرومون من مصادر الطاقة في الوقت الذي تُعدّ فيه القارة السمراء أكثر قارة في العالم في إنتاج المخلفات الحيوية، ولكن تنقصها البنية التحتية لهذه الوحدات وخطوط الربط إذا استُعملَت لتوليد الكهرباء.

ويُقصد بالبنية التحتية هنا وحدات توليد الغاز ومولدات الطاقة التي تعمل بالغاز الحيوي، وخطوط نقل الطاقة أو شبكات نقل الغاز التي ستنقل الغاز إلى المُستعمِلين.

المدير التنفيذي لمؤسسة الطاقة الحيوية المهندس وائل رضوان
المدير التنفيذي لمؤسسة الطاقة الحيوية المهندس وائل رضوان

ما أبرز المشروعات المستقبلية التي تخططون لها؟

مؤسسة الطاقة الحيوية تتبنى خطة تتواءم مع إستراتيجية الدول لرفع نسبة الوقود البديل إلى 15% من مزيج الطاقة بحلول عام 2050، ونحن نعمل على تحقيق أهداف هذه الخطة بدءًا من الآن.

وهناك فرصة جيدة في الغاز الحيوي لا بد من استثمارها، ومشروعات تحت الإنشاء -حاليًا-، وهي وحدة مجمعة في أسيوط، ووحدة في المنوفية، بالتعاون مع وزارة البترول.

وتولي وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية اهتمامًا كبيرًا لدعم إنتاج الغاز الحيوي لتوفير الغاز المنزلي والغاز الطبيعي.

كما أن التوسع في إنتاج الغاز من المخلفات الحيوية سيؤثّر في الموازنة العامة للدولة بالنسبة للجهات المعنية، وهي وزارات البترول والكهرباء والبيئة، بل ووزارة الصحة أيضًا، لأن التخلص من المخلّفات تخلُّص آمن سيخلِّص المناطق الريفية من الروث والحشرات والأمراض المتنقلة، مما سيترتب عليه انخفاض نسبة الإصابة بالأمراض، ومن ثم عدم الحاجة إلى الرعاية الصحية والأدوية، وستقلّ تكلفة الرعاية الصحية.

وهذا النوع من المشروعات الذي يعتمد على التخلص الآمن من المخلّفات له مردود كبير للغاية على مستوى بيئي وصحي واقتصادي.

هل تنطوي عملية إنتاج الغاز الحيوي على نسبة من الانبعاثات الكربونية؟

يمكن توليد الغاز من أيّ مخلّفات نباتية أو حيوانية أو آدمية، وطريقة الإنتاج تتوقف على نوع المخلفات المُستعمَلة، وهناك نوع من نباتات الغابات المطيرة يُطلق عليه "أروندو دونكس" يصدر غازات 10 أضعاف المنبعثة من روث الحيوانات.

ومن ثم، فنحن نعتمد في التكنولوجيا المُستعملة في الإنتاج على نوع المخلّفات المتاحة.

ما أهم الدول التي تتجه إلى التوسع في هذا القطاع؟

دول العالم كافًة تسير في هذا الاتجاه وفقًا لمواردها المتاحة، ولا سيما الدول الأوروبية مثل الدنمارك تعتمد على أكثر من 98% من مصادر الطاقة المتجددة، كما أن هذا الاتجاه يلقى رواجًا كبيرًا في الهند حتى إتمام تركيب عدّة وحدات لاستعمال شخص واحد لتلبية كل أغراضه المختلفة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق