التقاريرتقارير الهيدروجينرئيسيةهيدروجين

الأمونيا الخضراء تنافس خطوط الغاز لنقل الهيدروجين.. من يحسم السباق بتكلفة أقل؟

مع إمكان استعمالها "مادة وسيطة حاملة"

هبة مصطفى

تتجه الأنظار -في الآونة الأخيرة- إلى الأمونيا الخضراء بصفتها مادة وسيطة، قد تكون حلًا لنقل الهيدروجين بتكلفة مناسبة تتلاءم مع تطوّر خططه الإنتاجية وطموحات التصدير للدول في إطار تنويع مواردها.

وبالنظر إلى أن تخزين كميات ضخمة من الهيدروجين ونقله عملية شاقة ذات تكلفة باهظة، تبرز الأمونيا بصفتها حلًا أكثر سهولة، سواء للتخزين أو النقل، إذ يمكنها حمل الهيدروجين والحصول عليه بتكسيرها، وهو مشروع تبنّاه تحالف بقيادة شركة سيمنز الألمانية، وفق الموقع الإلكتروني كلين تكنيكا (Clean Technica).

ويبدو أن الأمونيا الخضراء باتت مضمارًا للمنافسة مع خطوط نقل الغاز التي نادى بعضهم مؤخرًا بالاستفادة منها بدلًا من إهدار البنية التحتية للوقود الأحفوري خلال رحلة انتقال الطاقة، رغم أن الإنفاق عليها والاستثمار فيها استغرق سنوات عدّة، بحسب ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

ويعيد ذلك للأذهان مقترح وزارة الطاقة الأميركية -قبل 16 عامًا- بالتركيز عليها، مع نقص خطوط الأنابيب المخصصة لنقل الهيدروجين حينها.

ومن جانب آخر، رحّبت منظمة الأقطار العربية للدول المصدّرة للبترول "أوابك" باستعمال خطوط الغاز في عملية نقل الهيدروجين لتصديره، وإعلان الجزائر -في أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي (2021) عزمها خوض تلك التجربة، فكانت أول دولة عربية تُقدم على ذلك.

مقترح أميركي

مع صعوبة توافر خطوط بنية تحتية مخصصة لنقل الهيدروجين بتكلفة ملائمة، سلّطت وزارة الطاقة الأميركية -عام 2006- الضوء على دور الأمونيا الخضراء بصفته حاملًا للهيدروجين في ظل توسعات وخطط طموحة للنقل والتصدير.

ومع التيقن من صعوبة اللجوء لخيار "تسييل" الهيدروجين لارتفاع تكلفته واحتياجه لتوافر الطاقة بكميات كبيرة، رجّحت إمكان استعمال النواقل "مادة وسيطة حاملة" بنقل الهيدروجين مختلطًا مع عنصر آخر، ثم إعادة التقاطه وتفكيكه إلى صورته الأصلية وقت الطلب.

الأمونيا الخضراء
محلل كهربائي مستعمَل في إنتاج الهيدروجين - الصورة من موقع شكة سيمنز إنرجي

ورغم أن هذا الخيار كان الأمثل لنقل الهيدروجين، فإنه تَطلَّب معايير محددة تضمن فعالية حوامل النقل، ومع سهولة إنتاج الأمونيا الخضراء وتوافرها بتكلفة زهيدة، باتت الوجهة الأمثل التي عوّلت عليها الوزارة الأميركية لنقل الهيدروجين، ثم إعادة إنتاجه وقودًا نظيفًا.

ومع إنتاج الهيدروجين بصور أكثر استدامة وتشغيل أجهزة التحليل الكهربائي اللازمة لإنتاجه بالاعتماد على إمدادات كهرباء مولّدة من مصادر طاقة متجددة، أصبح إنتاج الأمونيا الخضراء أكثر سهولة وأمانًا بإضافة النيتروجين على الوقود النظيف بدلًا من إنتاجها عبر الوقود الأحفوري والغاز الطبيعي وإسهامها بقدر من الانبعاثات.

وتسعى وزارة الطاقة الأميركية لتطبيق نظريتها التي مرّ عليها نحو 16 عامًا في القطاع الزراعي، مستفيدةً من تكلفة أجهزة التحليل الكهربائي المنخفضة وإمكان إنشاء وحدات لإنتاج الهيدروجين لتزويد المزارع بتوربينات للرياح يمكنها توليد كهرباء نظيفة.

وتسمح تلك العوامل بحصول المزارعين على إمكانات تؤهلهم لإنتاج الهيدروجين، ومن ثم إنتاج الأمونيا الخضراء داخل مزارعهم.

مشروع سيمنز

لم تربط أميركا وحدها خطط تطوير الهيدروجين بإنتاج الأمونيا الخضراء، بل كان الأمر مشابهًا إلى حدّ كبير للمشروع الذي تتبنّاه أكبر شركات التصنيع الأوروبية "سيمنز الألمانية".

وترى شركة سيمنز أنه ما دامت أجهزة التحليل الكهربائي مستمرة في العمل اعتمادًا على كهرباء نظيفة ومتجددة، برز دور أكبر لإنتاج الأمونيا الخضراء بتكلفة أقلّ وحجم إنجاز أكبر بصفتها مادة وسيطة يمكنها تخزين الهيدروجين ونقله، ثم إعادته لصورته الأولى عقب تكسيرها.

وفي الآونة الحالية، يعكف تحالف بقيادة سيمنز على بناء وحدة لتكسير الأمونيا في مدينة نيو كاسل بالمملكة المتحدة لإنتاج الهيدروجين الأخضر منها، وتعزيز استعمالاته الصناعية، وتبلغ تكلفة وحدة التكسير ما يقارب 3.5 مليون جنيه إسترليني.

(الجنيه الإسترليني = 1.21 دولارًا أميركيًا)

ويأتي مشروع وحدة التكسير بالشراكة بين "سيمنز إنرجي فينشرز، وشركة إف إف آي "الذراع المستدام للمشروعات الخضراء التابعة لمجموعة فورتيسكيو ميتالز الأسترالية"، وشركة جيوبيورا البريطانية للهيدروجين الأخضر، ومؤسسة الابتكارات التابعة لوزارة الأعمال والطاقة البريطانية أيضًا.

ويوضح الرسم أدناه الأنواع المختلفة للهيدروجين طبقًا للمادة الخام ومصدر الطاقة المستعمَلَين في عملية الإنتاج، بحسب بيانات منظمة أوابك، وما رصدته منصة الطاقة المتخصصة:

الأمونيا الخضراء

تكسير الأمونيا

قالت شركة سيمنز الألمانية، إن مشروع وحدة تكسير الأمونيا الخضراء في المملكة المتحدة يقدّم هيدروجينًا ذا نقاءٍ عالٍ صالح لتشغيل خلايا الوقود معتمدًا على تقنيات الأغشية المعدنية التي يقدّمها الشريك الأسترالي.

وتسمح تقنيات الشركة الأسترالية بإنتاج الهيدروجين من تكسير الأمونيا الخضراء وطرحه بصورة نقية دون تسرب غازات مُطلِقة للانبعاثات، ما يمكن عَدُّه وقودًا نظيفًا صالحًا لتزويد السيارات.

وتستفيد شركة "جيوبيورا" البريطانية من مشروع الأمونيا الخضراء -بالتعاون مع التحالف بقيادة سيمنز- على التوسع في استعمال خلايا وقود الهيدروجين، مع إتاحة نقلها بسهولة.

وحال نجاح المشروع، من المقرر توسعة نطاق وحدة التكسير لتشمل التطبيقات الصناعية والمنشآت لتوليد كهرباء على نطاق الشبكة والطاقة الحرارية، بينما تفضّل شركة سيمنز التوسع في وحدات التكسير لصالح خطط التنقل وتطوير السيارات.

ولأن مسار المشروع المشترك في بريطانيا يتوافق مع الرؤية الأميركية المطروحة قبل 16 عامًا، قد ترسّخ وحدة تكسير الأمونيا الخضراء خطط الولايات المتحدة لتعزيز تزويد السيارات بوقود الهيدروجين الأخضر بدلًا من الهيدروجين المنتَج من مصادر أحفورية.

الأمونيا أم خطوط الغاز؟

لم يكشف مشروع سيمنز المشترك في بريطانيا بإنشاء وحدة لتكسير الأمونيا الخضراء، بصفتها حاملًا "ناقلًا" للهيدروجين، النقاب بعد عن سهولة التطبيق أو التكلفة الفعلية.

ويبدو أنه لحين التيقن من جدوى الاعتماد على تلك التقنية، يصبح الاعتماد على خطوط وأنابيب الغاز لنقل الهيدروجين وتصديره خيارًا أكثر قابلية للتطبيق.

الأمونيا الخضراء
خطوط لنقل الغاز يمكن استعمالها لتخزين الهيدروجين وتصديره - الصورة من سيمنز إنرجي

ولاقى هذا الخيار ترحيبًا من منظمة "أوابك" قبل ما يزيد عن العام، وقال خبير الصناعات الغازية بالمنظمة المهندس وائل عبدالمعطي، إنه يسمح بالاستفادة من خطوط نقل الغاز الطبيعي وشبكات التوزيع القائمة والممتدة لما يقرب من 3 ملايين كيلومتر في أنحاء العالم كافة.

وأشادت أوابك حينها بإقدام الجزائر على إعلان تلك الخطوة، قبل أن يلحق المغرب بها ويعلن جهوده للانضمام لسباق الدول المنتجة للهيدروجين والمصدّرة له.

ولم يقتصر الأمر على الإشادة العربية بالاعتماد على خطوط الغاز لنقل الهيدروجين فقط، بل امتدّ إلى إطلاق رئيسة المجلس الوطني للهيدروجين في ألمانيا، رئيسة مجلس إدارة شركة "ويست إنرجي" للطاقة كاثرينا رايتش، نداء للدول الأوروبية بالاستفادة من الموارد الطبيعية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لإنتاج الهيدروجين الأخضر.

وأوضحت في تصريحات لها، مطلع شهر نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، أن موارد المنطقة لا تتطلب سوى تطوير للبنية التحتية اللازمة لنقل الهيدروجين، ومن ضمنها خطوط نقل الغاز الممتدة في الجزائر والمغرب.

ورغم الميزات النسبية لاستخدام خطوط الغاز في نقل الهيدروجين من حيث الوفرة والتكلفة، فإن دراسة أشارت مؤخرًا إلى أنها قد تعرّض الخطوط للتدمير حال اضطراب نِسب الضخ والكثافة.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. ممكن إرشادنا إلى الدراسة التي أشارت إلى إمكانية تعرّض الخطوط للتدمير حال اضطراب نِسب الضخ والكثافة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق