التغير المناخيأخبار التغير المناخيأخبار النفطرئيسيةنفط

خلط البنزين بالإيثانول الحيوي في الهند يثير مخاوف بيئية وغذائية

نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • • الهند تسعى جاهدة لخفض تكاليف الطاقة والوفاء بالتعهدات المتعلقة بالمناخ
  • • الحكومة المركزية تريد من مصانع السكر إنتاج المزيد من الإيثانول من قصب السكر الزائد
  • • ينتج الإيثانول انبعاثات ثاني أكسيد الكربون أقل بنسبة 20-40% من الوقود التقليدي
  • • تضع الزراعة المكثفة لقصب السكر ضغوطًا على المزارعين والبيئة

تدعم الهند، التي تنتج كميات من السكر تفوق استهلاكها، خلط البنزين بالإيثانول الحيوي بعد التوسع في إنتاجه، ما قد يثقل كاهل المزارعين والبيئة، جرّاء زيادة معدلات التلوث البيئي وارتفاع تكاليف الأسمدة والمبيدات الحشرية، واستنزاف موارد المياه.

وفي الوقت الذي تسعى فيه جاهدة لخفض تكاليف الطاقة والوفاء بالتعهدات المتعلقة بالمناخ، بدأت الهند -ثاني أكبر منتج للسكر في العالم- تحويل فائض إنتاجها إلى إيثانول حيوي، وفقًا لما نشره مؤخرًا موقع إيكو-بيزنس (Eco-Business).

ويمكن إنتاج الإيثانول من إيثر البتروكيماويات أو قصب السكر والذرة والحبوب، ويسمى الإيثانول الحيوي أو الوقود الحيوي. ويُصنَّف الوقود الحيوي ضمن مصادر للطاقة المتجددة، نظرًا إلى أنه يمكن إعادة زراعة هذه المحاصيل، حسب تقرير اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

خلط البنزين بالإيثانول الحيوي في الهند

في موسم محصول السكر 2021-2022، أنتجت الهند 39.4 مليون طن متري. وتشير البيانات الحكومية إلى أن نحو 26 مليون طن يتم استهلاكها محليًا سنويًا.

خلط البنزين بالإيثانول الحيوي في الهند
محطة لإنتاج الإيثانول الحيوي

منذ عام 2019، تعاملت الهند مع فائض السكر لديها من خلال تصدير جزء كبير، أكثر من 10 ملايين طن العام الماضي. وقال بعض الوزراء في الهند إن استعماله لإنتاج الإيثانول هو الخيار الأفضل، لأنه يعني مدفوعات أسرع وتدفقًا نقديًا أفضل للمصانع.

وقال الأستاذ في جامعة لكناو الهندية، سودهير بانوار: "بالنظر إلى التكاليف التي تتكبدها الدولة لإنتاج الإيثانول والضغط على الموارد الطبيعية والتأثير على صحة المزارعين، لا يمكننا القول إن الإيثانول صديق للبيئة".

في المقابل، تستورد الهند الوقود بكميات كبيرة؛ 185 مليون طن من البنزين في 2020-2021، بتكلفة 55 مليار دولار، وفقًا لتقرير صادر عن مركز الأبحاث الحكومي نيتي أيوغ، المؤسسة الوطنية لتحوّل الهند.

بناء على ذلك، يُقترح خلط البنزين بالإيثانول الحيوي، بصفته طريقة لاستعمال السكر غير المستهلك محليًا مع تحقيق استقلالية الطاقة.

وتقدر مؤسسة نيتي أيوغ أن خلط البنزين بالإيثانول الحيوي، بنسبة "20-80"، سيوفر للبلاد ما لا يقل عن 4 مليارات دولار أميركي سنويًا بحلول عام 2025.

وفي العام الماضي، استعملت الهند 3.6 مليون طن (نحو 9%) من السكر لإنتاج الإيثانول، بهدف خلط البنزين بالإيثانول الحيوي، إذ تهدف إلى وصول هذا الاستعمال إلى ما بين 4.5 و5 ملايين طن في موسم 2022-2023.

وقد أطلقت الحكومة الهندية، في عام 2003، برنامجها لخلط البنزين بالإيثانول الحيوي، بهدف الحصول على مزيج إيثانول بنسبة 5%. ويمثّل الإيثانول -حاليًا- نحو 10% من المزيج، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

وبحلول عام 2025-2026، تستهدف الحكومة الهندية تحقيق ذلك للوصول إلى 20% وتقديم السياسة على أنها مكسب للجانبين "سيساعد الهند على تعزيز أمن الطاقة، وتمكين الشركات المحلية والمزارعين من المشاركة في اقتصاد الطاقة وتقليل انبعاثات السيارات".

منذ عام 2018، قدّمت الحكومة خطة دعم، مع توفير المساعدة المالية على القروض، لتحفيز إنشاء مصانع السكر وتوسعتها.

الانبعاثات المخفية ومخاوف الأمن الغذائي

ترى الحكومة الهندية أن "خصائص الإيثانول تساعد في الاحتراق الكامل وتقليل انبعاثات السيارات مثل الهيدروكربون وأول أكسيد الكربون والجسيمات".

وتضيف أن خلط البنزين مع الإيثانول الحيوي بنسبة (20-80%) خاصة لوقود السيارات ذات العجلات الـ4، يقلّل من انبعاثات أول أكسيد الكربون بنسبة 30%، ويخفض مزجه بالهيدروكربونات الانبعاثات بنسبة 20% مقارنة بالبنزين فقط.

خلط البنزين بالإيثانول الحيوي في الهند
محطة وقود في الهند - الصورة من إيكونوميك تايمز

علاوة على ذلك، يُنتج الإيثانول عند احتراقه انبعاثات ثاني أكسيد الكربون أقل بنسبة 20-40% من الوقود التقليدي، ولأن النباتات تمتص ثاني أكسيد الكربون في أثناء نموها يمكن وصفها محايدة كربونيًا.

ورغم ذلك، يحذّر الخبراء من أن هذا التقييم يتجاهل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الموجودة في سلسلة توريد الإيثانول، وفق المعلومات التي اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

ووجدت الأبحاث -التي أُجريت على الوقود الحيوي في الولايات المتحدة، العام الماضي- أن كثافة الكربون في الإيثانول قد تكون أعلى بنسبة 24% من البنزين، بسبب الانبعاثات الناتجة عن تغير استعمال الأراضي وزيادة استعمال الأسمدة والأضرار التي لحقت بالنظم البيئية.

تُجدر الإشارة إلى أنه جرى تحويل 660 ألف هكتار من الأراضي في الهند إلى قصب السكر، منذ عام 2001، وفقًا لبيانات حكومية.

وقال الخبير في الزراعة والتجارة ديفيندر شارما: "من المحتمل أن يكون الإيثانول كثيف الكربون مثل الوقود النفطي بسبب انبعاثات الكربون الناتجة عن التغيرات في استعمال الأراضي لزراعة المحاصيل، واستغلال المياه وعملية صنع الإيثانول بأكملها".

من ناحيتهم، يشعر الخبراء بالقلق من أن الضغط لاستعمال قصب السكر لإنتاج الإيثانول يمكن أن يكون له تأثير سلبي على الأمن الغذائي.

وقال عالِم الزراعة، العضو السابق في لجنة التخطيط في ولاية أوتار براديش، سودهير بانوار: إنه نظرًا إلى ارتباط سعر قصب السكر بشكل متزايد بالوقود، من خلال خلط البنزين بالإيثانول الحيوي، "سيُطلق عليه اسم محصول طاقة".

وأوضح أن هذا "سيؤدي إلى زراعة مساحات شاسعة من المحاصيل الأحادية، ما يؤدي إلى تدهور خصوبة التربة ويجعل المحصول أكثر عرضة للآفات. كما سيؤدي إلى انعدام الأمن الغذائي بسبب تحرك موارد الأرض والمياه نحو محصول الطاقة ".

وقال المدير العام لرابطة مصانع السكر الهندية، سونجوي موهانتي: إن فائض السكر الذي تنتجه الهند حاليًا يعني أن "تلبية أهداف مزج البنزين بالإيثانول الحيوي بنسبة 20% لا يمثل تحديًا".

وأضاف: "للمضي قدمًا في المستقبل، بدلًا من زيادة مساحة الأراضي، نحن نستهدف تحسين العائد من أجل إنتاج أعلى".

زراعة قصب السكر تضغط على المزارعين والبيئة

خلط البنزين بالإيثانول الحيوي في الهند
تحميل محصول قصب السكر المحصود بولاية ماهاراشترا الغربية في الهند - الصورة من رويترز

على الرغم من أن الإعانات الحكومية تعود بالنفع على مصانع السكر وتؤدي إلى ارتفاع أسعار الإيثانول، يقول أحد مزارعي قصب السكر في قرية نانغلامال الهندية، آرون كومار سينغ: إن المزارعين لا يستفيدون من هذه السياسة.

ونظرًا إلى أن مصانع السكر تتطلب كميات كبيرة من السكروز، يتم تشجيع المزارعين على التحول إلى أصناف جديدة واستخدام الأسمدة والمبيدات الحشرية.

بالإضافة إلى اضطرار المزارعين إلى تحمل تكلفة الخسائر الناجمة عن المناخ، مثل موجة الحر في العام الماضي، يقول سينغ إن الصنف الموجود في مزرعته، التي تمت زراعتها في جميع أنحاء الهند، يحتاج إلى المزيد من الأسمدة والمبيدات الحشرية سنويًا.

وقال الخبير في الزراعة والتجارة، ديفيندر شارما: إن إنتاج قصب السكر قد أسهم في استنفاد منسوب المياه الجوفية في ولاية أوتار براديش الغربية، التي تشهد في الوقت نفسه تغيرًا في أنماط هطول الأمطار والجفاف.

وأضاف أن الصناعة أدت إلى تلويث الأنهار من خلال إطلاق كميات كبيرة من المواد العضوية في المجاري المائية، وتُعد مصانع السكر أكبر مصدر لمياه الصرف الصحي في الولاية.

وأوضح أنه بمرور الوقت، سيزيد ذلك من صعوبة زراعة محاصيل أخرى، ما يهدّد بصفة مباشرة الأمن الغذائي للهند، وفق ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

وأشار إلى أنه "في ولاية ماهاراشترا، ثاني أكبر ولاية منتجة لقصب السكر في البلاد، يذهب 70% من مياه الري إلى قصب السكر في حين أنها تشكل 4% فقط من محصول الولاية".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق