تقارير الهيدروجينالتقاريرتقارير دوريةرئيسيةهيدروجينوحدة أبحاث الطاقة

إنتاج الهيدروجين الأخضر في السعودية.. إمكانات وتكلفة أرخص من أوروبا (دراسة)

وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين

اقرأ في هذا المقال

  • السعودية تمتلك موارد هائلة تمكّنها من إنتاج الهيدروجين الأخضر أو الأزرق
  • مزيج الكهرباء في السعودية ما زال يعتمد على الغاز والنفط بنسبة 99%
  • زيادة حصة الطاقة المتجددة توفر النفط للتصدير وتسمح بإنتاج الهيدروجين
  • الموقع الجغرافي يمنح المملكة ميزة نسبية في تكلفة شحن الهيدروجين
  • تصدير السلع الخالية من الكربون إلى أوروبا يوفر موارد مالية مستقبلية للمملكة

تزايد الحديث عن فرص إنتاج الهيدروجين الأخضر في السعودية بصورة كبيرة خلال السنوات الأخيرة، في إطار الترشيحات الدولية لأكبر البلدان المؤهلة لإنتاج الوقود الأخضر وتصديره مستقبلًا، وسعي المملكة لتنويع اقتصادها.

وتتمتع منطقة الشرق الأوسط بفرص هائلة لإنتاج الهيدروجين الأخضر والأزرق، بالنظر إلى ما تمتلكه من موارد هيدروكرونية هائلة من ناحية، وما تتمتع به من موارد طقس ملائمة ومساحات واسعة من الأراضي لإنتاج الطاقة المتجددة.

واستحوذت فرص إنتاج الهيدروجين الأخضر في السعودية ودول الخليج على جانب الاهتمام الأكبر من قبل الباحثين والخبراء المتخصصين في هذا الشأن، وكذلك المنظمات الدولية المعنية مثل وكالة الطاقة الدولية.

في هذا السياق، توقعت دراسة فنية متخصصة منشورة حديثًا، أن يكون إنتاج الهيدروجين الأخضر وتصديره في السعودية أرخص تكلفة من إنتاجه محليًا في أوروبا بحلول 2030، ما يرشح المملكة لأن تكون واحدة من الرواد في صادراته عالميًا.

واعتمدت الدراسة -التي اطلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة- على مؤشرات الطاقة المعتمدة على الهيدروجين، وهي أول دراسة تستعمل تلك المنهاجية في تحليل قدرات إنتاج الهيدروجين الأخضر في السعودية خلال المدة من 2020 إلى 2050.

موارد الطاقة المتجددة في السعودية

يتزايد الزخم حول إنتاج الهيدروجين الأخضر في السعودية وبتكلفة أقل من غيرها، مع تمتع المملكة بموقع جغرافي مميز وظروف طقس شديدة الملاءمة لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية والرياح.

ويُقسّم الهيدروجين حسب طرق إنتاجه إلى أخضر، وهو ذلك المنتج من الماء عبر المحللات الكهربائية التي تعمل بمصادر الكهرباء المولدة من الطاقة المتجددة، في حين يُنتج نوع آخر يسمى الهيدروجين الأزرق من حرق الوقود الأحفوري باستعمال تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه.

وتكتسب السعودية فرصة مزدوجة لإنتاج الهيدروجين النظيف (الأخضر والأزرق)، سواء من مصادر حرق الوقود الأحفوري الذي تمتلك منه احتياطيات هائلة، أو عبر التحليل الكهربائي باستغلال موارد الطاقة المتجددة الوفيرة في البلاد.

ويمثل إنتاج الهيدروجين الأخضر في السعودية فرصة لتنويع الاقتصاد، المعتمد بصورة كبيرة على إيرادات النفط، كما يمكنه مساعدة الدول الأخرى في تحقيق أهداف خفض انبعاثات الكربون بسبب وفرة الطاقة المتجددة، بحسب الدراسة المنشورة في مجلة أبحاث العلوم البيئية والتلوث (Environmental Science and Pollution Research).

مزيج الكهرباء في السعودية

تعتمد دول مجلس التعاون الخليجي على مصادر الوقود الأحفوري في توليد الكهرباء بنسبة تتراوح بين 80% و100% على حسب مزيج الكهرباء في كل دولة، بحسب بيانات الوكالة الدولية للطاقة المتجددة "آيرينا".

وتبلغ نسبة اعتماد السعودية على الوقود الأحفوري في تلبية الطلب على الكهرباء أكثر من 99%، في حين استحوذت الطاقة الشمسية وطاقة الرياح على أقل من 1%، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

وجاء 59% من توليد الكهرباء في المملكة من الغاز الطبيعي عام 2023، في حين أسهم النفط في توليد 40% تقريبًا، وهو ما تسعى المملكة إلى تغييره خلال العقود المقبلة عبر زيادة حصة الغاز من جهة وحصة الطاقة المتجددة من جهة أخرى.

يوضح الرسم التالي -أعدته وحدة أبحاث الطاقة- خريطة مزيج الكهرباء في السعودية بين عامي 2022 و2023:

مزيج توليد الكهرباء في السعودية

وتستهدف المملكة من هذه الخطة تعزيز مصادر الغاز والطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء، لتوفير كمية أكبر من النفط الخام المتاحة للتصدير، إلى جانب الإسهام في خفض الانبعاثات الوطنية.

ومن المخطط الاعتماد على محطات التوليد العاملة بالغاز الطبيعي وزيت الوقود الثقيل بدلًا من نظيرتها العاملة بحرق النفط الخام والديزل، فضلًا عن التوسع في مشروعات الطاقة الشمسية والرياح خلال العقد المقبل، بحسب خطة نشرتها الحكومة السعودية عام 2021.

وتبلغ قدرة الخطط المستقبلية المعلنة للطاقة الشمسية في السعودية قرابة 14.97 غيغاواط، في حين تبلغ قدرة خطط طاقة الرياح المقترحة نحو 4.3 غيغاواط، بحسب بيانات منصة غلوبال إنرجي مونيتور.

وتركز خطة الحكومة على نشر الطاقة المتجددة على نطاق واسع، خاصة الطاقة الشمسية في المناطق البعيدة التي تفتقر إلى إمكان الوصول إلى الغاز الطبيعي.

ومن شأن خطط المملكة الطموحة المعلنة لتعزيز الطاقة المتجددة أن ترفع إسهاماتها في قدرة توليد الكهرباء التي لا تتجاوز 776 ميغاواط بالنسبة إلى الطاقة الشمسية، و400 ميغاواط لطاقة الرياح، وذلك حتى مايو/أيار 2023، بحسب منصة غلوبال إنرجي مونيتور.

توقعات الطلب على الهيدروجين 2050

يرى صناع السياسات على نحو متزايد أن الهيدروجين هو البديل الأفضل لاستبدال الوقود الأحفوري من بعض الصناعات التي يصعب عليها التخلص منه مثل صناعات الحديد والصلب والأسمنت والألومنيوم.

وتعتمد تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر في السعودية وغيرها على عدة عناصر، أبرزها المصدر الذي يُستخلص منه (الماء أم الوقود الأحفوري)، وتقنية الإنتاج والتصنيع ومدى تأثيرها الكربوني.

وتمتلك المملكة موارد هيدروكربونية واسعة، بالإضافة إلى إمكانات هائلة للطاقة المتجددة، ما جعل تكلفة إنتاج الهيدروجين في السعودية حاليًا من بين الأدنى في العالم.

وإذا تطورت تجارة الهيدروجين الدولية، فإن هذه الميزة قد تجعل المملكة منتجًا مهمًا ومصدرًا منخفض التكلفة للهيدروجين منخفض الكربون (الأخضر والأزرق)، بحسب الدراسة التي شارك في إعدادها 4 خبراء منتمين إلى جامعات سعودية، أبرزهم الدكتورة غزال عزيز والدكتور رضا وحيد.

يوضح الرسم التالي -أعدته وحدة أبحاث الطاقة- توقعات الطلب العالمي على الهيدروجين بحلول 2030 و2050 حسب سيناريو الحياد الكربوني:

توقعات الطلب على الهيدروجين

ومن المتوقع تضاعف الطلب العالمي على الهيدروجين 10 أضعاف بحلول عام 2050، في مختلف القطاعات الاقتصادية بما في ذلك النقل والصناعة، بحسب تقديرات مجلس الهيدروجين العالمي.

وينطبق هذا الطلب على السعودية التي يقدر أنها ستحتاج إلى الهيدروجين لتلبية 18% من طلبها على الطاقة بحلول عام 2050، ما يعني حاجتها إلى إنتاج 12 مليون طن سنويًا، بحسب الباحث المشارك في الدراسة الدكتور سليمان سرور.

ويشير سيناريو الاقتصار على إنتاج الهيدروجين الأخضر في السعودية إلى أن الطلب على الكهرباء المولدة من الطاقة المتجددة قد يصل إلى 600 تيراواط/ساعة بحلول 2050.

بينما يشير سيناريو الاقتصار على إنتاج الهيدروجين الأزرق إلى حاجة الدولة لإنتاج 5.3 مليار قدم مكعبة من الغاز يوميًا، لاستخلاص كميات الهيدروجين اللازمة، لتغطية الطلب على الطاقة في المملكة بحلول 2050.

ويمكن لمسار إنتاج الهيدروجين الأخضر في السعودية أن يكون كافيًا لتلبية استهلاك المملكة المتوقع منه، كما سيكون مسار الهيدروجين الأزرق كافيًا هو الآخر، لكن الجمع بين كلا المسارين قد يؤدي إلى حل أكثر فاعلية من حيث التكلفة، بحسب الباحث المشارك في الدراسة الدكتور محمد سعيد خان.

تكلفة إنتاج الهيدروجين وتصديره

تفتح التكلفة المنخفضة لإنتاج الهيدروجين الأخضر في السعودية آفاقًا واسعة أمام المملكة، لوضع قدمها في سوق الهيدروجين العالمية التي قد تشهد زخمًا مع خطط تحول الطاقة.

وتتنوع فرص المملكة في استغلال طاقتها الإنتاجية من الهيدروجين، إما باتجاه استعماله محليًا في القطاعات كثيفة الكربون مثل صناعة الحديد والصلب والأسمنت والألومنيوم، وإما تصديره إلى الخارج.

وينطوي مسار تصديره إلى الخارج على فرصة هائلة للاستفادة من الموقع الإستراتيجي للمملكة، وما يوفره من انخفاض تكلفة الشحن إلى الأسواق المستقبلية للهيدروجين الأخضر في آسيا وأوروبا.

وإذا كان من المتوقع أن تصل تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر في السعودية إلى 1.48 دولارًا لكل كيلوغرام بحلول عام 2030، فمن المرجح أن تتراوح تكلفة شحنه من المنطقة الغربية للمملكة إلى ميناء روتردام في هولندا عبر قناة السويس بين 3.5 و4.5 دولارًا لكل كيلوغرام.

وتؤثر مسألة شحن الهيدروجين في ترجيح أفضلية أسعاره بصورة كبيرة من منطقة إلى أخرى، على حسب قربها وبعدها من الأسواق الأوروبية والآسيوية المرشحة لأن تكون أكبر مستهلكيه عالميًا خلال العقود المقبلة.

وتعني تكلفة الشحن المنخفضة من السعودية أن تكلفة استيراد الهيدروجين الأخضر منها ستكون أرخص بكثير لأوروبا من إنتاجه محليًا، بحسب تقديرات رصدتها وحدة أبحاث الطاقة.

الاستفادة من الأسواق المتشددة في الكربون

يمكن لاستعمال الهيدروجين الأزرق أو الأخضر منخفض التكلفة أن يسهم بصورة كبيرة في إزالة الكربون من منشآت إنتاج الأمونيا والميثانول الحالية، ما قد يؤدي إلى خفض البصمة الكربونية للسعودية بصورة سريعة.

وقد يفتح هذا -أيضًا- مجالًا لتصدير المملكة سلعًا خالية من الكربون إلى الأسواق الدولية مثل الأمونيا والصلب والأسمنت، ما يعزز فرصها للاستفادة المالية من الأسواق المتشددة في قواعدها البيئية بالنسبة إلى السلع والبضائع المستوردة، مثل أوروبا.

كما يمكن للقطاعات المحلية كثيفة الاستهلاك للطاقة، أن تستفيد من استعمال الهيدروجين منخفض الكربون في تقليل محتوى الكربون من سلعها النهائية، ما يمثل حماية لها حال تشديد قواعد الكربون في أسواق التصدير.

ورغم أن الهيدروجين الأزرق يمكن التعويل عليه لمدة انتقالية، فإنه يفاقم انبعاثات الكربون في الحالة السعودية، ما دفع الباحثين المعدين للدراسة إلى التوصية بضرورة التركيز عن البدائل الأكثر استدامة ومنها الهيدروجين الأخضر أو بناء كلا المسارين بصورة متزامنة.

وإذا قررت المملكة الدخول في المسارين معًا فإن توصيات الباحثين تشير إلى استغلال الجزء الشرقي للبلاد في إنتاج الهيدروجين الأزرق، في حين تمثل المواقع البعيدة عن مراكز النفط والغاز مثل المنطقة الغربية موقعًا مثاليًا لإنتاج الهيدروجين الأخضر في السعودية.

المنافسون في إنتاج الهيدروجين وتصديره

أُطلقت عشرات المشروعات لإنتاج الهيدروجين الأخضر خلال السنوات الأخيرة، كما زاد عدد البلدان التي لديها إستراتيجية للهيدروجين حتى الآن إلى أكثر من 44 دولة، في حين تعمل 35 دولة أخرى على بناء إستراتيجيات قد تُعلن خلال السنوات المقبلة، بحسب شركة أبحاث بلومبرغ نيو إنرجي فايننس.

وتخطط المملكة العربية السعودية، أكبر منتج للنفط، لأن تصبح أكبر منتج للهيدروجين الأخضر في العالم، عبر استغلال مواردها الهائلة من الشمس والرياح، بحسب الإستراتيجية المعلنة في عام 2022، وهو ما دفعها إلى إنشاء أكبر مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر عالميًا في مدينة نيوم.

كما تخطط المملكة لإنتاج الهيدروجين الأزرق باستعمال تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه، وخصصت حقل غاز لهذا المجال بالفعل، بحسب الدراسة.

وعلى الرغم من خطط المملكة الطموحة لأن تصبح رائدة في سوق الهيدروجين إنتاجًا وتصديرًا، فإنها تواجه منافسة شرسة مع دول أخرى في المنطقة وخارجها لديها تطلعات مماثلة وتسعى لتعزيز فرصها في هذا المجال.

وتخطط سلطنة عمان والإمارات وقطر ومصر والمغرب والجزائر والأردن وموريتانيا وجيبوتي لتعزيز فرصها في إنتاج الهيدروجين الأخضر والأزرق، وحجز مقعدها في أسواق الطلبيْن الأوروبي والآسيوي المتوقعة بحلول عام 2030.

يوضح الرسم التالي -أعدته وحدة أبحاث الطاقة- عدد مشروعات إنتاج الهيدروجين ومشتقاته في الدول العربية بغرض التصدير حتى 2023:

مشروعات الهيدروجين ومشتقاته في الدول العربية

وتخطط الإمارات على سبيل المثال للاستحواذ على 25% من سوق الهيدروجين بحلول عام 2030، في حين تخطط روسيا من خارج المنطقة للاستحواذ على 20% من السوق بحلول التاريخ نفسه.

وزاد عدد مشروعات الهيدروجين النظيف المعلنة عالميًا (الأخضر والأزرق) لتصل إلى 1418 مشروعًا، كما قفزت استثماراته إلى 570 مليار دولار حتى أكتوبر/تشرين الأول 2023، بحسب مجلس الهيدروجين العالمي.

وتشمل هذه الاستثمارات مشروعات الهيدروجين النظيف (الأخضر والأزرق)، والاستعمالات النهائية، والبنية التحتية، وتأتي أوروبا في المقدمة باستثمارات معلنة تصل إلى 193 مليار دولار، في حين بلغت الاستثمارات في الشرق الأوسط نحو 54 مليار دولار، بحسب بيانات تفصيلية رصدتها وحدة أبحاث الطاقة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق