التقاريرتقارير الطاقة المتجددةتقارير النفطرئيسيةطاقة متجددةنفط

كيف تزيف الجماعات المناهضة لصناعة النفط الحقائق حول أمن الطاقة؟

خلال السنوات الماضية، ظهرت عدة توجهات مناهضة لصناعة النفط؛ كل منها يحمل شعارات براقة، إلا أنها تتجاهل الواقع، ولا تراعي أمن الطاقة، واحتياجات الناس لطاقة متوافرة بتكلفة ميسورة.

إذ يكمن خطر تعبئة خصوم النفط في تقويض الطلب من خلال تضافر هذه التعبئة مع ضرائب الكربون، وتشجيع الاستثمار الأخضر بالاستثمار البيئي الاجتماعي الممنهج، والدعوة إلى عدم الاستثمار في النفط، بحجة عدم وجود مستقبل له وأضراره على البيئة والمجتمع.

تتبلور الصورة السلبية التي تروجها الجماعات المناهضة حول صناعة النفط في 3 نقاط رئيسة: جشع أرباب الصناعة، والنفط يلوث البيئة، ومعظم النفط يستورد من الخارج وسعره مبالغ فيه.

تضم فئة المناهضين لصناعة النفط كلًا من: الناشطين في مجال التغير المناخي أو الرأسمالية الخضراء، والناشطين في مجال البيئة، والناشطين في مجال أمن الطاقة، والناشطين في مجال حماية المستهلك.

استطاعت هذه الجماعات اختراق صنع السياسات الحكومية والرأي العام عن طريق الإعلام والتعليم والتعبئة، والانخراط في العمل السياسي.

في التقرير التالي نحاول استعراض الجماعات المنظمات والجماعات الأكثر أهمية في مناهضتها لصناعة النفط، والأساليب التي تركز عليها في محاولة تزييف الواقع.

الرأسمالية الخضراء

تُعَد الرأسمالية الخضراء أخطر عدو للنفط حاليًا؛ إذ تشمل مؤسسات مختلفة؛ بما في ذلك بعض الحكومات الغربية والشركات والحاويات الفكرية والجمعيات "الخيرية" والمنظمات غير الحكومية.

تعمل الرأسمالية الخضراء على تنفيذ السياسات والممارسات لتضمين أنظمة السوق الرأسمالية إحلال الوقود الأحفوري بالتكنولوجيات الخضراء، أي تكنولوجيات الطاقة الشمسية والرياح والبطارية الكهربائية والهيدروجين الأخضر.

تحول الطاقة
مشروعات الطاقة المتجددة من شمس ورياح - الصورة من "جيوثيرمال"

استطاعت الرأسمالية الخضراء خطف الخطاب الإعلامي لقضية تغير المناخ من الفصل بين كل من الانبعاثات والاقتصاد إلى الإحلال التام للوقود الأحفوري.

من خلال منصاتهم الكثيرة والمختلفة وجماهيرهم المتحمسة، يتمتع أنصار الرأسمالية الخضراء بميزة في نشر تفسيراتهم لتغير المناخ عن طريق تحويل المناقشة لصالحهم بتكنيك التسلسل المنهجي للمعلومات.

تتبنى الرأسمالية الخضراء سياسة صريحة تتمثل في "اختيار التكنولوجيات الفائزة"، أو "اختيار الأبطال"؛ إذ تهدف إلى الإحلال التام لتكنولوجيات الطاقة الخضراء، على حساب الوقود الأحفوري.

في هذا الإطار، تنتهج إستراتيجية "لعبة المحصلة الصفرية" العدوانية لإقصاء الوقود الأحفوري على حساب التنافس السوقي باستيعاب الإعلام والاستثمار الاجتماعي وضرائب الكربون للتوسع.

من الأمثلة على سطوتهم، العمل السياسي المنتهي بالمشاركة السياسية في الحكم، كما يحدث في أوروبا، وفي الدول الإسكندنافية وألمانيا بالتحديد؛ إذ نتج عن ذلك انتهاج الحكومات الأوروبية والبرلمان الأوروبي نهجًا مناهضا لصناعة النفط، في جل سياستهم.

تسببت النداءات ومطالبهم إلى تعنّت في إنشاء الرخص اللازمة لإقامة المشروعات النفطية، كمشروعات النفط الصخري، وتغليظ ضرائب الكربون على المشروعات القائمة.

تؤطر الرأسمالية الخضراء للاستثمار البيئي الاجتماعي الممنهج منذ قرابة عقد من الزمن؛ إذ إنهم عن طريق هذا المدخل نجحوا إلى حد كبير في التغلغل في ثنايا الشركات الاستثمارية الكبرى، وحتى مجالس إدارات شركات النفط، وإدارة دفتها بعيدًا عن الاستثمار فيما يتعلق بصناعة النفط أو منتجاتها.

أيضًا، ينتج عن هذا التغلغل عزوف كثير من المستثمرين في أسواق الأسهم والسندات عن ملء محافظهم الاستثمارية بما يمت لصناعة النفط.

وكذلك التغلغل في المنظمات الدولية المختصة بشؤون المناخ؛ حيث أثروا في التقارير العلمية الصادرة من الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ بفرض رؤى محددة بعينها لحل قضية التغير المناخي؛ فكل السيناريوهات تقرر النهاية الحتمية لصناعة النفط؛ ما جعل استثناء مشاركة صناعة النفط من مؤتمرات المناخ أمرًا طبيعيًا؛ فهُم يرون أن الصناعة ليست جزءًا من الحل.

الناشطون في مجال البيئة

ازدهر النشاط البيئي في الستينيات والسبعينيات من القرن المنصرم، وخرج من العباءة التقليدية واحتكار المشاركة على النخبة، كما في نادي سيريا وجماعات الخضر، إلى مشاركة أوسع من كل فئات المجتمع؛ ومنها الشباب.

يرجع توسع قاعدة النشطاء البيئيين إلى سببين رئيسين: التأثير الكبير لوسائل الإعلام الجديدة آنذاك وخاصة التلفاز، كان من نتائجها نشأة جامعات بيئية جديدة كالسلام الأخضر ومجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية وأصدقاء الأرض.

استطاع الناشطون في مجال البيئة استغلال حوادث التسرب النفطية في الستينيات في إيجاد صور ذهنية متعاقبة في الرأي العام المحلي والعالمي، صورت فيها الصناعة بالإهمال وعدم المسؤولية، وعلى أنها من أعداء الطبيعة، ساعد على ذلك تطور وسائل الإعلام واستغلال التلفاز والصور الفوتوغرافية، مع نمو الوعي البيئي وحدوث حالات تسرب نفطية متعاقبة.

الناشطون في مجال أمن الطاقة

يتركز الناشطون في مجال أمن الطاقة في الطبقة السياسية، والعاملين في الحاويات الفكرية وبعض المفكرين الذين ينظرون إلى قضية الطاقة من العدسة الجيوسياسية الضيقة.

صورة توضيحية للمقارنة بين الوقود الأحفوري ومصادر الطاقة المتجددة
صورة توضيحية للمقارنة بين الوقود الأحفوري ومصادر الطاقة المتجددة

اعتقد الناشطون في مجال أمن الطاقة في السبعينيات من القرن المنصرم أن الموارد الطبيعية غير المتجددة، وعلى الأخص النفط، على وشك النضوب، بالإضافة إلى مقومات الحياة الأخرى كالماء والغذاء، عند الأخذ بعين الاعتبار النمو السكاني العالمي وكميات الموارد المعروفة، وأنه بحلول عام 2100 سيكون العامل قد استنزف موارده غير المتجددة وأن الغذاء والماء لن يكونا كافيين ليدعما الحياة للجنس البشري.

ويرفع الناشطون في مجال أمن الطاقة شعار "المنفعة الوطنية يجب أن تتقدم على أرباح صناعة النفط"؛ إذ وضع حظر النفط العربي على الولايات المتحدة وهولندا إبان حرب أكتوبر عام 1973 لمدة تقرب من 5 أشهر، وارتفاع سعره 4 مرات، النفط في أعلى سلم أولويات الرأي العام العالمي.

وبدأ الحديث بعدها عن "استقلال مصادر الطاقة"؛ إذ يجب على صناع القرار في الدول الغربية وخاصة في أميركا أن تكون مصادر مستقلة الطاقة الطبيعية، ثم ما لبث أن بدأ الحديث يتركز حول "أمن الطاقة".

الناشطون في مجال حماية المستهلك

بُني الاقتصاد الرأسمالي على مبدأ السوق الحرة، الذي يرى أن سعر السوق لأي سلعة يُحدد عندما تجتمع في السوق مجموعة كبيرة من الباعة ومجموعة كبيرة من المشترين للتجار في هذه السلعة، وأن تحديده من طرف واحد دون الآخر يناقض القيم التي بني عليها النظام.

وتجسد قصة صناعة النفط في الولايات المتحدة هذه القاعدة؛ إذ بدأت الصناعة بلا تنظيم من قبل الحكومة، وانتابتها فوضى كبيرة منذ البداية، فكان الإنتاج أكبر من قدرة المستهلكين على استهلاكه أو قدرة المنتجين على تخزينه؛ ما أدى إلى استهلاك غير رشيد له، بصفته موردًا طبيعيًا ناضبًا.

واستغل جون روكيفيلر، كان أحد كبار رجال الأعمال والصناعيين في الولايات المتحدة، هذا الوضع، ليستحوذ على تجارة المشتقات النفطية ويحتكرها بنسبة تجاوزت 95%.

واستطاع روكيفيلر فرض السعر الذي يراه مناسبًا بصفته محتكرًا، والذي لم يعتد عليه المستهلكون؛ ما أدى إلى تذمر كبير، أدى بالحكومة الأمريكية إلى فك احتكارها.

تركت قصة روكيفيلر، ولاحقًا الأخوات السبع -مصطلح كان يشير إلى 7 شركات للنفط استحوذت في منتصف القرن العشرين على مجال إنتاج النفط والتكرير والتوزيع- التآمر والتحكم في السعر والنزاع مع المنتجين المستقلين.

وبعد حرب أكتوبر تضاعف سعر النفط 4 مرات؛ ما ترك انطباعا قويًا مع صعود أوبك، أن أرباب هذه الصناعة هم من الجشعين والمتآمرين.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق