التغير المناخيالنشرة الاسبوعيةتقارير التغير المناخيسلايدر الرئيسية

الشعوب قد تنقلب على سياسات أوروبا الخضراء.. وهؤلاء أبرز الخاسرين

أسماء السعداوي

فرضت سياسات أوروبا الخضراء نفسها على الساحات السياسية والمالية والإعلامية، بعدما أُثيرت مخاوف بشأن تأثير تغير المناخ، ما يشكّل "تهديدًا وجوديًا" على حدّ وصف المفوضية الأوروبية.

عمل السياسيون في أوروبا على تبنّي قرارات تدعم التخلي تدريجيًا عن الوقود الأحفوري لصالح مصادر الطاقة المتجددة، وإحلال السيارات الكهربائية بدلًا من العاملة بالبنزين على الطرق، مع تحديد عام 2050 لتحقيق الحياد الكربوني، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

لكن الوضع القائم على وشك الانقلاب رأسًا على عقب، مع قرب انعقاد انتخابات البرلماني الأوروبي في صيف هذا العام (2024)، إضافة إلى توقعات بـ"تحول كبير" لصالح أحزاب اليمين؛ إذ تحظى الأحزاب اليمينية الراديكالية والشعبوية بقبول واسع بين المواطنين، ما يؤهلها للفوز بمقاعد داخل برلمانات تلك الدول، وصولًا إلى البرلمان الأوروبي.

أحزاب الخضر في خطر

قد تخسر أحزاب يسار الوسط وأحزاب الخضر الداعمة لسنّ سياسات أوروبا الخضراء، كلًا من أصوات المواطنين ومقاعد البرلمان، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

ولذلك، تتوقع دراسة أجراها مركز أبحاث لصالح المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية أن تجعل انتخابات البرلمان من تمرير سياسات أوروبا الخضراء أمرًا أكثر صعوبة من ذي قبل، ليظهر على السطح تحالف مناهض لسياسات مكافحة تغير المناخ.

يأتي ذلك وسط دعوة لزيادة فواتير الطاقة أطلقها رئيس المجلس الإشرافي لشركة سيمنس إنرجي (Siemens Energy)، جو كايسر، الذي قال، إن التحول الأخضر مؤلم ومكلف، وإن الطاقة المتجددة باهظة، وهو ما تغضّ الحكومات الطرف عنه.

وفي المملكة المتحدة، أصبح ارتفاع أسعار غلايات الغاز لا مفرّ منه، ما يُلقي بثقل على كاهل المواطنين؛ إذ يسعى التجّار لتعويض غرامات حكومية بسبب تراجع مبيعات المضخات الحرارية، وهي مستهدفات يجزمون بأنها غير محتملة أو ممكنة.

سياسات أوروبا الخضراء في 2024

من المقرر أن تنتخب أوروبا في يونيو/حزيران 2024 أعضاء البرلمان الأوروبي، وهو مؤسسة تتضمن 705 نواب، بالإضافة إلى ممثلي الدول الأعضاء بالاتحاد، وبدورهم، سيقوم هؤلاء الأعضاء بصياغة القوانين وسياسات أوروبا الخضراء على مدار السنوات المقبلة.

ووفق استطلاعات الرأي المحلية، من المتوقع أن تستحوذ الأحزاب الشعبوية واليمينية على نصيب كبير من كعكة المقاعد، في مقابل خسائر لأحزاب يسار الوسط وأحزاب الخضر، وهو ما سيؤدي إلى تشكيل تحالف سياسي مناهض لسياسات المناخ.

على نحو خاص، من المحتمل أن تتصدر الأحزاب الشعبوية المناهضة للاتحاد الأوروبي 9 من الدول الأعضاء، هي النمسا وبلجيكا والتشيك وفرنسا والمجر وإيطاليا وهولندا وبولندا وسلوفاكيا، ثم تأتي دول بلغاريا وإستونيا وفنلندا وألمانيا ولاتفيا والبرتغال ورومانيا وإسبانيا والسويد.

وبحسب توقعات الدراسة، سيشغل نصف مقاعد البرلمان أعضاء من خارج "الائتلاف الكبير" الذي يضم 3 أحزاب وسطية.

ولأول مرة قد تتألف الأغلبية من تحالف يميني شعبوي، يتألف من أحزاب الديمقراطيين المسيحيين والمحافظين والأعضاء ذوي الاتجاهات اليمينية الراديكالية.

شاب يرفع علم الاتحاد الأوروبي
شاب يرفع علم الاتحاد الأوروبي- الصورة من "youthforeurope"

ومن المحتمل أن يكون لذلك "التحول اليميني الحاد" آثار كبيرة في الشؤون الخارجية، وخاصة سياسات أوروبا الخضراء؛ إذ ستعارض الأغلبية الجديدة خطوات الاتحاد لمواجهة تغير المناخ، وذلك بحسب نص الدراسة المنشورة عبر الموقع الرسمي للمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، الذي طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

تقول الدراسة: "هذا سيقوّض بشكل كبير إطار عمل الصفقة الخضراء التي أقرّها الاتحاد الأوروبي وتبنّي وتنفيذ سياسات مشتركة لتحقيق أهداف الحياد الكربوني".

وخلال السنوات القليلة الماضية، أقرّ الاتحاد مجموعة من الإجراءات البيئية الرامية لخفض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون والحدّ من التلوث وحماية البيئة، لكن بعض الحكومات والمشرّعين والصناعات المعنيين بأمور التكلفة والبيروقراطية عارضوها بشدة.

تأثير أحزاب اليمين

بالفعل، أدى اليمين المتطرف دورًا في تشكيل السياسات خلال عام 2023 المنصرم، ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه، ليس محليًا فقط، وإنما سيمتد تأثيره إلى داخل البرلمان الأوروبي، بعد انتخابات يونيو/حزيران 2024.

ورغم أن البرلمان الأوروبي ليس بالمؤسسة الأهم في تشكيل ملامح السياسة الخارجية للاتحاد، فإن الطريقة التي ستصطفّ بها الأحزاب السياسية بعد الانتخابات وتأثير نواتج تلك الانتخابات في سير المناقشات الوطنية، سيكون لها انعكاسات كبيرة على قدرة المفوضية الأوروبية والمجلس الأوروبي في اختيار السياسات الخارجية، والأهم تنفيذ المرحلة المقبلة من الصفقة الخضراء الأوروبية.

من داخل البرلمان الأوروبي
من داخل البرلمان الأوروبي- الصورة من "theparliamentmagazine"

بحسب الموقع الرسمي للمفوضية الأوروبية، يشكّل تغير المناخ وتدهور البيئة تهديدًا وجوديًا لأوروبا وللعالم، وللتغلب على تلك التحديات، تستهدف الصفقة الأوروبية الخضراء تحول الاتحاد الأوروبي إلى اقتصاد مرن وتنافسي ويتّسم بكفاءة استعمال الموارد، وإلى ذلك، وضعت أهداف تحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050، وخفض انبعاثات غازات الدفيئة وتحقيق تحول الطاقة بعيدًا عن الوقود الأحفوري، مع التركيز على الهيدروجين.

وبناءً على نتائج الدراسة، من المتوقع أن يؤثّر البرلمان الأوروبي الجديد في الاتجاه الجيوسياسي لكلٍ من المجلس الأوروبي والمفوضية الأوروبية من 2024 وما يليه.

وقد يعرقل البرلمان الأوروبي الجديد التشريعات الضرورية لتنفيذ المرحلة المقبلة من سياسات أوروبا الخضراء، التي تنطوي على عقبات سياسية، ما سيؤثّر في سيادة الاتحاد الأوروبي المناخية، وسيدفع باتجاه موقف أكثر صرامة تجاه القضايا الرئيسة الخاصة بالهجرة والتوسع ودعم أوكرانيا.

وأوصى معدّو الدراسة صنّاع السياسات التقدميين بالبدء بإعادة النظر في الاتجاهات التي تحرك عمليات التصويت والاستعداد للردّ على أصحاب التيار اليميني والشعبوي، من خلال صياغة رسائل واضحة بشأن الضرورات الاقتصادية والأمنية للتكاليف والمخاطر الخاصة بالتحول الأخضر ودعم أوكرانيا والحدّ من المخاطر في العلاقات الدولية.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق