مقالات الهيدروجينالمقالاتهيدروجين

إنتاج الهيدروجين في السعودية يستعد للريادة الإقليمية (مقال)

أومود شوكري - ترجمة: نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • • الهيدروجين يُعدّ أكثر تكلفة من أنواع الوقود البديلة الأخرى ومحدود الاستعمال
  • • الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المنطقة الأكثر أهمية لإنتاج الهيدروجين
  • • السعودية تولي اهتمامًا خاصًا للطاقات المتجددة والهيدروجين
  • • السعودية أطلقت الصيف الماضي أكبر محطة لطاقة الرياح في المنطقة
  • • السعودية والإمارات تفكّران في استعمال علاقاتهما التجارية مع مستهلكي النفط الخام لبيع الهيدروجين
  • • السعودية تقوم ببناء أحد أكبر مشروعات الهيدروجين الأخضر في العالم بمدينة نيوم

بإمكان الهيدروجين، المنتج باستعمال الكهرباء النظيفة، أن يؤدي دورًا أساسيًا في التحول العالمي للطاقة المستدامة.

وعلى الرغم من أن هذا النوع من الوقود يُعدّ حاليًا أكثر تكلفة من أنواع الوقود البديلة الأخرى، ناهيك عن محدودية استعماله، فإن الطلب عليه يشهد زيادة ملحوظة في السوق العالمية.

كما يمكن استعمال الهيدروجين في مكافحة تداعيات تغير المناخ، إذ إنه يسهّل إزالة الكربون من القطاع الصناعي، بالإضافة لاستعماله وقودًا في قطاع النقل.

وقد يصبح الهيدروجين الأخضر، الذي يساعد في نقل الطاقة من مكان إلى آخر، عنصرًا حاسمًا في جلب الطاقة إلى المناطق التي تستوردها. ويمكن تحويل الطاقة المستورَدة تلك إلى هيدروجين قبل نقلها إلى المناطق المحتاجة، التي تتوافر فيها مصادر الطاقة المتجددة.

ويُعدّ الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أكثر المناطق أهمية وملاءمة لإنتاج الهيدروجين، إذ تتمتع بأشعة الشمس الوفيرة والمساحات الشاسعة لهبوب الرياح، وتتميز بقربها من الأسواق الرئيسة في آسيا وأوروبا.

وتمثّل هذه المنطقة مترامية الأطراف أفضل مكان لكسب المال من تصدير الهيدروجين. وقد اتخذت العديد من الدول خطوات في هذا الاتجاه، وحققت المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان أعلى مستوى من التطور في هذا الصدد.

دَوْر الهيدروجين في تحوّل الطاقة

بالنظر إلى الدور المهم للهيدروجين في تحول الطاقة، تحاول جميع الدول الرئيسة المنتجة والمستهلكة للطاقة زيادة دور الهيدروجين في أمن الطاقة لديها.

تماشيًا مع وثيقة رؤية 2030 وتقليل الاعتماد على الدخل من صادرات النفط بالعملة الأجنبية، تولي المملكة العربية السعودية اهتمامًا خاصًا للطاقات المتجددة والهيدروجين.

في أكتوبر/تشرين الأول 2021، أعلنت شركة أرامكو السعودية -في ظل ابتعاد العالم عن الوقود الملوِّث- خططها للاستثمار في الهيدروجين الأزرق، مؤكدة أن تطوير سوق الهيدروجين العالمية سيستغرق حتى نهاية هذا العقد على الأقلّ.

وفي سبتمبر/أيلول 2021، أرسلت أرامكو (أكبر شركة نفط في العالم) أول شحنة من الأمونيا الزرقاء إلى اليابان، وكان الغرض من هذا المشروع الرائد إظهار إمكان تصدير الوقود المذكور.

موارد الطاقة السعودية

الهيدروجين في السعودية
محطة تابعة لشركة أرامكو السعودية لتزويد السيارات بوقود الهيدروجين في مدينة الظهران – الصورة من عرب نيوز

تمتلك السعودية موارد ضخمة من الغاز الطبيعي. ويهدف استثمار المملكة البالغ 110 مليارات دولار لاستغلال موارد الغاز الطبيعي، في البلاد، إلى توفير جزء من الكهرباء المستهلكة محليًا من خلال محطات كهرباء جديدة.

وستُستَعمَل موارد الغاز الطبيعي لإنتاج الهيدروجين. ويُقدّر أن حقل الجافورة يحتوي على 200 تريليون قدم مكعبة من الغاز، وتتوقع شركة أرامكو السعودية أن تبدأ الإنتاج هناك في عام 2024.

ويوجد لدى السعودية خطط لتصدير الهيدروجين الأخضر، الذي يُنتَج عادةً باستعمال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، نظرًا لانعدام انبعاثات الكربون في عملية إنتاجه.

في المقابل، دشّنت المملكة، الصيف الماضي، أكبر محطة لطاقة الرياح في المنطقة، التي تنتج أرخص طاقة رياح في العالم.

ودُشِّنَت هذه المحطة التي تبلغ قدرتها 400 ميغاواط باستثمار 500 مليون دولار فقط، وبالنظر إلى وجود 99 توربينًا، فإن المحطة قادرة على إمداد 70 ألف منزل بالكهرباء.

وتبلغ تكلفة إنتاج كل ميغاواط ساعة من الكهرباء من محطة دومة الجندل لطاقة الرياح، التي بُنِيَت بالتعاون مع تحالف بقيادة شركة كهرباء فرنسا (إي دي إف) للطاقة المتجددة وشركة مَصْدر الإماراتية، أقلّ من 20 دولارًا، وهو مستوى قياسي منخفض.

في عام 2019، زادت المملكة العربية السعودية من إنتاجها من طاقة الرياح والطاقة الشمسية 2.5 ضعفًا.

وعلى الرغم من عدم وجود نمو في الإنتاج بهذا المجال في عام 2020، فقد زادت المملكة إنتاجها من الكهرباء من مصادر نظيفة ومتجددة 4 مرات في العام الماضي، ووصلها إلى ما يقرب من واحد تيراواط/ساعة.

وتمثّل المملكة العربية السعودية أكبر مصدر للنفط إلى اليابان، وتزوّدها بنسبة 40% من نفط الذي تستهلكه.

تماشيًا مع أهداف اتفاقية باريس للمناخ، والحدّ من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، إلى جانب تنويع الموارد الاقتصادية وإيرادات النقد الأجنبي، تخطط السعودية لتصبح أكبر منتج للهيدروجين عالميًا بإنتاج سنوي يبلغ 2.9 مليون طن من الهيدروجين، بناءً على رؤية 2030.

وستصل هذه الكمية إلى 4 ملايين طن سنويًا في عام 2035.

وبالمقارنة مع خطة الصين لإنتاج 100 ألف إلى 200 ألف طن من الهيدروجين سنويًا، وخطة أوروبا لإنتاج مليون طن من الهيدروجين سنويًا، يمكننا أن نرى عمق الهدف الطموح للمملكة في صناعة الهيدروجين.

علاوة على ذلك، تعتزم الرياض أن تصبح المورد الرئيس للهيدروجين على أساس الطاقات المتجددة في المدى الطويل؛ بسبب الإمكانات العالية للسعودية في قطاعَي الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، إذا زادت من قدرة توليد الكهرباء من الطاقات المتجددة.

وتعمل دول الخليج المصدّرة للنفط، بما في ذلك أرامكو وشركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك)، في مجال إنتاج الهيدروجين الأزرق لبيع أنواع جديدة من الطاقة، وتفكّر كلتا الشركتَين في استعمال علاقاتهما التجارية مع مستهلكي النفط الخام لبيع الهيدروجين.

تجدر الإشارة إلى أن الهيدروجين الأخضر، الذي يُنتَج من خلال التحليل الكهربائي، يُعدّ مَحَطّ اهتمام، وتُستَعمَل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لتوفير التغذية اللازمة للتحليل الكهربائي.

إنتاج الهيدروجين الأخضر

تبني المملكة العربية السعودية أحد أكبر مشروعات الهيدروجين الأخضر في العالم في مدينة نيوم العملاقة على الحدود بين مصر والأردن.

الهيدروجين في السعودية

ووقّعت شركة إير برودكتس الأميركية وشركة أكوا باور السعودية ومدينة نيوم اتفاقية لمرفق إنتاج بقيمة 5 مليارات دولار في نيوم، مدعومًا بالطاقة المتجددة لإنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر إلى السوق العالمية.

وتبلغ قدرة هذا المشروع 4 غيغاواط، ويمكن أن ينتج 650 طنًا من الهيدروجين يوميًا.

ويعدّ المشروع خطوة كبيرة متقدمة بالنسبة للمملكة العربية السعودية؛ لجعل مدينة نيوم مركزًا عالميًا مهمًا للطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة نيوم، نظمي النصر: "هذا المشروع هو خطوة مهمة لتطوير نيوم، وعنصر مهم في رؤية المملكة العربية السعودية 2030 بما يتماشى مع الطاقة النظيفة والإستراتيجية البيئية لبلوغ الحدّ الأدنى من تأثير الكربون".

من ناحية ثانية، تخطط السعودية لبناء منشأة ضخمة لإنتاج الهيدروجين بالمدينة والمنطقة الاقتصادية في نيوم، التي ستكون مجهزة بأحدث الإنجازات التكنولوجية في العالم، وستُوَفَّر من خلال الطاقة المتجددة.

وتتمثل الخطوة الأولى في تنفيذ مشروع إنتاج الهيدروجين المحايد كربونيًا من خلال تقنية التحليل الكهربائي. وسيجري تجهيز وتخزين 4 غيغاواط من الطاقة المتجددة من الرياح والشمس، عند التنفيذ الكامل لهذا المشروع.

وأُبرِم عقد لبناء منشأة التحليل الكهربائي بقدرة 2 غيغاواط مع شركة تيسين كروب الألمانية.

بعد توقيع عقد مع شركة إير برودكتس الأميركية، سيُنتَج 650 طنًا من الهيدروجين المحايد كربونيًا يوميًا للاستعمال الإقليمي بدءًا من عام 2025، ومن المفترض إنتاج 1.2 مليون طن من الأمونيا الخضراء للتصدير.

التعاون الدولي

خلال زيارة وزير الاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني إلى المملكة العربية السعودية، وقَّع البلَدان مذكرة تعاون لإنتاج الوقود النظيف.

تعاون بين السعودية واليابان في الهيدروجين والأمونيا

بموجب مذكرة التعاون الموقّعة بين وزير الطاقة السعودي، الأمير عبدالعزيز بن سلمان ووزير الاقتصاد الياباني ياسوتوشي نيشيمورا، سيُسَرَّع استعمال البلدين للهيدروجين في قطاع النقل والبحث والتطوير لتقنيات إنتاج وقود الهيدروجين ووقود الأمونيا.

جدير بالذِّكر أن هذه الأنواع من الوقود لا تطلق أيًّا من غازات دفيئة، بما في ذلك ثاني أكسيد الكربون، وهي صديقة للبيئة تمامًا، وهذا عامل يمكن أن يساعد بشكل كبير بتقليل غازات الدفيئة في العالم.

ويتحول الهيدروجين إلى ماء بعد دمجه مع الأكسجين (في عملية الاحتراق)، ويتحول وقود الأمونيا إلى ماء وأكسيد النيتروجين بعد الاحتراق، بمعنى آخر، لا ينتج عن احتراقها أيّ غازات دفيئة، وهي نظيفة تمامًا.

ويمكن استعمال كلا النوعين من الوقود في محطات توليد الكهرباء والنقل، وخصوصًا الشحن.

ويمكن للرياض تلبية الشروط تدريجيًا لتصبح مركزًا للهيدروجين في المنطقة، العقد المقبل، إذا نُفِّذَت خطة المملكة العربية السعودية لتصبح أكبر منتج للهيدروجين.

حاليًا، يُحصَل على معظم منتجات الهيدروجين من الطاقات الكربونية الأحفورية، وإنتاج الهيدروجين النقي المحايد كربونيًا محدود نسبيًا، ولكن في المستقبل غير البعيد، ستتضح أهمية تخزينه ونقله.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الحاجة إلى ربط الطاقة النظيفة بالمستهلكين الصغار، وكذلك مصادر الاستهلاك الكبيرة، تكشف عن الضرورة المطلقة لاستعمال الهيدروجين.

ويؤدي إنشاء مراكز الهيدروجين دورًا مهمًا في تطوير إنتاج واستهلاك الهيدروجين المحايد كربونيًا.

على ضوء ذلك، يجب أن يكون إنشاء مرافق التحليل الكهربائي بالقرب من المستهلكين الصناعيين، وكذلك إنشاء البنية التحتية لنقل الهيدروجين، فعالًا واقتصاديًا، إذ يبرز العديد من البرامج المحلية لتحقيق هذه المرافق.

وسيؤدي الطلب المتزايد من نصف الكرة الشمالي على إنشاء مراكز الهيدروجين هذه، جنبًا إلى جنب مع الطلب المتزايد على تخزين ونقل الهيدروجين الخالي من الكربون والمشتقات ذات الصلة (الأمونيا والميثانول)، إلى عائدات تصدير ضخمة في العقد المقبل.

وفقًا لتقرير الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا) بشأن سياسات الهيدروجين الأخضر بعنوان "الهيدروجين الأخضر: دليل لصنع السياسات": لا توجد حاجة لإنشاء بنية تحتية جديدة في النقل وإمكان الاعتماد على استعمال البنى التحتية القائمة".

وأكّد التقرير استعمال البنية التحتية لشبكات الغاز والكهرباء على المستويات الوطنية، وحتى عبر الحدود والمياه الدولية.

* الدكتور أومود شوكري، كبير مستشاري السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".

*هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصّة الطاقة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق