التغير المناخيالتقاريرتقارير التغير المناخيتقارير الهيدروجينرئيسيةهيدروجين

الهيدروجين والأمونيا.. مساران لانتقال الطاقة أم "قنبلة موقوتة" تهدد الحياة؟

هبة مصطفى

يُشَكِّل التوسع في إنتاج الهيدروجين والأمونيا حلًا أمثل عند الحديث عن انتقال الطاقة والتمهيد لمساحة أوسع نطاقًا للطاقة النظيفة، لكن هل فكّرت يومًا في أن الوقود الذي اقتنص لقب "الوقود النظيف" له مخاطر قد تصل إلى وصفه بـ"قنبلة موقوتة"؟

ويُعَد الإقدام على التوسع في الإنتاج نتيجةً تتلاءم مع مستجدات التغيرات المناخية التي ألقت بظلالها على الأخضر واليابس، لكن السؤال المُلحّ في الآونة الحالية: "كيف يُمكن تحقيق هذه المعادلة بالتوسع في إنتاج الهيدروجين مع تجنب مخاطره؟"، وفق ما طرحه مقال للكاتبة الدارسة لعلمي النفس والأعصاب "سارة موري" نشره موقع أزو كلين تك (AZO Cleantech).

وربما تتمكّن مرافق إنتاج الوقود النظيف والصناعات المعتمدة عليه من تحقيق هذه المعادلة، إذا ما حظيت اعتبارات الأمن والسلامة بتركيز أكبر يضمن عدم نسف المخاطر لإيجابيات نشر الهيدروجين، حسب ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة في المقال.

ضرورة مناخية

لا يُنظر إلى الهيدروجين والأمونيا بصفتهما صورتين من صور الطاقة النظيفة فقط، بل يكتسبان ضرورة لصالح مكافحة التغير المناخية ولا سيما في ظل مواصلة معدلات الاحترار العالمية ارتفاعها.

وانعكست تداعيات التغير المناخي -مؤخرًا- على مستوى سطح البحر، كما زادت معدلات الجفاف والفيضانات وتقلبات الطقس، وبات خفض الانبعاثات العالمية المُسببة للاحتباس الحراري بنسبة تصل إلى 43% بحلول نهاية العقد (2030) ضرورة لا مفر منها لتحقيق مستهدفات الحياد الكربوني لمنتصف القرن.

احتراق مصنع للأمونيا وتصنيع الأسمدة في تكساس قبل سنوات
احتراق مصنع للأمونيا وتصنيع الأسمدة في تكساس قبل سنوات - الصورة من The World

وهنا برز دور الهيدروجين والأمونيا بصفتهما بارقة أمل وبديلًا أكثر نظافة عن مصادر الوقود الأحفوري الأكثر انتشارًا وإطلاقًا للانبعاثات في الآونة ذاتها.

ومع الاتجاه الرامي للتحول بصورة أكبر نحو الطاقة المتجددة والنظيفة (الذي بلغ مستويات قياسية خلال عامي 2020 و2021)، سجّل الطلب على الهيدروجين عالميًا زيادة تصل نسبتها إلى 5%.

وتتسع الآمال والطموحات لاستعمالات واسعة النطاق للهيدروجين في قطاعات النقل بحلول نهاية العقد 2030؛ إذ يُتوقع انتشار اعتماد الحافلات وقطارات السكك الحديدية وغيرها عليه بصفته وقودًا نظيفًا.

الطلب على الهيدروجين

بالتوازي مع طموحات توسعة الاعتماد على الهيدروجين والأمونيا، يتعيّن العمل على زيادة الإنتاج لتلبية الطلب الآخذ في الارتفاع، والتغلب على التحديات المناخية.

ورغم المخاطر المتوقعة لزيادة إنتاج الهيدروجين والأمونيا؛ فإنه يُعَد ضرورة لدفع عجلة التحرك العالمي لتحقيق الحياد الكربوني، ويتطلب ذلك إعادة نظر المنشآت والمرافق في معايير السلامة عقب إجراء تقييمات وإستراتيجيات تدعم هذا الاتجاه.

وخلال شهر يونيو/حزيران الجاري، خرجت إلى النور دراسة صادرة عن 6 مؤسسات تحت مظلة مركز سيسيرو النرويجي حذرت من مخاطر الهيدروجين على التغيرات المناخية، وسلّطت الضوء على تأثيره السلبي في زيادة ظاهرة الاحتباس الحراري.

وأكدت الدراسة أن وقود الهيدروجين ما هو إلا صورة غير مباشرة لأحد غازات الدفيئة؛ ما قد يؤدي إلى زيادة مخاطر تسربه على المناخ ووقوفه وراء زيادة معدلات الاحترار العالمي.

ولم يقف الأمر عند حد أضرار الهيدروجين على الغلاف الجوي؛ إذ لدى التربة الأرضية قدرة على امتصاصه، ليسبب تفاعلًا جويًا جديدًا لدى إطلاقه منها بنسبة تتراوح بين 65 و85%.

ويرصد الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- توقعات طلب القطاعات المختلفة على الهيدروجين، بحلول نهاية العقد 2030:

الطلب على الهيدروجين في القطاعات الرئيسة بحلول 2030

مخاطر الهيدروجين والأمونيا

لإدراك حجم مخاطر زيادة إنتاج الهيدروجين والأمونيا يتعين النظر في خصائص كل منهما، وفي استعدادات المنشآت والمرافق لتحمل هذه المخاطر أو تقليصها، لكن ما عواقب التوسع في إنتاج الوقود النظيف؟

1) مخاطر الهيدروجين:

يشترك الهيدروجين والغاز الطبيعي في كونهما غازات قابلة للاشتعال؛ ما يُشير إلى أن مخاطرهما مشتركة في التسبب باندلاع حرائق وانفجارات.

ومع تزايد الضغط داخل الحاويات الضيقة وتزايد اللهب تزيد احتمالات تحول عملية إنتاج الهيدروجين إلى انفجار ضخم، وربما تفوق ظروف إنتاجه بكميات هائلة -والمصحوبة بزيادة الضغط- المخاطر المتوقعة للغاز والهيدروكربونات وحرائقها.

ورغم أن غالبية مخاطر الغاز الطبيعي تقتصر على الاحتراق؛ فإنها قد تصل إلى حد الانفجار لدى إنتاج الهيدروجين بمعدل واسع النطاق إثر سرعة انتشار ألسنة اللهب بمعدل يفوق سرعة الصوت؛ ما يزيد شدة الانفجار.

ولتجنب ذلك، تتعين مراعاة طرق إنشاء هندسية تضع معايير السلامة والأمان، وعدم انتشار جزيئات الهيدروجين في الغلاف الجوي، بمعدل يفوق منشآت الغاز.

ويشرح الإنفوغرافيك أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- دور الأمونيا خلال رحلة تحقيق الحياد الكربوني:

الأمونيا الخضراء - الحياد الكربوني

2) مخاطر الأمونيا:

اقتصرت استعمالات الأمونيا على قطاع الزراعة لمدة تزيد على قرن من الزمان؛ أبرزها في صورة "سماد" لتغذية التربة، كما برزت في تطبيقات صناعية عدة؛ من بينها البلاستيكات وتصنيع الألياف.

ويرتبط الهيدروجين والأمونيا ارتباطًا وثيقًا؛ إذ يشكل الأول نسبة قدرها 17.65% من وزن الثانية، وتُعرف الأمونيا بصفتها أفضل وسائل نقل الوقود النظيف وأحد أرخص خيارات التخزين منذ العام الماضي 2022.

وتشترك الأمونيا مع بعض خصائص الهيدروجين الإنتاجية؛ كونها غازًا قابلًا للاشتعال -أيضًا- رغم انخفاض معدل المخاطرة بوصولها إلى حد الانفجار، غير أن "السموم" الناجمة عن انفجارها تُعَد أشد خطورة.

ولانفجارات الأمونيا وانتشار سمومها تداعيات صحية خطيرة؛ إذ تؤدي إلى "احتراق" الأعين والأنف والحلق والجهاز التنفسي، وقد تصل إلى فقدان النظر وتدمير الرئة، بل يمكن أن تؤدي إلى الموت حتى وإن تركّزت في الهواء بمعدلات منخفضة.

ووفق البيانات؛ فإن تركيزًا قدره 0.36% من سموم الأمونيا (معدل منخفض) قد يؤدي إلى الموت بنسبة 1%، خلال نصف ساعة من التعرض لهذه السموم العالقة في الغلاف الجوي.

وبالنظر إلى دور الأمونيا خلال مرحلة انتقال الطاقة، واعتمادها وقودًا لصناعة الشحن على سبيل المثال؛ فقد تتركز في الهواء بكميات ونسبة تركيز هائلة تنطوي على المخاطر الكارثية المؤدية للوفاة.

ويختلف الهيدروجين والأمونيا عن بعضهما؛ فالأمونيا لا تتطلب إجراءات سلامة داخل المنشآت مثلما يجري مع الهيدروجين لتقليص فرص الانفجار أو الاحتراق، بل تحتاج إلى إبعادها عن الاحتكاك مع البشر بصورة كبيرة.

ومع الاضطرار لاستعمالها، يُعَد قياس تركيزات الأمونيا في الهواء المحيط أفضل الحلول للكشف بصورة دورية عن الإجراءات التي يتعين اتباعها لتجنب وصولها بتركيزات مميتة للعاملين على متن السفن، أو للتأكيد على الحاجة المُلّحة للتعرض للتهوية الملائمة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق