رئيسيةالتغير المناخيتقارير التغير المناخي

الحياد الكربوني في بريطانيا "ذريعة" لعمليات احتيال

تركيبات الألواح الشمسية غير مطابقة للمواصفات

دينا قدري

كان من المفترض أن تكون أهداف الحياد الكربوني في بريطانيا بمثابة "نعمة" على أصحاب المنازل؛ نظرًا للدور الذي تؤديه تركيبات الطاقة المتجددة من تحسين كفاءة استهلاك الطاقة وخفض فاتورة الكهرباء، إلّا أن بعض التجار "عديمي الضمير" استغلوا الوضع لتحقيق أرباح طائلة على حساب أصحاب المنازل، وفق ما جاء في تقارير اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

وسُجلت آلاف الشكاوى في العام الماضي (2023) بسبب تركيبات الألواح الشمسية غير المطابقة للمواصفات ومنتجات العزل الخاطئة، لكن الخبراء يقولون، إن هذا مجرد "غيض من فيض".

وفي محاولة لإنقاذ المواطنين، دعا معهد معايير التجارة القانونية (CTSI) في بريطانيا إلى سنّ لوائح لتنظيم الصناعة والتخلص من التجّار المحتالين.

منح الطاقة الخضراء في بريطانيا

ظهرت مئات الشركات بشكل مفاجئ، بعد أن أُطلقت منحة البيوت الخضراء التي قدّمتها الحكومة لأول مرة قبل 4 سنوات، والتي وفرت لأصحاب المنازل وأصحاب العقارات ما يصل إلى 10 آلاف جنيه إسترليني (12.8 ألف دولار) لإجراء تحسينات في كفاءة استهلاك الطاقة.

ولكن مع عدم وجود تنظيم أو شهادة مطلوبة لتنفيذ العمل، يكاد يكون من المستحيل على أصحاب المنازل معرفة الشركات التي لا تُعدّ سوى "ستار" لتجّار محتالين.

وسُحبت المنحة في عام 2021، ولكن استُبدلت بها لاحقًا حوافز حكومية مماثلة ما تزال قيد التشغيل، مثل برنامج المنح إيكو 4 (ECO4) بقيمة 4 مليارات جنيه إسترليني (5.12 مليار دولار)، وبرنامج التركيب البريطاني العظيم (GBIS) الذي تبلغ قيمته مليار جنيه إسترليني (1.28 مليار دولار).

(الجنيه الإسترليني = 1.28 دولارًا أميركيًا).

وفي العام الماضي (2023)، زادت الحكومة منحة المضخة الحرارية ذات مصدر هوائي من 5 آلاف جنيه إسترليني (6395 دولارًا) إلى 7500 جنيه إسترليني (9593 دولارًا)، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة، نقلًا عن تقرير نشرته صحيفة "ذا تيليغراف" البريطانية (The Telegraph).

كما رفعت منحة المضخة الحرارية ذات مصدر أرضي من 6 آلاف جنيه إسترليني (7674 دولارًا) إلى 7500 جنيه إسترليني (9593 دولارًا)، بعد أن قالت لجنة البنية التحتية الوطنية، إن معدل تركيب المضخات الحرارية "لا يلبي التوقعات".

المضخات الحرارية
المضخات الحرارية - الصورة من منصة "هيت بامب"

مواطنون "فريسة" الاحتيال

بين أكتوبر/تشرين الأول 2022 وسبتمبر/أيلول 2023، سُجلت 2171 شكوى من خلال موقع مكتب استشارات المواطنين (Citizens Advice) فيما يتعلق بتركيبات الطاقة الشمسية.

كما سُجلت 1526 شكوى أخرى حول منتجات العزل، و274 شكوى حول المضخات الحرارية، وفق الأرقام التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة، نقلًا عن تقرير "ذا تيليغراف".

ويُمكن لمعهد معايير التجارة القانونية منع الشركات من التداول، حتى لو لم تكن أعضاء، ولكن عادةً ما يكون الضرر قد وقع بالفعل في ذلك الوقت.

وقالت المنظمة غير الهادفة للربح، إن إدخال نظام الترخيص يُمكن أن يساعد أصحاب المنازل على اكتشاف التجّار المحتالين غير المرخصين منذ البداية.

وإذا لم يكن استرداد المبالغ وشيكًا، فيُمكن لأصحاب المنازل المظلومين طلب الإنصاف من خلال خطة بديلة لتسوية المنازعات، والتي تتجنب المحاكم، ولكن هذا الخيار يصبح عديم الفائدة إذا رفضت الشركة المشاركة.

وقال مسؤول الحياد الكربوني في معهد معايير التجارة القانونية، ستيف بلايل: "إذا كان هناك وقت لتنظيم هذه الصناعة، فهو الآن".

وتابع: "حتى عندما يقوم المستهلكون بأبحاثهم، فإنهم ما يزالون عالقين في براثن الكثير من التجّار عديمي الضمير الذين لا ينظّمهم نظام ترخيص مركزي".

ووجدت تحقيقات سابقة -أيضًا- أن أصحاب المنازل تركوا مع منازل غير قابلة للرهن بسبب العزل المثبت بشكل غير صحيح، فضلًا عن المتقاعدين الذين تلقّوا وعودًا بعائدات كاذبة بشأن الألواح الشمسية، بعد إقناعهم بالحصول على قروض لتغطية تكاليف التركيب الأولية.

الألواح الشمسية على الأسطح
الألواح الشمسية على الأسطح - الصورة من منصة "إكليبس إنرجي"

تهديد أهداف الحياد الكربوني في بريطانيا

قد يؤدي الفشل في ضمان تنفيذ تحسينات كفاءة استهلاك الطاقة بشكل صحيح إلى حدوث كارثة لخطط الحياد الكربوني في بريطانيا.

في غضون سنوات قليلة، يخشى مسؤول الحياد الكربوني في معهد معايير التجارة القانونية، ستيف بلايل، من أن الشكاوى بشأن المضخات الحرارية "سترتفع بشكل هائل".

وأضاف: "تعلّق الحكومة كل آمالها على المضخات الحرارية ذات المصدر الهوائي والأرضي.. لكنها لا تعمل إلّا إذا عُزلت المنازل بشكل صحيح أولًا".

ومع تحرّك بريطانيا نحو الحياد الكربوني، قال بلايل -وهو أيضًا رئيس معايير التجارة في مدينة لندن-، إن هذه الأنواع من الشكاوى سترتفع "حتمًا".

وأضاف: "المستهلكون الذين يتطلعون إلى تنفيذ منشآت التدفئة الخضراء معرّضون للخطر.. هذه منتجات معقّدة، وهي باهظة الثمن للغاية، ويقدّم الأشخاص الذين يبيعونها عددًا لا يحصى من الادّعاءات المربكة حول أدائها".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق